تل أبيب تبيع توابيت الحزن / شوقية عروق منصور

شوقية عروق منصور ( فلسطين ) – الأربعاء 9/8/2023 م …




ظهرت قبل أسبوع  في شوارع تل أبيب توابيت الحزن العربي ، الفلسطيني ، كانت مسيرة أو رسائل ترسلها الأمهات والأخوات والزوجات والآباء والأبناء والأصدقاء  إلى طواويس الرصاص الذين يتجولون في كل مكان حيث  يزرعون الرعب والخوف والصراخ والدماء وشهادات الرحيل المطرزة بالدموع والحسرات .

كانت ” مسيرة الأموات ” تصرخ في سماء تل أبيب  ، وعلى كل تابوت كانت الأسماء والأمنيات الملفوفة  بالمستقبل ولكن ثقوب الرصاصات كانت أسرع من تحقيق تلك الامنيات التي دفنت بالتراب .

في شوارع تل أبيب ارتدى  العربي – رجل ، امرأة ، شاب ، شابة – أحزانه وسار حاملاً تابوته هارباً من سفينة العصابات – ليست شبيهة بسفينة نوح –  التي قررت أن تحشره في خانات الفوضى والأحزان وشل العقول ، لعل صُناع القرار في إسرائيل يسمعونه ، بعد أن طفح كيل الدم ولم تعد سيارات دفن الموتى تهدأ ليل نهار  ومستشفيات تستفيق على ذهول وتنام على  الدهشة من جرأة الأصابع على الزناد .

وسارت مسيرة الأموات المكفنة بالبياض  في شوارع تل أبيب ، والتوابيت مرفوعة تحكي قصصاً عن وجع الغياب ، والمسيرة تنادي المارين  والأشخاص والبنايات والحدائق والأرصفة والنوافذ والشرفات والسيارات المركونة والجدران ، ولكن من بين الخطوات كان يطل الف نيرون  يضحك ويعزف على الأوتار والالحان .

الذي توقع أن تهز ” مسيرة الأموات ” الضمائر اليهودية  وتدفع صُناع القرار إلى وضع الخطط لتخليص المجتمع العربي من جنون العنف وإيقاف شلالات الدم هو واهم  وغارق في وهمه ، فالعربي بالنسبة لتلك الضمائر هو  الأسواق والشراء بأرخص الأسعار والمطاعم وصحون الحمص فقط ، ولم تستطع ” مسيرة الأموات ” بتكاليفها وصدق احزانها ووجع صراخها أن تجعل ذلك المواطن اليهودي القابع تحت المكيف أن يتحرك وينزل ويصرخ متلبساً بصدقه الإنساني ، حتى الاعلام العبري مر مرور الكرام على اخبار المسيرة دون أن يوجه أصابع الاتهام لقادته الذين يعرفون – دبة النملة – ولكن يتجاهلون أمر الجرائم في المجتمع العربي .

لماذا مدينة تل أبيب وتجاهل مدينة الناصرة  عاصمة الجماهير العربية لإقامة هذه المسيرة بدلاً من تل أبيب ، لماذا لم تحضن شوارع الناصرة هذه المسيرة ، وإذا كانت حجة التأثير في عقر المجتمع اليهودي  فهذه حجة واهية ، لأن المجتمع اليهودي مغلق على انانيته وتفرده ولا يهمه المواطن  العربي ، ان تجاهل مدينة الناصرة والتقليل من أهميتها هو طعنة تاريخية لها ولماضيها ووجودها المؤثر والهام ، مهما كان الخلاف مع رئيسها ، فعلى مر تاريخها هي ليست ملكا للرئيس فلان وعلان ، إنها أكبر من كل الأسماء ، وتقزيمها هو هدف الرؤية الإسرائيلية .

 في أسبوع ” مسيرة الأموات ” أعلن وزير المالية سموترتش تجميد الميزانيات للسلطات المحلية  العربية،  والجميع يعرف الازمات المالية التي تعيشها المجالس والبلديات العربية ، ويعرف الاجحاف اللاحق بها منذ سنوات طويلة جداً ، ولكن هناك صمت بل تأييد من قبل أعضاء الكنيست والوزراء اليهود ، حتى لم توضع ميزانيات لمكافحة العنف المستشري  والطرق التي يجب أن تحارب بها هذه الآفة .

سؤال يراودني لماذا لا يستقيل النواب العرب من الكنيست ؟؟  لماذا سيبقى نوابنا يصدرون صراخهم وكلماتهم حتى يرى العالم الغربي والمجتمع الإسرائيلي  شفافية الديمقراطية الإسرائيلية، نعم هذا ما يراه العالم  الغربي والإسرائيلي ،  النائب  العربي يصرخ ويشتم ويتهم إسرائيل وإسرائيل تحضنه وتمنحه الراتب والميزانية وباقي الاكسسورات اللازمة للتتويج لديمقراطية .

ومع تقليص الميزانيات لماذا لا يتم اغلاق البلديات والمجالس المحلية ورمي المفاتيح  في وجه وزير الداخلية لم يعد هناك مجالاً للتنازل أكثر، لأن وضعنا البلدي من سيء.

واذا اردنا ربط مجيء جماعة ” بن جفير ” و” سموترتش ” واليمين المتطرف  إلى الحكومة بازدياد نسبة عدد القتلى العرب نعرف أن هناك وراء الكواليس غرفاً سرية وملفات يفتحونها يوميا .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.