مقاهي القهوة اليمنية تُعيد الروح إلى شوارع صنعاء المنهكة من الحرب
الأردن العربي – الخميس 27/7/2023 م …
تنتشر في العاصمة اليمنية صنعاء مقاهٍ حديثة تقدّم لروّادها القهوة اليمنية الأصلية التي كادت تختفي من الأسواق بسبب التركيز على تصديرها، فيما يأمل أصحاب المقاهي في ازدهار الحركة أكثر.
بين المباني الشاهدة على المعارك وصور المقاتلين الذي قُتلوا في الحرب والمعلّقة على الجدران، تنتشر في العاصمة اليمنية صنعاء، مقاهٍ حديثة تقدّم لروّادها القهوة اليمنية الأصلية التي كادت تختفي من الأسواق بسبب التركيز على تصديرها.
وللبلد الأكثر فقراً في شبه الجزيرة العربية والذي يشهد صراعاً منذ 9 سنوات، جذور عميقة مع القهوة.
تقول روايات أنّ الساحل الغربي لليمن، وخصوصاً منطقة “المخا”، شهد أوّل صناعة لحبوب البن في القرن الخامس عشر. ومع ذلك، ركّز رواد الأعمال اليمنيون حتى وقت قريب على تصدير أفضل منتجاتهم إلى الأسواق الخارجية.
من بين هؤلاء مختار الخنشلي الذي تحدّى مخاطر الحرب لشحن حاوية مليئة بحبوب البن خلال المراحل الأولى من الحرب، كما ورد في كتاب “لديف إيدغارز” في 2018 بعنوان “راهب المخا”.
لكن القيود التي فرضت على عمليات الاستيراد والتصدير خلال الحرب دفعت بيمنيين آخرين إلى التركيز على الداخل، ما أدّى إلى ظهور مقاهٍ في شوارع صنعاء تحمل بعض ملامح مقاهي بروكلين وباريس.
ويقول صاحب مقهى “درر” راشد أحمد شاجع إنّ “الناس كانوا قد بدأوا يشعرون بأنّ القهوة اليمنية مكلفة وفقدوا الاهتمام بشرائها”، متذكّراً كيف انهارت سوق التصدير لا سيما بعد تصاعد الحرب.
ولذلك، قرّر فتح مقهاه في وسط صنعاء حيث يمكن للزبائن تذوّق القهوة من جميع أنحاء البلاد، محاطين بالفن اليمني والأثاث الخشبي المحلي الصنع.
ويضيف شاجع لوكالة فرانس برس: “كان علينا التفكير في طريقة أخرى لدعم مزارعينا، وعلى الرغم من كلّ ما قيل عن استحالة العمل في اليمن، وإنّ الناس ليست لديهم قدرة شرائية، أصرينا على الاستمرار”.
“مسألة عاطفية”
في حدة في جنوب صنعاء، قام حسين أحمد بمغامرة مماثلة في 2018 حين افتتح مقهى “موكا هانترز” في أحد الشوارع الراقية، تتويجاً لرحلة شخصية طويلة مع القهوة بدأت عندما أسّس مع زوجته اليابانية مقهى في طوكيو قبل أكثر من عقد.
بعد انتهاء زواجه، حوّل أحمد انتباهه إلى التصدير، لكن الحرب وحظر سفر اليمنيين دفعاه إلى التفكير في الفرص المتاحة داخل اليمن.
في الأيام الأولى للمقهى، كانت أعداد الزبائن قليلة جداً، لكن فناء المقهى أصبح الآن ممتلئاً في معظم فترات بعد الظهر بمحبي القهوة اليمنية.
ويقول أحمد لفرانس برس “إنّها أشبه بموجة”، معتبراً ذلك أمراً طبيعيا بالنسبة إلى بلد حوّل “رواد” القهوة فيه البنّ “إلى مشروب سحري”.
ويشدّد على أنّ القهوة التي يقدّمها مقهاه بعيدة كل البعد عن القهوة التجارية التي غالباً ما تكون ممزوجة بالحليب والسكر، مضيفاً أنّ هذه الموجة تُعيد إلى الواجهة “القهوة ذات المذاق الطيب”.
ويتابع/ “أعتقد أنّ مغتربينا، وبسبب صعوبة السفر، يصبحون أكثر عاطفة بشأن وطنهم، لذلك يشترون المنتجات المحلية، مضيفاً أنّ “القهوة الخاصة أشبه بحركة عالمية، لكنّها في اليمن مسألة عاطفية”.
ولا يزال كل من “درر” و”موكا هانترز” يعتمدان بشكل كبير على أعمال التصدير الخاصة بهما والتي أصبحت أسهل بعض الشيء بعد إعلان هدنة في نيسان/أبريل من العام الماضي نجحت في وقف القتال إلى حدّ كبير. ويشتري المغتربون اليمنيون في العالم الذين يحنّون إلى وطنهم، القهوة اليمنية.
ويأمل أصحاب المقاهي في ازدهار الحركة أكثر، والعودة إلى مجد وثقافة وأصل القهوة اليمنية.
التعليقات مغلقة.