ماذا يريد الأكراد ؟ / محمد محسن

 

محمد محسن * ( سورية ) الجمعة  26/8/2016 م …

..مـاذا يريـــــــــــــــــــــــد الأكـــــــــــــــــــــــــــــــــــراد ؟
………
هل محيطهم الديموغرافي والجغرافي يعطيهم الحق بالفدرالية ؟
…………
لقد سقـطوا كما سقـطت المعـارضات في ســـوء التقـــــدير؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نفس الظروف التي دفعت المعارضات السورية إلى اتخاذ مواقفها المتسرعة وغير المدروسة ، المنطلقة فقط من مواقع الحقد والتشفي ، والرغبة في اقتناص الفرصة لاعتلاء عرش السلطة ، ذاتها تمسكت بتلابيب القوى الانفصالية الكردية ، فكان من السهل أن يقعوا أسرى وعود الغرب الاستعماري وأدواته ، وبأن أياماً فاصلة معدودة والدولة السورية في خبر كان ، ثم تأتون على ظهور خيول رمادية من الدبابات الأمريكية أو التركية أو متعددة الجنسيات ــ أحمد الشلبي نموذجاً ــ . وبدون التبصر في دراسة الظروف الملابسة المحيطة بالواقع ، وما هي مرامي وأهداف كل دولة من دول حلف معسكر العدوان الإقليمية والدولية من هذه الحرب ، وهل يمكن لأي عاقل أن يصدق أن السعودية وقطر تريدان ارساء أنظمة ديموقراطية نموذجية في المنطقة ـــ تحاكي طبعاً انظمتهما السوبر ديموقراطية ـــ ، أو حتى أمريكا وكل دول أوروبا وأداتهم الحادة ” اسرائيل ” بأن همها الأول والأخير احلال الديموقراطية في العالم !!، ثم بعد ذلك ـــ يمشي الذئب والغنم ويتبخترون سوياً في اسواق الرياض ، وباريس ، وأنقرة ، وشيكاغو ــ.
لكن هؤلاء الأكراد الانفصاليين وحلفائهم ــ الذين كانوا ــ من المعارضة ، من الذين أكل الحقد عقولهم إلى الحد الذي أصيبوا فيه بخلل نفسي وبهشاشة في الشخصية ، وبات حتى ” المثقفين الشوفينيين منهم الذين كانوا يحملون الماركسية اللينينية على أكتافهم وينادون بها ليل نهار وبعالم واحد ، باتوا ينادون ” بكانتون كردي ” مقطع الأوصال وضمن بحر من المواطنين العرب في الشمال السوري ــ هذه المعارضة بكل مكوناتها حتى الكردية منها ، بدلاً من أن تتخذ من الحرب على ليبيا عظة وعبرة ودرساً مأساوياً تخجل منه الإنسانية ، وأن يدركوا أن مهمة دول العدوان تنحصر في سحق وتدمير وتمزيق الدول التي لا تنضوي تماماً ضمن قطعان الدول التابعة ، وبدلاً من اتخاذ محنة ليبيا عبرة وعظة ، اعتمدوها كنموذج يحتذى في انجاز أبشع عملية تدمير ممنهج وتشف وحشي من شخص القذافي ذاته بسرعة تحاكي الضوء وبأ قذر صورة عرفها التاريخ .
ذات الظروف التي تملكت على المعارضات عقولها ، ومن ذات المواقع ورغائب التشفي والحقد ، والسرعة في اقتناص الفرصة ، يضاف إليها الحقد الشوفيني العنصري الذي يسيطر على عقول الأغبياء من الانفصاليين الأكراد ، الذين كان بعضهم يتهم بعض العرب المتعصبين بالشوفينية ، كلها قادتهم إلى الوقوع في فخ الشعار الكاذب ــ الربيع العربي ــ كما المعارضات الرخيصة ــ ، فاستنجدوا بمحميات الخليج التي ستقدم لهم الوعي العقلاني العلماني على طبق من الريالات السعودية ، وأصبحوا أداة في أيدي أعداء الوطن أمريكا وحلفائها ، بعد أن منوهم بالمن والسلوى ، وبعد أن ساروا شوطاً طويلاً مع المعارضة السورية وإلى جانبها ، وعقدوا المؤتمرات في استنبول وأنقرة وأطلقوا التصريحات ضد وطنهم وشعبهم ، وفي ليلة ليلاء تمت تنحيتهم بل وطردهم من تلك البنيات المؤتمرية التآمرية ــ ورموهم في غياهب الجب ــ خارج تركيا ، كما رمي يوسف من قبل اخوته وزعموا أن الذئب قد أكله وهم الآن يؤكلون 
وبدون مبالغة أو تقليل وبحجم مقبول من الموضوعية ــ لأن لا موضوعية مطلقة ــ سنحاول دراسة تواجد المواطنين الأكراد في سورية .
في الستينات من القرن الماضي كانت نسبة تواجد الأكراد في القامشلي وريفها لا تزيد عن 10ــ 15في المئة ، ولكن وبعد الطغيان التركي عليهم ازداد نزوحهم بشكل متسارع ومضطرد وبنوا عشوائياتهم على أطرافها ، وبعد أن هاجرت أعداد كبيرة من المواطنين العرب ــ الآشوريين والكلدان والسريان وغيرهم ــ إلى الدول الاسكندنافية وبتشجيع مقصود من الغرب ” مع الأسف ” ــ كما هاجر الكثير منهم إلى مدن الداخل ، والذين كانوا يشكلون مع المواطنين الأكراد نسيجاً وطنياً رائعاً ومتنوعاً ، كانت حينها مدينة القامشلي من أجمل المدن السورية . وبعد اتساع الهجرة ازداد عدد الأكراد في القامشلي والقرى الصغيرة المجاورة لها وبخاصة المحاذية للحدود التركية ، وصولاً إلى راس العين ، حيث باتت نسبتهم وبحسب ” غوغل ” 26بالمائة ، وبعد راس العين تمتد القرى العربية من قرية سلوك وتل أبيض وعين عيسى ، وعين العروس وصولاً إلى عين عرب ــ كوباني ــ ذات الأغلبية الكردية ، ثم تأتي بعدها البلدات والمدن العربية ، جرابلس ، ومنبج ، والباب ، واعزاز وما بينها من قرى ذات الأغلبية الساحقة من العرب ، هذا يؤدي بطبيعة الحال إلى انقطاع ديموغرافي وجغرافي بطول يزيد على 500 كم ، حتى نصل إلى عفرين والقرى والبلدات التابعة لها وهي ذات غالبية كردية. 
أي أن المواطنين الأكراد يعيشون في شريط ضيق ومتطاول ومتقطع ، وضمن أحضان أكثرية ساحقة من المواطنين العرب ، 
وتقول مراكز الدراسات والأبحاث أن عدد الأكراد في سورية يتراوح بين /2 ــ 3 / ملايين سوري كردي جلهم موزع في المدن السورية وبخاصة في دمشق ، والغالبية العظمى من هؤلاء استعربوا ولقد قال ذلك ــ خالد بكداش الزعيم الشيوعي الكردي المعروف ــ حتى الكثيرين منهم باتوا لا يعرفون أية لغة كردية من لغاتهم الأربعة ، 
فهل للمواطنين السوريين الأكراد مصلحة في الانفصال عن الجسد السوري باي صيغة كانت ” فدرالية ” أو غيرها ضمن هذا الواقع الديموغرافي والجغرافي ؟
.
فضلاً عن أن جميع الدول الإقليمية الأربعة المحيطة به وبخاصة تركيا لن تقبل بذلك ، بل ستعمل على محاربته . 
لكن الذي بات معلوماً أن غالبية المواطنين العقلاء من الأكراد رفضوا هذا التوجه ونادوا بالعودة إلى العقل والتعقل ، وأن الوطن السوري يضم الجميع ، 
المحزن أننا جميعاً لم نتعظ من التاريخ ، ونتبين أن الغرب الاستعماري وهو يُمنّي الوحدات المجتمعية من الأقليات القومية أو الدينية بالمستقبل الزاهر ويشجعها على التمرد والانفصال ، كان يستخدمها كأدوات ، لأن أهدافه وغاياته كانت ولاتزال من حيث النتيجة أولاً واخيراً خلخلة المجتمع الواحد ، من أجل تحقيق مصالحه الاقتصادية والسياسية ، وبعد أن تلعب تلك المجموعات أدوارها لمصلحة الغرب الاستعماري ، وتنتهي صلاحيتها يتخلى عنها ويرميها كما ترمى نواة التمر . والأمثلة فاقعة ، لأن الغرب الاستعماري أهم صفة ملاصقة لنظامه السياسي الاقتصادي ” البراغماتية ” ــ المصلحية ــ أي يدور حيث تدور مصلحته وبعد انتهاء المصلحة يبحث عن البديل .
.
هذا ما سيكون عليه مصير هؤلاء الأغبياء من المواطنين الأكراد ، الذين وقعوا في فخ دول العدوان التي خلقت واستولدت طاعون الارهاب ــ والذي وقع العالم كله في فخه بعد أن دعمه الغرب وعملاؤه وساهموا في انتشاره كما ساهموا في استيلاده استناداً إلى فقه مملكة بني سعود المسروقة من عمق التاريخ ــ ، والذي استخدم كأداة حادة لتمزيق الوطن وتدميره ، لصالح أعداء الوطن بكل مكوناته .
لابد من الاقرار وبحد كبير من الموضوعية أن المكون الوطني الكردي لم يعطى حقوقه كباقي المكونات الوطنية من قوميات أخرى لأسباب ليس هنا مجال بحثها وتفنيدها ، ولكن لا يمكن أن ترى من افق الفدرلة أو سواها لأنه وكما أسهبنا لا يمكن تحقيق ذلك لأسباب موضوعية جغرافية وديموغرافية ، بل الواجب والحق والضرورة أن يمنحوا جميع حقوقهم التي يمنحها القانون لأي مواطن سوري ، ويعيشوا بطمأنينة إلى جانب جميع المكونات العربية وغير العربية الأخرى ، وتأمين كل اسباب التطور والتقدم ، شأنهم شأن الجميع بدون تمييز أو تفضيل ..
.
وبعد كل هذا لابد من الإقرار أن حملهم السلاح ضد جيشهم وأبناء جلدتهم ، هو عمل سيترك عقا بيل وكدمات لن تمحى بسهولة ويسر ، لأنها ان استمرت وسقط شهداء من هنا وشهداء من هناك سيتوسع الشرخ بين المكون الكردي والعشائر العربية المقيمة ، ولكن نأمل أن يجد العقل والتعقل طريقه إلى عقلائهم وأن يعلموا أنهم مجرد أدوات لتنفيذ مصالح مؤقتة لأعداء الوطن ، وبعد تأدية دورهم المرسوم سيلقون على قارعة الطريق . وسيندمون ساعة مندم .
نعم ذهبت المعارضات السورية إلى آخر الطريق حيث لا عودة ، لأنهم تحولوا إلى متسولين على ابواب سفارات الدول المشغلة ، يقتاتون على الأماني التي تبيعها لهم بالقطارة ، كما يتوسلون المال وأيديهم هي السفلى ، 
فهل هذا سيكون مصير المكون السوري الكردي كهذا المصير ؟ أم أنهم سيدركون ــ ونأمل سريعاً ــ أن العيش في كانتونات صغيرة في زمن التكتلات الدولية الكبيرة ، يبقى عرضة للتلاعب بمصيره من كل طارق . نأمل الاستفاقة ولو جاءت متأخرة وأن لا يعطوا أية زريعة لتركيا العدو المشترك التاريخي .
وعليهم أن يدركوا أن سورية العربية كان صدرها وقلبها يتسعان لكل قادم ، ويشهد لها تاريخها على ذلك ، فكيف بمكون أساسي من مكوناتها الوطنية .
……………………………
يأمل كاتب المقال ذلك ……….
ملاحظه ….. لأن كاتب المقال كان قد دافع عن /77 / سياسي كردي موقوف في الثمانينات من القرن الماضي لسنوات أمام محكمة أمن الدولة بصفته محام ، عندما قل الذين يجرؤون دخول المحكمة في حينه . وآمل أن تتذكر قياداتهم ذلك 
………………..
طبعاً مجـــــــــاناً ــــ وبـــدون منـــه ـــ

*محامي وكاتب سياسي عروبي / دمشق

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.