رئيس جمعية محبي “الشيخ إمام” يتحدث عنه في ذكراه: كان عفّ اللسان عنيدا في الحق محبا للأغاني الثورية التي تحرّض على المقاومة .. قصة تقبيل الشيخ رفعت يده.. تونس كانت الأكثر حبًّا له واحتفاءً به / محمود القيعي

الأردن العربي – السبت 8/7/2023 م




كان الشيخ إمام يمثل ظاهرة فريدة في الحياة الفنية والثقافية والسياسية في مصر والعالم العربي.
استطاع بموهبته وإخلاصه لفنه ولمجتمعه أن يلهب حماس الجماهير العربية بأغانيه التي لا تنسى، ورددتها الشعوب جيلا بعد جيل.
من ينسى أغنيته البديعة “يا فلسطينية” التي تقول كلماتها:

“يا فلسطينيه والبندقاني رماكو
بالصهيونيه تقتل حمامكو في حداكو
يا فلسطينيه والبندقاني رماكو
بالصهيونيه تقتل حمامكو في حداكو
يا فلسطينيه وانا بدي اسافر حداكو
ناري في ايديه وايديه تنزل معاكو معاكو
على راس الحيه وتموت شريعه هولاكو”.
في السطور التالية وبمناسبة ذكرى ميلاده( 2 يوليو 1918) تحاور” رأي اليوم “
الأستاذ سيد عنبة أحد المقربين من الشيخ إمام في سنواته الخمس الأخيرة، ومؤسس ورئيس جمعية “الشيخ إمام “، ذلكم الشيخ الذي ملأ الدنيا وشغل الناس!
ما الذي لا يعرفه الناس عن الشيخ إمام؟
ربما لا يعرف الكثيرون عن الشيخ إمام أنه كان عفّ اللسان، وعنيدا جدا فيما يعتقده حقا وصوابا.
كان يغار جدا على فنه، و لو طلب منه أحد أداء إحدى الأغاني وهو لا يحفظ كلماتها بنسبة مائة في المائة يرفض غناءها؛ حتى لا يظهر بمظهر غير المتمكن من فنه، لافتا إلى أنه كان حريصا على الظهور دائما بشكل كامل ولائق.
كان حريصا على الاعتكاف في شهر رمضان كله.
وردا على سؤال:
هل كان الشيخ إمام يرى دورا سياسيا واجتماعيا للفنان؟
أجاب “عنبة”:
الذي كان يقود المسيرة ومنظرا أحمد فؤاد نجم. ولكن نستطيع أن نقول إن الخط العام للشيخ إمام أنه كان مع” الغلابة”.
وأذكر أنه سئل ذات مرة: أنت شيوعي؟
فأجاب: إذا كانت الشيوعية حب الناس والاختلاط بهم، والتعاطف معهم ومع قضاياهم، فأنا شيوعي.
وعن أحب أغانيه إلى قلبه؟
قال: إنه كان ذكيا، عندما كنت أجلس معه في جلسة ما، كان يسألني عن نوعية الحضور، من هم؟ هل فيهم نساء وأطفال؟
وبناء على الإجابة كان يختار ما يغنيه مما يناسب الحضور.
كان يتعامل مع الأماكن حسب نوعها: في مدرج بالجامعة وسط طلبة أو في حزب التجمع؟ أو مع عائلة؟ أو مع موسيقيين كبار؟
وكان يتعامل مع كل حالة حسب المقام.
وردا على سؤال عن رؤيته لفلسطين؟
قال عنبة: غنى الشيخ إمام لفلسطين أكثر من مرة، وكان حريصا على أداء الأغاني الثورية التي تحض على المقاومة، وكان رجلا عروبيا قوميا ثوريا يتوقد حماسة ووطنية.
عندما تراه للوهلة الأولى تظنه ضعيفا ضئيلا، لكن عندما يمسك بالعود ويغني لحنا مملوءا بالحماس، يبدو كالمارد.
وردا على سؤال: هل كان يشعر بالمرارة مما تعرض له من ظلم واعتقال؟
قال “عنبة”: سألته ذات مرة سؤالا في آخر أيامه في هذا المعنى؟
فأجاب قائلا: “يا أبو السيد، أكاد أبكي مما أنا فيه، عندي شقة أوضة وصالة ودورة مياه، بها سخان، وأقدر أستحمى في اليوم مرتين”.
كان يرى في ذلك نعمة كبيرة، مؤمنا بأن ثروته في حب الناس، وكان حريصا على المشي على رجليه في الحواري ” حوش قدم” ؛ليبادل الناس حبا بحب.
ألم يتزوج؟
تزوج مرة وحيدة لمدة شهر، عندما كان في “حوش قدم” يقرـ القرآن في البيوت والحوانيت، قبل أن يتعرف على نجم.
أرادت أمه أن تزوجه، فرفض قائلا إنه على دراية بالنجوم والطالع، ويرى أنه لا وفاق معها.
فأصرت الأم على زواجه، وساعدته، وأعطته جهازها.
وحدث الزواج، وكان يقيم بحوش قدم، ويذهب لزوجته في أبو النمرس مرتين في الأسبوع، لكن في نهاية الشهر طلبت زوجته الطلاق، وقالت له ما نصه:
” أنا عايزة واحد أشوفه ويشوفني “. ( أراه ويراني).
وتم الطلاق، ولم ينجب منها.
وعن علاقته بالقرآن، قال: كان حافظا وقارئا للقرآن بقراءته السبع، وفي رمضان 1980 طلبت منه الأستاذة صافي ناز كاظم تسجيل القرآن الكريم كاملا ففعل، وتم تسجيله على 24 شريطا بصوته مرتلا.
وأعطتني الأستاذة صافي ناز كاظم الأشرطة للحفاظ عليها فقمت برقمنتها.
كان- رحمه الله – شغوفا بصوت الشيخ محمد رفعت فكان حريصا على الذهاب إلى أحد المقاهي، لسماع القرآن الكريم بصوت الشيخ رفعت من المذياع.
وعن قصة لقائه بالشيخ محمد رفعت، قال: في الفترة التي كان يتعلم فيها القرآن الكريم في “أبو النمرس” وكان سنه أقل من 12سنة، كان عمه يأخذه كل أسبوع مشيا على الأقدام من أبو النمرس إلى درب الجماميز بالسيدة زينب حيث جامع الشيخ فاضل، وكان الشيخ رفعت هو قارئ الجمعة في هذا المسجد.
وذات مرة، قدّمه عمه إلى الشيخ رفعت، وقال له: دا ابن أخويا وبيحفظ القرآن، وبيحب صوتك.
ولما عرف الشيخ رفعت أن الشيخ إمام كفيف مثله، سلم عليه وقبّل يده، فزاد حبه بالشيخ رفعت وتعلق به.
امتهن قراءة القرآن في الدكاكين، وذات مرة، وهو يقرأ القرآن في أحد محلات الحلاقة، سمعه عالم الموسيقى درويش الحريري، وأعجب به.
فلما سأل الشيخ إمام عن هذا الشخص، قيل له إنه الشيخ درويش الحريري، فأمسك بيده ، ورجاه أن يعلمه المقامات الموسيقية.
فسأله الحريري: عندك استعداد؟
قال له: نعم.
فتبناه وعلمه أصول المقامات.
وردا على سؤال: برأيك أي الشعوب العربية كانت الأكثر احتفاء بالشيخ إمام؟
قال الأستاذ “عنبة”: تونس، لأن الشعب التونسي فنان بطبعه، احتفى بأم كلثوم احتفاءه بالشيخ إمام.
أذكر أن اتحاد الشغل وجه للشيخ إمام دعوة لزيارة تونس عام 1984، فتم منعه في المطار من الدخول، فتواصل اتحاد الشغل مع الوزير المسؤول، وقال له:
لو لم يتم السماح بدخول الشيخ إمام، ستحدث مشاكل كبيرة، فاضطرت الحكومة إلى الموافقة على دخوله، وبيعت كل تذاكر الحفلة، وتم استقباله استقبال الفاتحين، وتم حمله على الأعناق ، ومر موكبه أمام وزارة الداخلية.
ويكفي للتدليل على حب الشعب التونسي له ،أنه زار تونس أربع مرات،وهو ما لم يحدث مع بلد عربي آخر.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.