الإثنين 12/9/2016 م …
الأردن العربي …
يُمثل العيد محطة للتزود بالثواب المُضاعف وتعميق صلة الرحم والتزاور القائم على المودة والألفة والتعاون. فكل شعيرة شرعها الله عز جل أو استنها الرسول عليه السلام ما هي إلا خير وسعادة للمسلم في دنياه ورضا من الله في الآخرة .
فالعيد هو خلاصة للأعمال العظيمة التي تتضاعف فيها الخيرات والطاعات كثيراً، إذ أنه يأتي نتاجاً للأيام العشرة الأولى من ذي الحجة الذي تعتبر لدى كثير من العلماء أعظم الأيام عند الله، بل ذهب بعضهم إلى تقديمها على شهر رمضان من حيث الثواب.
خصوصية وتجليات
ومن عظمة وفضائل هذه الايام وغيرها تأتي أهمية عيد الاضحى المبارك الذي يجدد في المسلم خصال التضحية والفداء والبذل لله وللوطن ولأهله. وفي حال الحديث عن واقع العيد في الحالة الفلسطينية يمكن القول بأن لهذه الحالة خصوصية متفردة لثلاثة أسباب، أولها متعلقة بفقدان الحرية للفلسطينيين جراء الاحتلال الاسرائيلي، وثانيها تشتت العائلات الفلسطينية داخليا وخارجيا، في حين السبب الثالث يكمن في الوضع المعيشي البائس الضيق لكثير من العائلات، والذي له تأثيرات سلبية واضحة على مجريات هذا العيد وتجلياته.
فكم من فلسطيني فرح بين عائلته ومحبيه في عيد الاضحى الماضي، بينما الآن فهو إما تحت التراب شهيدا، أو في المعتقل أسيراً، أو في المشفى جريحا، أو في الغربة مغتربا أو منفيا. وكم أيضا، من فلسطيني استطاع أن يشتري لباسا يفرح به العيد الماضي، لكنه عجز عن هذا في عيده الحالي لضيق الحال.
وتأسيساً على ذلك، ولمعرفة واقع الفلسطينيين في عيد الاضحى المبارك، قمنا باستمزاج آراء العديد من الفلسطينيين، سواء ممن يعيشن داخل الوطن أو خارجه، أولئك الذين لفحتهم الغربة برياح البعد والشوق والحنين.
سري سمور
يقول سري سمور : إن عيد الأضحى المبارك يعني لي تذكر الحج ومناسكه، وتذكر اكتمال الرسالة النبوية وتذكر سنة الأضحية حتى ولو لم أضحي، يعني لي صلة الأرحام والتواصل مع الأهل والأقارب، ولا شك أن للعيد مصروفات قد تثقل كاهل المرء ولكن لا تُقاس بالفرحة المرسومة على وجوه الاطفال والاستبشار في عيون الأخوات والأمهات والخالات والعمات.
“العيدية” والغربة!
ازدهار مصلح تبين أن العيد محطة لتجديد السعادة والفرح خاصة للأطفال، إلى جانب سعادة المرأة بسبب صلة الرحم، وحريتها في انفاق ” عيديتها” دون تدخل زوجها. وتضيف” وانا بلاحظ كتير نساء خاصة اللي ما بيشتغلو…قديش بكونن مبسوطات وهن يفكرن بطريقة التصرف بحرية بالعيدية وكيفية صرفها….رغم انها ما بتكون عيدية كبيرة”.
زياد أبو الرب
د. زياد ابو الرب، المقيم في بلجيكا يقول: العيد هنا بعيداً عن الأهل أقل بهجة. ولكنه فرصة لتعريف غير المسلمين من زملاء العمل أو الجيران بالوجه الحقيقي للإسلام بمشاركتهم هذا العيد. هذا دين التسامح والتوحيد والمحبة. ليس هناك عطلة رسمية في الأعياد الإسلامية في بلجيكا رغم أن الإسلام معترف به كدين دولة، وبالتالي نأخذ اجازة لنا والاولاد من المدرسة، وتلقى التهاني من الزملاء والأصدقاء المسلمين والأوروبيين.
ويضيف” هناك بعض المعوقات تواجه المسلمين هنا مثلا في القوانين الصارمة بشأن الاضحية، حيث يمنع الذبح في البيوت إلا بشروط يجب توفير ظروف صحية، ويتم فتح مسالخ ولكنها لا تكفي الأعداد الكبيرة من المسلمين الراغبين في تقديم أضحية. وقد سن قانون جديد يأمر بإعطاء الذبيحة صعقة كهربائية قبل الذبح وهو ما يتعارض مع الطريقة الإسلامية، ويثير حفيظة الناس، كما أنه في العيد تمتلئ المساجد بالمصلين.
العائلة والتكافل
خالد الكردي المقيم في هولندا يقول: عيد الاضحى المبارك له معاني كثيرة بالنسبة للمسلمين، وأيضا لغير المسلمين. “أيامه مباركة، ويمثل أكبر اجتماع انساني على وجه الارض، حيث ملايين المسلمين يؤدون مناسك الحج والطواف والتكبير والصلاة جميعا بنفس الانضباط لله تعالى… الجميع يكبر ويقف للصلاة ويركع ويسجد في آن واحد ..لا يستطيع أي وزير دفاع أو قائد جيش في العالم أن يجمع ملايين الجنود ويأدون التمارين أو الانضباط، فهذا مستحيل على البشر في الوقت الذي نحن المسلمون نقوم بهذا الانضباط لكون ايماننا وعقيدتنا اقوى واصلب من جميع القوانين الإنسانية”.
خالد الكردي
أما اجتماعياً، فإن أيام العيد هي أيام التلاقي وصلة الرحم، ويذكرنا، أيضاً، بأن هناك اناس فقراء محتاجون لرسم البسمة على وجوه اطفالهم. كما يذكرنا بزيارة المرضى والجرحى وأسر الشهداء والمعتقلين . كما أن أجواء العيد الروحانية تعمل على ازدهار الحركة التجارية .. أما بالنسبة لي شخصيا هنا في هولندا، فإن أجواء العيد ليس كما هو في وطننا لكن الميزة به أن أشارك ابني الفرحة بالعيد وشرح له معنى عيد الاضحى المبارك، ولماذا نذهب نحن المسلمين للحج؟، أي تثقيفه ديننا . ويعبر الكردي عن ما يدور في خلجه من مشاهد عظيمة في الحج، إذ يقول: “إن العين لتدمع عندما نرى ملايين الحجاج وهم بلباس الاحرام يطوفون ويكبرون الله اكبر.. الله اكبر ..لا اله الا الله. الله اكبر .. الله اكبر ولله الحمد.. ما اعظم هذا الدين”.
اشرف صيام الملتحق بالدكتوراه في تونس يقول: العيد من أجمل المناسبات أعظمها لدى المسلمين، إذ يعبر عن الود وصلة الرحم والتزاور التعاطف والتكافل، منوهاً إلى أنه كان يتمنى أن يشارك العائلة العيد إلا أن واجب العلم والتحصيل المعرفي يحول دون ذلك.
د. عبد الله الخطيب يؤكد أن من فضل الله تعالى أن من على المسلمين بأيامٍ تجعلهم يشعرون بقيمه الحياة ومتعتها. حيث يظهر المسلمون بأجمل وابهى صورة على وجه الارض وهم يقولون لبيك اللهم لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك، إذ أن هذه الصورة تجعل ارتباط الفرد بربه ارتباط دينينا خالصا وما تكونه هذه من جمال روحي مميز على قلب المؤمن؛ فينعكس على سلوكه وتفاعله مع المحيطين فنرى الألفة والمحبة والصفاء والتضحية.
معانٍ وجائزة
ويضيف” لذلك هذا العيد مميز بكل مناحيه وجوانبه .فدينياً، يشعر المسلم بمدى قربه من الله تعالى حين يضحى بأضحيته والذى تتطهر القلب من كل معاني الشح والبخل. أما نفسيا، وما أجملها من معاني نفسية حينما تتقابل التضحية مع الوفاء للفقراء والمحتاجين في كسر الحواجز النفسية والاجتماعية في التواصل معهم والقرب منهم. أما اقتصاديا، فقد يشكل عبئا اقتصاديا، وهو تجاره رابحه مع الله تعالى.. وما اثمر وابلغ هذه التجارة التي تتطهر النفس والجسد.. أما نفسيا، فكل معاني الراحة النفسية تظهر في هذا العيد وانت تظهر الفرح والابتسامة على كل من حولك من ابناء واقارب واحباب.
ازدهار مصلح
د. عدنان دحدولان يقول: العيد ذلك اليوم الذي يفرح فيه كل مؤمن فيفرح الحاج بأدائه لفريضة الحج يشكر الله تعالى على توفيقه لأداء هذه الفريضة، وأما غير الحاج فيفرح للأعمال الصالحة التي قام بها في العشر الأول من ذي الحجة خصوصا صيام عرفة وغيره من الأعمال الطيبة المباركة.
ويضيف” إن كان عيد الفطر هو يوم الجائزة، فإن عيد الأضحى المبارك هو يوم الجوائز، لكثرة الأعمال العظيمة التي تقام في أيامه، ولا سيما أن يوم العيد هو خير الأيام عند الأيام عند الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم:( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القرَ. وأما بالنسبة للعيد في الغربة فهو عيد تنقصه فرحة اللقاء بالأهل والأحبة، وشتان بين العيد في الغربة والعيد في الوطن، فالأخير سعادته مكتملة الأركان.
التعليقات مغلقة.