أيها العرب …احذروا الصهيونية / د. فايز رشيد
د. فايز رشيد ( الأردن ) الخميس 15/9/2016 م …
” منذ مدة، أطلق رئيس الائتلاف الحاكم في الكنيست ياريف لفين (من قيادة حزب الليكود) مجموعة ضغط برلمانية تحت اسم”اللوبي من أجل أرض إسرائيل”. المهمة الرئيسية للوبي الجديد: الدعوة إلى فرض”السيادة التاريخية”على كل فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر. يأتي ذلك وسط سن قانون تشريعي جديد، يمنع أي حكومة إسرائيلية من إجراء تسوية نهائية مع الفلسطينيين وأي مساومة على مفهوم “أراضي إسرائيل التاريخية”.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد اعلان ما أسموه بـ “الاستقلال الاسرائيلي” بعشرة ايام، في 24 مايو/أيار 1948، قال دافيد بن جوريون في جلسة “للهاجاناة”: (يجب تدمير مدينتي الرملة واللد على الفور… ويجب تنظيم كتيبة الياهو, وتوجيهها ضد جنين من اجل غور الاردن … يجب تقديم التعزيزات لـ “متلف”, الذي مهمته هي احتلال جنوب لبنان, من خلال قصف مدينة صور ومدينة صيدا ومدينة بيروت… يجب تكليف يغئال ألون بقصف سوريا من الشرق ومن الشمال… يجب انشاء دولة مسيحية يكون الليطاني حدودها الجنوبية، ونقوم بعقد تحالف معها. وعندما نهزم الجيوش العربية ونقوم بقصف عمّان، نقوم ايضا بتصفية الضفة الاخرى من النهر وعندها ستسقط سوريا. واذا تجرأت مصر على الحرب، سنقوم بقصف بور سعيد والاسكندرية والقاهرة).نعم، هذا هو بن جوريون، وليس نابليون بونابارت. الذي وعد بـ “هكذا سننهي الحرب، ونصفي حساب أجدادنا مع مصر ومع آشور وآرام”.
نحن في العام 2016, يفصلنا عما قاله بن جوريون 68 عاما. وفي السؤال, هل مثّل الكيان الصهيوني غير هذه السياسة؟ يعقد البعض اتفاقيات سلام معه, وآخرون يقومون بالتطبيع, ويستقبلون وفوده في دولهم! هل يعتقدون, أن دولهم ستكون بمنأى عن عدوانية إسرائيل؟ هل يعتقد هؤلاء بأن الخطر الصهيوني مقتصر على فلسطين وحدها فقط؟ هل انتهى مشروع دولة إسرائيل الكبرى؟ وهل وهل؟. قال موشيه دايان في أحد لقاءاته: “إذا لم نجتح الدول العربية بالدبابات فسنجتاحها بالجرافات”. إسرائيل ترفض رفضا قاطعا ترسيم حدود دولتها حتى اللحظة! أما لماذا؟ فللأسباب التالية: أن الترسيم سيحدد مصادرتها لأراض جديدة، أنه سيمنعها من سن القوانين العنصرية بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وسن القوانين التشريعية المنتهكة لحقوقهم، ومن سرقة الأراضي العربية (هضبة الجولان مثلا).. أن المؤسسة العسكرية ترفض رفضا قاطعا ترسيم حدود الدولة، لأن ذلك سيمنعها من ممارسة العدوان على الدول العربية. وأنه سيحد من عودة يهود العالم إلى وطنهم التاريخي.
أن الترسيم سيثير المزيد من الانقسامات وتحديدا حول مصادر التشريع، بين المتشددين اليهود وبين باقي الأطراف في الحركة الصهيونية التي تنادي بانكفاء اسرائيل على الذات، حتى تحين الظروف الملائمة لإعادة طرح المشروع .. أن الترسيم سيفاقم من بروز السؤال، الذي لم تجر الإجابة عليه حتى اليوم، وهو تحديد تعريف من هو اليهودي؟ قائد عسكري إسرائيلي أجاب عندما سُئل عن رفض إسرائيل ترسيم حدود دولتها بـ”أن حدود إسرائيل، حيث تصل دباباتها وأقدام جنودها”. إسرائيل ما زالت تعتبر الضفة الغربية، “يهودا والسامرة”، ضمت القدس مبكرا إلى إسرائيل في 27 نوفمبر 1967.هي ترفض الانسحاب من هضبة الجولان العربية السورية ومن مزارع شبعا اللبنانية. أيضا، ورغم أن ما يسمى بـ “مبادرة السلام العربية” تؤكد على الاعتراف الرسمي العربي بدولة إسرائيل، وإقامة سفارات لها في العواصم العربية، ورغم أنها وفي موضع “عودة اللاجئين”، أخضعت هذا الحق، وفقاً لما سيتم الاتفاق عليه بينها وبين السلطة الفلسطينية، رغم كل ذلك، رفض رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك أرييل شارون هذه المبادرة, فور تبنيها من قمة بيروت عام 2002، كذلك فعلت الحكومة الإسرائيلية التي يرأسها. رغم أن الدول العربية تمد يدها للسلام مع إسرائيل، إلاّ أن شارون اجتاح الضفة الغربية حينها، وسجن الرئيس الراحل ياسر عرفات في المقاطعة، ومنعه من حضور القمة.
في أحد تصريحاته قال شارون: إن المبادرة لا تستحق الحبر الذي تمت كتابتها به. رئيس الوزراء الحالي نتنياهو أعلن مرارا رفضه لهذه المبادرة، وهو في تصريحاته المتعددة عنها، سواء أكان ذلك في إسرائيل أو في واشنطن، إبّان إحدى زياراته، طالب الدول العربية بتعديل المبادرة، لأن الزمن قد عفى عليها، ومن وجهة نظره (أن العرب قمعيون، ديكتاتوريون، لا يمكنهم التعايش مع الديمقراطية)، ويمكن التعامل معهم فقط من خلال القوة، وهو يريد سلاماً مقابل السلام وليس سلاماً مقابل الأرض.هذه هي حقيقة المواقف الإسرائيلية من مبادرة السلام العربية. إسرائيل تريد استسلاماً كاملاً من العرب، وبضمنهم الفلسطينيون. تريد من العرب أن ينصاعوا للتسوية التي تطرحها، وألا يطالبوا بالجولان العربية السورية، فهي مهمّة للأمن الإسرائيلي، وألا يطالبوا بالقدس المحتلة فهي ستبقى في إطار القدس الموحدة “العاصمة الخالدة والأبدية لإسرائيل”، وأن يتخلوا عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وأراضيهم، بل العكس من ذلك، على الدول العربية دفع تعويضات للمهاجرين اليهود الذين هاجروا منها (طائعين) إلى إسرائيل، وعليهم الرضوخ لوجود المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وعليهم قبولها وقبول المتغيرات الديموغرافية في الضفة الغربية، على أساس وجود 400 ألف من المستوطنين فيها. وألا دولة فلسطينية على كامل حدود عام 1967 وألا انسحاب من منطقة غور الأردن، وألا سيادة للدولة الفلسطينية. وكذلك الامتثال للطلب الإسرائيلي منهم بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، وإن اعترفوا بكل ذلك, قد تقوم إسرائيل بالتفاوض معهم على التسوية. هذه الصورة هي حقيقة المواقف الإسرائيلية. بالتالي، فإن إسرائيل لا تشكل خطراً على الفلسطينيين فحسب، وإنما على المنطقة العربية كلها، وعلى الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، إسرائيل سعت وتسعى وستظل تسعى للسيطرة على المنطقة العربية، إن لم يكن بالمعنى الجغرافي من خلال بناء دولة إسرائيل الكبرى، فمن خلال الهيمنة السياسية والأخرى الاقتصادية.
منذ مدة، أطلق رئيس الائتلاف الحاكم في الكنيست ياريف لفين (من قيادة حزب الليكود) مجموعة ضغط برلمانية تحت اسم”اللوبي من أجل أرض إسرائيل”. المهمة الرئيسية للوبي الجديد: الدعوة إلى فرض”السيادة التاريخية”على كل فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر. يأتي ذلك وسط سن قانون تشريعي جديد، يمنع أي حكومة إسرائيلية من إجراء تسوية نهائية مع الفلسطينيين وأي مساومة على مفهوم “أراضي إسرائيل التاريخية”. إن حلم دولة “إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات, ما زال يراود أحلام غالبية الإسرائيليين، خاصة المنتمين إلى الأحزاب اليمينية الشوفينية الدينية. ليس لدى إسرائيل حالياً أعداد من اليهود(قوة ديموغرافية) للسيطرة على مناطق جديدة، كما أن الوضع الدولي الحالي لا يسمح بتوسع جغرافي إسرائيلي ، ولا إجراء “تراتسفير” لأهالي منطقة 48، وإلا لفعلت إسرائيل ذلك منذ زمن طويل.
التعليقات مغلقة.