شركة سعودي أوجيه ( آل الحريري ) على شفا الانهيار.. ما الحل لتفادي الكارثة؟

 

الخميس 8/9/2016 م …

الأردن العربي …

أنهت الحكومة السعودية محادثات كانت تهدف إلى إنقاذ شركة الإنشاءات العملاقة “سعودي أوجيه” التي أصبحت تواجه حاليًا احتمال إعادة هيكلة ديون بمليارات الدولارات، لتفادي الانهيار.

وكانت أوجيه المملوكة لعائلة رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري واحدة من شركتي مقاولات عملاقتين كلفتا بتنفيذ خطط التنمية الكبرى، وتطوير البنية التحتية للمملكة، وبناء شتى المرافق من منشآت الدفاع إلى المدارس والمستشفيات.

وأثر هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014 وما أعقبة من خفض حاد للإنفاق الحكومي بشكل كبير على قطاع المقاولات في المملكة وعلى “أوجيه” بوجه خاص بالنظر إلى حجم الشركة واعتمادها على العقود الحكومية.

ويكفي إلقاء نظرة على الأرقام، فالحكومة السعودية مدينة لسعودي أوجيه بنحو 30 مليار ريال (ثمانية مليارات دولار) عن الأعمال التي نفذتها الشركة، وذلك حسبما أفاد مصدر مطلع لوكالة رويترز في السعودية في علامة على الضغوط على المالية العامة للبلاد جراء هبوط أسعار النفط.

انهيار المحادثات

ومع تأخر الحصول على هذه المبالغ الطائلة كافحت أوجيه لسداد التزاماتها التي تشمل 15 مليار ريال من القروض ومليارات أخرى تدين بها للمقاولين والموردين ونحو 2.5 مليار ريال رواتب متأخرة ومكافآت نهاية الخدمة للعمال.

ولم يتضح السبب وراء إنهاء الحكومة السعودية محادثات إنقاذ الشركة، التي قد يتسبب انهيارها في صدمة للقطاع المصرفي السعودي وللاقتصاد بوجه عام.

وتعادل 15 مليار ريال من الديون نحو ثلثي الأرباح المجمعة للبنوك السعودية في النصف الأول من 2016، إلا أن الوضع القوي الذي تتمتع به البنوك السعودية من حيث متانة رأس المال وتدني مستوى الديون غير العاملة، قد يعني عدم تأثر النظام المصرفي في حالة شطب هذه الديون.

وقد يتسبب انهيار سعودي أوجيه كذلك في موجة تعثر بين شبكتها الواسعة من الموردين ومقاولي الباطن وهم بدورهم من دائني أوجيه.

وربما كان الجانب الإنساني المتعلق بمشاكل الشركة هو الأكثر أهمية، إذ بات يؤثر تخلف أوجيه عن سداد التزاماتها على آلاف العمال من جنوب آسيا، الذين تعاقدت معهم الشركة ويعيش معظمهم في مخيمات صحراوية، وقال عمال من الشركة لرويترز الشهر الماضي إن أوجيه توقفت عن تزويد العديد من المخيمات بخدمات الطعام والكهرباء والصيانة والرعاية الطبية.

حالة عامة

وحظيت أوجيه بعلاقة وثيقة مع السلطات السعودية منذ تأسيسها العام 1978 على يد رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق الذي ساعدت علاقاته القوية بالأسرة الحاكمة في المملكة الشركة في أن تصبح الخيار الأول لتنفيذ المشروعات إلى جانب مجموعة بن لادن السعودية.

ولكن هبوط أسعار النفط غير هذا الترتيب مع تأجيل المملكة لمشروعات البنية التحتية، وتأخر سداد مستحقات المقاولين، وهو ما سبب مشاكل مالية كبيرة لشركة بن لادن السعودية أيضا.

وقال مسؤول بالإدارة الوسطى لدى سعودي أوجيه إن وزارة المالية لم تسدد منذ نحو عام مستحقات مشروع حكومي بمليارات الريالات يعمل به.

وبحسب المصدر الأول المقيم في المملكة فإن الحكومة السعودية مدينة لأوجيه بعشرة مليارات ريال، وافقت الحكومة على صرفها بالفعل لكن الأموال لم تحول بعد علاوة على 20 مليار ريال عن الأعمال التي تم تنفيذها وقدمت مطالباتها للدولة.

وجرت المفاوضات بين الشركة والسلطات السعودية للتوصل لحل لمشاكل الشركة المالية هذا العام، إلا أنه لم يتضح التاريخ المحدد لبدء تلك المفاوضات.

وحسبما أفادت المصادر ومصدران آخران بالبنوك والقطاع، فقد جرى خلال المباحثات طرح بعض الخيارات ثم نبذها مثل شراء الحكومة حصة في الشركة وبيع الأصول العقارية أو حصة في أوجيه إلى شركة نسما وهي شركة مقاولات سعودية أخرى.

ولم يتضح السبب وراء نبذ الخيارات المطروحة وما إذا كان ذلك يرجع للشركة أم للسلطات السعودية.

خيارات مستبعدة

وقال المصدر الأول المقيم في السعودية إن آخر خطة طرحت على مائدة المفاوضات شملت بيع أوجيه لاستثمارات مثل أوجيه تليكوم التي تملك حصص أغلبية في ترك تليكوم وسل سي بجنوب افريقيا إلى جانب حصة 20 % في البنك العربي الوطني وإن المشترين المحتملين كانوا جهات مرتبطة بالحكومة السعودية.

وبحسب المصدر نفسه فإنه بحلول شهر رمضان الذي انتهى في السادس من يوليو/ تموز أبلغت الحكومة السعودية أنها أنهت كافة المفاوضات.

ولم تذكر المصادر السبب وراء إنهاء الحكومة للمفاوضات لكن بعض المصادر قالت إنه مازال هناك اعتقاد بين الدائنين بأن الحكومة ربما ترحب بإجراء مباحثات أخرى.

ومع ذلك قال مصدر مصرفي إن المفاوضات الحكومية مع أوجيه كانت “شرسة” وهو ما قد يزيد من صعوبة التوصل لاتفاق في حالة العودة لهذا المسار.

وفي حين مازال التوصل إلى اتفاق ممكنا فقد أصبح هناك اهتمام متزايد من مسؤولي الشركة ودائنيها بكيفية قيام الشركة بإنقاذ نفسها وتقول المصادر إن إعادة هيكلة الديون تبدو الخيار الأرجح.

وفي حالة المضي قدما في هذا الطريق من المرجح أن تعين أوجيه مستشارين لإعادة الهيكلة وأن تطلب من البنوك توقيع اتفاق لتجميد الديون سيحول دون اتخاذ أي إجراءات قضائية بحقها، ويسمح ببدء مفاوضات إعادة الهيكلة في وقت لاحق من العام الجاري بحسب مصدرين في السعودية.

قلق بين الدائنين

ومع ذلك فهناك قلق متزايد بين الدائنين، ففي يوليو/ تموز أصبحت مجموعة سامبا المالية أول بنك يلجأ للمحاكم للحصول على حكم قضائي بحق سعودي أوجيه لاستعادة مستحقاته بحسب مصدر سعودي آخر.

وتحتل سامبا المرتبة الثانية بين الدائنين من حيث الانكشاف على أوجيه بعد البنك الأهلي التجاري السعودي، حسبما أفاد المصدر وهو ما أكده مصدر مصرفي آخر.

وأقرضت البنوك السعودية الجزء الأكبر من ديون أوجيه لكن من المرجح أن بنوكا لبنانية وخليجية وعالمية أخرى منكشفة على الشركة أيضا من خلال قرض بقيمة 1.03 مليار دولار يحل موعد استحقاقه في فبراير/ شباط.

وقد توقد خطوة سامبا شرارة دعاوى أخرى بحق أوجيه من قبل البنوك، بحسب مصادر بالقطاع ومصادر مصرفية لكن القوانين الخاصة بالشركات المتعثرة في المملكة تظل غامضة ولم تختبر بصورة كبيرة وهو ما يجعل تطبيق الأحكام القضائية أمرا صعبا.

وربما كانت مشاكل ديون مجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي واخوانه هي السابقة الحقيقية الوحيدة في المملكة، وفي هذه القضية حصلت البنوك الدائنة على أحكام قضائية لصالحها لكن المفاوضات مازالت جارية للتوصل لاتفاق بعد أكثر من 7 أعوام على تعثر المجموعتين.

وقال مصدر آخر في السعودية إن حجم ديون مجموعتي سعد والقصيبي سيكون قزما بالمقارنة مع إعادة هيكلة ديون أوجيه.

وقالت مصادر مصرفية وأخرى بقطاع المقاولات إنه على الرغم من التعقيدات فمن المرجح أن تقبل البنوك الدائنة بالتوصل لاتفاق رسمي لإعادة هيكلة الديون بدلا من إجبار أوجيه على التصفية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.