درس سياسي من اليسار الفلسطيني لسفير قطر..وغيره! حسن عصفور

 

حسن عصفور* ( فلسطين ) الجمعة 19/8/2016 م …

*وزير فلسطيني أسبق …  

سجلت قوى اليسار الفلسطيني “هدفا سياسيا ذهبيا”، عندما رفضت الذهاب الى “عزومة أكل” دعا لها “المندوب السياسي القطري في “فلسطين التاريخية”، بكل مكوناتها، حيث هو أيضا ضابط الاتصال بين حكومته ودولة الكيان و”الوسيط الشرعي” بين حكومة نتنياهو وحركة حماس..

موقف اليسار الفلسطيني، لرفض دعوة محمد العمادي كشفها عضو قيادة حزب الشعب وليد العوض، في تغريدة له على حسابه بالفيس بوك، قال فيها نصا، ” شكرا سفير دولة قطر لن نلبي دعوة حفل العشاء..اليوم (الاثنين 8 أغسطس) تلقينا دعوة للعشاء يقيمها سفير دولة قطر السيد محمد العمادي في فندق الموفنبيك ،، نحن والرفاق في قوى اليسار آثرنا الاعتذار وعدم تلبية الدعوة ،،، من وجهة نظري ليس من المقبول أن تقتصر دعوات سيادته للفصائل فقط على ولائم الغداء والعشاء، بينما يقوم سيادته بلعب دور سياسي ملتبس وانمائي وفقا لخطته الخاصة ….. طبعا لا ننسى تقديرنا وشكرا لكل من يقدم الدعم لشعبنا . لكن الاصول أصول “.

والحق ينطق، ان سبب الرفض هو رفض سياسي مطلق لما يقوم به السفير في فلسطين، وصفه العوض بـ”الملتبس”، وعمليا هو دور الوسيط السياسي – التفاوضي بين حركة حماس وحكومة اسرائيل، من أجل تعزيز الفصل الوطني، دور لم يعد كثيره يحمل أسرارا، خاصة مع تخمة السرد الإخباري في الإعلام العبري..

السفير القطري، لعب الدور الرئيسي لتجاوز مكانة السلطة الوطنية في منحة أمير قطر بتجاوز الحكومة الرسمية، وحاول استخدام بعض الظروف الخاصة لتمرير ذلك التجاوز، بل أنه قام بالتنسيق الكلي مع دولة الكيان ورضخ لشروطها بالتمييز بين موظفي حماس المدنيين والعسكريين، حتى الشرطة المفترض أنها من “الجهاز المدني”، وهو ما دعا عديد من أبناء حماس لرفض تلك المنحة، بل ومغادرة السفير القطري لغزة..

لم يقتصر دور العمادي عند دور الخدمة المالية التي كرست مبدأ مذلا وخاضعا للشرط الاحتلالي لم يكن له سابقة، فقيادة السلطة الوطنية، رغم كل “عيوبها” التي ترددها حركة حماس، ترفض رفضا قاطعا وقف راتب من تطالب دولة الكيان بوقفها، وعل تصريحات نتنياهو المتلاحقة بأن السلطة تصرف رواتب لمن يرتكبون “أعمالا ضد اسرائيل”، وكذلك الأسرى المحررين، فيما سقطت “حماس” و”قطر” في الفخ الاسرائيلي، ما يمكن أن تستخدمه حكومة نتنياهو كـ”سابقة” في الضغط على الرسمية الفلسطينية..

“الضربة السياسية” من قوى اليسار الفلسطيني لقطر الدور المشبوه وطنيا، تجسيد للتفاعل الايجابي بين تلك القوى، خاصة وحدة موقفها الانتخابي، رغم ما يحيط بالانتخابات أصلا من “شبه سياسية” خطيرة، سيكون لها مخاطر كبرى لتدمير المشروع التهويدي في الضفة، وتعزيز “جدار الفصل ” ليس في الضفة فحسب، بل وبين “بقايا الضفة وقطاع غزة”، لاستكمال المشروع المشبوه لخلق “كيانية غزة الخاصة”..وقطر هنا حاضرة بقوة منذ العام 2006..

نعم، ضربة اليسار السياسية لدور قطر “الملتبس” كما فضل العوض وصفه، لكنه في الحقيقة أكثر وضوحا من الوضوح ذاته، رسالة سياسية الى شعب فلسطين، ببروز حالة جديدة في التعامل الوطني..

وعل رسالة اليسار لن تقف حدود آثارها المنتظرة، عند قطر وحركة حماس، بل هي أيضا رسالة الى قيادة حركة فتح أن لا تقف متفرجة على دور قطر المشبوه ضد المشروع الوطني، وأن لا تجعل من “حسابات البعض الخاصة والمصالح الضيقة” بديلا للمواجهة الضرورية، لتبقى فتح كما عرفها شعب فلسطين عمود الخيمة الفلسطينية وحامية “القرار المستقل”..

ضربة اليسار المفاجئة، هي اعلان عن “جديد وطني” عله يفتح بابا لبلورة موقف يعيد ترتيب المشد في فلسطين بما يحمي المشروع الوطني، ويقطع الطريق على من يعمل على استكمال “خطفه” خدمة للبديل المطلوب..

هل نشهد “صحوة سياسية شاملة” لليسار الفلسطيني وقوى تدرك حقيقة الخطر القائم والمنتظر، ذلك هو الأمل، فهي قادرة على تشكيل قوة ضامنة لحماية المنجز الوطني واستكمال مشروعه العام..فشعب فلسطين دوما كان “شعب المفاجآت”..فلتكتمل المفاجأة!

ملاحظة: دولة الكيان ومؤسساتها تهرول انبطاحا كما لم يسبق لها ذلك بعد تصريحات ليبرمان..عندما تظهر العين الحمرا الأمريكية بجد تعود دولة اليكان الى حجمها الحقيقي..درس لبعض الساسة “الأقزام” في بلادنا!

تنويه خاص: بيان رفض الجهاد للمشاركة في الانتخابات البلدية به تلميحات سياسية هامة..لكن الرفض وحده لبس خيارا بديلا.. فهل تقود حركة الجهاد حركة نشطة من أجل وضع “البديل” اتفاقا مع قوى حاضرة!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.