د. خيام محمد الزعبي ( سورية ) الخميس 1/9/2016 م …
تترقب أمريكا وحلفاؤها من العرب المشهد السوري الذي بات يقلقهما ويقض مضاجع زعمائها السياسية، والسبب في ذلك يعود إلى إستمرار الجيش السوري بتحقيق الإنتصارات على جميع المستويات والجبهات، اليوم سقطت داريا في يد الجيش السوري مع إعلان المجموعات المسلحة الإستسلام والهزيمة مقابل إنتقالهم إلى إدلب، أن حسم وتحرير داريا الواقعة في الغوطة الغربية لدمشق وإخلائها يعد ضربة قاصمة لظهر هذه المجموعات ومعناوياتها وجائزة للجيش السوري، كما يعني ترنح جبهات مثل جوبر والمعضمية ومخيم اليرموك، وبداية العدّ العكسي لتساقط أوراق شجرة المسلحين لمناطق الغوطة وصولاً لدوما، ومناطق القنيطرة ودرعا، ومنها تتدحرج كرات النصر إلى سواها لصالح الدولة السورية.
بعد أن سقطت أدواتهم في داريا، حالة من القلق والتخبط تعيشها المجموعات المسلحة وأدواتها في سورية يدل عن الشعور بخيبة أمل وفشل ذريع في تحقيق ما ترمي وتصبوا إليه، إنها بداية لمرحلة إنكسارات أخرى قادمة، فتحرير داريا هو الأمر الأكثر إيضاحاً في تثبيت حقيقة الإنتصارات وإنتهاء المجموعات المسلحة وأدواتها، حيث يعد هذا الإنتصار ذات أهمية كبيرة للدولة السورية, وعودة لشعلة الأمل وعنواناً لفجر جديد، إذ تعتبر داريا مفتاح الحرب في سورية، وتأتي أهميتها الإستراتيجية كونها تمتلك موقعاً إستراتيجياً مهماَ يحاذي حي المزة، وعدداً من الطرق الرئيسية مثل “أوتوستراد المزة” و”أوتوستراد درعا الدولي” وطريق “المتحلق الجنوبي” كذلك تمتلك داريا موقعاً أمنياً حساساً حيث تقع بمحاذاة مطار المزة العسكري، ومقر المخابرات الجوية الواقع ضمن كتلة المطار، كما أنها تقع بين مساكن عديدة لعناصر وقيادات الحرس الجمهوري، وقريبة أيضاً من منطقة السومرية, ويتواجد في محيط داريا مقرات للفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري، كما يفصلها مسافة قريبة من المربع الأمني في منطقة كفرسوسة والذي يضم مقرات قيادات معظم الأجهزة الأمنية الحساسة، بالإضافة لقربها من قصر الشعب الرئاسي.
اليوم تتجه الأمور في سورية للاستقرار تدريجياً خاصة في ظل الضربات الموجعة التي يتلقاها الإرهابيون على يد الجيش السوري، فهناك خسائر فادحة لحقت بداعش والقوى المتطرفة الأخرى، وهو الأمر الذي دعا التنظيم للبحث عن مخرج من الحصار الشديد الذي يتعرض له حالياً، وفي حلب هناك إنهيار كلي للقوى المتطرفة وأعوانها، حيث دخل الجيش السوري مدعوم من القوى الحليفة، مدينة حلب بعدما سيطر على عدد من النقاط الإستراتيجية المحيطة بالمدينة، ، ولم يتوقف ذلك على مدينة حلب فقط، بل سيصل صداه إلى بقية المدن والمحافظات الأخرى، مثل ريف دمشق وحمص وإدلب ودير الزور ودرعا، فهذا الشكل الفريد من المواجهة، أزعج أمريكا وحلفاؤها، بل لاحظنا في كثير من الاحيان بأن تصريحات قادتها مدى التوتر والإحباط، لأن الأجهزة الأمنية الأمريكية وجدت نفسها غير قادرة أمام هذه المواجهة، على إختراق ساحة الميدان في حلب، وإنطلاقاً من ذلك ثمّة بوادر تصب في مصلحة الوطن السوري نحو التخلص من القوى المتطرفة والمجموعات المسلحة، وبرزت هذه البوادر عقب التقدم الذي أحرزه الجيش السوري وحلفاؤه، تبعتها أنباء عن إنشقاق شخصيات مسلحة من داعش والقوى المتطرفة، وبلا شك، هذا ما سيقض مضجع المجموعات المسلحة وحلفائها في المنطقة، في إطار ذلك يمكن القول إن معركة حلب تقترب من الحسم، لاسيما بعد تحرير مواقع إستراتيجية عدة قريبة من حلب خلال الأيام الماضية، لذلك يبدو أن معركة حلب قد أوشكت بالفعل على الحسم وذلك بإنتصار الجيش السوري على هذه المجموعات، خاصة بعد أن تناقلت بعض المصادر أخباراً عن المسلحين المتواجدين في معظم مناطق حلب بأنهم يسعون إلى تسليم أنفسهم للجيش السوري وحلفائه دون خوض أي معركة، وفي المقابل تجمع الآلاف من المسلحين وعوائلهم على الحدود التركية السورية هرباً من المعارك التي تدور في ريف حلب الشمالي والانتصارات التي حققها الجيش السوري في تلك المنطقة.
في سياق متصل تكمن إستراتيجية الرئيس الأسد في استعادة المناطق الإستراتيجية الرئيسية، فضلا عن تدمير جيوب المجموعات المسلحة التي تشكل تهديدا للمناطق الأساسية التي يسيطر عليها الجيش السوري، في هذا الإطار تعتبر معركة داريا معركة حاسمة بالنسبة لجميع الأطراف ونتائجها ستنعكس بشكل كبير على نتائج المفاوضات السياسية، و كذلك على مستقبل سورية، وبذلك اكتسب الرئيس الأسد بالتأكيد قوة دفع كبيرة في ميدان المعركة، والتي تحشد المجموعات المسلحة وأدواتها كل قوتها من أجل إيقافه، لكن الأسد على موعد مع النصر الذي لا يفصله سوى خطوات قليلة من زمن اللحظة التاريخية التي تفوح بدماء الشهداء الذين سقطوا على كل الأرض السورية لتحرير سورية من براثن الإرهاب وكف يد العابثين بأمن الدولة السورية واستقرارها، لتبقى شعلة السلام وأيقونتها ورمزاً لكل بطولة ومقاومة منتصرة بشجاعة أبنائها وتضحيات شهدائها.
مجملاً….في خضمّ التطورات المتسارعة للأحداث في سورية، أصبحت المجموعات المتطرفة وأدواتها عاجزة عن السيطرة على أية منطقة لفترة طويلة، لتثبت المعارك أن هذه المجموعات فقدت المبادرة وتآكلت قواتها على معظم المستويات الميدانية، وأصبحت في وضع مفتوح أمام إحتمالات غير محددة، وفقدان هذه المجموعات لمنطقة عمليات داريا يضعها في حالة من الإرباك والتمزق الإستراتيجي، وفقدانهم للتعاون بين قواطع العمليات يجعلهم عرضة للضربات المفاجئة على أكثر من اتجاه وفي آن واحد، لذلك فإن الجيش السوري يحقق إنتصارات قوية على أرض الواقع، والتي تعتبر بارقة أمل لإقتلاع جذور الإرهاب التى تجتاح وطننا الغالي على قلوبنا “سورية”.
وأختم مقالي بالقول ….إن هناك رسائل أرسلها إنتصار الجيش السوري في داريا الى العالم أجمع مفادها إن الشعب السوري على موعد مع إنطلاق عمليات تحرير كبرى مقبلة، فالضرب من حديد قادم لا محال، وسيسحق كل المتآمرين بغض النظر عن من يقف وراءهم وسيلاقون مصيرهم المحتوم، وإن سورية كانت وستبقى الجدار المتين في وجه المشروع الغربي الذي يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق… وإن سورية ستنتصر بوحدة وسواعد جيشها وشعبها والتي تحرق كل من يريد الإقتراب منها.
التعليقات مغلقة.