التدخل التركي المباشر في سورية بغطاء سياسي وجوّي أمريكي .. ماذا يعني والام سيؤدي؟

 

الأردن العربي – السبت 27/8/2016 م …

محمد شريف الجيوسي

يمعن النظام التركي بقيادة أردوغان على تغليب 3 خيارات ، أولها الخيار العقيدي  الإخوني بطبعته التركية الأردوغانية، وما يستتبع ثانياً من إساءة علاقاته مع دول الجوار ، ثم ثالثاً خيار التطابق مع المصالح الأمريكية عندما لا يتباين ذلك مع الخيارين آنفي الذكر ، رغم تناقض هذه الخيارات مع المصالح الوطنية والقومية التركية الحالية في كل مدياتها .

وقبل أن يقبل أردوغان على تنفيذ حملته باتجاه جرابلس، بذريعة محاربة إرهاب داعش ، تمكن فيما يبدو من خداع موسكو وطهران بأنه سينتظم في جهد مشترك معهما في محاربة الإرهاب،لكن مفهوم أردوغان للعصابات الإرهابية مختلف عن مفهوم إيران وروسيا، ويتطابق مع المفهوم الأمريكي، فكان الغزو التركي للشمال السوري، بغطاء جوي وسياسي من التحالف الدولي بقيادة  واشنطن،رغم التنافر الأمريكي التركي فيما يتعلق بما اصطلح عليه ( الانقلاب العسكري ) وما استتبع .

من الواضح أن أردوغان ليس جاداً في كل ما يظهر أنه مقبل عليه حول محاربة الإرهاب ، رغم الضرورات الأمنية والإقتصادية التي تفرض خياراتها عليه، وهو في كل خطواته البهلوانية لكن المدروسة على طريقته ، إنما يتخذها على خلاف قناعاته ، لإسكات تلك الجهات التي يتقافز إليها شخصياً أو مبعوثيه، حتى يتمكن من ضبط أوضاعه الداخلية ( إن إستطاع ) وعدم تفاقم الحالة الأمنية والإقتصادية،أكثر مما هي عليه من تفاقم ، ولأجل عدم فضح الإعلام لخطل سياساته وأبعاد ومخاطر تلك السياسات .

إن اردوغان كشخص وكحزب ودولة محكوم بالخطوط العريضة لمكتب الإرشاد العالمي وإن حاول أحيانا التملص من تفاصيل معينة محدودة لا تختلف والجوهر العام للتنظيم العالمي الإخوني، وهو محكوم في جانبه الآخر بحلف النيتو( وقد ترأست تركيا قوات النيتو في أفغانستان لفترة 6 أشهر عندما جاء دورها ولم يكن دورها أقل سوءاً من بقية أعضاء الحلف هناك.. وليس في نية أردوغان التخلص من هذا الميراث ، وطالما هو كذلك لا مانع لدى النيتو أن يصنع اردوغان وحزبه ونظام حكمه ما يشاء في الداخل وفي الجيش) ، وإن بدت تباينات محدودة هنا أو هناك.

ولا بد أن حلف النيتو وواشنطن والعواصم الغربية الإستعمارية معنية بأن لا يستكمل نظام حكم أردوغان استدارته الظاهرة نحو موسكو وطهران ،على إفتراض أن هذه الإستدارة فعلا لا تجري بتنسيق وتوزيع أدوار.. فالمرجح أن خليفة العثمانيين الذين فرطوا في عقودهم الأخيرة بأشياء كثيرة ، ليس على تلك الشجاعة والحنكة لهكذا إستدارة ذكية ، ولا هو على ذلك القدر من الوطنية التركية ليستيقظ فيه ضميره وإدراك أن مصالح تركيا الوطنية تقتضي بالضرورة تغيير نهجه المدمر لبلاده عما قريب، كما تدلل الأحداث اليومية هناك . 

دخول تركيا المباشر في الحرب على سورية بذريعة الحرب على الإرهاب يشبه إلى حد بعيد دخول السعودية المباشر ؛ اليمن للحرب على من اسمنتهم الحوثيين ، والنتيجة أن الحرب على اليمن ، كما نرى باتت تنتقل بالتدريج إلى داخل السعودية ، وباتت أطراف يفترض أنها صديقة للسعودية تحملها مسؤولية قتل المدنيين واستخدام أسلحة محظور استخدامها ، واليوم يطالب الرئيس اليمني السابق علي عبد صالح أحد طرفي المعادلة اليمنية المناهضة للحرب السعودية على بلاده ، روسيا بالمشاركة في الحرب على الإرهاب في اليمن ، وهو ما حدث تماماً عندما دفع تدخل التحالف الأمريكي في سورية ؛ روسيا للتدخل في صالح دمشق .

بهذا المعنى ،فإن تدخل تركيا النيتوية في سورية بغطاء جوي أمريكي سيوسع قاعدة الحرب وساحاتها (..) ، وسيدخل أطرافاً جديدة فيها ، وقد ينهي داعش ( التقليدية ) لكنه سيولد دواعش جديدة أشد تطرفاً ، وسيُدخل هذا التحول في روع الدواعش الجدد أن إنقلاب الأطراف الداعمة لها ممكن عند منعطف ما ، فتأخذ حيطتها ، وسيسقط التدخل التركي فرص التوصل إلى حلول سياسية ويجعل نتائج الحرب على الأرض هي الفيصل ، وستسقط احتمالات الحوار بين المعارضة (الوطنية) في الخارج والدولة الوطنية السورية، لأن العابرين إلى الصراع الجديد الآن ، لم يعودوا مضيّعين أو مضللين أو على قدر ولو محدود من الوطنية والمواطنة،ويكونوا بذلك قد حكموا على أنفسهم بالخيانة ، إلا من يقرر العودة ومغادرة ساحات التآمر التركية الأمريكية أو أي ساحة معادية أخرى . 

ونخال أن روسيا وإيران باتتا أكثر دقة في فهم المناورات ولعبات التسويف وكسب الوقت والكذب التركية الأمريكية النيتوية،بأمل قلب المعادلات على الأرض السورية،وعليهما أي إيران وروسيا  وأطراف أخرى قد تستجد (..)  البناء مجدداً على فهمٍ دقيق جديد.

دون ذلك سيعتبر المواطن العربي وغيره في المنطقة،أن هناك لعبة ما باتت تصاغ في المنطقة ، ليست في صالح الدولة الوطنية السورية، وقد بدأت الشكوك والهواجس ترتسم على وجوه الناس العاديين ؛ تؤرق الأذهان ، لكننا نستبعد أن يكون ذلك ممكنا ، فالقادة الروس والإيرانيين وغيرهم (..) على قدر عال من التصميم والفهم للطبيعة الإستراتيجية للحرب العدوانية الإرهابية الجارية ضد سورية والعراق واليمن ومصر وليبيا وغيرها ، ونتائجها وتداعياتها على هذه البلدان وعلى مجمل المنطقة والعالم.    

     

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.