قتلنا ابن رشد لكى نبعث ابن تيمية
الأربعاء 7/9/2016 م …
الأردن العربي …
احتفى «جوجل»، أمس، بذكرى 888 سنة على ميلاد الفيلسوف الطبيب رائد العقلانية والتنوير ابن رشد؛ عرفاناً من المجتمع الغربى بقيمة هذا الرجل فى انتشالهم من ظلام التعصب، فى نفس الوقت الذى نهمله نحن العرب بل ونحاربه من أجل عيون ابن تيمية وابن عبدالوهاب، حرقنا كتبه ونفيناه وطاردناه. وباختصار، لن نلحق بقطار الحضارة ولن ينصفنا التاريخ إلا إذا انتصرت عقلانية ابن رشد على تكفير ابن تيمية. قال جورج سارتون فى كتابه «المدخل إلى تاريخ العلوم»: «إن ابن رشد كان من أعظم فلاسفة الإسلام، ولقد أثّر على فلاسفة أوروبا بفلسفته أكثر من أرسطو نفسه. ودون ريب، فإن ابن رشد هو مؤسس الفكر الحر، فقد فتح أمام علماء أوروبا أبواب البحث والمناقشة على مصاريعها؛ لذا فإنه أخرجها من ظلمات التقييد إلى نور العقل والتفكير». إن شهرة ابن رشد فى عالم الفلسفة كادت أن تحجب منجزاته فى الطبيعيات، على أن ابن رشد كان يُعتبر فى الحقيقة من أكبر الأطباء فى عصره، فقد ألَّف نحو عشرين كتاباً فى الطب، بعضها تلخيصات لكتب جالينوس، وبعضها مصنفات ذاتية، وقد تُرجم أكثرها إلى العبرية واللاتينية؛ وأشهرها كتاب «الكليات فى الطب»، وهو موسوعة طبية فى سبعة مجلدات، ترجمه إلى اللاتينية الطبيب بوناكوزا من جامعة بادوا فى سنة 1255، قال عنه د. عاطف العراقى: «إنه يقف على قمة عقل الاستنارة والعقلانية، والغرب هو الذى اهتم بابن رشد، أما فى الشرق فحاكمناه وأهملنا فلسفته»، وقال عنه د. مراد وهبة: «كلما حاول أحد إحياءه نعيد قتله من جديد، ابن رشد ميتٌ فى الشرق حىٌّ فى الغرب، ومن يحلّ هذه المعضلة ينقذ العالم الإسلامى من التخلّف»، ولكن ماذا قال ابن رشد نفسه؟ فلنستمع إليه وهو يقول:
■ «التجارة بالأديان هى التجارة الرابحة فى المجتمعات التى ينتشر فيها الجهل.. وإذا أردت أن تتحكم فى جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف دينى».
■ «الحَسَن ما حَسَّنه العقل، والقبيح ما قبَّحَه العقل».
■ «الله لا يمكن أن يعطينا عقولاً ويعطينا شرائع مخالفة لها».
■ «إن الحكمة هى النظر فى الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان».
■ «اللحية لا تصنع الفيلسوف».
■ «العلم فى الغربة وطن والجهل فى الوطن غربة».
■ «إن الحكمة هى صاحبة الشريعة، والأخت الرضيعة لها، وهما المصطحبتان بالطبع، المتحابتان بالجوهر والغريزة».
لكن الاتجاه السلفى قد قتل ابن رشد لصالح إحياء ابن تيمية، ولنستمع ونقرأ لابن تيمية الذى يكفر الجميع
إلا من هو ابن تيماوى: * «الباطنية كفار، كفرهم أشد من كفر اليهود والنصارى، بإجماع المسلمين، لا تجوز مناكحتهم، ولا تباح ذبائحهم، ولا يُدفنون فى مقابر المسلمين، ولا يُصلى عليهم، ولا يجوز استخدامهم فى ثغور المسلمين، ولا فى حصونهم، ولا يكونون ضمن جندهم».
■ وقال عن الصوفية: «إذا اتضح كفر هؤلاء فيجب قتالهم، وتكفيرهم، ومن شك فى كفرهم فهو كافر، ويجب عقوبة من ساعدهم، أو انتسب إليهم أو مدحهم، بل عقوبة من ترك مساعدة المسلمين على قتالهم وهو قادر على ذلك».
■ وقال عن الشيعة: «الرافضة يجب قتالهم، وهم أولى بالمقاتلة من الخوارج».
■ وقال عن عن الأقباط: «الوالى له حق فى هدم كل الكنائس والمدن التى بناها المسلمون فى الأرض التى احتلوها، لا يجوز بناء كنائس فيها». وأجاز مصادرة الكنائس، وأكد أن مفهوم الصَّغار فى إعطاء الجزية هو «أن يقوموا للمسلمين من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس ولا يتشبهوا بالمسلمين فى شىء من لباسهم من قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا يتكنوا بكناهم ولا يركبوا سرجاً ولا يتقلدوا سيفاً ولا يتخذوا شيئاً من سلاحهم ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربية… إلخ».
إلى متى سنظل نهيل التراب على ابن رشد ونتعامل معه كعورة، ونبنى عروشاً من الذهب لابن تيمية ونعامله كنصف إله؟!
التعليقات مغلقة.