سورية وتركيا…ما ثمن التطبيع ؟ / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأحد 25/6/2023 م …

 تقترب  سورية وتركيا من تطبيع العلاقات بين البلدين، وتجاوز خلافات الماضي التي امتدت لعدة سنوات، في أعقاب فوز الرئيس التركي أردوغان  بولاية جديدة حتى عام 2028.




في خطوة جديدة نحو تطبيع العلاقات السورية التركية، ناقش نواب وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا وسورية في اجتماع أستانا “عناصر خريطة طريق لإعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة.

وعلى صعيد آخر إن تصريحات الأطراف المشاركة في اجتماع أستانا تعد بمثابة صفحة جديدة في العلاقات، لكنها لم تصل إلى مرحلة التطبيع، خاصة أنه لم يتم الحديث عن موعد عودة السفراء، إذ يبدو أن هناك بعض الشروط السورية لعودة علاقاتها مع تركيا.

في هذا السياق أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي للتسوية السورية، أن سورية وتركيا وإيران اتفقت على صيغة “خارطة الطريق” التي أعدتها روسيا للتطبيع العاجل للعلاقات بين دمشق وأنقرة.

وقال ألكسندر لافرينتيف، إن “جميع الأطراف وافقت بشكل عام على صيغة خارطة الطريق لدفع عملية التطبيع، وعبرت عن وجهات نظرها ومقترحاتها، والآن يجب التنسيق لتطبيق هذه الخارطة”، وأضاف أن هذه العملية ستستغرق بعض الوقت، مشددا على أن “الشيء الأكثر أهمية هو أن عملية التطبيع تمضي قدما… نحو الأمام. لا يجب المماطلة، والجميع متفقون على ذلك”.

ولأن السياسة الدولية لا تعرف إلا لغة المصالح وجدت تركيا إن مصلحتها تكمن في التوافق مع سورية وإن اتخاذ مواقف عدائية معها لا يحقق أهدافها ومصالحها، ومن هذا المنطلق وضعت دمشق عدة شروط للمصالحة مع تركيا ورئيسها المغامر أردوغان، وهي: خروج تركيا من الأراضي السورية ووقف دعم الإرهاب.

ما تريده تركيا من التطبيع مع سورية يتلخص في السعي إلى توفير مناخ آمن لبدء عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ونزع ورقة اللاجئين بالتالي من المعارضة التركية، وتستهدف تركيا من إعادة العلاقات مع دمشق الاتفاق على آلية مشتركة للتعامل مع  قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ووحدات حماية الشعب الكردية، اللتين تصنفهما أنقرة تنظيمين إرهابيين وتعتبرهما الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني، ليس لحماية الأمن التركي المباشر وحسب، ولكن أيضاً لمنع قيام كيان كردي قرب الحدود السورية، ولأن الوجود العسكري الأميركي في سورية وثيق الصلة بوجود الأكراد، يعتقد الأتراك أن التعاون التركي السوري سيسرع من عملية إخراج الأمريكان من سورية وذلك من خلال سيطرة الجيش السوري على المناطق الواقعة تحت نفوذ الأكراد.

انطلاقاً من ذلك يبدو أن قطار العلاقات السورية التركية قد انطلق في الاتجاه الصحيح، ولم يبق له إلا الوصول للمحطة الأساسية والأخيرة وهى التزام تركيا بشروط دمشق، حينها يلتقى الرئيس الأسد، ونظيره التركى أردوغان. 

ولا شك إن تركيا تدرك تماماً أن الدخول الى المرحلة القادمة يتطلب المرونة وتقديم بعض التنازلات ويبدو أن هذه القناعة هي التي عبر عنها الرئيس التركي، إن أنقرة تتوقع حدوث تطورات “في غاية الأهمية” خلال المرحلة المقبلة بشأن العلاقات مع دمشق

مجملاً….بالنظر إلى العلاقات التاريخية العميقة والتقارب الثقافي بين الجانبين، يمكن بسهولة استنتاج أن إصلاح العلاقات لن يكون أمراً صعباً، وستستعيد الدولتان قريباً علاقاتهما وتشرعان في عمليات تعاون مربحة للطرفين، وبما أن الظروف الإقليمية المتغيرة وتوازن القوى تتطلب تعديلاً في العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، فإن دول المنطقة سوف تتصرف وفقاً لذلك وتسعى إلى علاقات متناغمة، ومع كل هذا الزخم من التحركات الأخيرة، ستكتمل دائرة التطبيع في الشرق الأوسط. بالمقابل، بعد نجاح أردوغان في ولاية جديدة، فسيكون هامش حركة أنقرة أكبر في التعامل مع طلبات الحكومة السورية، لا سيما في مسألة سحب القوات التركية من سورية، وإيقاف دعم فصائل المعارضة المسلحة.

فالمأمول هنا آن تدرك أنقرة حجم مغامرتها  في سورية، وأن تبادر إلى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع  السوري، وأن تسارع بخطوات تنفيذ شروط دمشق وهي إنهاء احتلال سورية و الانسحاب منها فوراً خاصة بعد الصمود الذي سطّره جيشها في الشمال السوري.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.