متى ستنهض مِصر من سُباتها وتعود لشُغل دورها الحقيقي في قيادة الأمّة العربية؟ / د.أوس نزار درويش

 




الأردن العربي – الأربعاء 12/7/2023 م … 

أنا كشخص قومي عربي عقيدتي الاساسية هي القومية العربية اكثر مايشغل بالي ويشعرني بالتشاؤم احيانا هو حالة الضعف والتشرذم والفوضى التي يعيش بها العرب حاليا هذا الضعف تعود اسبابه وبدرجة كبيرة الى عمالة الكثير من الانظمة العربية وتبعيتهم للمشاريع الامريكية والصهيونية وغياب المشروع العربي المشترك والسبب الاهم هو غياب دولةقائد للامة العربية وبالتحديد الدولة العربية الاكبر وهي مصر
فمصر ومنذ كامب ديفيد ابتعدت عن دورها الاساسي في قيادة الامة العربية ولكن بشكل جزئي وصولا للسنوات الاخيرة وبالتحديد بعد احداث مايسمى زورا بالربيع العربي والتي غابت مصر تماما وابتعدت عن لعب اي دور مؤثر وهذا يعود وبرايي الشخصي الى تماشي القيادة المصرية مع مايطلبه الكيان الصهيوني في كثير من الامور ومنها تشويه سمعة الفلسطينيين عن طريق البعض من وسائل الاعلام المصرية الرسمية والتي عملت منذ سنوات عديدة على شيطنة الفلسطينيين حتى وصل الامر بالبعض منهم الى وصف حركات المقاومة في فلسطين وفي لبنان بالارهابية وكثيرا ماراينا القيادة المصرية تسعى بكل جهدها للضغط على المقاومة الفلسطينية في غزة لايقاف اطلاق الصواريخ على المستوطنات الصهيونية بطلب من الحكومة الصهيونية .
وبالرغم من كل هذا فالكيان الصهيوني يتامر على مصر بشكل كبير من خلال المشاريع التي يقوم بها ويدعمها وهذه المشاريع تستهدف مصر وشعبها ووجودها المستقبلي وتتهددها بالفناء والفقر والخراب واهم هذين المشروعين هما
سد النهضة الاثيوبي والذي يسمى بسد الالفية وهو من اكبر واضخم السدود في العالم .بدات اثيوبيا ببنائه على النيل الازرق عام 2011 بطول 1800م وبارتفاع 145 م ومن المتوقع الانتهاء من الملء الثالث للسد عام 2023 بطاقة تخزينية 74 مليار م مكعب
وفي الواقع ان فكرة السد هي فكرة صهيونية بالاساس فالكيان الصهيوني هو من شجع اثيوبيا لبناء هذا السد وبتمويل من بعض الانظمة الخليجية وللاسف الشديد .خطر السد على مصر والسودان خطر وجودي في الزراعة والمناخ والثروة السمكية والتنوع البيولوجي والتوزع الديمغرافي للمصريين ونقص حاد بالمياه الجوفية ويزداد الخطر حسب علماء الجيولوجية بحال انهيار السد وهذا متوقع اذ ستمحى مدن بالكامل في السودان ومصر وربما ينهار السد العالي وفي الحقيقة بناء سد النهضة تتحمل مسؤوليته وبدرجة كبيرة القيادة المصرية الحالية والتي ابدت كثيرا من التراخي والتهاون مع الجانب الاثيوبي والذي كان يراوغ مع الجانب المصري في جولات المفاوضات ليكسب الوقت ويكمل بناء السد وكان يتوجب على القيادة المصرية ان تقوم بهدم هذا السد باستخدام القوة العسكرية لان سد النهضة هذا سيشكل خطراكبيرا على الامن القومي المصري في المستقبل القريب.
اما المشروع الصهيوني الاخر الذي يستهدف مصر بشكل فعلي ومباشر وهو موضوع بدء الكيان الصهيوني ببناء قناة بن غوريون والمخطط لها ان تكون بديلة لقناة السويس وقناة بن غوريون هذه تبدا من مرفا ايلات على البحر الاحمر الى المتوسط كما انها قناة راجعة من المتوسط الى ايلات وهنا تكمن الخطورة على مستقبل قناة السويس باعتبار قناة السويس باتجاه واحد وحركة عبور السفن يوم بيوم بينما قناة بن غوريون باعتبارها باتجاهين لاتوقف لحركة وعبور السفن ابدا وتمر بها اكبر السفن التجارية في العالم بطول 300 م
وفي الواقع ان مشروع قناة بن غوريون ليس وليد اليوم بل مخطط له منذ فترة طويلة ومايؤكد كلامنا مانشرته قبل عامين صحيفة بيزنس انسيدير عن وثيقة امريكية تم توقيعها عام 1963 وتم الكشف عنها عام 1996 وكانت تتضمن شق قناة من صحراء النقب في فلسطين المحتلة وتربط البحر المتوسط بخليج العقبة وتمتد الى البحر الاحمر والمحيط الهندي وهذه القناة كانت من افكار تيودور هيرتزل في كتابه الارض الموعودة القديمة الجديدة لكن مااعاق تنفيذ هذه الخطة وقتها رفض الدول العربية لها اما الان فترى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ان هذا الوقت انسب وقت لشق هذه القناة بسبب الواقع العربي المزري والحرب الارهابية التي شنت على سورية التي تعتبر قلب العروبة النابض واتجاه اغلب انظمة الخليج للتطبيع مع الكيان الصهيوني والسبب الاهم هو ضرب مصر والقضاء عليها قضاء مبرما بسبب ان العدو الصهيوني مازال يخاف من مصر وقبل شهرين وصفها احد الكتاب الصهاينة في صحيفة يديعوت احرنوت وهو غال برغر ان مصر هي العملاق النائم والذي نخشى ان يستيقظ لذلك يجب ان نعمل على اضعاف مصر قدر الامكان.وهذا مايعمل عليه الكيان الصهيوني من خلال دعم اثيوبيا ضد مصر في موضوع سد النهضة وحاليا البدء بشق قناة بن غوريون لتكون بديلة لقناة السويس .
بعد كل هذا الم يحن الوقت للقيادة المصرية لان تستفيق من سباتها العميق وتنهض لقيادة الامة العربية.
وان نهضة مصر تتطلب اولا وبالدرجة الاولى تحسين الاوضاع الداخلية الاقتصادية فمصر تعاني من اوضاع اقتصادية مزرية والحل هو بالقضاء على الفساد ودعم الاقتصاد المصري ببناء خطة اقتصادية مصرية واضحة يكون الاعتماد فيها على الخيرات المصرية والتركيز على الصناعة والتصنيع والابتعاد شيئا فشيئا عن المساعدات الامريكية والخليجية لان هذه المساعدات تستخدم لشراء مصر ولابتزازها السياسي في كثير من الامور وفي الواقع ان مصر قادرة تماما على بناء اقتصاد قوي والاستغاء عن المعونات الخارجية فمصر فيها الكثير من الخيرات وشعبها شعب منتج ومبدع في كل المجالات ولكن انتشار الفساد فيها وبشكل كبير وتفشي ظاهرة راسمالية المحاسيب بالاضافة الى عدم وجود خطة اقتصادية مصرية فالاقتصاد المصري هويته غير معروفة فلهذا الاقتصاد المصري اقتصاد عشوائي وفوضوي ويتجه شيئا فشيئا لتطبيق النموذج الاقتصادي النيولبرالي المتوحش كل هذا ساهم في تدهور الاقتصاد المصري بطريقة كبيرةبحيث اصبح الاقتصاد المصري يعتمد فقط على المساعدات الامريكية والخليجية وهذا ماساهم في ارتهان الموقف المصري لصالح هذه الدول
وبالدرجة الثانية تتطلب نهضة مصر باستعادة موقعها الحقيقي في قيادة الامة العربية وذلك بالغاء معاهدة كامب ديفيد لان هذه المعاهدة هي سبب ويلات ومصائب مصر ونحنا كما اشرنا في هذا المقال بانه رغم وجود هذه المعاهدة فان الكيان الصهيوني يتامر على مصر لتخريبها والقضاء عليها ويتجلى هذا من خلال دعم اثيوبيا في موضوع سد النهضة ومن خلال بناء قناة بن غوريون لتكون بديلة عن قناة السويس
وايضا يجب على الحكومة المصرية ان تعطي مجالا اكبر لحرية الراي وتبتعد عن اسلوب تكميم الافواه في سجن الصحفيين والاكاديميين والناشطين السلميين ومنهم من اشعل ثورة 30 يونيو 2013 ولولاهم لما كان السيسي رئيسا للجمهورية كالناشط السياسي علاء عبد الفتاح المسجون منذ تسع سنوات ويعيش حاليا في اوضاع صحية مزرية في ظل اضرابه المتواصل عن الطعام وعن الشراب مع انه لم يرتكب اي جرم حتى انه لم يعارض النظام بشكل حقيقي ومع هذا ترفض الحكومة المصرية الافراج عنه.
وبعدها يتحتم على مصر ان تعود لدورها الحقيقي في قيادة الوطن العربي من خلال دعم القضية الاساسية للعرب وهي القضية الفلسطينية وفي حل كل المشاكل العربية فالمشكلة الحقيقية حاليا في الوطن العربي انه تم اشغال الدول العربية الرئيسية وهي مصر بمشاكلها الداخلية والعراق بعد عام 2003 بالارهاب وبالمشاكل الداخلية وسورية قلب العروبة النابض والعمود الفقري للوطن العربي بالحرب الارهابية الصهيونية المفروضة عليها منذ عام 2011
فمصر هي الشقيقة الكبرى للعرب وعودتها لشغل دورها في قيادة العرب سيعطل كل المشاريع الهدامة للكيان الصهيوني وهذا مانرجوه ونتمناه في المستقبل القريب. فقط مايحتاجه العرب هو معاداة الكيان الصهيوني والابتعاد عن الولايات المتحدة وقد راينا قبل فترة امر يدعو للتفاؤل بتمرد سعودي على القرار الامريكي واتفاق السعودية مع روسيا في اوبك بلس في ان يكون انتاج النفط اليومي مليوني برميل وهذا شي يدعو للتفاؤل ونتمنى الاستمرار فيه لان البديل عن هذا سيكون بديلا مظلما ومشاريع ومخططات صهيونية لتدمير العرب ولكن هذا لن يكون لان الامة العربية امة عظيمة وذات رسالة خالدة وهذه الايام العصيبة المزرية ستمر وستنتهي وسينهض العرب لبناء امتهم من جديد وباذن الله
كاتب وباحث سياسي عربي سوري وأستاذ جامعي في القانون العام

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.