رفقا بشعب السودان الطيب / عبد السلام الزغيبي
عبد السلام الزغيبي – الأربعاء 26/7/2023 م …
سهل ان تضع يدك على الكيبورد وتكتب وتطالب بالتغيير والثورة والانقلاب على الأوضاع السائدة،دون ان تقدر عواقب التغيرات التي تحدث في المجتمعات وفي البلدان والمخاطر الناتجة عن هذا التغيير والذي يمكن أن يقود البلد للدخول في صراعات وحروب، تؤدي في النهاية للتقسيم والفوضى، وربما قد تؤدي الى تقويض الدولة، مثلما حدث في بلدان شبيهة بالوضع السوداني.
واظهرت الحرب التي اندلعت قبل شهور في السودان وجهها القبيح، وأثرت على كل مناحي الحياة وشرائح المجتمع، وشملت بطبيعة الحال الثقافة وأهلها.
سيطرت الحرب وأخبارها على المشهد السوداني، لكن رحيل مثقف أو أديب لم يكن ليجد نصيبا له وسط ضجيج المدافع وقصف الطائرات وربما يعلم الناس به بعد ايام او اسابيع من حدوثه.
في غضون هذه الحرب وحسب ما أوردته القنوات الاخبارية العربية، رحل بهدوء عدد من مثقفي السودان ، من بينهم: الشاعر عبد العزيز جمال الدين، والشاعر بشير عبد الماجد، و الشاعر الدكتور عبد الله عبد الواحد صاحب ديوان “قصائد حب للناس والوطن”،والذي اشتهر بقصيدته “نشيد الاستقلال” التي تغنى بها الراحل محمد وردي.
وتابعت قبل أيام عبر قناة العربية، الرحيل المفجع للموسيقار خالد سنهوري الذي كان يقطن بحي الملازمين القريب من مبنى الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، في منطقة يصعب التجول فيها بفعل القتال الدائر، ووفق ما تداولته مواقع محلية فإن انخفاضا في السكر وضغط الدم، وأياما بدون اكل وبدون شراب وبدون علاج تسببت في موته.. وعللت المواقع ذلك بانعدام وجود محلات بقالة مفتوحة أو صيدليات وبعدم توفر سيارة تقله لأي مستشفى لإسعافه.
توفي سنهوري ودفن أمام منزله، لتعثر نقله للمقابر العامة بسبب القتال الدائر، ولم يجد من يشيعه سوى 4 أشخاص بينهم شقيقه.
يا لها من نهاية مأساوية لموسيقار كان رمزا للفن والثقافة في السودان، وله أعمال فنية نادرة أسهمت في إثراء التراث الفني للمنطقة.
وهو رحيل مفجع احزن السودانيين ومحبيه من العرب واختصر موته بهذه الطريقة كل القضايا وكل الشعارات المرفوعة وكل الثورات المزيفة وكل النضالات التي قادت الى خراب البيوت والبلدان.
يا دعاة التغيير والانقلابات والثورات، مهلا، انظروا حولكم وانظروا ماذا حدث للبلدان المجاورة لكم من جراء تحريضكم للجماهير على الخروج والتجمهر من أجل إسقاط نظام ديكتاتوري، مع علمكم مسبقا ان نسبة النجاح في مثل هذه الحالات متدنية للغاية، وإن عملية بناء نظام انتقالي ديمقراطي مستدام تحتاج لعقول نيرة ووعي مجتمعي و قيادة منظمة لا بد من توفيرها أولا وليس مشروع (سلق بيض). ومع هذا واصلتم التحريض من داخل وخارج السودان، وكانت النتيجة اندلاع شرارة حرب عبثية قادت البلاد أو كادت أن تقودها إلى الهاوية.. فضلتم الاقتتال بدلاً من الحوار والركون إلى الحرب والدمار بدلا من السعي إلى السلام والتنمية وبناء الإنسان، وكل ذلك بسبب الصراع حول السلطة وأدخلتم البلاد في حرب إذا استمرت ستقضي على ما تبقى من بنى تحتية ومؤسسات، ومتاحف ومكتبات ووجوه ثقافية وفنية.
رفقا بشعب السودان الطيب، يا دعاة التحريض، دعاة الحروب، دعاة الثورات من خلف الكيبورد.
التعليقات مغلقة.