الياس فاخوري يكتب: المقاومة علم وعمل، فاطلبها – “ابو مازن” – ولو في الصين!

الياس فاخوري* ( الأردن ) – الأربعاء 14/6/2023 م …



* * ملاحظة من المحرر:
حيثما وردت كلمة ” ديانا ” في مقالات الكاتب، فهي تعني تحديدا الراحلة الكبيرة المفكرة القومية ، شهيدة الكلمة الحرة والموقف الوطني ” ديانا فاخوري “… والصورة أعلاه لهما معا …
من منظمة التجارة العالمية والدولار إلى مجموعة بريكس (5 + 13) والعملة الوطنية .. ومن هيروشيما في اليابان الى شيآن (تشانغان) في الصين ..  منذ 78 عاما، أُستنسخت هيروشيما جهنماً بفضل القنبلة الذرية الامريكية .. ومنذ نيف وواحد وعشرين قرناً، كانت تشانغان  نقطة الانطلاق الشرقية لطريق الحرير!
ومنذ 35 عاما تمت إقامة العلاقات الديبلوماسية بين فلسطين والصين ..
وكانت “ديانا فاخوري” قد اشارت ل“قمة الصين-آسيا الوسطى” ومعها “قمة جدة العربية” تأكيداً لبدء أفول التأثير الغربي وانعتاق دول وشعوب العالم من أكاذيب وأوهام المساعدت الغربية، وتَفتُّح العيون والشفاه على نهب الثروات واستمرار زرع بذور الفرقة والشقاق بين الصفوف فنبقى جميعاً خاضعين خانعين اذلاء مستسلمين لإمرة أطماعهم وجشعهم!
وعلى الضفة الاخرى، تنعقد قمة مجموعة السبع المؤلفة من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا واليابان في مدينة هيروشيما في اليابان ..
قِمّتان للسلام والتآخي، وثالثة لمواصلة الهيمنة والتسلط ولو بالحروب ناعمةً او خشنة، باردةً او نووية ..
انها دول استعمارية طالما قاست البشرية من دموية حروبها ووحشيتها كما كتبت “ديانا” وكررت .. وما انفكت هذه الدول تسعى لمواصلة تعسفها وطغيانها بكل غطرسة وتجبّر – تعطيل وارباك مخرجات قمة جدة، واتفاق بكين السعودي الإيراني الا مجرد أمثلة!
 
جميلٌ الا ييأس المقاوم، فنحن امام احد خيارين لا ثالث لهما: فإما النصر، واما النصر!
اما الرئيس الفلسطيني، فلا ييأس من الدعوة للسلام مع الكيان الغاصب، ونرجو الأ تكون هذه غايته من التوجه إلى الصين اثر تنامي دورها في المنطقة فيسعى لتحريك الملفّ السياسي والضغط على الإدارة الأميركية لتركيز جهودها في الاتّجاه نفسه من ناحية، و يعيق التوجّهات الصينية للانفتاح على سائر القوى الفلسطينية من ناحية اخرى ..

لطالما حذّرتنا “ديانا” من ادعاءات ودعايات ودعابات “عشاق أمريكا وإسرائيل” أن “اسرائيل” إنما هِيَ مُنْتَجٌ حضاري ديموقراطي؛ يُفرح قلوبهم انها نتاج الحضارات الكبرى، والديمقراطيات الكبرى في الغرب!

واردفت “ديانا” متسائلة: الم يكن الغرب اياه، بجيوشه وأسلحته ومرتزقته واستخباراته وأيديولوجياته، والبروباغندا (Propaganda)، وحتى برجال دينه ومواعظهم مصنعاً للجماجم والمقابر!؟

اولم يمزقوا لحوم بعضهم البعض قبل اكل لحوم الآخرين وتقطيع عظامهم في أفريقيا واسيا، وأميركا اللاتينية، وربما غداً في درب التبانة!؟ 

الا ترى السلطة الفلسطينية الصورة التوراتية عن هيروشيما فيما يحدث في القدس وغزة، وفي جنين والخليل، وفي طولكرم ونابلس، وفي كل فلسطين، وفي العراق وسوريا، وفي لبنان وكل المنطقة – لتولول الأبواب وتصرخ المدن!؟

الم يعملوا على تحويل دولنا الى “خردة بشرية” وقهرمانات بلاط وتدبير منزلي ليمتطي الحاخامات الجدد ظهورنا!؟

ثم الا ترى السلطة الفلسطينية الجرائم التي بلغ عدد ضحاياها 105 قتلى من فلسطينيّ الـ 48 في ستّة أشهر بنسبة هي الأعلى عالمياً وثلاثة أضعافها لدى اليهود ..
هذا عداك عن التوظيف البغيض الذي يقوم به الكيان للجريمة الجنائية  تغليفاً لاغتيالاتها السساسية (الناشط الفلسطيني، حمزة أبو غانم مثلاً)!
نرجو كما تمنّت “ديانا” الا نستمر بسماع جعجعة عنوانها حل الدولتين في حين ان الطحن في مكان اخر!
الم تر السلطة الفلسطينية كيف أنهى بايدن زيارته للكيان بمباركة الاستيطان وتهويد القدس معلناً “صهيونيته” بتطابق الرؤية الأميركية المقدّمة نظرياً تحت شعار حل الدولتين ليتماهى تماماً مع الرؤية الإسرائيلية، حيث لا مكان للقدس، ولا لوقف تقطيع أوصال الجغرافيا بالاستيطان، ولا لإطلاق المسار التفاوضي بل اختزاله بالتنسيق الأمني الذي يمسخ السلطة الفلسطينية من شريك سياسي لمجرد جهاز أمني رديف لأمن الكيان وملاحقة المقاومة.
وقبل ذلك وبعده وفوقه يكافأ “الكيان المؤقت” مالياً وعسكرياً!؟
وهنا نذكر كم كررت “ديانا” – اقتبس: “وأكرر للمرة الألف بعد الألف وأعيد التكرار: كنت قد وجهت، منذ وقت غير يسير، نداءً مكررا، مكررا .. معجلا، معجلا الى الرئيس الفلسطيني ليتخذ موقفا يطيح بصفقة القرن ويجهضها .. خاطبته واخاطبه بكل اخلاص ان قم بذلك:
 
أعلنها وطلق أوسلو ثلاثا .. وليكن اعلان الاستقلال مصحوبا بلاءات الخرطوم الثلاثة .. واللاءات الهاشمية الثّلاث ..
أعلن قيام “الجمهورية العربية الفلسطينية” المستقلة بعاصمتها القدس!
 
لَقَدْ أَضَلَّكم فوقّٓعتم ووقعتم، وَكانَ الشَّيْطانُ الصهيوامريكي لِكم خَذُولًا، فَاصْبِحُتم عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ .. فلا تكتفوا اليوم بوقف التنسيق تنفيذا لقرار التحلل من الاتفاقيات مع إسرائيل، واتخذوا مع المقاومين سبيلا!
 
نعم اليوم، وبعد زيارة بايدن، أرجوك ان أقْدِم .. أعلنها، سيادة الرئيس، واسقط “الصفقة” بقرنها وقرونها ..
أعلنها “أبو مازن”، أعلنها – ولو من غزة!
اعلنها واتخذ مع المقاومين سبيلا ..
اعلنها وافتح بجزمة الفدائي أُفقا!
 
أعلنها وأعد لنا الروح ونحن نرى المنكر، وأي منكر أعظم من احتلال فلسطين واغتصابها من النهر الى البحر ومن الناقورة الى أم الرشراش؟ لنعمل على تغيير المنكر، فلكم ارتقی الشهداء قرعا للأجراس مؤذنين باستعادة فلسطين، كل فلسطين، من النهر إلى البحر ومن الناقورة الى أم الرشراش (27،009 كم مربع – متر ينطح متر، كاملة غير منقوصة!) ..
ولكم رجوتكم ان اوقفوا “الكوميديا الجاهلية” فقد شبعنا لعبا بين يدي بيرنارد لويس وصحبه اصحاب بدع وخطط وخدع تفتيت المنطقة طائفيا وعرقيا كي لا تبقی فيها دولة سوی “اسرائيل” .. من زئيف جابوتينسكي الی موشی هالبيرتال وحتی أوباما – و ترامب وبايدن بالتأكيد، سيما وهو يستكمل ذلك بوعده “المبلفر” بخصوص الجولان وغور الاردن! فكفوا عن مراقصة العدم وانسحبوا من اللعب بين أيديهم!
 اللاءات الهاشمية الثّلاث: “لا للتّنازل عن القدس المحتلة”، “لا للوطن البديل” و”لا للتوطين”!
 
نعم خسئوا فالأردن اكبر من الدور المرسوم، وهو قادر، قيادة وشعبا، على احباط “القدر المرسوم” .. وسيبققى الاردن وقف الله، أرض العزم، أفقا عربيا، وعمقا سوريا وامتدادا كنعانيا ..
وطنا اردنياً بهيا بانتظام ولايته الدستورية ومأسسة الدولة وتحصين القانون، شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا!
ولن تقوى قوى “الزندقة” او “الصهينة و”الصندقة” بخشنها وناعمها على تحويل الاردن من وطن الى جغرافيا والاردنيين من مواطنين الى سكان انسجاما مع مفرزات سايكس/ بيكو ووعد بلفور بمصادقة صك الانتداب وعصبة الأمم وما رسموه للأردن من دور وظيفي قاومه الملك الحسين متمسكا باستقلال القرار السيادي وانتظام الولاية الدستورية، وعمل على تخطي الدور ومقتضياته والتحرر من الالتزامات المترتبة عليه ليرسى بذلك إرثا سياسيا لأجيال “اسلفتها” قريش “بمدرجة الفخار” فيحملوا “من الأمانة ثقلها، لا مُصْعِرِينَ ولا أَصَاغِرَ مِيلا” فهم – كما يضيف محمد مهدي الجواهري – ابنَاء “الذينَ تَنَزَّلَتْ بِبُيُوتِـهِمْ ، سُوَرُ الكِتَابِ، ورُتّلَتْ تَرْتِيلا”!”
 
نعم ابو مازن،
لِنَكُن ضَوارِيا – بعيداً عن حضن الشيطان!
فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى .. وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا ..
 
السلام عليك يا قدس (اصالةً ونيابةً عن دمشق وبيروت وبغداد، والقاهرة، والرياض، وعمان وكافة عواصم العرب)، يا ممتلئة من الروح المقاوم وبه .. الرب معك ورجاله في الميدان حُماتُكِ “بطول رعاية وقيام” .. “فخُذي طَريفَ المجدِ بعدَ تَليدِه// واستقبلي الآمالَ في غاياتها// وتأمَّلي الدنيا بطرفٍ سام//”
اما “ديانا”، فاليها تمشي الأشجار على رؤوس أصابعها، ومعها كلُّ أطفال فلسطين لتهزم الموت روحا نقيّا كالسَّنا .. 
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون .. 
 
* الياس فاخوري
كاتب عربي أردني
 
 
 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.