خواطر أبي المجد ( 203 ) / د.بهجت سليمان

 

د.بهجت سليمان ( سورية ) الأحد 11/9/2016 م …

(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).

[ صباحُك مِنْ ذُرَا الشهباءِ ، يَسْرِي

ليَمْنَحَنا شموخاً ، كالجبالِ

صباحُكَ ضَيْغْمٌ ، يَزْدانُ نَصْراً

لِيَبْقَى الشرقُ ، آياتِ الجَلالِ ]

-1-

( لن تنجح ألاعِيبُ وحِيَلُ ” العَمّ سام ” الأمريكي )

( عندما يُصَوِّتُ الجنود ، في سورية واليمن ، بأقْدَامِهِمْ )

– ميزان القوى على الأرض ، هو الذي يصيغ القرارات السياسية المتناغمة معها …

– ومع أنّ الإدارة الأمريكية اعتادت منذ حرب تشرين عام 1973 – وب ” فضل ” أنور السادات – أن تأخذ بالسياسة والدبلوماسية ، ما عجزت عن أخذه بالميدان . .

– ولذلك تتحايل الإدارة الأمريكية ، لكي تأخذ من الجانب الشرعي السوري ، الذي هو الدولة الوطنية السورية ، وعن طريق الصديق والحليف الروسي ، و بواسطة السياسة والدبلوماسية ، ما عجزت عن أخذه في الميدان ، وما اعتادت أن تأخذه بالإبتزاز والتحايل والخداع ..

– وتناسى هؤلاء أنّ سورية الأسد ، ما كانت ولن تكون ك مصر في عهد السادات..

وسورية الأسد ما هانت يوماً ولا لانت ولا استكانت .. ولن يهدأ لها بال ، حتى تتحرر جميع الأراضي السورية المختطفة من قبل المحور الصهيو- أطلسي وأدواته الإرهابية الأعرابية والمتأسلمة .

– وهنا ، نذكر فقط بالقرار ” 2116 ” المتعلق ب ” اليمن ” والصادر منذ بداية العام الماضي، بالإجماع عن مجلس الأمن الدولي ، استناداً للباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، والذي يطلب من ” الحوثيين ” الخروج من المدن وتسليم السلاح والسلطة ل ” شرعية هادي !!!!”

فماذا كانت النتيجة بعد ثمانية عشر شهراً؟

كانت النتيجة أنّ الجيش اليمني والقوى الوطنية الحوثية ” صَوَّتوا بأقدامهم ” وجعلوا من القرار ” 2116 ” نَسْياً مَنْسِياً ، وكأنّهُ لم يَكُنْ .

-2-

( رغم الدعوات ب ” التوفيق ” لاتفاق ” كيري – لافروف ” الأخير في جنيف ، فإنّ احتمالات نجاحه مُتَوَاضِعَةٌ جداً ) ..

لماذا؟

لأنّ طبيعة ” العَمّ سام ” الأمريكي ، تفرض عليه أن يعمل أوّلاً ، لأخذ ما يريد من أي اتفاق ، و التَّنَصُّل ثانياً ، مما يجب عليه تقديمه للطرف الآخر أو للأطراف الأخرى ..

وعندما يفشل الإتفاق ، بسبب تحايل الجانب الأمريكي ، يرفع الأمريكي عقيرته ، متهماً الأطرافَ الأخرى بعدم تنفيذ الالتزامات والتعهدات .

-3-

( حقائق قائمة )

1 – أي ثقة أو طمأنينة تجاه الموقف الأمريكي = غفلة + تراخي + صفعة ..

2 – أي قناعة بأن الأمريكي يمكن التعامل معه إلا بإحدى طريقتين : الإلتحاق به أو الصدام معه .. هي قناعة بلهاء..

3 – الإعتقاد بأن الأمريكان يمكن أن يتراجعوا عن أهدافهم ومخططاتهم ، بغير القوة .. هو اعتقاد أخرق..

4 – أي تراجع سياسي هام بمواجهة الأمريكي ، كمن ينحدر من رأس جبل ، لا يستطيع أصحابه التوقف ، إلى أن يصلوا إلى قاع الوادي ..

5 – أمريكا هي ” إسرائيل ” الكبرى .. و ” إسرائيل ” هي أمريكا الصغرى..

6 – ” إسرائيل ” هي الحليف الوحيد في العالم للدولة الأمريكية ، والباقي أتباع أو خصوم أو أعداء ، حتى لو جرت تسميتهم ” شركاء ” .

7- دول أوربا الغربية ودول أوربا الشرقية، أجرام سياسية تدور في الفلك الأمريكي .

8 – بريطانيا هي ” بيت الخبرة ” السياسي والأمني للولايات المتحدة الأمريكية ..

ومع ذلك ، فإن الحكومات البريطانية هي ذيل الكلب للإدارات الأمريكية ..

9 – واشنطن لن تخرج من منطقتنا ، لكنها ستعيد انتشارها السياسي والإستراتيجي مع التخفيف من وجودها المباشر ..

10 – واشنطن لن تبقى القطب الأوحد على رأس العالم ، ولكنها ستبقى القطب الأكثر قوة خلال العقدين القادمين .

-4-

– بين بعث ( حافظ الأسد ) و بعث ( صدام حسين ) –

– انقسم حزب البعث العربي الاشتراكي منذ منتصف ستينيات القرن الماضي ، إلى جناحين : جناح اليمين وجناح اليسار ..

– بقي جناح اليسار البعثي يدير الأمور في سورية ، منذ 23 شباط عام 1966 حتى 16 تشرين الثاني عام 1970 ..

وأدت سياسته الطفولية المغامرة إلى وضع سورية في عزلة سياسية خانقة ، وفي حالة إفلاس أقتصادي ، وفي حالة رفض جماهيري كاسح لتلك السياسة القصيرة النظر .

– وصل جناح اليمين في الحزب إلى السلطة في العراق عام 1968 ، وبقي فيها حتى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003…

وهنا لا بد من قول الحقيقة مهما كانت قاسية ومؤلمة … ذلك أن الجناح اليميني للبعث ، خاض حربا ضد إيران الثورة الوليدة ، لمدة ثمانية أعوام ، تلك الحرب التي كانت لصالح المحور الصهيو/ أطلسي وأذنابه الخليجية…

ومهما حاولنا تجميلها وتزويقها ، فإنها ستبقى من أكبر الخطايا بحق الأمة العربية وبحق القضية الفلسطينية ، قبل أن تكون جريمة بحق الثورة الإيرانية التحررية التي وقفت ، منذ اليوم الأول ، وبكل ما تستطيع ، مع القضية الفلسطينية ..

والخطيئة الثانية هي غزو الكويت ، فكانت النتيجة هي إعطاء الذريعة للأمريكي ، و على طبق من ألماس ، لكي يحتل العراق ، وليعيد النفخ في نار الإرهاب الوهابي/ الإخونجي المتأسلم ، الذي أوصل المنطقة العربية إلى هذا الوضع المزري..

لا بل باتت معظم القيادات البعثية في العراق ، منذ سقوط العراق حتى اليوم ، قيادات ” داعشية ” إرهابية متأسلمة وبقيادة ” عزت الدوري ” ، تدور في فلك المشروع الصهيو/ أمريكي ، وتخدم نواطير الكاز العرب.

– وأما جناح البعث اليساري المغامر في سوريا ، فقد قام ” حافظ الأسد ” بتقويمه وتصويبه وإعادته إلى جادة الصواب، بحيث بات بعثا عربيا قوميا وطنيا تحرريا عقلانيا منذ 16 تشرين الثاني عام 1970 ….

* وقاد حرب تشرين التحريرية ضد ” إسرائيل ” عام 1973 …

* وأنقذ لبنان من التقسيم عام 1977 ..

* ودافع عن الأرض اللبنانية وعن المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي ، عام 1982 . .

* وكان العامل الأول والأكبر في إيجاد المقاومة اللبنانية التي تتوجت ب ” حزب الله ” الذي بات وسيبقى الهاجس الأكبر للإسرائيليين

– وبرهن جناح البعث الذي قاده حافظ الأسد ، بأنه هو وحده الذي يجسد جوهر وحقيقة حزب البعث العربي الاشتراكي .

– ولولا هذا الإرث البعثي العامر ، لكانت سورية قد خسرت عشرة أضعاف ما خسرته ، منذ عام 2011 حتى الآن ، من الأرواح البشرية…

ولكن سورية صمدت وأجهضت مشروع التقسيم والتفتيت :

* بفضل الجناح البعثي الأسدي في سورية ، جيشا ومواطنين ..

* وبفضل قائد تمثل قيم البعث وأصالته ، هو أسد بلاد الشام : الأسد بشار …

ومن يرون غير ذلك ، فهذا حقهم ، ولكن رؤيتهم تلك لا تغير شيئا من حقائق الأمور ..

وكيف يصح في الأفهام ، شيء

إذا احتاج النهار إلى دليل!!!!

-5-

( لا يكفي النظر من ثقب الباب )

1- لا يكفي النظر من ثقب الباب .

2 – والسياسة بالأفعال والنتائج ؛ لا بالعواطف والنوايا .

3- والأهم هو وضع السلبيات في كفة والإيجابيات في كفة ثانية ، ومن ثم الموازنة بينهما .

4 – والمعيار الأهم هو مقاربة السياسة من منظور ” الواقعية المبدئية ” ، بحيث لا تطغى المبدئية على الواقعية ، ولا الواقعية على المبدئية ، وعدم السماح بالانفصال عن العالم ، بذريعة ” المبدئية ” … وكذلك عدم الانزلاق إلى ” الوقوعية الإستسلامية ” بذريعة ” الواقعية ” .

5 – وأما بعض الطروحات ، فهي طوباوية ونظرية ولا علاقة لها بالسياسة الفعلية على الأرض ، حتى لو كانت متناغمة مع نظريات علم الأخلاق والفلسفة..

6- ويبدو أن بعض الأصدقاء لم يسمعوا بسقوط الأتحاد السوفياتي وبسقوط المنظومة الاشتراكية، الأمر الذي ترك البعث في سورية بدون ظهير .

7- وأما القول باللجوء إلى الطبقة الرجعية ، فيتجاهل ضرورة اجتذاب الرأسمالية الوطنية ، و زجها في بوتقة العمل الإقتصادي ، وخاصة بعد سقوط المنظومة الاشتراكية…

وهذا ليس مأخذا – كما يعتقد البعض – بل هو دليل دامغ على استشراف وعمق الرؤية لدى البعث الذي قاده حافظ الأسد .

8- وحتى الأديان السماوية ، لها ما لها وعليها ما عليها ، وهذا لا يعني أنها لم تكن ثورات حقيقية في تاريخ البشرية.

-6-

( المطلوب صهيو – وهابياً ، تحطيم و تفريغ وتجريف سورية ، تحتَ إسْم ” ثورة !!! ” )

– شَنَّ المحورُ الصهيو- أطلسي – العثماني – الأعرابي – الوهّابي – الإخونجي ، حرباً طاحنةً على الجمهورية العربية السورية ، منذ خمس سنوات حتى البوم ..

/ و دَمَّروا فيها البنية التحتيّة السورية ؛ الصناعيّة والزراعيّة والخدماتية والنفطية والغازية والكهربائية والطُّرُقيّة ..

/ وقتلوا الآلافَ من عناصِرِ الجيش السوري والأمن السوري ، وعشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري ..

/ وفرضوا حصاراً وحشياً ، اقتصادياً ومالياً ودبلوماسياً وتكنولوجياً ، على الشعب السوري ، لا سابِقَةَ له في التاريخ ..

/ وجنّدوا وموّلوا وسَلّحوا وصٓدّروا عشراتِ آلاف الإرهابيين التكفيريين المتأسلمين ، إلى داخل الأرض السورية ، لتدمير مُقَدّرات الشعب السوري ومُحاربة الجيش السوري ..

/ واشْتَروا من داخِل سوريّة ، عشراتِ آلاف المرتزقة وأصحاب السّوابق والخارجين على القانون والفارّين من وجه العدالة ، وقاموا بإحتضانِهِم ودعمِهِم وتسميتِهِم تارةً ” جيش حُرّ ” وتارَةً ” معارضة معتدلة ” ..

/ وتَسَبَّبوا بتدمير كُلّ ما استطاعوا تدميره من الأوابد الحضاريّة التاريخية ، لإلغاء وتهشيم الذاكرة الجَمْعِيّة الموثّقة ، لِأقْدَم وأعْرَق وأعْظَم مُدُن التاريخ في سوريّة ..

/ وقبل ذلك وبعده ، شنوا حربا إعلامية ساحقة ، غير مسبوقة في التاريخ ؛ على الشعب السوري والجيش السوري والأسد السوري ؛ و دفعوا عشرات مليارات الدولارات ، لشيطنتهم وأبلستهم وضعضعتهم نفسيا وروحيا..

/ ومن الجدير بالذكر أن الحكومة الأردوغانية الإخونجية ، قامت بمهمتها القذرة والمشينة بالإتجاهين…. حيث كانت ولاتزال ؛ مقرا وممرا لجلب عشرات آلاف الإرهابيين من مختلف دول العالم ؛ إلى سورية …

ثم قامت بمهمتها ؛ بالاتجاه المعاكس ؛ ففتحت حدودها وأرضها لإستجلاب مئات آلاف السوريين وشحنهم إلى أوربا كلاجئين .

– وإضافَةً إلى ذلك ، قاموا منذ بداية عام ” 2011 ” بإعدادِ العُدّة لتهجير كُلّ ما ومَنْ يستطيعون تهجيره من سورية ، ونصَبوا الخِيَم وأقاموا معسكراتٍ لِلّاجِئين في تركيا والمملكة الأردنية ، قَبْل بٓدْء الحرب الكونية على سورية في ” 18 ” آذار عام ” 2011 ” ، بعدّة شهور ..

/ واسْتَمَرّوا في العمل المتواصل ، على مختلف الصُّعُد ، لتحطيم وتفكيك وتفتيت الجمهورية العربية السورية ، وصولاً إلى تسميم و تفريغ وتجريف سوريّة من طاقاتها العلمية والشّبابيّة ، وإخْراجها من التاريخ والجغرافيا والحاضر والمستقبل ..

/ وُصولاً إلى إسْتِدْراج و جَذْب عشرات آلاف الشباب السوريين ، وتمريرهم عَبْرَ سلسلة من المخاطِر الجَمّة ، وإظهار قَبولِهِم كَلاجِئين في البلدان الأوربية ، على أنّه لِأسْبابٍ إنسانيّة وأخلاقيّة نابِعة من النهج السياسي الأوربي !!!

/ وتَناسَى هؤلاء أنّ العواملَ الإنسانية والأخلاقيّة ، تستدعي منهم التوقّف عن شنّ الحرب الاقتصادية والمالية والدبلوماسية والإعلامية ، والتوقّف عن النّفاق في مسألة الحرب على الإرهاب ..

/ لا بل تستدعي منهم بالأصْل ، عدم شنّ تلك الحرب ، التي خلطت الأوراق في المنطقة ، وجعلت منها بُحَيْرَةً إرهابية ، تحتاج إلى سنواتٍ طويلة لتجفيفها وتنظيفها وزرعها بالخير والمحبّة من جديد . .

– ومع ذلك ورغم ذلك كُلّه ، لا زال بعضُ السَّفَلة والقَوّادين والمرتزقة والبيادق ، في الداخل والخارج ، يتحدّثون عن ” ثورة سورِيّة !!! ” .

-7-

( بين التفاؤل و التشاؤم )

– إذا كان التفاؤل مطلوباً في الظروف العادية ، فالحاجة إليه في الظروف الاستثنائية ، هي أضعافٌ مضاعفة .

– التفاؤل ليس وهماً ولا خداعاً للنفس ، كما يظن البعض ، بل هو تعبيرٌ عمّا تراه البصيرة ، ولا يراه البصر.

– سِرُّ الحياة اﻷول للإنسانية وأكسيرها وترياقها وهواؤها وماؤها ، هو التفاؤل..

وأما التشاؤم فهو سُمُّ الحياة القاتل لكل ما هو حميلٌ ونبيلٌ فيها .

– التفاؤل هو ميزة أصحاب النفوس الكبيرة والعظيمة … والتشاؤم هو صفة النفوس الصغيرة والعابرة.

– المنتصرون والمصممون على النصر ، متفائلون دائماً…

و المهزومون ، سواءٌ في الميدان أو في داخلهم ، متشائمون دائماً .

– التفاؤل سمة الحياة .. والتشاؤم علامة الموت .

– لا معنى للحياة ولا قيمة لها ، بلا تفاؤل … ولا وٓصْفٓةَ للموت الرخيص ، أفضل من التشاؤم.

– التفاؤل يصنع من الموت حياةً … والتشاؤم يجعل من الحياة موتاً.

– التفاؤل جميلٌ ومشرقٌ ورائعٌ وخلاّقٌ ومبدعُ … وأمّا التشاؤم ف قبيحُ وكئيبُ ورتيبٌ ومظلمٌ وهٓدّام .

– التفاؤل يحعل من اﻹنسان ، صورةً للهِ في اﻷرض كما أرادهُ الباري عز وجل … و أما التشاؤم فيحعل من اﻹنسان ، صورةً للشيطان على اﻷرض .

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.