مخيمات اللاجئين الفلسطينيين محطات انتظار لحين العودة / ابراهيم ابوعتيله
ابراهيم ابوعتيله ( الأردن ) – الأربعاء 19/7/2023 م …
منذ النكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني عام 1948 وما صاحبها من تهجير قسري تسبب في اقتلاع أربعة أخماس مليون فلسطيني يمثلون 80% من الفلسطينيين من أرضهم وديارهم توزعوا على مخيمات طوارئ في ما تبقى من فلسطين وفي الدول المجاورة ” الأردن وسوريا ولبنان ” ، ورعى الصليب الأحمر تلك المخيمات إلى أن تم إنشاء وكالة الأمم المتحدة لتشغيل ولإغاثة اللاجئين الفلسطينيين ” الأونروا ” والتي تم تأسيسها في أعقاب حرب عام 1948 بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين وانتقلت مسؤولية رعاية تلك المخيمات إليها حيث بدأت الوكالة عملياتها في الأول من شهر أيار عام 1950 وقد بلغ عدد تلك المخيمات سبعين مخيماً مسجلاً لدى الوكالة عدا عن مخيمات أخرى بنيت في فترات لاحقة … ووفق التعريف العملياتي للأونروا، فإن اللاجئين الفلسطينيين هم أولئك الأشخاص الذين كانت فلسطين مكان إقامتهم الطبيعي خلال الفترة الواقعة بين حزيران 1946 وأيار 1948، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة حرب عام 1948 كما ينطبق التعريف على أبناء هؤلاء وتم ويتم تسجيلهم في قيود ” الأونروا ” بناء على ذلك ةتتاح لهم كافة الخدمات المقدمة منها .
عندما بدأت الأونروا عملها في عام 1950 استجابت لاحتياجات ما يقرب من 750,000 لاجئ فلسطيني فيما بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في قيود وكالة الأونروا هذا اليوم ما يزيد عن ستة ملايين ونصف مليون لاجئ يحق لهم الحصول على خدمات الأونروا ويعتبر عدد اللاجئين المسجلين لديى الوكالة أقل من الواقع من عدد اللاجئين الفعلي لأسباب ترتبط بهجرة كثير من الفلسطينيين إلى دول ليس للأونروا أي نشاط فيها فعلى سبيل المثال هناك أكثر من نصف مليون لاجئ في تشيلي لوحدها علاوة على أن عدد كبير من أصول اللاجئين ينتشرون في العديد من الدول في العالم إضافة إلى عدم قيام الكثير من أبناء اللاجئين بتسجيل أبنائهم لدى الأونروا بسبب عدم تقديمها للخدمات التي كانت تقدم سابقاً سواء في مجال الصحة أو التعليم إذ لم تعد تلك قادرة على تلبية الحاجات الأساسية للاجئين نتيجة لتقليص خدماتها عاماً بعد عام بسبب تقليص ميزانيتها .. وتعتمد الأونروا في تمويلها بشكل كامل على التبرعات الطوعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في الوقت الذي باتت فيه بعض الدول وعلى رأسها أمريكا بتقليص تبرعاتها أوالإحجام عن تمويل الوكالة بهدف مبطن ومخطط له وهو إلغاء هذه الوكالة ومحاولة إلغاء صفة اللاجئ الفلسطيني مخالفة بذلك أساس إنشاء تلك الوكالة .
لقد تزعمت أمريكا قائمة الدول التي تحارب صفة اللاجئ نافيةً حتى وجود اللاجئين الفلسطينيين مدعيةً أن عددهم لا يتجاوز أربعين ألفاً وربما تعني بذلك كبار العمر الباقين على قيد الحياة ممن هجروا من فلسطين سنة 1948 متناسية أو متجاهلة بقصد وإصرار أن تعريف اللاجئ ينطبق أيضاً على ذرية من هجروا عنوة و استحقوا بذلك خدمات الأونروا وتقوم الأونروا بتسجيلهم في سجلاتها …
المخيمات عبارة عن قطع من الأراضي وضعتها حكومات الدول المضيفة تحت تصرف الأونروا وذلك بهدف إسكان اللاجئين الفلسطينيين وبناء المنشآت الخدمية اللازمة عليها ، أما المناطق التي لم يتم تخصيصها لتلك الغاية فلا تعتبر مخيمات ومع ذلك، فإن للأونروا مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع خارج المخيمات حيث يوجد تواجد كبير للاجئين الفلسطينيين كما وإن قطع الأراضي التي أنشأت المخيمات عليها هي أراض حكومية أو أنها في معظم الحالات أراض استأجرتها الحكومات المضيفة من أصحابها الأصليين وهذا يعني أن اللاجئين في المخيمات لا “يملكون” الأرض التي بني عليها مسكنهم، إلا أن لديهم حق “الانتفاع” بالأرض للغايات السكنية.
وعلى الرغم من مرور أكثر من سبعة عقود على وجود المخيمات تضاعف خلالها أعداد اللاجئين عدة مرات وعلاوة على صغر مساحة المخيمات بشكل عام وعدم قدرتها على استيعاب الأعداد المتضاعفة من اللاجئين فإن دول مضيفة تمنع التوسع في البناء في تلك المخيمات أو ترميم الكثير من البيوت الآيلة للسقوط فيها كما وتمنع اللاجئين من التملك خارج حدود تلك المخيمات مما أدى إلى زيادة كبيرة في سوء الوضع المعيشي في تلك المخيمات علماً بأن دول أخرى تسمح للاجئين بالتملك خارج المخيم بعد أن حصلوا على جنسية تلك الدول …
ولم يقف الأمر على مضايقة اللاجئين بتقليص خدمات ” الأونروا ” ولا بالمضايقة في موضوع البناء بل وصل الأمر في عدد من الحالات إلى ارتكاب المجازر ضد اللاجئين وتدمير مخيماتهم بهدف إلغاء تلك المخيمات وإلغاء صفة اللاجئ عمن يسكنون فيها كمحاولة من محاولات تصفية قضيهم وإلغاء حقهم بالعودة إلى ديارهم التي شردوا منها.
لقد تمسك غالبية سكان المخيمات بمخيماتهم على الرغم من ضيقها أما مجبرين على ذلك لعدم توفر البديل بسبب منع التملك من قبل الحكومات المضيفة أو لعدم قدرتهم المادية على شراء أرض بديلة ليبنوا عليها بيوتاً لهم علاوة على أسباب أخرى تتعلق بالإندماج الكبير مع جيرانهم وأبناء جلدتهم يتنسمون من خلال ذلك رائحة الوطن بانتظار عودتهم الموعودة … فالعلاقة الاجتماعية بين اللاجئين في مخيماتهم علاقة وثيقة ومميزة ترقى إلى مستوى الأخوة الفعلية حيث يجمعهم هم النكبة وأمل التحرير والعودة حيث يعتبر اللاجئون بقاءهم في المخيمات نوعاً من الرابطة الوثيقة التي تجمعهم بأرضهم المغتصبة ويسعون بكل الوسائل المتاحة لهم للتعبير عن حقهم في العودة .
تعتبر المخيمات كنزاً من كنوز الثورة وموئلاً للمقاومة وما نراه في تلك المخيمات يثبت صحة هذا القول حيث نرى جذوة المقاومة المشتعلة في كل المخيمات فنلاحظ ذلك بشكل قوي وواضح في مخيمات قطاع غزة وقوة المقاومة فيها كما يُلاحظ ذلك أيضاً في مخيمات الضفة الغربية وما يحدث من مقاومة عظيمة في مخيم جنين إلا دليل قوي على ذلك ..
ومن مخيم جنين العظيم نقتبس مما كُتب على بوابته ” مخيم جنين – محطة انتظار لحين العودة – ” وهو قول ينطبق تماماً على كافة مخيمات اللجوء الفلسطيني فمهما طال الإنتظار فإن التحرير والعودة قادمان لا محالة .
التعليقات مغلقة.