تفويض إسرائيلي لرام الله بـ«البطش» | السلطة تبدأ العمل: اعتقالاتٌ بالجملة / رجب المدهون
رجب المدهون ( فلسطين ) – السبت 15/7/2023 م …
في الوقت الذي أقرّت فيه دولة الاحتلال بإعطاء السلطة الفلسطينية مساحة للعمل الأمني في الضفة الغربية المحتلّة، ضمن خطّة لتقوية الثانية وتأهيلها لمواجهة المجموعات المقاوِمة هناك، بدأت رام الله، بالفعل، تكثيف حملة الاعتقالات التي كانت قد شرعت فيها منذ بداية العام، والتي تصاعدت بسرعة بعد العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر أمنية في السلطة، فإن الأخيرة ستطلق، خلال الأيام المقبلة، عمليات اعتقالات موسعة ضدّ كوادر من المقاومة في منطقة شمال الضفة وتحديداً منطقة جنين، توازياً مع فرض إجراءات لمنع عمليات إطلاق النار باتجاه قوات الاحتلال انطلاقاً من المدينة ومخيمها. ويأتي هذا في إطار مخطّط تمّ التوافق عليه بين السلطة ودولة الاحتلال وأطراف إقليمية أخيراً، بهدف منع تعاظم قوة المقاومة في الضفة أو سيطرة حركة «حماس» على الأخيرة، والحيلولة دون انهيار السلطة.
مقالات مرتبطة
وتأكيداً للمعلومات التي أوردتها «الأخبار» عن مخطّط للسيطرة على جنين، شكّلت زيارة الرئيس محمود عباس للمدينة خطوته الأولى، على أن يشمل أيضاً تعزيز وجود الأجهزة الأمنية وسطوتها، وتنفيذ حملة اعتقالات بحق عناصر من حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» (الخطوة الأولى على طريق «استعادة السيطرة»: السلطة نحو حملة «تطهير» ضدّ المقاومة/ «الأخبار»/ الخميس 13 تموز 2023)، كشفت «القناة الـ 14» العبرية، مساء أول من أمس، أن المستوى السياسي في دولة الاحتلال أصدر أمراً إلى الجيش الإسرائيلي وجهاز «الشاباك» وحرس الحدود بتجميد النشاط الأمني الاستباقي في جنين من أجل إعطاء السلطة وأجهزتها فرصة للتعامل مع المنطقة المشبعة بالمسلحين، وإعادة فرض القبضة التي فقدتها في الميدان.
ومع بدء الموجة الجديدة من حملة الاعتقالات، كشفت «مؤسسة محامون من أجل العدالة» أنها وثّقت أكثر من 300 حالة اعتقال سياسي نفّذتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية منذ بداية عام 2023، فيما أشار المحامي مهند كراجة، مدير المؤسسة، إلى أن الاعتقالات السياسية ارتفعت وتيرتها بعد انتخابات الجامعات، وتركّزت على استهداف الطلبة بشكل عام، بالإضافة إلى استهداف نشطاء الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي والنشطاء السياسيين. ولفت كراجة إلى أن «محامون» تتابع حالياً 13 حالة اعتقال السياسي من أصل 40 اعتُقلوا حديثاً، مضيفاً إن مَن تَصدر بحقهم قرارات بالإفراج لا يتمّ إطلاق سراحهم، أو يَجري تلبيسهم قضايا أخرى لتمديد احتجازهم. وكان آخر المعتقلين السياسيين، الناشط الصحافي عقيل عواودة، الذي اعتقله جهاز المخابرات العامة من مكان عمله مساء الخميس الماضي، حيث اقتحمت قوة عسكرية معزّزة بالأسلحة والسيارات العسكرية مكان عمله، واعتدت عليه بالضرب المبرح والشتائم، قبل أن تختطفه وتنقله إلى مكان مجهول.
لا تزال الأجهزة الأمنية الفلسطينية تنفي وجود اعتقالات على خلفية سياسية في الضفة
وبرغم هذه المعطيات والأرقام، لا تزال الأجهزة الأمنية الفلسطينية تنفي وجود اعتقالات على خلفية سياسية في الضفة. وفي هذا الإطار، قال اللواء طلال دويكات، المتحدث باسم المؤسسة الأمنية، إنه «لا صحّة للإشاعات التي يتمّ تداولها حول قيام الأجهزة الأمنية باعتقال أشخاص على خلفية سياسية»، مدافعاً بأن «الاعتقال أو التوقيف الذي طال بعض الأشخاص جاء بناءً على مذكرات قانونية صادرة من جهات الاختصاص، بعدما قدّم بعض المواطنين شكاوى، وبناءً عليه، جاء توقيفهم لاستكمال الإجراءات القانونية». في المقابل، ردّ مدير مكتب «الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان» في جنوب الضفة، فريد الأطرش، على تصريحات دويكات، بأن «كلامه غير صحيح»، لافتاً إلى أن «الهيئة وثّقت منذ بداية العام حوالي 140 حالة اعتقال على خلفية الانتماء السياسي والعمل الطلابي في الضفة الغربية». وجاء ذلك في وقت اتّهمت فيه حركة «الجهاد الإسلامي» على لسان الناطق باسمها، داوود شهاب، الأجهزة الأمنية الفلسطينية باعتقال ثمانية من قيادات الحركة في الضفة خلال الأيام الماضية، معتبرةً أن هذه الاعتقالات «لا تخدم حالة التوافق الوطني ولا المناخات التي يجب أن تكون إيجابية قبيل انعقاد اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة، والمقرّر نهاية الشهر الجاري».
بدوره، كثّف الاحتلال، في أعقاب العدوان على جنين والذي اعتقل خلاله 150 مواطناً من المخيم، من عمليات الاعتقال في الضفة، والتي استهدفت قرابة 100 مواطن خلال الأسبوع المنصرم، وهو ما يشكل ارتفاعاً حادّاً في وتيرتها.
التعليقات مغلقة.