دراسة هامّة … مدى شرعية أسانيد سيادة إسرائيل على القدس فى القانون الدولى العام / د. السيد ابو الخير
مدارات عربية – الأحد 19/6/2023 م …
دكتورالسيد مصطفى احمد ابو الخير |
كتب الدكتورالسيد مصطفى أحمد أبو الخير*
* أستاذ القانون الدولى العام بكلية القانون البيضا ليبيا سابقا
مقدمة
القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين، مسرى رسول الله صل الله عليه وسلم، وهى الأرض التى بارك الله فيها وحولها، وعروس العروبة، قلب فلسطين النابض، تعرضت للمؤامرات كبقية فلسطين المحتلة، بل حظها من المؤمرات كان أكثر وأكبر، فى هذا البحث المعنون بمدى شرعية أسانيد سيادة إسرائيل على القدس فى القانون الدولى العام، وهى الأسانيد التى ذكرت فى بيان إعلان أستقلال دولة إسرائيل فى 15/مايو 1948م وهى تصريح بلفور وصك الإنتداب وتوصية التقسيم رقم (181) لسنة 1947م، وهى التى تعتمد عليها إسرائيل فى بسط سيطرتها على القدس الشريف، وسوف نتعرض بالدراسة لكل سند منها فى مبحث مستقل طبقا لقواعد وأحكام القانون الدولى العام وعلى كل من عهد العصبة وقرارات مجلس وعلى ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، لنرى مدى شرعيتها من عدمة، وهل هى تتفق مع القانون الدولى أم تخالفه. تكون البحث من:
مقدمة:
المبحث الأول: تصريح بلفور فى ضوء أحكام القانون الدولى.
المبحث الثانى: صك الإنتداب فى القانون الدولى العام.
المبحث الثالث: توصية التقسيم رقم (181) لسنة 1947م فى القانون الدولى.
الخاتمة:
= موضوع البحث وإشكاليته: يتلخص موضوع البحث فى عرض الأسس التى تعتمد عليها إسرائيل فى فرض سيادتها وسيطرتها على القدس على قواعد القانون الدولى العام لبيان مدى شرعيتها من عدمه، وكذلك بحث مدى شرعية تلك الأسس فى عهد عصبة الأمم وفى ميثاق الأمم المتحدة وفى قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن وأيضا دور محكمة العدل الدولية، فى النهاية بيان التكييف القانونى لسيادة وسيطرة إسرائيل على القدس.
= أهداف البحث، وأهميته:يهدف البحث لبيان عدم شرعية ليس فقط الأسانيد التى تستند إليها إسرائيل فى السيطرة على القدس فقط بل على فلسطين كاملة، وبيان مخالفتها للقواعد الآمرة والأحكام العامة فى القانون الدولى العام، مما يصيب تلك الأسس أو بالأصح المزاعم فى مقتل ويجعلها فى نظر القانون الدولى العام منعدمة / باطلة بطلانا مطلقا، بمعنى أنها ليست تصرفا قانونا بل عمل مادى لا يرتب عليه القانون الدولى أى آثار قانونية ولا يصححه رضاء الخصوم.
= تكمن أهمية البحث: فى بيان عدم شرعية وجود دولة يهودية فى فلسطين المحتلة، ويكشف للعالم زيف أباطيل ومزاعم يهود فى أعداءاتهم بأن لهم حقا تاريخيا فى أرض فلسطين، وأن وجودهم فى فلسطين بغرض قيام دولة يهودية غير شرعى وغير قانونى، ويؤكد على حق الشعب الفلسطينى فى أرضه وحقه فى تقرير مصيره السياسى والاقتصادى، وكذلك حقه فى الدفاع عن نفسه وأرضه وأن وجود قيام دولة يهودية فى فلسطين منعدم قانونا وأنها قوات أحتلال بكل ما يحمل المصطلح من معان ودلالات فى القانون الدولى العام.
= منهج البحث: يعتمد البحث على المنهج التأصيلى التحليلى لقواعد القانون الدولى العام، والدراسة التأصيلية تعتمد على الأستقراء الذى يسعى للتوصل للمبادئ الكلية والأصولية من واقع الحكم على الجزئيات. أما الدراسة التحليلية فتبدأ بالمبادئ الكلية أو الأصولية نولا بأحكامها على الجزئيات. مع حرصنا على الألتزام بمنهج فقهى وعملى فى ذات الوقت.كما أتبعنا فى البحث المنهج العلمى البعيد عن العاطفة والأسهواء وسوف نعرض الآراء المعارضة فى كل فكرة مع مناقشتها، سعيا لبيان الحقيقة اعتماد على الدليل الصحيح دون تعصب لأى رأى بعيد عن الحق والعدل.
المبحث الأول
تصريح بلفور فى ضوء أحكام القانون الدولى
نشطت المنظمة الصهيونية إبان مؤتمر الصلح في باريس عام 1919، وتقدمت بمذكرة للمؤتمر بتاريخ 3 شباط (فبراير) وناقشها المؤتمر بتاريخ 27 شباط، للحصول على موافقة المؤتمر على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وقرر مؤتمر الصلح عدم الموافقة على المطالب الصهيونية، ورفض الاعتراف بما سمي الحق التاريخي لليهود في فلسطين() ولكن عمدت بريطانيا استكمال مخططها الرامى على تنفيذ تصريح بلفور، وايضا مشروع صك إنتدابها على فلسطين. يتضمن تصريح بلفور باعتباره جزء لا يتجزأ منه، وقامت بتقديمه، فى 7 ديسمبر عام 1920م لسكرتارية عصبة الأمم، لاعتماده من قبل مجلس العصبة، وصدق المجلس علي الصك فى صيغته النهائية فى 24 يوليو عام 1922م، ودخل حيز النفاذ فى 29سبتمبر عام 1923م ().
وظلت السيادة للعرب على فلسطين بما فيها القدس الشريف منذ إنشائها فى القرن (25) قبل الميلاد حتى تم أحتلالها من قبل بريطانيا عام 1917م، ومنذ ذلك التاريخ تعرضت فلسطين وخاصة القدس لأحداث جسام أثرت على دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وعلي السيادة عليها بعد هذا الأحتلال، ومعلوم طبقا للقاعدة المستقرة فى القانون الدولى أن الاحتلال لا ينقل السيادة ولا يؤثر فيها، لأن الاحتلال واقعة مادية بل أصبح جريمة فى القانون الدولى المعاصر، ومن أهم الأحداث الجسام التى تعرضت لها فلسطين وخاصة القدس الشريف وأثرت فى السيادة عليها كان تصريح بلفور عام 1917م، وهو موضوع هذا المبحث.
ففى الثانى من نوفمبر عام 1917م أرسل بلفور وزير خارجية بريطانيا فى ذلك الحين، كتاب إلى اللورد روتشيلد أحد أثرياء يهود البريطانيين، يتضمن تصريحا بإقامة وطن قومى ليهود فى فلسطين بما فيها القدس، وقد أتخذ يهود من ذلك التصريح سندا قانونيا للإستيلاء على كل فلسطين، وقد جاء ذلك نصا فى وثيقة أستقلال إسرائيل المعلنة فى مايو/آيار عام 1948م، لذلك سوف نقوم بعرض هذا التصريح على قواعد وأحكام ومبادئ القانون الدولى لبيان مدى قانونيته وشرعيته، وما هى الأثار التى يمكن أن يرتبها عليه القانون الدولى، وهل له تأثير على سيادة العرب على القدس أم لا؟ وما مدى هذا التأثير وما نطاقه؟ أم أنه منعدم وباطل قانونا ولا يترتب عليه أى آثار قانونية ولا يؤثر على سيادة العرب على كامل فلسطين من النهر إلى البحر بما فيها القدس.
ولدراسة تصريح بلفورمن الناحية القانونية نبدأ أولاً بالتسمية التي تطلق عليه وهي (وعد بلفور) وهذه التسمية الدارجة ترجمة غير صحيحة لعنوان هذه الوثيقة فقد ورد المصطلح الأنجليزى (The Balfour Declaration) أي (تصريح بلفور)() وهذه الترجمة الصحيحة للكلمة الإنجليزية (Declaration). وقد أستخدم الميثاق الوطني الفلسطيني مصطلح تصريح وليس وعد، علما بأن النص الإنجليزي المعتمد يستخدم كلمة Declaration أى تصريح وليس Promise وعد.
والتصحيح هنا بين (وعد) و(تصريح) ليس مجرد تصحيحا لغويا فقط، بل قانونى أكثر منه لغويا، ويترتب عليه أثار قانونية فعالة ومؤثرة. فالوعد ملزم قانونا لصاحبه، لأنه تعهّد يفرضه الشخص على نفسه لصالح غيره. وهو عمل مضاف إلى المستقبل. كما أن كلمة (وعد) لم ترد لا في عنوان الوثيقة ولا في نصّها، وقد ورد في مطلع التصريح (أن حكومة صاحب الجلالة “تنظر بعين العطف) وهي جملة لا تدل على أي التزام، أو تعهد، أو وعد. كما أن بلفور لم يكتب هذا التصريح بنفسه، بل صاغته لجنة صهيونية، وقد تمت مناقشة ست مسودات للتصريح من قبل الحركة الصهيونية حتى تم اعتماد صيغته النهائية، وقد تكون التصريح من (117) كلمة إنجليزيه ومن(67) كلمة غير عنوانه، وتكون من (72) كلمة عربية() وأستمرت صياغته عامان.
أتفق فقهاء القانون الدولى على أن تصريح بلفور وثيقة غامضة عن عمد، حيث نصت الوثيقة على تعاهدين، أعتبرتهما لجنة بيل اللجنة الملكية للتحقيق عام 1937م متناقضين، التعهد الأول (أن تنظر بريطانيا بعين العطف إلى إنشاء وطن قومى يهودى فى فلسطين) الغموض هنا يتعلق بطبيعة هذا الوطن، وحسب هذا التصريح يجب أن ينشأ هذا الوطن بشرط حماية الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية التى كانت تشكل (93%) من سكان فلسطين وهم الذين تم تجنبهم بصورة متعمدة، ولم يحدد التصريح المركز القانونى لسكان البلاد الأصليين العرب، في هذا الوطن القومى أو طبيعته، كما لم يحدد التصريح نطاق هذا الوطن وحدوده، لذلك كانت هناك تفسيرات وشروح متعددة لهذا التصريح().
إن صياغة هذا التصريح تتميز بالغموض المقصود والتعتيم المتعمد، كما أنه لا يزال مثار جدل وأخذ ورد وتفسير متجدد وخلاف قانونى وسياسى بين فقهاء القانون الدولى وعلماء العلوم السياسية() ومازال يؤثر فى الأحداث حتى يومنا هذا، مما يؤكد على ضرورة بحثه وتناوله بالدراسة، كما أن هذا التصريح قد أعد على أساس نظرية الغموض والبناء، التى تتعمد الصياغة الغامضة، لتوظيفها فى اتجاهين متعاضدين يكمل كل منهما الآخر، وهذان الاتجاهان هما العمل على تهدئة الطرف أو الأطراف المستهدفة، بصيغ وعبارات مقبولة ظاهريا. وإتاحة الفرصة للطرف الأقوى، ليتمكن من تفسير المتغيرات الإقليمية والدولية بطريقة تخدم أهدافه واستراتيجياته العليا بطريقة تدريجية، يمرر من خلالها ما كان مستعصيا على القبول، فى بداية الأمر().
فقد قامت بريطانيا بواحدة من أكبر وأخطر جرائم تزييف الحقائق الدولية، بهدف نفى صفة الوجود عن الشعب الفلسطينى حتى لا يعتبر هو الشعب المقصود بالأستقلال، ومنح تلك الصفة لشتات من الأفراد، ولجماعات تنتفى عنها صفة الوجود كشعب، كما شملت عمليات التزييف حقائق الواقع الديمغرافى والسياسى والقانونى فى فلسطين، لتنفى عن الشعب الفلسطينى صفة الوجود كشعب، وتصفه بالطوائف غير اليهودية، كما ورد فى تصريح بلفور وفى مقدمة قرار مجلس العصبة المتعلق بصك الأنتداب فنص على ( أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يضر بالحقوق المدنية والدينية التى تتمتع بها الطوائف غير اليهودية الموجودة الآن فى فلسطين.
وبالمقابل قامت بأختراع مكون تنتفى عنه صفة الوجود القانونى وهو الشعب اليهودى، لتوحى أنه المقصود بالإشارة إليه ضمن الفئة (أ) فى المادة (22) من ميثاق عهد عصبة الأمم، على اعتبار أنه الأمة الجاهزة للاستقلال فى فلسطين والتى تحتاج إلى معونة ومساعدة دولة الأنتداب، وأن غيرها طوائف غير يهودية()، علما بأن يهود لم يكن لهم وجود بصفتهم شعب لا على ارض فلسطين ولا فى أى مكان فى العالم، فعدد يهود فى فلسطين لم يتجاوز (8000) نسمة حتى عام 1838م، وفى لحظة صدور التصريح كانوا يشكلون 7% من سكان فلسطين.، ولم يتجاوز عددهم (56) ألف نسمة من السكان وصولوا إلى فلسطين بين أعوام 1838/ 1919م، ولم يكونوا سوى أجانب دخلوا فلسطين بطريقة غير شرعية، حيث كان السلطان عبد الحميد قد أتخذ قرارا بمنع الهجرة إلى فلسطين، وهو صاحب السيادة على فلسطين حينها.
وقد أتفق فقهاء القانون الدولى على عدم قانونية وشرعية تصريح بلفور، وأنه منعدم قانونا، لذلك لا يرتب أى آثار قانونية على أطرافه أو الغير، ولا يصححه رضاء الخصوم، فهو لا يعدو أن يكون رسالة شخصية، وليست وثيقة دولية رسمية، كما أن الحركة الصهيونية ليست مؤسسة سياسية دولية رسمية، ولذلك تسقط الأهلية القانونية الدولية للتصريح، ويعتبر التصريح باطلا لتنافيه مع كافة الحقوق والاتفاقيات الدولية السابقة واللاحقة عليه، فهو باطل طبقا للقانون الدولى، حيث لم تحصل بريطانيا أو الحركة الصهيونية أو أى جهة دولية رسمية على موافقة الشعب الفلسطينى باعتبار أفراده هم مواطنون سكان البلاد الأصليين وأصحاب السيادة فى بلادهم وعليها، فضلا عن عدم موافقة تركيا على التصريح باعتبار أن السيادة والشرعية كانت لها على فلسطين وقت صدور التصريح، ويؤكد ذلك رفض تركيا التوقيع على معاهدة سيلفر عام 1920م والتى تضمنت قيام المندوب السامى البريطانى بتنفيذ التصريح طبقا للمادة (22) من عهد العصبة، كما أن بريطانيا لحظة إصدار التصريح لم تكن تملك فلسطين وليست لها سيادة عليها ولا أى علاقة بها، لذلك ليس لها حق التصرف فى فلسطين().
أن الجدل حول أهلية عصبة الأمم فى اعتماد فكرة الأنتداب أو المصادقة على صك الأنتداب، لم يغير من المركز القانونى لأرض فلسطين شيئا منذ لحظة اعتماد صك الأنتداب وحتى تاريخه، فقد شكل يهود نسبة 7% من سكان فلسطين حينها، بينما كان الفلسطينيون يمثلون 93% وهم السكان الأصليين، مما يعنى قانونا أن الصفة التى تحدثت عنها المادة (22) من عهد العصبة تنطبق على الفلسطينين حصرا، حتى وأن أبطنت بريطانيا وأيدتها عصبة الأمم، غير ذلك، ولا تملك عصبة الأمم منح قيمة قانونية أو شرعية لتصريح بلفور، لأن ميثاق عصبة الأمم فى القانون الدولى هو اتفاقية ملزمة لأطرافه ولا يترتب عليه أى قيمة ملزمة لغير أطرافه، ولذلك فإن تصريح بلفور مخالف لأسس وقوعد ونصوص القانون الدولى للأسباب التالية():
1 – عدم أنطباق أى شرط من شروط الوثيقة الدولية على تصريح بلفور. فقد أتفق الفقه الدولى على أن التصريح الذى يعتد به فى القانون الدولى وينتج آثاره القانونية يجب أن يكون صادرا من شخص دولى أو عدة اشخاص دولية، سواء دولة او أكثر أو منظمة دولية أو أكثر، وإذا فقد التصريح هذا الركن فلا يعتد به فى القانون الدولى، ولا يكون عملا دوليا صادر بالإرادة المنفردة() وحتى يعتبر التصريح عملا قانونيا يجب أن يصدر عن شخص يملك أهلية الألتزام والوجوب ويكون شخص من أشخاص القانون الدولى العام المتمثلة فى الدول والمنظمات الدولية.
وعلى ضوء ذلك فلا يعتبر من قبيل الالتزام الدولى ذلك الاتفاق الذى يكون أحد أطرافه من غير الدول أو المنظمات الدولية العالمية والإقليمية، لذلك فإن تصريح بلفور الذى صدر عن وزير خارجية بريطانيا نيابة وبأسم دولته، لشخص طبيعى ليس من أشخاص القانون الدولى هو اللورد روتشيلد من أثرياء يهود بريطانيا ولا يملك الشخصية القانونية الدولية، وقد أخرج القانون الدولى بشكل واضح لا لبس فيه التصريح والبيان من المعاهدات الدولية فلا يعد وثيقة دولية.
وبالتالى فهذا التصريح لا يعد من قبيل الأعمال القانونية الدولية الملزمة فهو لا يكون ألتزاما دوليا ولا يعتبر معاهدة دولية فى نظر القانون الدولى().
2- أن هذا التصريح صدر عن بريطانيا قبل أن تكون لها السيادة الفعلية على فلسطين، فهى لم تحلتها إلا بعد مرور أكثر من شهر على صدور هذا التصريح، بالضبط بعد مرور (36) يوما، كما أن بريطانيا لم تمنح الأنتداب على فلسطين إلا فى عام 1992م، والأهم أن التصريح لم يقبله أصحاب السلطة الحقيقية وهم الشعب الفلسطينى، ورفضته الدولة العثمانية صاحبة السيادة على فلسطين وقت صدور التصريح() وكان للتصريح أن ينتج آثاره القانونية لو وافق عليه أصحاب السيادة الحقيقية على فلسطين، أى سكانها العرب والدولة العثمانية التى كانوا ينضون تحتها مثل باقى الشعوب العربية.
مما يعزز نفى السيادة البريطانية على فلسطين إبان فترة الأنتداب، إقرار محاكمها بعدم الأعتراف بالجنسية البريطانية للفلسطينيين، وقد حكمت أحدى محاكم بريطانيا، أنه ليس فى القانون ما يجعل الفلسطينى رعية بريطانية بل هو رعية أجنبية، مما بؤكد أنه لم يكن لبريطانيا أية سيادة على فلسطين أبان الانتداب() والسيادة للسكان العرب فى القدس وفلسطين عموما، فإنها تعود إلى أستقرارهم خلال فترة تزيد عن خمسة وعشرون قرنا قبل الميلاد، السيادة على القدس للسكان العرب تثبتها المستندات التالية():
= نص المادة (22) من عهد عصبة الأمم: فقد نصت هذه المادة على أن الأقاليم الخاضعة للأنتداب والتى كانت تحت السيطرة العثمانية تسكنها أمم مستقلة، وحصرت دور الأنتداب فى تقديم المشورة والمساعدة الإدارية والعمل على اعتماد تلك الجماعات على نفسها دون الأعتراف بالسيادة للدولة المنتدبة.
= معاهدة لوزان عام 1923م المبرمة بين الدولة العثمانية ودول الحلفاء : تنص المادة (16) منها على تخلى الدولة العثمانية عن جميع الحقوق التى لها فى الأراضى العربية التى خضعت لها قبل الحرب العالمية الأولى، بما فى ذلك فلسطين، ولم تتقيد هذه الاتفاقية بنقل سيادة هذه الدول للدول المنتدبة لاحقا، ولا عن الألتزام بإنشاء وطن قومى ليهود فى فلسطين، فهذه المادة تؤكد بقاء السيادة على فلسطين بما فيها القدس الشريف لأهله العرب، وما الأنتداب إلا إشراف إدارى لا ينقل بأى حال من الأحوال السيادة لدولة الأنتداب، ولا يحق للدولة المنتدبة أن تنقل السيادة على فلسطين عموما والقدس خاصة لطرف أخر()
= أتفاق غالبية فقهاء القانون الدولى على أن السيادة على فلسطين والقدس لسكانها الأصليين وهم العرب، منهم pic فى بحثه (نظام الأنتداب وفق اتفاقية فرساى) وذكر أن واضعى الاتفاقية أكدوا على حق الشعوب فى تقرير مصيرهم، وتحريم ضم الأراضى الخاضعة للأنتداب، وأنها تعود إلى الشعوب الأصلية المقيمين بتلك الإراضى().
3- ليس لعصبة الأمم – طبقا للقانون الدولى – أهلية إنشاء الإنتداب أو أتخاذ قرارات تتعلق بحق دول وأمم وشعوب غير موقعة على عهد عصبة الأمم، وليست عضوة فيها.
4- يعد تصريح بلفور مخالفة صريحة لقاعدة آمرة فى القانون الدولى، هى حق الشعوب فى تقرير مصيرها ومنها الشعب الفلسطينى.
5- أعطت بريطانيا التصريح دون رضا الشعب الفلسطينى صاحب السيادة الحقيقة على فلسطين. ودون موافقة الدولة العثمانية الخاضعة لها فلسطين فى ذلك الوقت() وقد صرحت الحكومة التركية بأن تصريح بلفور أكذوبة كبرى، كما أن الحكومة التركية لم تصدق على معاهدة سيلفر عام 1920م ولم تعد نافذة طبقا للاوضاع الدستورية فى تركيا، أما القول بأنه تمت الموافقة عليه بعد ذلك فى معاهدة لوزان 1923م فهو تنازل معيب بعيب الإكراه المادى للإرادة، نظرا لاحتلال فلسطين احتلالا عسكريا().
أنتهينا فى السابق إلى أن تصريح بلفور لا يشكل بالنسبة لمصدره ألتزاما دوليا، حيث أن أطراف الألتزام الدولى لا بد أن يكونوا من أشخاص القانون الدولى ويتمتعون بالشخصية القانونية الدولية() فإذا كان تصريح بلفور لا يلزم الدولة التى أصدرته فأنه من باب أولى لا يلزم أى طرف آخر، ولا يكسب حقا لهذا الطرف. يترتب على ذلك النتائج التالية:
= لا يمكن اعتبار الجماعة اليهودية فى تصريح بلفور من الغير فى مفهوم القانون الدولى، لأن الغير هنا مصطلح ينصرف معناه إلى الأشخاص القانونية الدولية. ولما كان اللورد روتشيلد لا يتمتع بالشخصية القانونية الدولية. فإن ألتزام بريطانيا لمصلحة يهود فى تصريح بلفور لا يرتب أثار قانونية دولية.
= إذا اعتبرنا أن دولة(إسرائيل) المزعومة التى أنشئت عام 1948م قد أكتسبت وصف الغير فى القانون الدولى بالنسبة لتصريح بلفور، فأنه لا يجوز لها رغم ذلك أن تطالب بما وعد به التصريح للجماعة اليهودية لأن يهود العالم لا يحملون الجنسية الإسرائيلية، كما أن يهود فلسطين وقت إصدار التصريح لم يكونوا عنصرا من عناصر دولة يهودية قائمة بالفعل. والتصريح كان موجها لصالح يهود ولم يكن موجها لصالح (دولة إسرائيل) ولذلك فإن حق المطالبة بتنفيذ الوعد الذى تضمنه تصريح بلفور لا يثبت إلا باتفاق جديد ينص على حق الغير باكتساب الحقوق الواردة فى التصريح، على أن يستوفى التصريح سائر شروط الالتزام الدولى().
6 – مخالفة تصريح بلفور الأتفاق العربى البريطانى: الذى يتضمن التزام بريطانيا نحو العرب الذى يمثلهم الشريف حسين، بإقامة دولة عربية مستقلة فى مراسلات حسين مكماهون، وتشمل التصريحات والإعلانات والرسائل التى وجهها الحلفاء (يريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة) إلى العرب متضمنة الوعد بمنح العرب الأستقلال. والمراسلات التى تم تبادلها بين الشريف حسين شريف مكة، والسير هنرى مكماهون المندوب السامى البريطانى فى مصرفى الفترة من يوليو1915م حتى مارس 1916م. تؤكد الظروف والملابسات التى أحاطت بهذه الرسائل أنها اتفاقا دوليا ملزما لأطرافه. والدليل على ذلك أن مكماهون قد ذكر فى رسالته إلى الحسين فى 14/12/1915م أنه( على قدر نجاح هذه المجهودات وعلى التدابير التى يمكن للعرب أن يتخذوها لخدمة أغراضنا، عندما يجئ وقت العمل، تتوقف قوة الاتفاق بيننا وثباته)().
وقد عبر الشريف حسين فى مباحثاته مع (الكوماندر هوجارت) عن وجهة النظر العربية() حيث رفض قيام دولة يهودية فى فلسطين() وقد ذكر المؤرخ الألمانى(كارل بروكلمان) أن الشريف حسين كان ينظر دائما لفلسطين وبيت المقدس على أعتبارهما جزء أساسى من الدولة العربية التى كان يرجو أنشاءها)() وعبر عنها الفلسطينيون والأمير فيصل فى مذكرات احتجاج عن رفضهما القاطع والبات بأن يكون لتعبير(الوطن القومى) معنى الدولة() وأنهما تمسكان بعروبة والأستقلال التام للأقليم الفلسطينى. وأكدت تركيا بوصفها صاحبة السيادة القانونية على فلسطين وقت إصدار التصريح وأعتراضها عليه.
كما ورد رفض العرب لقيام دولة يهودية فى فلسطين تطبيقا لتصريح بلفور فى العديد من الوثائق منها برقية أحتجاج المؤتمر الفلسطينى الأول(الموسوعة ص: (337) وعريضة الجمعية الإسلامية النصرانية (ص: 324) وقرارات المؤتمر السورى العام (ص: 326) ومذكرة الجمعية الإسلامية النصرانية(ص:335) وعريضة نفس الجمعية المنشورة فى جريدة المقطم فى 8/11/1919م، الواردة بنفس المصدر(ص: 338) وأحتجاج المؤتمر العربى الفلسطينى الثالث إلى حكومة بريطانيا برلمانها(ص:346) والعرائض المذكورة والواردة بنفس المصدر بالوثائق التالية على التوالى(78، 80، 82، 83،86،88،91) وقد أعترض العرب على التفسير الصهيونى للوطن القومى وتمكسهم بعروبة فلسطين، وقد نص التصريح التركى بأنه تصريح بلفور أكذوبة كبرى(الموسوعة 276، 277).
كما نصت وثائق بريطانية وتصريحات رسمية بريطانية، واضحة الدلالة على أن بريطانيا لا تقصد بعبارة الوطن القومى، معنى الدولة() ففى الرسالة التى ارسلها(هوجارت) إلى الشريف حسين يناير 2018م() ورد فيها تصميم الحلفاء على أن تتاح للشعب العربى فرصة كاملة (لاستعادة كيانه كأمة فى العالم). ويلاحظ أن لفظ أستعادة يعنى أن الكيان العربى سيكون على الوضع الذى كان عليه عند دخول تركيا للدول العربية فى القرن السادس عشر الميلادى.
7 – مخالفة تصريح بلفور لمعاهدة بطرسبرج (1916م): المبرمة فى بطرسبرج بين روسيا وأنجلترا وفرنسا فى 4 مارس عام 1916م لتقسيم الأمبراطورية العثمانية. وقد تضمنت هذه المعاهدة ألتزاما دوليا لصالح العرب، فقد نصت المادة الأولى من هذه المعاهدة على أن (تتعهد الدول المتعاقدة فيما بينها على أن تعمل يدا واحدة فى سبيل إنقاذ البلاد العربية وحمايتها وتأليف حكومة إسلامية مستقلة تتولى بريطانيا مراقبتها وإدارتها) هذه الاتفاقية لم تنص مطلقا على أية حقوق صهيونية / يهودية فى فلسطين ولا على قيام دولة يهودية فى فلسطين.
8 – مخالفة تصريخ بلفور لمعاهدة سايكس بيكو المبرمة بين فرنسا وبريطانيا عام 1916م: وتعتبر هذه الاتفاقية مكملة لاتفاقية بطرسبرج ومؤكدة لما جاء فى مراسلات حسين / مكماهون، يستنتج من الاطلاع على الاتفاقية ان الدول المتعاقدة تعترف بحقوق العرب فى المنطقة الزرقاء والحمراء والسوداء، وهى المنطقة التى تمتد داخل الحدود التى طلبها الشريف حسين إلى مكماهون فى 14/7/1915م. وتعترف بصفة خاصة بحقوق العرب فى فلسطين وإلا ما شترطت الاتفاقية أن أى شكل من أشكال الحكم فى المنطقة الزرقاء يجب إلا يتم إلا بعد الأتفاق أو مع الدول العربية أو اتحاد الدول العربية، أن إنشاء الإدارة الدولية فى المنطقة السمراء (فلسطين)لا يتم إلا بعد الاتفاق مع الشريف حسين.().
9 – تصريح بلفور يخالف ألتزامات دولية لاحقة على صدوره، منها عهد عصبة الأمم وخاصة الماد(22) من هذا العهد التى نصت على أن (بعض الشعوب التى كانت خاضعة للإمبراطورية التركية، قد وصلت إلى درجة من التقدم يمكن معها الأعتراف مؤقتا بكيانها كأمم مستقلة، ويجب أن يكون لرغبات تلك الشعوب، المقام الأول فى أختيار الدولة المنتدبة) وتخضع فلسطين لتلك المادة، لا سيما وأنها أعتبرت من الفئة الأولى عند تقسيم البلاد الخاضعة للأنتداب لفئات ثلاث، وهذا يعنى أن الشعب الفلسطينى قد أعترف به أمة مستقلة بموجب المادة (22) من عهد العصبة.
10- ولما كانت المادة (20) من عهد العصبة تنص على أنه ( يوافق أعضاء العصبة، كل فيما يخصه، على أن هذا العهد يلغى جميع الاتفاقيات الخاصة السابقة عليه والتى تتعارض أحكامها مع أحكامه، كما يتعهدون رسميا، بألا يعقدوا فى المستقبل اتفاقات تتعارض مع أحكام العهد …) وأنه (… فى الحالة التى يكون فيها أحد أعضاء العصبة قد ألتزم قبل دخوله عضوا فى العصبة، فأنه يكون من واجب مثل هذا العضو أن يتخذ على الفور الخطوات التى تحرره من هذه الألتزامات).
ولما كان تصريح بلفور – بعدم أعترافه بحقوق الشعب الفلسطينى – مخالف لأحكام هذا العهد وخاصة المادة (22) منه، والتى تعتبر فلسطين دولة مستقلة، فأنه يكون من واجب بريطانيا كدولة عضو بالعصبة، أن تتخذ على الفور، الخطوات التى تحررها من هذا التصريح. ولا يمكن القول بأن العصبة قد أقرت موقف بريطانيا بإقرارها صك الأنتداب الذى تضمن تصريح بلفور، ذلك أن قرار صك الأنتداب وتصريح بلفور من قبل العصبة، فضلا عن مخالفته لنصوص العهد، وقد جاء فى حدود النسب المقررة للتصويت بمقتضى العهد للموافقة على مثل هذا القرار من جهة، ومن جهة أخرى فإن مخالفة العصبة للمادتين (20) و (22) من العهد، وإبطال مفعولهما بالنسبة لموقف بريطانيا، أنما ينطوى على تعديل للعهد لم تراع فيه قواعد التعديل ونسب التصويت المقررة فى العهد، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة (26) من العهد على أن التعديلات التى تدخل فى أحكام العهد، تعد نافذة متى صادقت عليها الدول الممثلة فى مجلس العصبة وغالبية الدول بالجمعية العامة. أما قرار صك الأنتداب بما تضمنه من مخالفة للمادتين (20) و (22) من العهد فقد تم بموافقة مجلس العصبة، وفقا لمشروع صهيونى().
11- أستحالة تنفيذ تصريح بلفور: يتضح من صياغة عبارات التصريح، أنه صيغ فى عبارات غامضة ومتناقضة تجعل تنفيذه مستحيلا، إلا إذا تضمن التنفيذ الأعتداء ومخالفة حقوق وردت فى التصريح دون الأخرى، لذلك جاءت عبارات التصريح تحتمل عبارات مختلفة، وذات دلائل متناقضة، ويبدو ذلك واضحا بالنظر إلى مضمون التصريح من جهة الألتزامات التى ألزمت بها بريطانيا نفسها فيه، ويبدو أيضا أن عبارات التصريح وصياغته قد عكست موقف بريطانيا فى الحرب العالمية الأولى، فهى تريد أرضاء العرب ويهود لمساعدتها فى الحرب العالمية الأولى، لذلك جاءت عبارات التصريح تحتمل تأويلات مختلفة ومنتاقضة، وذكر اللورد (جراى) فى خطابه بمجلس العموم البريطانى 27 مارس 1923م أنه( يخيل إلى أن وعد بلفور ينطوى – دون أية مبالغة – على صعوبة عظمى فى تحقيقه)().
نختتم هذا المبحث بالقول بأن تصريح بلفور – طبقا للقانون الدولى باطل ومنعدم لمخالفته قواعد آمرة فى القانون الدولى العام منها حق تقرير المصير للشعوب، وتحريم الإستيلاء على أراضى الغير بالقوة، وهذا الإنعدام لا يصححه رضاء الخصوم السابق أو اللاحق، فضلا عن مخالفته الشروط والأركان الشكلية والموضوعية التى يجب أن تتوفر فى أى وثيقة حتى تتمتع بالحماية القانونية المقررة للمعاهدات الدولية فى القانون الدولى العام.
المبحث الثانى
صك الإنتداب فى القانون الدولى العام
بعد أنتهاء الحرب العالمية الأولى (30/10/1918م) قرر مؤتمر الصلح عام 1919م عدم إعادة الأقاليم العربية لتركيا وأبتدع كلمة الأنتداب. وأوكل مجلس مؤتمر السلام الأعلى أمر الإنتداب على فلسطين لبريطانيا أثناء اجتماعه بسان ريمو فى 25 نيسان / إبريل عام 1920م. وفى 24 يوليو تموز عام 1922م صادق مجلس عصبة الأمم على نظام الإنتداب على فلسطين، وفى 29 سبتمبر/ أيلول 1923م دخل حيز النفاذ. وبذلك أكتسبت بريطانيا منذ عام 1917م، القوة القائمة بالأحتلال، وقد وافقت الولايات المتحدة التى لم تكن عضوا بالعصبة على صك الإنتداب بقرار مشترك من مجلسى النواب والشيوخ فى 30 حزيران/ يوليو 1922م، وخضعت فلسطين للإنتداب من عام 1920م حتى عام 1948م.
وقد قامت الحركة الصهيونية بصياغة نصوص الانتداب بالتشاور والتآمر مع بريطانيا، الذي فرضته في مجلس العصبة بتاريخ 24 تموز (يوليو) 1922، بالرغم من أن معارضة مؤتمر الصلح، وعدم عرض الانتداب على الجمعية العامة للعصبة. وأشتمل صك الإنتداب على النص الكامل لتصريح بلفور، وشدد على تنفيذه بيد سلطة الإنتداب، وقد ورد ذلك فى مقدمة الصك(مسئولية الدولة المنتدبة بريطانيا عن تنفيذ تصريح بلفور لصالح إنشاء وطن قومى ليهود فى فلسطين. وأعتراف مجلس العصبة بالصلة التاريخية التى تربط الشعب اليهودى بفلسطين وبالأسباب التى تبعث على إعادة وطنهم القومى فى تلك البلاد ..،) ونص الصك على تصريح بلفور فى ست مواد(). صك الإنتداب يتكون من (28) مادة() صك الإنتداب لم يآت بالصك ما يفيد أستناده إلى أى قاعدة من القانون الدولى() بأستثناء المادة (22) من عهد عصبة الأمم ().
ومصطلح الانتداب الذي نصت عليه المادة (22) من عهد عصبة الأمم، يقصد به وضع البلاد غير الناضجة سياسياً تحت إشراف إحدى الدول الحليفة الكبرى ورعايتها، بمراقبة عصبة الأمم ذاتها. وتم تصنيف هذا النظام وفقاً للمادة(22) من العهد إلى ثلاثة أنواع()(أ و ب و ج) وتخضع فلسطين للنوع الأول وهو انتداب (أ) وقد فرض هذا النوع من الانتداب على الدول التي انفصلت عن الإمبراطورية العثمانية، ووصلت لدرجة من التطور والرقي تسمح بالاعتراف مؤقتاً بوجودها كأمم مستقلة، وتنال استقلالها بعد أن تسترشد بنصائح ومساعدة الدول المنتدبة، كي تتمكن من إدارة شئونها الداخلية والخارجية وقد أوجبت العصبة أن تكون مدة الانتداب لا تزيد على ثلاث سنوات() – ومع ذلك خضعت فلسطين للإنتداب (28) عاما – مع وجوب أن يكون لرغبات هذه الشعوب، المقام الأول في اختيار الدولة المنتدبة. وتدل الوقائع على مخالفة بريطانيا لقواعد ميثاق العصبة خاصة المادة (22) منه والمخالفة هذه، ترتب بالضرورة بطلان ما ترتب عليها من إجراءات.
وقد نصت لجنة كنج/ كراين التي بادر الرئيس الأمريكي ويلسون لإرسالها للتحقق من رغبات الشعب العربي في فلسطين وسوريا، والتي قامت باستقصاء رغبات الشعب في سوريا وفلسطين اعتبارا من حزيران (يونيو) 1919، وجاء فى تقريرها (أن أغلب سكان فلسطين يطلبون الاستقلال، وإذا أصر مؤتمر الصلح على تعيين دولة للانتداب فإنهم يفضلون الولايات المتحدة.. إذا كانت رغبات السكان في فلسطين سيعمل بها، فيجب الاعتراف بأن السكان غير اليهود في فلسطين، وهم تسعة أعشار السكان، كلهم تقريباً يرفضون البرنامج الصهيوني رفضاً باتاً. إن سكان فلسطين لم يجمعوا على شيء مثل إجماعهم على هذا الرفض)().
يترتب على ذلك أن كل ما اتخذته بريطانيا من إجراءات باطلة، لصدور هذه الإجراءات من غير مختص طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة(20) من عهد العصبة التى نصت على (يوافق أعضاء العصبة، كل فيما يخصه، على أن هذا العهد يُلغي جميع الاتفاقات الخاصة السابقة عليه والتي تتعارض أحكامها مع أحكامه) ويتعهدون رسمياً، طبقا للفقرة الثانية من ذات المادة بألا يعقدوا في المستقبل اتفاقات تتعارض مع أحكام العهد، لذلك يجب على كل أعضاء عصبة الأمم إلغاء كافة ألتزاماتهم الدولية السابقة على أنضمامهم للعصبة والتى تتعارض مع عهد العصبة. ولم تقم بريطانيا بذلك، وهذا مخالفة لعهد العصبة.
وتشير الكثير من المصادر، إلى أن الصهاينة قد شاركوا بريطانيا في وضع صك الانتداب. فقد ذكر سكرتير عام عصبة الأمم أريك دراموند البريطانى(إن العصبة لم تضع مشروع صك الانتداب، بل إن الحكومة البريطانية هي التي وضعته بالاتفاق مع يهود) ويعترف حاييم وايزمان في مذكراته(أن اليهودي الأمريكي بنيامين كوهين، كان يتولى مع سكرتير اللورد كيرزون وزير الخارجية البريطاني حينئذ، وضع صك الانتداب والاتفاق على نصوصه)() يتعارض هذا تعارضاً جوهرياً مع عهد العصبة، ومع نظام الانتداب وهذه المخالفة وحدها ترتب بطلان الانتداب من أساسه.
علاوة على خديعة الحكومة البريطانية لمجلس اللوردات ومجلس العموم الذي لم يقر مشروع الانتداب بأغلبية(60) عضوا رفضوا المشروع مقابل(46) ايدو الانتداب، ورغم ذلك لم تأبه الحكومة البريطانية لقرار مجلس اللوردات. لذلك تعتبر بريطانيا دولة احتلال وليس انتداب بعدما احتلت يافا وغزة والقدس في مراحل لاحقة، وبالتالي انتهكت بريطانية كقوة احتلال المادة(42 و43) من اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907م. وقد أبدى الأمين العام لعصبة الأمم – في مذكرة قدمها لمجلس العصبة بتاريخ 30/7/1920 – لطبيعة عمل ودور المجلس الأعلى للحلفاء، وقال(إن توزيع الدول الكبرى للانتدابات ليس قانونياً ولا يمكن الاعتراف به). وأيده مندوب بلجيكا بالعصبة وقال (أن قيام المجلس الأعلى بتوزيع الانتدابات يخالف عهد العصبة وأحكام القانون) وأكده أيضا الفقيه فوشيل (أن اختيار الدول المتحالفة الكبرى بريطانيا العظمى للانتداب على فلسطين، قد جرى خلافاً لأحكام ونص المادة(22) من ميثاق العصبة. فهو إذن باطل من الوجهة القانونية ولا يقام له وزن).
وقد نص صك الإنتداب() على الهدف منه وهو تسهيل إقامة وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين، ومن هنا ينبغى الإشارة إلى أن تصريح بلفور يمثل المرتكز الأساس لسياسات الإنتداب البريطانى على فلسطين() ولتحقيق ذلك ليهود فقد شجعت حكومة الإنتداب هجرة اليهود إلى فلسطين عن طريق فتح باب الهجرة على مصرعية، وقدمت لهم جميع التسهيلات، كما أن السياسة الاقتصادية لحكومة الإنتداب – والتى تعتبر أخطر جوانب السياسة البريطانية – لعبت الدور الإبرز فى التمهيد لقيام الكيان الصهيونى على حساب تقليص وإضعاف الاقتصاد الفلسطينى وتهيئة الظروف الملائمة لإنشاء الوطن القومى اليهودى، ولم تكن الأوضاع الاجتماعية فى عهد الإنتداب إلا الوجه الآخر للأوضاع الاقتصادية(). فحكومة الإنتداب جعلت المجتمع الفلسطينى فى حالة تبعية سياسية واقتصادية واجتماعية للمخططات الصهيونية الرامية لتهويد فلسطين().
تنقسم فترة الإنتداب البريطانى على فلسطين إلى فترتين فترة الإدارة العسكرية التى دامت سنتين ونصف ( ما بين مطلع العام 1918م – ومطلع تموز يوليو 1920م) وفترة الإدارة المدنية التى بدات فى تموز يوليو 1920م وحتى تاريخ إعلان نهاية الإنتداب 15 آيار / مايو 1948م. وأقرت حكومة الإنتداب البريطانى قوانين وأنظمة بهدف تمكين يهود من الإستيلاء على أراضى فلسطين، فى حين أغفلت مصالح المزارعين العرب، وعملت على أجهاض حقوقهم، وأخذت الحكومة تزيد من الضرائب على الأراضى والإنتاج().
ونتيجة تلك السياسة الظالمة التى أتبعتها حكومة الأنتداب البريطانية، أستطاع يهود أن يرفعوا نسبة ما يملكون من أراضى بفلسطين من 5ر2% فى عام 1918م إلى نحو 8ر8% عام 1948م، وعملت الحركة الصهيونية على إفقار الفلاحين( عندما أستولت على أراضيهم وطردتهم منها، فأضطروا للعمل إجراء ومزارعين لدى أصحاب الأملاك، فقد أدت الهجرة اليهودية الكثيفة فى الربع الأخير من القرن التاسع عشر إلى إزدياد البطالة بين العمال العرب بعد أن رفضت الحركة الصهيونية تشغيل اليد العاملة العربية فى مستعمراتها().
وهدفت السياسة العامة التى أنتهجتها سياسة الإنتداب فى فلسطين فى المجال الاقتصادى لتحقيق هدفين، الأول: ضمان المصالح الاقتصادية المباشرة لبريطانيا، وثانيا: خلق المقومات المادية الضرورية لنجاح الوطن القومى اليهودى، ولتحقيق ذلك قامت سلطات الإنتداب بوضع القطاعات الرئيسية للاقتصاد الفلسطينى تحت هيمنتها وأتبعت سياسة أدت عمليا إلى تسخير الموارد الفلسطينية الطبيعية لصالح المشروع الصهيونى. وبهذا لعبت بريطانيا الدولة المنتدبة دورا كبيرا فى إنهيار الاقتصاد الفلسطينى. خلاصة القول أن الاقتصاد الفلسطينى إدير طوال فترة الإنتداب البريطانى فى ظل هدف إحلال الوجود الصهيونى محل الوجود العربى() ذكرت الحركة الصهيونية، أن أى تفسير لصك الإنتداب، يجب أن يتفق مع الهدف من إصدار هذا الصك وهو (ضمان إنشاء وطن قومى يهودى، ومؤسسات للحكم الذاتى)().
إن أساس حقوق الدولة المنتدبة قبل الإقليم الخاضع للإنتداب ينحصر فى إطار المهمة التى قبلت دولة الإنتداب القيام بها، وهذا ما أنتهت إليه لجنة الأنتدابات فى قرارها بشأن الحقوق التى تمتلكها الدولة المنتدبة على الأموال العامة فى الإقليم الذى يخضع للأنتداب. فقد قالت اللجنة ( إن الدول المنتدبة، لا تملك بمقتضى المادتين (120) و (237) الفقرة الثالثة من معاهدة فرساى أى جزء من الإقليم الخاضع للأنتداب، ولا أى حق آخر، إلا تلك الحقوق المستمدة من تلك المهمة الملقاه على عاتقها لإدراة هذا الإقليم). لذلك فسلطات الدولة المنتدبة لا تحمل خواص سلطات السيادة. ويمكن استخلاص إن الإنتداب معلق على شرط فاسخ، وهو تمام النضح السياسى للإقليم الخاضع للأنتداب، وهذا يعنى أن الأنتداب مهمة مؤقتة، وان نجاح الأنتداب يفقده سبب وجوده.
وقد أتفق القضاء الدولى على أن السيادة على الشعوب الخاضعة للإنتداب لا تنتقل بالإنتداب للدولة المنتدبة، ففى الحكم الذى أصدرته محكمة العدل الدولية فى 17/8/1952م فى قضية مواطنى الولايات المتحدة الأمريكية فى مراكش، ذكرت المحكمة أن وضع مراكش تحت الحماية الفرنسية بمقتضى معاهدة 1912م لم يحرمها من حقها فى السيادة، بل ظلت السيادة لمراكش، وكل ما أدت إليه الحماية أنها أنشأت نظاما ذا طبيعة تعاقدية تتولى فرنسا بمقتضاه ممارسة بعض مظاهر السيادة باسم ولصالح مراكش(). وأيدت المحكمة ذلك فى قضية إقليم جنوب غرب إفريقيا 11/7/1950م فقالت أن الدولة المنتدبة لا تستطيع أن تعدل بإرادتها المنفردة، المركز الدولى للإقليم موضع الأنتداب، ولا تعديل أية ألتزام من ألتزامات الإنتداب. واضافت أن نظام الإنتداب يتضمن ثلاث طوائف من الألتزامات الدولية، وأول وأهم هذه الطوائف، ماقصد بها تأمين وحماية مصالح السكان الأصليين، لأن جحر الزاوية فى نظام الأنتداب(أن خير ورفاهية وتقدم هذه الشعوب يشكل أمانة مقدسة)() لذلك فإن بطلان صك الإنتداب يقره ويؤكده الآتى:
1 – لا يترتب على فرض نظام الإنتداب زوال السيادة على الإقليم الخاضع للإنتداب، بل تظل السيادة ثابتة لشعب ذلك الإقليم.
2 – تنحصر مهمة الدولة المنتدبة، بالنسبة لفلسطين، فى تقديم المعونة والمشورة الإدارية بهدف تحقيق رفاهية وتقدم الشعب الفلسطينى، وهو ما لم تقدم به بريطانيا.
3 – أن الأستقلال كمظهر من مظاهر السيادة، لصيق بشعب فلسطين، ومقرر قبل النص عليه فى عهد العصبة، وأن وظيفة النص قد أقتصرت على مجرد (الكشف) عن الأستقلال والإعتراف به ووضع الإجراءات الملائمة للحفاظ عليه.
4 – إن الإنتداب كنظام دولى، يستمد أصوله من المادة (22) من عهد العصبة، باعتبار أن هذه المادة، دستوره والمرجع الأساسى له، ويمكن النظر إلى صك الإنتداب بإعتباره تطبيقا لنظام دولى نصت عليه المادة (22) من عهد العصبة، وأن كل مخالفة لهذه المادة تبطل ما بنى عليها من أحكام وما ترتب عليها من آثار.
5 – إن مخالفة الصك للمادة (22) من عهد العصبة تعنى تعديلا لعهد العصبة بغير ما نص عليه العهد من وسائل. فقد نصت المادة (26) من العهد على وسائل تعديل العهد وأستوجبت أن يصادق عليه كل من مجلس العصبة وأغلبية أعضاء الجمعية العامة بها، فإنه بالنظر إلى صك الإنتداب على فلسطين، نجد أنه لم يصدق عليه إلا مجلس العصبة، وهو بذلك لا يعد تعديلا للعهد. فإذا كان الصك مخالفا للعهد وجب إعمال المادة (20) من عهد العصبة، والتى تقضى بإلغاء كل ألتزام يخالفه، سواء كان ذلك سابقا أو لاحقا لإبرام العهد.
6 – إن مخالفة صك الإنتداب للمادة (22) تلغى التنازل التركى عن فلسطين، والذى تم بمقتضى المادة (16) من معاهدة لوزان فى 24/7/1923م. لأن عهد العصبة وقع فى 28/يونيو 1919م أصبح نافذ المفعول فى 10/1/1920م، كان موضوع اعتبار عندما تنازلت تركيا بعد ذلك بثلاث سنوات فى معاهدة لوزان عن أملاكها. ذلك أن تركيا تنازلت عن أملاكها الأسيوية وهى تدرك ان مصير هذه الإقاليم سوف يتم تنظيمه وفقا للعهد الذى نصت عليه المادة (22) من عهد العصبة على تحديد الغاية والوسيلة التى سيلتزم بها الحلفاء تجاه الإقاليم التى سلخت عن تركيا.
ولما كان الراجح وفقا لرأى كثير من الفقهاء وتطبيقا للعديد من الأحكام القضاء الدولى أن السيادة على الإقاليم المذكورة لا تنتقل إلى الدولة المنتدبة ولا إلى الحلفاء، فأنه يمكن القول بأن الحلفاء لم يتلقوا بمقتضى التنازل التركى فى معاهدة لوزان إلا اختصاص إدارة هذه الإقاليم وتنظيم مصيرها وفقا للمادة (22) من العهد. معنى ذلك أن مخالفة الحلفاء لهذا الاتفاق، يسقط عنها التنازل التركى عن هذه الأراضى المذكورة فى الاتفاق، وتحل تركيا من الاتفاق، لأن التنازل التركى معلق على شرط ، وهو تنفيذ ما ورد فى المادة (22) من عهد العصبة خاصا بتنظيم مصير هذه الإقاليم التى سخلت عن الخلافة العثمانية. وينتج عن ذلك أن الاستقلال الذى أعترف به العهد للإقاليم التى سلخت عن الخلافة العثمانية، يعطيها الحق أن تطلب إبطال هذا الاتفاق فيما يخالف فيه نية المتعاقدين – باعتبار أن شعب فلسطين يملك بحكم الاستقلال الذى أقره النص، التعبير عن إرادته فى المجال الدولى، تطبيقا لأحكام التوارث الدولى، ومن ثم يملك التمسك بالحقوق التى كانت تتمتع بها الخلافة العثمانية والمستمدة من هذا الاتفاق، ومن بينها التحلل من الألتزام إذا لم ينفذه الطرف الآخر، تطبيقا للرأى الراجح فى فقه القانون الدولى، والذى يحيز فسخ المعاهدة بالإرادة المنفردة لأحد الأطراف فى حالة إخلال أحد أطرافها بالالتزامات المقررة فى المعاهدة().
7 – لم تكن الدول العربية أعضاء فى عصبة الأمم عندما وافق مجلس العصبة على صك الإنتداب، لذلك فإن العرب لا يلتزمون به.
8 – مخالفة بريطانيا: لألتزاماتها الواردة فى رسائل حسين/ مكماهون بحقوق العرب فى الحرية والأستقلال عن الدولة العثمانية ومنح الدول العربية الأستقلال دون أستثناء بما فيها فلسطين، ولم يكن من ضمن تلك الألتزامات إنشاء وطن قومى ليهود فى فلسطين. وأكد ذلك تصريح مارك سايكس فى اجتماعه بالوفد العربى بالقاهرة فى 11 يناير عام 1917م. وإعلان اللورد اللنبى عند دخوله القدس منتصرا فى شهر ديسمبر عام 1917م، تصريح لويد جورج فى الخامس من يناير عام 1918م، فى اجتماع لنقابات العمال البريطانية. ورسالة اللورد بالفور إلى الشريف حسين بتاريخ 7 فبراير عام 1918م. والبيان الرسمى الصادر فى 22 يوليو 1918م عن وزارة الخارجية البريطانية ألقاه الكوماندر هوجارت عميد جامعة أوكسفورد فى اجتماعه مع بعض الزعماء العرب() ومع ذلك لم تلتزم بريطانيا بذلك. وقد خالف صك الإنتداب ألتزامات الدولية أخرى() منها النص على إلزام الدولة المنتدبة بتنفيذ تصريح بلفور وقد أثبتنا بطلان هذا التصريح فى المبحث الأول.
9- مخالفات صك الإنتداب التزامات دول الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية، وردت هذه الألتزامات فى العديد من الرسائل والتصريحات من الحلفاء للعرب وأهمها التأكيد البريطانى نيابة عن الحلفاء الذى صدر فى أكتوبر عام 1918م وقام السير أدموند اللنبى بإبلاغه للأمير فيصل وتضمن ألتزام الحلفاء بتحقيق رغباب الشعوب العربية فى الحرية والاستقلال. وأيضا البيان المشترك الذى صدر فى 7 نوفمبر عام 1918م عن بريطانيا وفرنسا جاء فيه النص على عزمهما على تحرير البلاد العربية وإتاحة فرص الحكم الذاتى والاستقلال لها، وأنهما لن يفرضا على شعوب هذه الدول نظام حكم معين، وأن أختيار الحكومات سيكون عن طريق شعوبهم() وأن دور الحلفاء يقتصر على تشكيل حكومات وطنية بناء على أنتخاب حر. والإعتراف بهذه الحكومات بعد قيامها. وتقديم المعونة والمساعدة لهذه الحكومات.
10 – ومن المبادئ التى خالفها صك الإنتداب مبدأ حق تقرير المصير: هذا المبدأ يعتبر حجر الزاوية فى تنظيم المجتمع الدولى بعد الحرب العالمية الأولى، ويتضمن هذا المبدأ فى داخله ثلاث مبادئ أولها أن أى تغيير إقليمى يجب أن يكون طبقا لرغبات الشعوب. وثانيها أن الشعوب حرة فى أختيار الحكومات التى تحكمها. وثالثها إن شعوب الإقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتى لها كامل الحق فى تقرير مصيرها(). وقد أكدت لجنة (كنج كراين) فى تقريرها فى 28/8/1919م على أن أغلب السكان يطلبون الوحدة السياسية لسوريا ومن ضمنها كيليكيا شمالا والصحراء السورية شرقا وفلسطين حتى رفح جنوبا. والأستقلال الناجز لسوريا. ورفض إقامة وطن قومى ليهود فى فلسطين والهجرة اليهودية().
مما يعنى أن اللجنة أعطت للشعب العربى فى سوريا بما فيها فلسطين حق تقرير المصير ومنحه الأستقلال، ومع ذلك فإن مؤتمر السلام لم يأخذ بهذا التقرير رغم تقديمه للمؤتمر من جانب الرئيس الأمريكى، بل قرر المؤتمر وضع فلسطين تحت الإنتداب البريطانى خلافا لرغبة الشعب الفلسطينى. وقد جاء ذلك بإيعاز من بريطانيا تنفيذا لوعودها للصهيونية ومنها تصريح بلفور فى 2/11/1917م. فى نهاية عام 1918م تقدمت وزارة الخارجية البريطانية بمذكرة إلى رئيس الوزراء البريطانى طلبت فيها عدم تطبيق حق تقرير المصير على فلسطين، لأن بريطانيا لن تنظر بعين الاعتبار إلى الأغلبية الموجودة فعلا فى فلسطين الآن والتى هى أغلبية عربية بنسبة أكبر من 90% من سكان فلسطين، بل سوف تنظر إلى أغلبية سوف تحققها وتخلقها فى المستقبل القريب من الشعب اليهودى طبقا لألتزاماتها نحو الصهيونية() مما يجعل الصك مخالف للمادة (22) من عهد العصبة.
11 – كما خالفت صك الإنتداب ذاته، وذلك من ناحيتين فى ممارسة الإنتداب. وفى أنهاء الإنتداب. فى ممارسة الإنتداب خالفت بريطانيا نظام الإنتداب وصك الإنتداب فى عدم إقامة حكومة وطينة عربية. التصرف فى أراضى فلسطين، وتمكين شعوب أجنبية من غزو فلسطين، ففى عدم إقامة حكومة وطينة عربية: تنص المادة (22) من عهد العصبة – وهذه المادة تعتبر دستور نظام الإنتداب- على ثلاثة ألتزامات تلتزم بها الدولة المنتدبة، أ – إن الإقاليم الخاضعة للإنتداب فئة (أ) تكون أمما مستقلة، وفلسطين ضمن تلك الفئة. ب – تنحصر مهمة دولة الإنتداب فى تقديم النصح المعاونة للإقاليم الواقعة تحت الإنتداب. ج – تستمر مساعدة الدولة المنتدبة للإقليم الخاضع تحت الإنتداب حتى يتمكن شعب هذا الإقليم من حكم نفسه بنفسه عندها ينتهى الإنتداب.
ترتيبا على ما سبق، يتبين أن بريطانيا الدولة المنتدبة على فلسطين قد أرتكبت عن عمد عدم تشكيل حكومة وطنية منتخبة انتخابا حرا فى فلسطين، ولم تكتف بذلك بل عرقلت ومنعت قيام مثل تلك الحكومة. عدم ترقية وتشجيع ومساعدة الشعب الفلسطينى حتى يقيم حكومة وطنية.
12 – من ضمن المخالفات التى أرتكبتها بريطانيا أثناء إنتدابها على فلسطين التصرف فى أراضى فلسطين. فقد كان العرب حتى عام 1918م يملكون من أراضى فلسطين نحو 000ر500ر13 دونم، أما الأراضى التى كانت تملكها الحكومة، البالغة 000ر000ر12 دونم وتسمى الأراضى الأميرية. أما يهود فكانوا يملكون 650 ألف دونم، أول ما فعله اللورد هابرت صمويل أول مندوب سام بريطانى فى فلسطين هو إلغاء القوانين العثمانية التى كانت تمنع يهود من أمتلاك الأموال الثابتة فى فلسطين وأستبدالها بقوانين جديدة تساعد وساعدت الحركة الصهيونية على تحقيق أهدافها. علما بأن المادة السادسة من صك الإنتداب كانت قد فرضت على الدولة المنتدبة، تشجيع حشد يهود فى الأراضى، بشرط عدم المساس بحقوق الفئات غير اليهودية. خالفت بريطانيا ذلك وأثبته كل من تقرير لجنة شو الذى نص على() وخالفت نص تقرير جون سمبسون عام 1930م () وايضا تقرير لجنة بيل عام 1937م () ورغم كل التحذيرات السابقة وغيرها الكثير، إلا أن حكومة الإنتداب أستمرت فى تشجيع تملك يهود للأراضى، وترتب على ذلك ألحاق أضرار كبيرة فى حق الفئات غير اليهودية، مخالفة بذلك نص المادة السادسة من صك الإنتداب والمادة (22) من عهد عصبة الأمم، يرتب بطلان تلك الإجراءات وصك الإنتداب.
13 – ومن ضمن المخالفات التى أرتكبتها بريطانيا أثناء أنتدابها على فلسطين تمكين شعوب أجنبية من غزو فلسطين عن طريق فتح باب الهجرة ليهود على مصرعية مما أدى لزيادة نسبة يهود فى فلسطين من 7% عام 1918م إلى 35% عام 1948م() من سكان فلسطين، مما أضر بالسكان العرب حيث أستولى هؤلاء إلى الأراضى العربية، وقد أثبت ذلك تقرير لجنة شو بل سمحت ليهود بتشكيل قوة عسكرية صهيونية بثت الرعب بين السكان العرب، ويمثل ذلك مخالفة لصك الإنتداب وعهد عصبة الأمم().
14- كما خالفت بريطانيا بريطانيا دولة الإنتداب على فلسطين قواعد أنهاء الإنتداب فى طريقة الإنسحاب من فلسطين. ومخالفة قواعد أنهاء الإنتداب. ففى طريقة الإنسحاب من فلسطين أنهت بريطانيا إنتدابها على فلسطين دون أن تحصل على موافقة الأمم المتحدة كما نص على ذلك عهد العصبة وميثاق الأمم المتحدة. ففى يوم 26/9/1947م أعلنت بريطانيا من جانب أنها فى سبيلها لإنهاء الإنتداب على فلسطين، وبدأت بالإنسحاب من المناطق اليهودية أولا وتركت ليهود كافة المواقع العسكرية بأسلحتها، مما مكن يهود من تنمية قدراتهم العسكرية، بينما فى المناطق العربية فعلت عكس ذلك تماما، فقد تواجدت القوات البريطانية حتى أخر موعد لإنسحابها، كما عمدت لعدم تسليم أهالى المناطق العربية أية وسيلة للدفاع عن أنفسهم كما فعلت مع يهود، أما المناطق المختلطة فقد عمدت بريطانيا تمكين يهود من تلك المناطق، لذلك لم يحل يوم 15/5/1948م آخر أيام الإنتداب البريطانى على فلسطين، حتى حصل يهود على أراضى أكثر مما خصصهتا لهم توصية التقسيم (181) مما يشكل أنتهاكا صارخا لصك الإنتداب وعهد عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة.
15 – كما خالفت قواعد أنهاء الإنتداب. فالإنتداب شرع لمساعدة الشعب الخاضع له للوصول إلى درجة من النضج السياسى تمكنه من حكم نفسه بنفسه، لذلك هناك ألتزام على الدولة المنتدبة بتحقيق نتيجة وغاية، ولا يسقط عنها هذا الألتزام إلا بتحقيق تلك الغاية، بوجود حكومة وطينة، ولكن بريطانيا لم تفعل ذلك ولم تسع إليه، فلم تشكل حكومة وطنية فى فلسطين تتسلم منها مقاليد الحكم والإدارة فى فلسطين، يترتب على ذلك إخلال بريطانيا بالتزامها ومخالفتها لصك الإنتداب وعهد عصبة الأمم. وقد عقدت عصبة الأمم أخر جلسة من جلساتها فى 8/4/1947م أى قبل أنهاء بريطانيا لإنتدابها على فلسطين، وقد ورثت الأمم المتحدة عصبة الأمم فى ذلك وغيرت المصطلح من إنتداب للوصاية، تطبيقا لذلك فقد صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 8/4/1946م ينص على أستمرار الدول المنتدبة فى أنتدابها حتى يتم توقيع اتفاق بين تلك الدولة والأمم المتحدة، وأن النصوص المتعلقة بالوصاية فى ميثاق الأمم المتحدة تحل محل النصوص التى كانت فى عهد عصبة الأمم، لذلك فإن ألتزامات الدول القائمة بالإنتداب لا تسقط بإنحلال عصبة الأمم طبقا للمادة (80) من ميثاق الأمم المتحدة التى نصت على أن الاتفاقيات القائمة والتى يكون أعضاء الأمم المتحدة أطراف فيها تظل سارية لحين عقد اتفاقيات الوصاية().
وفى 29/2/1946م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا دعت فيه الدول التى تتولى إدارة أقاليم خاضعة للإنتداب لتقديم مشروعات لاتفاقيات الوصاية التى ستحل محل الإنتداب، وهذا القرار سبق قرار أنهاء بريطانيا الإنتداب على فلسطين. وناشدت الجمعية العامة هذه الدول الأستمرار فى الإنتداب لحين عقد اتفاقيات الوصاية وموافقة الأمم المتحدة عليها. لكن بريطانيا أنهت أنتدابها على فلسطين وأنسحبت منها فى 26/9/1947م قبل أن تتخذ الأمم المتحدة قرارا بشأن فلسطين. أصدر مجلس الأمن قرارا فى 17/4/1947م نص على ضرورة قيام بريطانيا بعقد أتفاق بأنهاء الإنتداب، ومسئولية إقناع العرب ويهود بقبول توصية التقسيم، والأستفادة من قواتها للإشراف على التنفيذ، إلا أن المندوب السامى البريطانى غادر ميناء حيفا فى 15/5/1948م معلنا بأسم بريطانيا وبإراداتها المنفردة أنهاء الإنتداب على فلسطين. ترتيبا على ما سبق يتبين أن بريطانيا خالفت عهد العصبة وميثاق الأمم المتحدة وصك الإنتداب فى أنهاء الإنتداب على فلسطين بإرادتها المنفردة، ويشكل ذلك أنتهاكا للألتزامات دولية واجبة الأحترام والتطبيق.
المبحث الثالث
توصية التقسيم رقم (181) لسنة 1947م فى القانون الدولى
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى جلستها رقم (128) الدورة الثانية بتاريخ 29 نوفمبر عام 1947م التوصية رقم (181) لسنة 1947م وتكونت من مقدمة وثلاثة إجزاء الأول خصص لدستور فلسطين وحكومتها فى المستقبل، والجزء الثانى الحدود، والجزء الثالث لمدينة القدس وهى أطول توصية صدرت عن الأمم المتحدة() وقد ثار جدل قانونى حول هذه التوصية، على اعتبار ان الجمعية العامة لا تصدر قرارات بل توصيات غير ملزمة، أما مجلس الأمن الدولى فقراراته الملزمة تنحصر فى القرارات التى تصدر طبقا للفصل السابع من الميثاق، نعرض الطبيعة القانونية لكل ما يصدر عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ففيما يصدر عن الجمعية العامة ينقسم الفقهاء في القانون الدولي في مسالة الطبيعة القانونية لها لفريقين():
الرأي الأول: يري أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة تتمتع بقوة أدبية فقط والجزاء المترتب علي عدم تنفيذ القرار والإلتزام به جزاء أدبي فقط يتمثل في اللوم والصورة السيئة التي تلحق بالدولة العضو التي لا تلتزم بما يصدر عن الجمعية العامة وهي عبارة عن توصيات لا ترقي لمرتبة القرارات، ولكن ما يصدر من الجمعية العامة لباقي أجهزة الأمم المتحدة تكون قرارات ملزمة لتلك الأجهزة وتكون من الناحية القانونية قرارات وليست توصيات، وهذا هو الرأى الراجح فى الفقه والقضاء الدوليين وهذا ما نراه.
أما الرأي الثاني : فيري أن كافة ما يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يعتبر قرارات ملزمة لأنها تشكل الرأي العام السائد في المجتمع الدولي، وتعتبر عرف دولى مكتوب، لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتبر بحق برلمان العالم لأنها تشمل كافة دول المجتمع الدولي، لذلك فأن القرار الذي يصدر عن برلمان العالم يعتبر صدي لحكم القانون الدولي والشرعية الدولية، كما أن الجمعية العامة هي الجهاز العام للأمم المتحدة، لذلك يجب أن يكون ما يصدر عنه ملزما، سواء كان القرار الصادر موجه للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أم موجة لباقي أجهزة الأمم المتحدة، ويترتب علي عدم الإلتزام بها المسئولية الدولية في حق الدولة العضو التي لم تلتزم بما يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا رأى ضعيف فى الفقه والقضاء الدوليين.
أما القيمة القانونية لما يصدر عن مجلس الأمن، ينقسم الفقه الدولى لفريقين ():
الرأي الأول: يري أن كافة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ملزمة طبقا للمادة (24) من ميثاق الأمم المتحدة، لأن مجلس الأمن هو الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة، ويختص بكافة التبعات الرئيسية التي تحافظ علي السلم والأمن الدوليين، لذلك فكل ما يصدر عن مجلس الأمن قرارات لها طابع الإلزام حتي علي الدول التي ليست أعضاء في الأمم المتحدة، إذا كانت القرارات بشأن الحفاظ علي الأمن والسلم والدوليين، لذلك ترتب المسئولية الدولية في حق الدولة التي لم تلتزم بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن.
الرأي الثاني: يري أن القرارات الملزمة التي تصدر عن مجلس الأمن هي القرارات التي تكون بشأن الحفاظ علي السلم والأمن الدوليين طبقا للفصل السابع من الميثاق، ويترتب علي عدم الإلتزام بها المسئولية الدولية في حق الدولة التي لم تلتزم بالقرار، أما باقي القرارات فتأخذ حكم التوصيات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، لذلك لايترتب عليها المسئولية الدولية، وهذا هو الرأى الغالب فى الفقد والقضاء الدوليين.
ترتيبا على ما سبق، يتبين لنا أن توصية التقسيم الصادرة عن الجمعية العامة ليست قرارا ملزمة بل توصية غير ملزمة، فضلا عما أصابها من عوار قانونى نوضحه فى الآتى:
تعتبر توصية التقسيم رقم (181) لسنة 1947م الصادرة عن الجمعية العامة بشأن تقسيم فلسطين باطلة بطلانا مطلقا للأسباب التالية:
1 – مخالفة توصية التقسيم للفقرة الثانية من المادة الأولي ميثاق الأمم المتحدة الخاصة بمبدأ حق تقرير المصير للشعوب التى نصت على (أحترام المبدأ الذى يقضى بالمساواة فى الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها) لذلك فالجمعية العامة قد تجاوزت وذلك بعدم مراعاتها هذا المبدأ() وهو من المبادئ العامة والقواعد الآمرة في القانون الدولي التي لا يجوز مخالفتها ولا حتى الاتفاق علي مخالفتها طبقا للمادة (34) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م.
2 – مخالفة توصية التقسيم(181) للمادة(10) من ميثاق الأمم المتحدة التي نصت على (للجمعية العامة أن تناقش أية مسألة أو أمر يدخل فى نطاق هذا الميثاق أو يتصل بسلطات فرع من الفروع المنصوص عليها فيه او وظائفه، كما أن لها فيما عدا ما نص عليه فى المادة (12) ، أن توصى أعضاء الهيئة أو مجلس الأمن أو كليهما بما تراه فى تلك المسائل والأمور.) هذا النص يخول الجمعية العامة حق إصدار التوصيات دون القرارات، لذلك المصطلح القانونى السليم لما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة هو توصية التقسيم رقم (181 لسنة 1947م) أى توصية وليست قرار.
فضلا عن أن موافقة الكيان الصهيونى علي توصية التقسيم ورفض الدول العربية والفلسطينين لها، كان يستوجب عرض الأمر على محكمة العدل الدولية أو مجلس الأمن للنظر فى تطبيقه ضمن صلاحياته طبقا للفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة، لا يحق للجمعية العامة أن توصى أو تقرر ألتزاما أى شيئ بخصوص المسألة موضوع البحث تطبيقا للمادة (12/1) من الميثاق.
3- إن توصية التقسيم الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية لا يتفق مع القانون الدولى، لأن لم تذكر التوصية صراحة فى ثناياها أن مسئولية الحكم فيها للفلسطينين، فقد تعمد من صاغ التوصية أستخدام صيغة مبهمة قابلة للتأويل فلم تحدد التوصية جنسية تلك الدولة العربية، ولا جنسية رئيسها وذلك يعد خروجا وأنتهاكا لقواعد القانون الدولى، كما أن هناك فرقا بين مصطلحى الوطن القومى والدولة، فالأول يسمح بالإقامة فيه أناس من دون الحق لهم بإمتلاك السلطة، أما الثانى الدولة فهى عبارة عن أرض وشعب سيادة كاملة غير منقوصة.
3 – تخالف توصية التقسيم رقم (181) لسنة 1947م الفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق والتى نصت على ( ليس فى هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل فى الشئون الداخلية التى تكون من صميم السلطان الداخلى لدولة ما، وليس فيه ما يقتضى الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة فى الفصل السابع.) وهذه التوصية تعد تدخلا فى صميم الشئون الداخلية لبلد غير مستقل() لذلك تخالف توصية التقسيم مبدا عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول وهو من المبادئ العامة فى القانون الدولى.
4 – إن توصية التقسيم رقم(181) لعام 1947م مشوبة بالبطلان لأن هذا القرار لم يكتسب الدرجة القطعية ويصبح قراراً نهائياً بالنسبة لإجراءات الأمم المتحدة، وقد قام مجلس الأمن والجمعية العامة بإلغاءه ووقف تنفيذه حيث قرر مجلس الأمن بتاريخ 19/ 3/ 1948م بالقرار رقم (27) بأن مجلس الأمن ليس لديه الاستعداد لتنفيذ توصية التقسيم رقم(181) ويوصي بإعادة القضية الفلسطينية للجمعية العامة وفرض وصاية مؤقتة على فلسطين تحت وصاية مجلس الأمن، ولكن هذا الإجراء لم ينفذ كلياً أو جزئياً، إضافة لذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/ 5/ 1948م قرارها الثاني المتضمن إعفاء لجنة فلسطين من أية مسئوليات, نصت عليها المادة (2) من توصية التقسيم(181) والعمل على إجراء تسوية سلمية لمستقبل الوضع في فلسطين.
وبذلك تكون توصية التقسيم ملغاه وباطلة بشكل صريح وواضح, وإن وجود إسرائيل المستمد منها يعتبر وجوداً باطلاً, بل إن تدويل القدس باطل أيضا() ورغم ذلك في 15 أيار عام 1948م تجاهلت الصهيونية إلغاء الجمعية العامة توصية التقسيم(181) وأعلنت قيام دولة إسرائيل على الأراضي التي احتلتها في الفترة بين 29 نوفمبر 1947م و15 مايو 1948م
5 – مخالفة توصية(181) لمقاصد الأمم المتحدة المنصوص عليها في المادة الأولى الفقرة الثانية من ميثاق الامم المتحدة المتمثلة بالعمل على تنمية التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي للسكان في الأقاليم المشمولة بالوصاية وتقدم تطورها باتجاه الاستقلال وبما يتفق مع أماني شعوبها وتوطيد احترام حقوق الإنسان وفق ما جاء والمواد(76 و80 و77) من ميثاق الأمم المتحدة.
6 – توصية التقسيم(181) لسنة 1947م لا تشمل تدويل مدينة القدس، لأنها نصت في الجزء الثالث منها الفقرة الثالثة على أن هدف نظام التدويل بالدرجة الأولى هو حماية المصالح الروحية والدينية للأماكن المقدسة التابعة للديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية والموجودة داخل مدينة القدس بحيث يسود نظام ديني خاص، وليس أصباغ أي شرعية لغير الطرف صاحب الأرض وهم الفلسطينيون.
7 – تخالف توصية التقسيم مبدأ احترام الحقوق المتساوية للشعوب، ومبدأ حق المساواة في السيادة بين الدول الوارد في المادة الثانية الفقرة الأولي من ميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية المنصوص عليه في المادة الثانية الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة، وهى مبادئ عامة فى القانون الدولى لا يجوز مخالفتها أو حتى الأتفاق على مخالفتها، أى باطلة بطلانا مطلقا وهو أعلى درجات البطلان ويكون ذلك التصرف منعدم قانونا أى لا يترتب عليه آثار قانونية فى حق أى شخص من أشخاص القانون الدولى.
وبناء على ما ذكر فإن السيادة على مدينة القدس بشطريها تبقى من وجهة نظر القانون الدولي للشعب الفلسطيني رغم وجود الاحتلال الإسرائيلي فى القدس، ولا يمكن الأعترف لإسرائيل بالسيادة على أي جزء من مدينة القدس، لأنه مخالف لقواعد عامة في القانون الدولي تقضي بعدم إلزم الجمتع الدولي بالاعتراف بأي مكاسب أو تغييرات إقليمية تنجم عن استخدام القوة، وتحريم الأستيلاء علي أراضي الغير بالقوة، الوارد في إعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية وفق ميثاق الأمم المتحدة، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 24 أكتوبر 1970م والذي نص على أن (أي اكتساب إقليمي ينجم عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لن يعترف به كعمل قانوني) لأن الاحتلال لا يولد الحق().
إضافة إلى مبدأ حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية الوارد في المادة الثانية في الفقرة الرابعة من الميثاق نص على أن (يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة) وهذا يستوجب من المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بأي أثر قانوني عن العمل الذي انتهك قاعدة قانونية دولية آمرة، الواردة في المادة (53) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م التي نصت على (تعتبر قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام، القاعدة المقبولة والمعترف بها من الجماعة الدولية كقاعدة لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تغييرها إلا بقاعدة لاحقة من قواعد القانون الدولي العام لها ذات الصفة)().
ويترتب علي ذلك أن القاعدة الدولية الآمرة هي قاعدة أساسية من قواعد القانون الدولي العام وأن هناك التزام على الدول يقضي بعدم مخالفتها، لأنها تحمي وتحافظ علي مصالح المجمتع الدولي، ولهذا فإن مخالفة القاعدة الآمرة يترتب عليه ببطلان كل تصرف يأتي انتهاكاً لها().
أن القانون الدولي يهدف في جوهره تحقيق رسالة اجتماعية وسياسية، ومن هنا يتبين أن القواعد القانونية الآمرة جاءت متضمنة الإلزام كونها تمس هذا الجوهر في سبيل مصلحة المجتمع الدولي بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. من الواضح أن إسرائيل خرقت مبدأ احترام السيادة، ومبدأ منع اللجوء إلى استعمال القوة في العلاقات الدولية ومبدأ عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة، تلك المبادئ ما هي إلا قواعد قانونية آمرة وملزمة لجميع أعضاء الأمم المتحدة بعدم مخالفتها، رتب القانون الدولي جزاءً لخرقها في مقدمتها بطلان التصرف المخالف بطلاناً مطلقاً وعدم الاعتراف بما نتج من أوضاع إقليمية غير مشروعة، وهذا واجب قانوني يقع على عاتق جميع الدول حتى ولو لم يلحق بهذه الدول ضرراً، وقد تأيد ذلك في الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية لعام 1971م المتعلق بإقليم ناميبيا حيث جاء فيه (أن الأمم المتحدة تعتمد على الدول الأعضاء فيها في ضمان تنفيذ ما تتخذه من تدابير إزاء وضع غير مشروع من الناحية الدولية).
مما سبق يتبين بطلان قيام دولة يهودية أو إسرائيلية علي أرض فلسطين من النهر إلي البحر بما فيها القدس بكاملها الشرقية والغربية بطلانا مطلقا، لا يجيزه اتفاق الأطراف المعنية عليه، لمخالفته القواعد العامة الآمرة في القانون الدولي، ولا تمنحه شرعية كافة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة سواء من الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
وترتيبا علي ما سبق من البطلان المطلق لتوصية التقسيم 181/لسنة 1947م، بطلان كافة الآثار والأفعال التي ترتبت عليه، وكذلك بطلان كافة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تخالف ما سبق من قواعد عامة آمرة في القانون الدولي، وكذلك كافة التصرفات التي قامت بها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية كافة من النهر إلي البحر بما فيها القدس الشريف كاملة.
ونخلص مما سبق أن كافة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية وبخاصة القدس الشريف بشقيها الشرقي والغربي باطلة طبقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وأنها ارض محتلة تخضع لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م، وكافة قواعد القانون الإنساني الدولي المتعلقة بالأراضي المحتلة، فالوجود الصهيوني علي أرض فلسطين من النهر إلي البحر باطل بطلانا مطلقا يترتب علي ذلك أن قوات الاحتلال في فلسطين بما فيها القدس ليس لها حق الدفاع الشرعي إعمالا للقاعدة التي تنص علي ( لا دفاع شرعي ضد دفاع شرعي ) والتي التي تنص علي ( لا مقاومة لفعل مباح) وأن الفلسطينيين هم فقط الذين لهم حق الدفاع الشرعي ضد قوات الاحتلال في كافة الأراضي الفلسطينية من النهر إلي البحر بما فيها القدس الشريف كاملة بشقيها الشرقي والغربي، ولا يملك المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة تغيير هذا المركز القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشريف كاملة الشرقية والغربية().
الخاتمة
على مدار ثلاثة مباحث تعرضنا لدراسة الأسانيد التى يعتمد عليها اليكان الصهيونى فى بسط سيطرته على القدس الشريف والواردة فى إعلان أستقلال ما يسمى دولة إسرائيل فى 15 مايو 1948م، كل سند فى مبحث منفردا، وكل سند عرضناه على قواعد وأحكام ومبادئ القانون الدولى العام وعهد عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة، لنرى مدى شرعيته من عدمة، ففى المبحث الأول تمت دراسة تصريح بلفور المشهور سياسيا بأنه وعد بلفور، بداية تم تصحيح وتحرير المصطلح فوجدنا أن المصطلح القانونى الصحيح ليس وعد بلفور بل هو تصريح بلفور أو رسالة بلفور والأخير الأدق والأصح، لأن الوعد يجب أن يصدر ممن يملك ما يمكنه أن يوفى به وهو ملزم لصاحبه فى القانون ولكن بالنظر لما صدر عن بلفور هى مجرد رسالة أرسلها صديق لصديقه بصفة شخصية لأن الرسالة وجه لأحد الأشخاص الطبيعيين وليس أحد الأشخاص القانونية الدولية وهو روتشيلد أحد أثرياء يهود فى بريطانيا وهو صديق شخصى للورد بلفور، وأنتهينا إلى أن رسالة/ تصريح بلفور لا يعد من وجهة نظر القانون الدولى ألتزاما دوليا أو عمل قانونى بإرادة منفردة لأن بريطانيا لم تكن تملك فلسطين بما فيها القدس ولم تكن صاحبة سيادة عليها بل هى دولة احتلال والأحتلال لا ينقل السيادة لأنه واقعة مادية وليس تصرف قانونى لمخالفته الأحكام العامة والقواعد الآمرة فى القانون الدولى، لذلك رسالة بلفور عمل مادى وليس تصرف قانونى.
وفى المبحث الثانى تم إلقاء الضوء على صك الإنتداب على فلسطين بما فيها القدس الشريف، وتبين من خلال الدراسة أن صك الإنتداب جاء مخالف لعهد العصبة خاصة فى المادتين (20 و 22) من عهد العصبة، وقد خالفت بريطانيا أثناء فترة الإنتداب الهدف من الإنتداب بمساعدة إقليم وشعب فلسطين حتى يحكم نفسه بنفسه، فضلا عن أن بريطانيا فتحت باب الهجرة على مصرعية ليهود.
أما المبحث الأخير خصص لتوصية التقسيم وليس قرار التقسيم كما هو شائع لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة تصدر توصيات وليست قرارات، لذلك كان عنوان المبحث توصية التقسيم التى أصيبت بعوار قانونى كبير جعلها منعدمة فى نظر القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، ومشوبة بالبطلان لأن هذا القرار لم يكتسب الدرجة القطعية ويصبح قراراً نهائياً بالنسبة لإجراءات الأمم المتحدة، وقد قام مجلس الأمن والجمعية العامة بإلغاءه ووقف تنفيذه حيث قرر مجلس الأمن بتاريخ 19/ 3/ 1948م بالقرار رقم(27) بأن مجلس الأمن ليس لديه الاستعداد لتنفيذ توصية التقسيم رقم(181) ويوصي بإعادة القضية الفلسطينية للجمعية العامة وفرض وصاية مؤقتة على فلسطين تحت وصاية مجلس الأمن، ولكن هذا الإجراء لم ينفذ كلياً أو جزئياً، إضافة لذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/ 5/ 1948م قرارها الثاني المتضمن إعفاء لجنة فلسطين من أية مسئوليات, نصت عليها المادة(2) من توصية التقسيم(181) والعمل على إجراء تسوية سلمية لمستقبل الوضع في فلسطين.
المراجع
= الوثائق:
– نصوص الرسائل فى الوثائق الرئيسية فى القضية الفلسطينية، الجامعة العربية، الوثائق من 1 -10.
– الوثائق الرسمية للقضية الفلسطينية، الوثيقة رقم 18، ورقم 19.
-الوثاق الرسمية للقضية الفلسطينية، وثائق أرقام (من 17 – 32).
– موسوعة القضية الفلسطينة ص: 307. والوثائق الرسمية للقضية الفلسطينية، الجامعة العربية، الجزء الأول، وثيقة رقم (21).
– الموسوعة الفلسطينية، الوثائق الرسمية للقضية الفلسطينية، القسم الثانى المجموعة الثانية، 1915- 1946م، جامعة الدول العربية، القاهرة، 1957م.
– الوثائق الرئيسية للقضية الفلسطينية.
الوثائق البريطانية British Documents(1952)P:1277.
– الوثائق الرئيسية للقضية الفلسطينية، الوثيقة، رقم 29.
– الوثائق الرئيسية للقضية الفلسطينية، الوثيقة، رقم 30.
– الوثائق الرئيسية للقضية الفلسطينية، الوثيقة، رقم:38.
– محاضر جلسات المؤتمر الصهيونى السابع والعشرين عام 1968م، مترجم من العبرية والإنجليزية، الطبعة الأولى، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مركز الدراسات الفلسطينية والصهيونية بالأهرام، القاهرة، 1971م.
= الكتب:
– الدكتور/إبراهيم محمد العناني، الأمم المتحدة، القاهرة، عام 1985م.
– الدكتور/ أحمد حسن محمد أبو جعفر، دراسة نقدية فى قرارى الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 و 194 المتعلقين بالقضية الفلسطينية، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، عام 2008م.
– أحمد المرعشلى، الموسوعة الفلسطينية، الجزء الأول، هيئة الموسوعة الفلسطينية، دمشق، عام 1984م.
– الدكتور/ أحمد الساعاتى، التظورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى فلسطين فى عهد الإنتداب البريطانى 1918- 1948م، بحث قدم للمؤتمر العلمى الرابع … واحد وستون عاما، نظمته كلية الآداب بالجامعة الإسلامية بغزة، عام 2009م.
– أحمد غنيم، وعد بلفور .. بين عصبة الأمم وصك الأنتداب، مجلة قضايا إسرائيلية، العدد65، مؤسسة الأهرام الصحفية، القاهرة
– الدكتور/ السيد مصطفى أحمد أبو الخير، المبادئ العامة فى القانون الدولى المعاصر، دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، عام 2009م.
– النظرية العامة للتكتلات العسكرية طبقا لقواعد القانون الدولى العام، كلية الحقوق، جامعة الزقازيق، عام 2005م.
– فتوي الجدار العازل والقانون الدولي، دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، عام 2006م.
– الحرب الأخيرة علي غزة في ضوء القانون الدولي العام، دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2009م.
– القضية الفلسطينية فى القانون الدولى، دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، عام، 2012م.
– الدكتور/ أنيس فوزي قاسم، وعد بلفور في القانون الدولي، حلقة نقاش”وعد بلفور: مئوية مشروع استعماري.. أي مستقبل للمشروع الصهيوني؟!”، الذي أقامه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بالاشتراك مع المؤتمرالشعبي لفلسطينيي الخارج، والمركزالعربي الدولي للتواصل والتضامن، في بيروت، في 17/11/2017،
– بشير شريف يوسف، فلسطين بين القانون الدولى والاتفاقيات الدولية، دار البداية ناشرون وموزعون، عمان، الطبعة الأولى،2011م.
– بهجت أبو غريبة، صفحات من تاريخ القضية الفلسطينية حتى سنة 1949: الرؤية التاريخية وملامح تجربة ذاتية، ورقة قدمت إلى القضية الفلسطينية فى أربعين عاما بين ضرورة الواقع .. وطموحات المستقبل، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التى نظمتها جميعة الخريجين فى الكويت، بيروت مركز دراسات الوحدة العربية، 1989م.
– جلال يحى، مشكلة فلسطين والاتجاهات الدولية – أصولها وتطورهاوتعقدها وماولة إيجاد حلول لها، منشأة المعارف للنشر والتوزيع، الأسكندرية، 1965م.
– الدكتور/ حداد محمد، المعاهدات الدولية للسلام والآليات المرافقة لضمان تنفيذها، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة وهران 2، عام 2016م.
– الدكتور/ حسام أحمد هنداوى، الوضع القانونى لمدينة القدس، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001م.
– الدكتور/ حسن نافعة، الأمم المتحدة في نصف قرن، دراسة في تطور التنظيم الدولي منذ عام 1945م، سلسلة عالم المعرفة، العدد رقم (202) أكتوبر 1995م.
– دكتور/ حسن محمد حسين، بدايات شعر المقاومة فى مرحلة الإنتداب، شئون فلسطينية العدد 105 آب أغسطس، 1980م.
– حسين أبو النحل، قطاع غزة(1948- 1967م)، بيروت، مركز الأبحاث، 1979م.
– الدكتور/ خليل سامى مهدى، النظرية العامة للتدويل فى القانون الدولى المعاصر، دار النهضة العربية، 1996م.
– سحر الهنيدى، التأسيس البريطانى للوطن القومى لليهود 1920- 1925م، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 2003م.
– سعد بسيسو، إسرائيل جناية وخيانة ، لجنة كتب سياسية، رقم 82، القاهرة، 1958م
– شافية سبع، تطور الإنتداب البريطانى على فلسطين 1920- 1948، رسالة ماستر، جامعة محمد خيضر- قطب شتمه، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، قسم العلوم الإنسانية، الجزائر، عام 2015م.
الدكتور/سهيل حسين الفتلاوي، القانون الدولي العام في السلم، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2010م.
– الدكتور/ صلاح جبير البصيصى، دور محكمة العدل الدولية فى تطوير مبادئ القانون الدولى الإنسانى، المركز العربى للنشروالتوزيع، مكتبة دار السلام القانونية، الطبعة الأولى عام 2017م.
– صليحة لقويرج، مشروع تقسيم فلسطين فى هيئة الأمم 1947م والمواقف الدولية منه، رسالة ماستر، جامعة محمد خيضر، بسكرة، كلية العلوم الإنسانية، قطب شتمه، قسم العلوم الإنسانية، عام 2015-2016م.
– الدكتور/ طه الفرانونى، الصراع العربى الإسرائيلى فى ضمير دبلوماسى مصرى، دار المستقبل العربى، القاهرة، 1994م.
– الدكتورة /عائشة راتب، التنظيم الدولي، دار النهضة العربية، عام 1990م.
– عبد الغنى سلامة، المقدمات التاريخية والسياسية لوعد بلفور، قضايا إسرائيلية عدد (65).
– الدكتور/ عبد العزيز محمد سرحان، دروس فى المنظمات الدولية (مشكلة الشرق الأوسط) دار النهضة العربية، بدون سنة نشر.
– عبد العزيز عوض، القدس وسياسة الدولة العثمانية، دائرة المطبوعات والنشر، جامعة البتراء، الإردن، بدون سنة نشر.
– الدكتور/عبد العزيز محمد سرحان، مبادئ القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، مطبعة جامعة القاهرة، الكتاب الجامعي، 1980.
– عوض عبد العزيز، مقدمة فى تاريخ فلسطين الحديث، دراسة واقتراحات للحل، 131- 1914م، بيروت المؤسسة العربية للدراسات و للنشر، 1983م.
– على حسين خلف، الأطماع الأستعمارية البريطانية فى فلسطين، شئون فلسطينية، العدد 67، 1977م.
– الدكتور/ غازي حسن صباريني، الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع والإعلان، عمان، 1992م.
– كارل بروكلمان، تاريخ الشعوب العربية، تعريب نبيه أمين فارس ومنبر البعلبكى، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، بيروت، 1968م.
– كتاب الإنتداب إلى النكبة 1919م – 1948م، العدد الأول من دليل المعرفة، إصدار الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، معهد العلوم الاجتماعية، تحرير مكتب التثقيف المركزى، الطبعة الأولى آب/ أغسطس 2017م.
– كمال قبعة، مسئولية بريطانيا عن عدم شرعية وعد بلفور، مجلة شئون فلسطينية، العدد 166، شتاء 2016م.
– الدكتور/ مفيد محمود شهاب، المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثامنة، عام 1987م.
– الدكتور/ محمد سامح عمرو، محاضرات في قانون التنظيم الدولي، دار النهضة العربي، القاهرة، عام 1998/1999م.
– الدكتور/ محمد اسماعيل على السيد، مدى مشروعية اسانيد السيادة الإسرائيلية فى فلسطين دراسة فى إطار القانون الدولى العام، عالم الكتب، القاهرة، عام 1975م.
– الدكتورة/ مني محمود مصطفي، المنظمات الدولية الحكومية العالمية والنظام الدولي الجديد، دراسة تأصيلية للنظرية العامة في التنظيم الدولي وتأثير المتغيرات الأخيرة علي فاعلية الأمم المتحدة ، دار النهضة العربية، عام 1999م.
– الأستاذ/ نبيل عبد الله الفيومي، مسألة القدس والحل النهائي في القانون الدولي العام، علي شبكة الانترنت بالرابط: http://www.palvoice.com/forums/showthread.php?p=1760304.
– نزار أيوب، المركز القانونى لمدينة القدس، مؤسسة الحق رام الله، 2001م.
– نعمان عبد الهادى فيصل، الإنقسام الفلسطينى فى عهد الإنتداب البريطانى وفى ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، (دراسة مقارنة) رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، غزة، 2012م.
– هنرى كتن، قضية فلسطين، السلطة الوطنية الفلسطينية: وزارة الثقافة– رام الله، 1999م.
= المراجع الأجنبية:
– Cour International De Justice. Recuil des Arrets Avis Consultatifs ET Ordonnances. 1952.
– O’Connell. Economic Concessions in the Law of state succession. B.Y.B, 1957, p: 11 et seq. – Idem. Independence and succession to Treaties, B.Y.B. 1962. PP: 84- 180. – Kaeckenbeeck. G., the Protection of Vested right. In international Law B.Y.B 1936.
– Antonius, George, the Arab awakening, Hamish Hamilton. London. 1938.
– Sykes, Christopher. Cross Road to Israel. Collins, London. 1965.
– Hashem, Zaki., The Arab Case in Palestine twards the rule of law or the rule of force. L, Egypte Contemporarie. Societe, Egyptienne d,Economie Politique, de Stetistique et de Legislations.L.VIII eme annee No. 330. Le Caire, October, 1967.
– Smets, paul F., Conclusions des Accords en forme simpilife Etabllissement Emaile Bruxelles, 1969.pp.31-32. – Remec, Peter Pavel. The Position of the individual in international Law according to Crotius and Vattel. The Hague. 1960.
– Spiropoulos, J., L,individue et l,Droit International. Academie de D.I. Tome 30.
– Leonard stein, The Balfour Declaration, London, 1961.
– Lloyd George, the Truth about the Pease Vol.2, p1136 and Chaim Weizmann, Treal and Error: the Autobiography of chaim Weizmann, New York, Harper and Row, 1966.
– Ingrams SOREEN. Palestine Papers 1917-1922 scads of conflict. London 1972.
التعليقات مغلقة.