الأكراد واللعبة الصهيوأمريكية / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأربعاء 24/8/2016 م …
ويستمر الكرد في طعن البلد التي احتضنهم عندما جاؤا إليها لاجئين من تركيا … يحفرون في الجسم السوري … فهم لم يكونوا أصلاء أبداً على أرض سوريا العربية ، فقد سبق وأن وفدوا اليها خلال القرن العشرين حين هاجر قسم كبير من أكراد تركيا إلى سوريا عقب ثورة الشيخ سعيد بيران التي قمعتها حكومة أتاتورك بقسوة سنة 1925 ، وما تعرضوا له بعد ذلك من قمع وظلم واضهاد من قبل الأتراك وما صاحب ذلك من اشتباكات بين الجماعات الكردية والجيش التركي ، فمنذ نشوء أول حزب كردي على الأراضي السورية عام 1958 وهم يطالبون الدولة السورية منحهم الجنسية السورية والاعتراف بحقوقهم المدنية ، أما وقد نبتت اظافرهم بعد ان تلقت الرعاية والدعم والتزويد بكافة انواع الاسلحة من قبل أمريكا والصهاينة ، فقد تغيرت مطالبهم إلى محاولة قضم جزء عزيز من أراضي سوريا بهدف الإعلان عن كيان مسخ كما هو الحال في الكيان الصهيوني .
في العراق ، كانوا يحظون دوماً بالتأييد الصهيوأمريكي فيما كانوا جزءاً من التحالف الثلاثيني الذي دمر العراق ، وكانت مكافأتهم تعديل الدستور العراقي وفرض الفيدرالية واعتبار مناطقهم إقليماً لا ينازعهم فيها أحد مع وعود بدأت تتكشف بإعلان دولة كردية مستقلة ، فالإقليم الكردي في العراق أضحى لا ينقصه كدولة سوى الأعلان الرسمي بعد أن استطاعوا بناء كل شيء يلزم لتلك الدولة ما في ذلك جيشها ، وهم بذلك لم يكتفوا بحدود المناطق التي اعترفت لهم الدولة العراقية بها ، بل تجاوزوها بعدوان صارخ على ديالى ونينوى وكركوك وتوسعوا كثيرا هادفين الوصول إلى مناطق تواجد نظرائهم اللاجئين الكرد في سوريا ومهجرين سكان تلك المناطق الأصليين من عرب واثوريين وكلدان وتركمان .
وهناك على أرض سوريا تلحفوا بالديمقراطية اسماً حين اسموا انفسهم قوات سوريا الديمقراطية ، ليستغلوا شعار الحرية والديمقراطية من أجل كسب التأييد والمناصرة ، علماً بأنهم بعيدون كل البعد عن الديمقراطية الحقة ومن يقرأ ” الكتاب الكردي الأسود ” حول خطايا القيادات العنصرية الكردية بحق الأكراد وعموم العراقيين والذي كتبه مجموعة من الكتاب الأكراد العراقيين وقامت الباحثة سهام ميران بتحريره يدرك تمام الإدراك مدى حقد وعنصرية الطبقة الكردية الحاكمة ومدى تسلطها على عموم الأكراد ، فهؤلاء لا يعرفون من الديمقراطية إلا اسمها ويقدون فقط بالنموذج الصهيوني في تحكمه بالفلسطينيين ، فهم شوفينيون حتى الثمالة مرتبطون بالصهيونية وأمريكا بكل جوارحهم وطموحاتهم وافكارهم ..
أمريكا وبعد ان انكشفت مسرحيتها الوقحة في تأسيس ورعاية داعش قامت بالوقوف علناً وبشكل مستفز مع صهاينة الكرد في سعيهم لاقتطاع كيان لهم في شمال سوريا ، ومن أساليب اللعب الهوليودية من قبل الكاتب والمخرج الأمريكي ، أطلق الكرد على قواتهم اسم ” قوات سوريا الديمقراطية ” فاستقطبوا بذلك تأييداً من أناس كثيرون يطمعون ويحلمون بالديمقراطية الحقة ، واستقطبوا تأييداً من كل من يؤمن بوحدة الأراضي السورية ، وانطلت لعبتهم على اليسار الذي ساندهم بوعي بغير وعي فساندهم اليساريون في حركتهم وقتالهم وتغنوا بانجازاتهم في عين العرب التي لغوا اسمها العربي واستعملوا بدلاً منه إسماً كردياً ” كوباني ” تمييزاً ورفضاً للاسم العربي ، فكانت عين العرب معبراً لمنبج وكانت منبج مدخلاً للحسكة ومنها إلى جرابلس ، وما أن يتم لهم ذلك – إن تم – حتى يقوموا بفرض الكيان الكردي المسخ في شمال سوريا ليرتبط مع اسرائيل الصغرى في اربيل وليصل للبحر المتوسط محققين شعار كردستان الكبرى وليصبح العرب بين كيانين صهيونيين ” اسرائيل وكردستان ” .
يصل عدد الأكراد إلى حوالي أربعين مليوناً نصفهم في تركيا فيما يبلغ عددهم في ايران 8 ملايين وفي العراق 6 -7 ملايين أما في سوريا فيبلغ تعدادهم مليونين تقريباً ، وهم بمشروعهم القومي يحاولون بكل الطرق التوسع على حساب الأراضي العربية لتحقيق حلم صنعوه في خيالهم بأن تكون دولتهم قريبة جداً من الخليج العربي ولتصل إلى البحر المتوسط ، ساعين بذلك التوسع على حساب الأرض العربية في ظل حالة الوهن والدمار التي حصلت في العراق وسوريا ، وسندهم في ذلك ما تقدمه أمريكا والكيان الصهيوني من دعم وتأييد بعد ان أقاموا في اربيل واحدة من أكبر محطات التجسس لأمريكا واسرائيل ، فهم وبخططهم يبدأون بالأضعف منتظرين أن يفعلوا الشيء ذاته في الوقت المناسب في ايران فيما مازالوا يحاولون الكثير في تركيا دون جدوى .
وفي الوقت الذي لا ننكر فيه الحقوق القومية لأي قومية في العالم ، لا نرضى ولا نقبل لأي كان انتهاك حقوقنا وبناء كياناتهم على حسابنا ، مستذكرين بأن المرة الوحيدة في التاريخ الذي قام الكرد بإعلان دولتهم كانت أعلنوا جمهورية مهاباد دولة لهم في أقصى شمال غرب إيران حول مدينة مهاباد والتي دعمها الاتحاد السوفييتيحينذاك نتيجة لتعاطف رضا بهلوي مع هتلر في الحرب العالمية الثانية، إذ توغل السوفييت في الأراضي الايرانية مما تسبب في هروب رضا بهلوي وتنصيب إبنه محمد مكانه، حيث قام قاضي محمد ومصطفى البارزاني بإعلان جمهورية مهاباد في 22 كانون أول / يناير 1946 ولكن الضغط الذي مارسه محمد رضا بهلوي على الولايات المتحدة والتي ضغطت بدورها على الاتحاد السوفيتي أدى إلى انسحاب القوات السوفيتية من الأراضي الأيرانية وقامت الحكومة الإيرانية بإسقاط جمهورية مهاباد بعد 11 شهرا من إعلانها حيث تم إعدام قاضي محمد في 31 آذا ر / مارس 1947 في ساحة عامة في مدينة مهاباد فيما انسحب مصطفى البارزاني مع مجموعة من مقاتليه إلى خارج المنطقة .
أما على الأرض العربية فقد قام محمد رضا بهلوي وحليفه الكيان الصهيوني والأمريكي بدعم الحركة الانفصالية الكردية في شمال العراق مما أدى إلى تزايد القوة القتالية للأكراد مسببة خسائر كبيرة للقوات العراقية ومع الأمر الذي قامت معه الحكومة العراقية بعرض المفاوضات مع زعيمهم البارزاني ، حيث تم التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي للأكراد بين الحكومة العراقية والزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني في 11 آذار / مارس 1970، وفيه اعترفت الحكومة العراقية بالحقوق القومية للأكراد مع تقديم ضمانات لهم بالمشاركة في الحكومة واستعمال اللغة الكردية في المؤسسات التعليمية فيما لم يتم التوصل إلى حل حاسم بشأن قضية كركوك.
وما لبثت العلاقة بين الحكومة العراقية ومصطفى البارزاني أن ساءت عندما أعلن الأخير رسميا حق الأكراد في نفط كركوك ، الأمر الذي اعتبرت معه الحكومة العراقية إصرار الأكراد بشأن كردية كركوك كإعلان حرب ، مما حدى بالحكومة العراقية في آذار/ مارس 1974 إلى إعلان الحكم الذاتي للأكراد من جانب واحد ، دون موافقة الأكراد الذين اعتبروا الاتفاقية الجديدة بعيدة كل البعد عن اتفاقيات سنة 1970، حيث لم يعتبر الإعلان الجديد مدينة كركوك وخانقين وجبل سنجار من المناطق الواقعة ضمن مناطق الحكم الذاتي للأكراد ، وقامت الحكومة العراقية بالإضافة إلى ذلك بإجراءات إدارية شاملة في مدينة كركوك كتغير الحدود الإدارية للمدينة بشكل يضمن الغالبية العددية للعرب فيها.
من تابع عن كثب الحركة الكردية في العراق ومع ما واجهته من انقسامات يتيقن بأن هدف القيادات الكرديه المتسلطة كان دوماً إنشاء دوله كرديه مستقلة ، ومن اجل ذلك كانوا يلجأون باستمرار إلى التهديد باستخدام السلاح ضد الدوله على الرغم من تمتعهم بالحكم الذاتي مع كل امتيازاته خلافاً لتواجدهم في أي من الدول الأخرى ، ويبدو أن هنالك في الغرب من لا يريد على ما يبدو ان يطور صفة الإقليم الى دوله لكي يتاح له استغلال الكرد وتحريكهم في الوقت المناسب وفي اي مكان يتواجدون به وخاصة في ايران وتركيا حيث الوجود الأكبر .
والآن وقد جاء دور الاستغلال السياسي الأمريكي الصهيوني لاكراد سوريا وذلك من أجل المزيد من زعزعة استقرار الدوله السوريه والإسهام بتقسيمها ، فالكيان الكردي سيشكل ايضاً تهديداً وورقه سياسيه لابتزاز تركيا صاحبة الكتله البشريه الكرديه الاكبر والتي تصل إلى عشرين مليون تقريباً ، وهذا بحد ذاته يعتبر عاملاً مهما وخطيراً وقد يساهم شكل فعلي وجاد في تحقيق الاستداره التركيه باتجاه الدولة السورية خلافاً للرغبة الأمريكية ، وذلك من حيث ان مساعي الأكراد السوريين إقامة شريط مستقل على حدودها سيشكل تشجيعاً كبيراً لأكراد تركيا على الانفصال في ظل حملهم السلاح وقتالهم ضد الدوله التركية من قبل حزب العمال الكردستاني .
وخلاصة القول أن أكراد سوريا يلعبون بنار اللعبة الأمريكية وهم بالمحصلة وقودها ، وهم بذلك لا يقوموا بمحاربة سوريا فقط بل يهددون ايران وتركيا مما سيؤدي حتماً بكل من تركيا وايران وسوريا وروسيا إلى الوقوف صفاً واحداً للقضاء على هذا التوجه الانفصالي ، ومن يتابع معركة الحسكه ودخول أمريكا بشكل واضح لحماية الانفصاليين الكرد ويتابع الحركة المكوكية التركية من روسيا لايران وتصريحاتها بشأن الحل في سوريا ، ومن يلاحظ من زاوية أخرى قيام الطيران الروسي والسوري بضرب الانفصاليين وذلك على الرغم من التهديد الأمريكي باسقاط الطائارت السورية يدرك بأن معركة الحسكة ستكون معركة حاسمة للقضاء على الانفصاليين الكرد ….
إن إعلان الكيان الكردي على الأرض السورية يهدد بالضرورة كل الدول التي يتواجد بها الكرد من العراق إلى إيران إلى سوريا فتركيا ، وربما كانت حركة الكرد الأخيرة وستكون حتماً إحدى أهم اسباب تغير الموقف التركي بما يجعله يصطف بشكل مباشر أو غير مباشر إلى جانب سوريا في حربها ضد الارهاب والأكراد ويقلب المعادلة ويسارع بايجاد حل سريع للأزمة السورية ..
التعليقات مغلقة.