الكف الفلسطيني والمخرز الإسرائيلي / محمد حسن التل
محمد حسن التل ( الأردن ) –الخميس 6/7/2023 م …
تثبت القيادات الإسرائيلية المتعاقبة من خلال الاحداث في فلسطين، أن عنجيتها تزيدها غباء وحمقا فهي على امتداد أكثر من سبعة عقود، تحاول بكل سبل القوة والبطش والتدمير إلغاء الشعب الفلسطيني واستئصاله من أرضه، ودائما تكتشف أن هذا الشعب لا يمكن أن يتنازل عن حقه في أرضه، وأن ما حدث في النصف الأول من القرن الماضي لن يتكرر، ومع هذا تضحي إسرائيل بأمن سكانها وهي تحاول إنهاء القضية الفلسطينية بالقوةوالبطش، ففي كل عقد من الزمن تواجه جيلا جديدا أكثر صلابة وأكثر عنادا في طلب حقه من الجيل الذي سبقه، ومع هذا لا تريد القيادات الإسرائيلية الحالية أن تفهم المعادلة، وغرها أن أسلافها نجحوا في إقامة كيان لهم على أرض فلسطين عام 1948، وأنهم يستطيعون سلب ما تبقى من فلسطين من أهلها محاولين استغلال الدعم الدولي في لهم، وانكفاء معظم العرب عن القضية، ولم تعد فلسطين بالنسبة لهم أولوية، وقالوا للفلسطينيين اذهبوا أنتم وربكم قاتلوا وحدكم، والبعض تمادى أكثر وأصبح جزءا من التآمر على الشعب الفلسطيني.
ما يحدث في جنين مجزرة حقيقية، تحدث أمام عالم منافق لا يسكت فقط على دم الضحية، بل يتهمها بالإرهاب والإجرام، كما جاء في بيان البيت الأبيض، الذي قال إنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها أمام الإرهابيين، والأرهابيون هنا شباب فلسطين الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشر والخامسة والعشرين في معظمهم، وهم يمثلون في المعركة الكف الفلسطيني الذي يواجه المخرز الإسرائيلي المدعوم من كل قوى الشر في العالم.
الجيل الذي يواجه الإسرائيليين في جنين اليوم ولد بعد مجزرة عام 2002في المدينة ذاتها، ومن المفروض كما يفكر الإسرائيليون أن المجزرة الأولى قضت على شعلة المقاومة هناك، لكن الظن خاب، لأن الجيل الذي ولد بعد المجزرة والتي كانت اسرائيل تظن انه لن يكون مهتما بما حدث قبل ولادته، وأنه سيبحث عن حياة مستقرة وهادئة،ويرضى بواقعة، لم يفاجئ إسرائيل وحدها، بل فاجأ العالم كله بإصراره وعناده وصلابته في ملاحقة حقه، وهنا يتجلى الحمق الإسرائيلي في الصراع وقصر النظر ، لأن إسرائيل لا تريد أن تقتنع أنها لن تستطيع الإنتصار في فلسطين، ولم تتعلم من دروس الصراع، ولا زالت ترهن أمن سكانها ووجودها بروايات تلمودية خرافية برؤوس حاخامات ومستوطنين موتورين جاءونا من خلف المحيطات.
معادلة الصراع في فلسطين تغيرت منذ زمن، وبات للشعب الفلسطيني شوكة تستطيع أن تؤذي الإسرائيليين في مقتل، لأن الشعلة تولاها شبان لا يعرفوا في حياتهم إلا مقارعة عدوهم ،ولم يداعبهم أي حلم إلا حلم الحرية والتحرير بعيدا عن القيادات الهرمة التي شابت وانحنت وهي تستجدي وهم السلام من إسرائيل ولو كان ذلك بدون ثمن.
إن الفلسطيين قرروا منذ زمن مواجهة الإسرائيلي حتى لو كانت الاثمان كبيرة وباهظة متسلحين بإيمانهم بالنصر، لأنهم يؤمنون أن الله سينصرهم وان طال الزمن..
ما يحدث في جنين وكل فلسطين كشف سوءة النظام العربي الرسمي، وأظهره كم هو عاجز وضعيف ومسلوب الإرادة أمام إرادة شبان لا يملكون الا ايمانهم بنصر لله، ويقينهم انهم في النهاية سينتزعون حقهم من عدوهم مهما طال زمن القهر..
التعليقات مغلقة.