شريكة رفيقنا الراحل ورفيقة عمره ورحلته النضالية ، اشقاء الفقيد الكبير وذويه آل نصراوين الكرام ، الرفيقات والرفاق .
تحية رفاقية وبعد .
حين نكون بصدد الحديث عن قامة نضالية عملاقة استثنائية ، وعن زعيم وطني افنى عمره في خدمة قضيته ومبدأه ، تخطى الواقع الوطني للقومي والاممي ، ضارباً امثلة في التضحية والثبات والصمود ، وانكار الذات يصعب تكرارها ، تجد نفسك عاجزاً عن الوفاء باستحقاقات هذه القامة العملاقة مهما بلغت بلاغتك .
على مدار سنوات عدة امتدت لاحد عشر سنة كنت اعود للرفيق الكبير عند كل موقف ومفترق طرق وحدث وكل بيان كنا نعده لاسناد ، او للقوى الوطنية التقدمية ليلقي عليه نظرته الفاحصة المدققة ، ويغنيه ببصيرته الثاقبة ووطنيته الوثابة ، وعناده الذي لايتزعزع ولا يلين .
تذكرت ذلك وانا بصدد الحديث عن الغياب القسري الموجع الصاعق لعملاق الموقف والصمود والثبات والبوصلة الكفاحية الثاقبة .
فمن يغني ويدقق ويصوب كلمة الغياب بعد رحيلك رفيقي ابو سليم … من ؟
لكن امثال ابو سليم لا يغيبون بل يضلون اقماراً نضالية ملهمة تنير الدرب لرفاق المسيرة من بعدهم .
عرفت الراحل الكبير منذ اثني عشر عاماً، كنا انتهينا للتوّ من عقد المؤتمر الاول لتجمع اعلاميون ومثقفون اردنيون من اجل سورية المقاومة اسناد ، الذي كان حشداً وتظاهرة وطنية وعلامة اردنية وطنية فارقة انتخب لجنته التنفيذية الاولى لتولى مسؤلياتها ومهامها ، وعندما انعقدت اللجنة اتخذت قراراً تاريخياً بانتخاب شخصية لم يسبق لي ان التقيتها وهو مجلي نصراوين .
وكان ذلك رسالة العالم لا تقبل التأويل وفي دلالالة رمزية بمثابة اول وسام شرف تدونه اسناد في سجلها مفادها ان الموقف الكفاحي يتخطى الوجع الذاتي ، فقد قضى رفيقنا ٢٢ عاماً في السجون السورية كضريبة للموقف والثبات والمعتقد ، وهو الان على رأس تجمع يناضل من اجل الاردن وامنه الوطني وبذلك هو في الخندق السوري يناضل من اجل صمود سورية ووحدة ترابها الوطني ، ومن اجل نصر شعبنا السوري واستقلاله الوطني وارادته الحرة.
وقد امتدت صداقتنا كونه رئيس للجنة التنفيذية لاسناد لسنوات عدة اقعده بعدها المرض ، وكرفيق في مجلس الراحل الكبير الاسبوعي صباح كل جمعة مسلم بسيسو ، وبعد رحيل الراحل مسلم بسيسو في مجلس الراحل الكبير عدنان شقير.
لم يخطر ببالي ان مثل هذا العملاق سيرحل ، حتى عندما كانت رفيقة دربه تجيب عند اتصالي به وعجزه عن الرد بأن ابو سليم بخير واثق بالغد وبالنصر ، كانت تحمل نفس تفاؤله وروحه اليقظة الحرة ، وثقته بالغد المشرق… وكانت تؤكد اي انه سيتصل بي عندما يتحسن وضعه الصحي .
في احد لقآتنا بالسفير السوري الكبير الراحل اللواء الدكتور بهجت سليمان طُرِحت مسألة عودة رفيقنا لسورية وعودة سورية اليه
واتفقنا على ان يكون ذلك بمنزلي بحضور عدد من الرفاق والسفير واركان السفارة ، وقد جرى اللقاء في اجواء ودية وحميمية لافتة ، وتقدير كبير السفير واركان السفارةل مكانة ابو سليم الحزبية والشخصية ، وكانوا يخاطبونه بتهيب واحترام وانضباطية حزبية كقائد اعلى مرتبة .
وتم ابلاغه بأن سورية الشعب والحزب والدولة والقيادة تكن له التقدير الكبير لتاريخه النضالي المشرف ولدوره الراهن في دعم سورية ، ووجهت له دعوة رسمية لزيارتها .
لا يتسع المجال لسرد مناقب واصالة معدن هذا العملاق الذي استمرت رحلته النضالية وتعاليه على الجراح والالم الشخصي لحساب الموقف الوطني ، صانعا بذلك تجربة ملهمة لكل المناضلين وللاجيال القادمة ، ومضيفاً لتاريخه وتاريخ شعبنا الاردني والعربي واسرته الكريمة صفحات مشرقة من المجد وشرف الموقف وغادر مرفوع الرأس شامخاً في ملكوت عالي حتى اخر نفس تدفق في صدره
في تاريخنا ، في تاريخ الامم الالاف الذين قالوا كلمتهم وعانقوا الالم والموقف على شرف ما قالوا ولم يثنهم القمع والاستبداد .. فوق المسامير والماء والنار والنصال هم اصحاب كلمة وموقف ، وتعصف رياح الايام بالممالك والتيجان والعروش والسلطات جميعا ، وتبقى الكلمة .. وقد وحد هذا العملاق بين الكلمة والموقف ، ومن هنا عظمته ومن هنا وعت ذاكرة التاريخ ذكراه.
اوجعنا رحيلك رفيقي الكبير ورفيق الفكر والمعتقد والخندق الوطني .. ايها المتمرد الذي خاطب الهول والشر بحراب الكلمة والموقف .
وليس عيش الحق في الكلمة والموقف هي الميزة الأساسية وكفى، ولكن الذين سيصمدون حتى النهاية سيكونون قلة، والذين صمدوا وسيصمدون كمجلي نصراوين عن وعي سيكونون قلة القلة
فليرفع مجد المناضل الذي تقدم ولم يهب ، الف الف تحية لروحه
التعليقات مغلقة.