العالم عام 2050.. قصة صديقي ابو فرحان الذي تزوج ابو جورج / ناصر الماغوط

 




المحامي ناصر الماغوط ( سورية ) – الثلاثاء 18/7/2023 م …

 

بالأمس عاد صديقي أبو فرحان من الغربة ليقضي إجازته في حضن الوطن. سررت لسماعي هذا الخبر، لأن أبا فرحان صديق قديم.

ذهبت إلى داره لأسلم عليه.

كيفك يا أبا فرحان، كيف العائلة، كيف الجميع. فأجابني بأنه سعيد جدا لأن من أهم إنجازاته في الغربة والعالم الحر الحضاري هو أنه قد وجد ذاته.

ليش وين كنت مضيعها؟ سألته مستغربا.

قال لي: في هذا الجسد.

لم أفهم عليه. ظننت أن أبا فرحان قد صار فيلسوفا، يتحدث كلاما لا أفهمه أنا كإنسان عادي بسيط. قلت له: خذني بحنانك وبحلمك يا أبا فرحان. أنا ما زلت في هذا الوطن ولم أتطور مثلك كونك تعيش في عالم متقدم ديمقراطي حر متحضر، بينما نحن نعيش في بلد متخلف لا يقارن بمثل بلدانك، لذلك خذني بحنانك وقل لي ماذا تقصد؟

قال لي: سأحدثك بصراحة. طوال عمري وأنا لدي شعور عميق وإحساس دفين بأنني أنثى. وعندما سافرت إلى السويد والتقيت بنصفي الآخر، شعرت أني قد وجدت ذاتي.

وماذا عن نصفك الآخر أم فرحان، على سلامتها، وأولادك الثلاثة؟

قال لي بمنتهى البساطة: طلقتها.

خير ما عملت يا أبا فرحان، قلت له بشيء من المرارة. ومين صاحب الحظ السعيد؟

فدخل رجل أصلع زمك قدمه لي على أنه “أبو جورج” هو شريك حياته. وجلس بجانبه وأمسك بيده وابتسم لي.

رآني كما لو أنني تفاجأت أو انزعجت، فسألني أبو فرحان: شو زعلت لأني تزوجت شخصا مسيحيا؟

لم أرد.

فقال لي:  لا عادي، المهم الحب والتفاهم، والأديان كلها كذب بكذب وهي وجدت أصلا لقهر الإنسان وإخضاعه لقوى غيبية لم يثبت العلم وجودها.

بقيت صامتا.

وتابع قائلا: أكيد تفكر أين أولادي الثلاثة الذين كنت تحبهم كأولادك. دعني أخبرك

فرحان تزوج شخصا يهوديا وهما سعيدان جدا اليوم. ابنتي ليلى تزوجت صديقتها البوذية، وهي تواعد بذات الوقت صديقة هندوسية، وهنَّ الثلاثة يعشن حياة هادئة وسعداء جدا. أما ابنتي الصغرى مارغريت ذات العشر سنوات، فهي  لازالت صغيرة، لكنها تفكر أن تتزوج في المستقبل صديقتها في الصف لأنها تحبها كثيرا، هذا هو ما يسمونه حب منذ الطفولة.

تمنيت لهم جميعا حياة سعيدة.

نظرت إلى “أبو جورج” زوج صديقي وسألته حضرتك عندك أولاد؟

فقال لي: بأن ابنه الوحيد جورج للأسف طلع شاذ، وأكثر من ذلك، فقد تزوج فتاة مسلمة وينوي أن يسافر معها إلى بلاد المسلمين. وتابع قائلا: مع أني لم أوافقه الرأي، لكني تمنيت له حياة طيبة، فهذا خياره، وقلت له: يا ابني الدنيا ملياني شباب وما عليك إلا أن تختار، لماذا تختار فتاة وتكون شاذا. لكنه أصر على الزواج من فتاة.

هنا شعرت بقرف شديد، وأردت أن أطلق صرخة مكتومة في داخلي بصوت عال:

أوفقوا هذه الكرة الأرضية عن الدوران، أود النزول.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.