د. خيام الزعبي ( سورية ) – السبت 12/8/2023 م …
الشرق السوري محتل من قبل الأميركيين، احتلالاً مباشراً بشكل غير قانوني، وتحديداً في منطقة شرق الجزيرة السورية حيث تنتشر قواعد الإحتلال حول حقول النفط والغاز، والتي تحميها قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، فيما تقع قاعدة التنف على مثلث الحدود السورية- العراقية- الأردنية المحمية بمخيم الباغوز، حيث تنتشر فيه عائلات تنظيم الداعش الارهابي، والذين ما زالوا يشنون الهجمات على عناصر الجيش العربي السوري.
وعلى الطرف الآخر، تواصل القوات الأمريكية تعزيز قواعدها غير الشرعية في منطقة الجزيرة السورية، حيث أدخلت أكثر من 30 شاحنة وناقلات تحمل مادة الإسمنت ومواد لوجستية عبر معبر الوليد غير الشرعي في الريف الشرقي للمحافظة.
بالتالي فإن جميع المؤشرات على الأرض، تشير إلى أن هذه التوليفة من الفوضى وإرهاق المواطنين بالوضع هي من صنع التحالف الأمريكي، وتهدف للتمويه على تحركاتها المشبوهة في المنطقة.
بات من الواضح أن عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال الأمريكي ما انفكت تتصاعد بشكل مستمر، حيث تعرضت هذه القوات المتمركزة في مدينة الشدادي النفطية جنوبي محافظة الحسكة، والتي تضم أحد أهم القواعد الأمريكية اللاشرعية لهجمات متتالية، أدت الى انفجار ضخم وقع ضمن مستودع كبير للذخيرة والأسلحة يعود لما يسمى “كوادر حزب العمال الكردستاني” والذين يقودون قوات “قسد” عسكرياً وأمنياً ضمن معسكر لهم وملاصق لموقع قاعدة الاحتلال الأمريكي ضمن مبنى مديرية حقول نفط الجبسة والمساكن العمالية النفطية سابقاً.
وفي وقت سابق تساقطت صواريخ المقاومة الشعبية على القواعد الامريكية، وحلقت الطائرات المسيرة في سمائها، ووصلت الى نقاط دقيقة في القواعد التي تتوعد أمريكا من خلالها المنطقة بالفوضى والخراب، بالتزامن مع تحليق الطائرات الروسية في عمليات الرصد والمراقبة في مختلف المناطق التي يتواجد فيها الأمريكي، ما خلق تخبط كبير لدى القوات الامريكية، وهذه المقاومة بدأت تهدد بشكل جدي قوات الاحتلال الأمريكي بأسلحة متطورة، بما في ذلك الطائرات المسلحة بدون طيار، التي استهدفت بعض المواقع الأمريكية الأكثر حساسية دون أن تلتقطها أنظمة الدفاع.
وبغض النظر عن الصراع الإقليمي و الدولي بين إيران وأمريكا على الأراضي السورية، فإن المقاومة الحقيقية ضد الاحتلال الأمريكي، تحتاج إلى بيئة شعبية حاضنة، وفي المنطقة الشرقية تتمثل البيئة الشعبية الحاضنة، في القبائل العربية المنتشرة في المحافظات الثلاث:الحسكة، ودير الزور، و الرقة .
ويرى مراقبون، إن استهداف المقاومة الشعبية لأهداف عسكرية أمريكية، مختلفة عن سابقاتها من العمليات العسكرية، فهي تتوعد بالإستمرار وضرب أكثر المواقع الأمريكية حساسية.
ويبدو أن قدرات المقاومة لم تعد كما كانت في بداية الحرب على سورية، بل تطورت قدراتها من الناحيتين العسكرية الميدانية والإستخباراتية، حتى أصبحت تستهدف أهدافاً عسكرية حساسة لا يمكن اكتشافها أو تحديد موقعها بسهولة في العمق الأمريكي،
ان ما تقوم به المقاومة الشعبية من مواجهة المحتل الأمريكي ما هو الا ضمن الدفاع المشروع عن النفس وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وشرحت المادة 2 من هذا الميثاق إطار علاقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وعدم استخدام القوة لتهديد استقلال وسلامة الأراضي والسيادة الوطنية للدول، ومبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين، ما يؤكد ان ما تقوم به أمريكا يستحق مقاومة على المستوى العالم، بعد الظلم الكبير الذي تمارسه أمريكا ضد شعوبنا.
في هذا السياق إن إدارة بايدن الفاشلة والمجرمة بحق الإنسانية والمتعارضة مع كافة المواثيق الدولية ما تزال لا تستخلص العبر ولا تقرأ تجارب التاريخ من أن الشعوب لا يمكن أن تقبل باستمرار سياسة الإذلال والحصار وهذا ما يضع محور المقاومة أمام موقف الدفاع عن قضاياه، لذلك فأن استهداف أمريكا لمنطقتنا، لذا علينا أن نشمر سوعدانا ونستنهض الهمم لبناء الوطن ونبذ كل ما من شأنه تعكير الحياة التي يرنو لها شعبنا للعيش فيها.
ومن العملية الأخيرة التي أعلنتها المقاومة الشعبية، والعمليات العسكرية المتعاقبة، بات من الواضح دخول المقاومة مرحلة جديدة من تنوع قدراتها الصاروخية والميدانية، وتوسع بنك أهدافهم العسكرية التي تصل إليها صواريخهم من أهداف سيادية وعسكرية وحيوية في العمق الأمريكي.
وأخيراً ربما أستطيع القول إنها معالم المعركة الكبرى التي سيكون للاحتلال الأمريكي النصيب الأكبر من نتائجها، إنها ملامح رسم شرق أوسط جديد تصنعه المقاومة الشعبية ومعها جنود الجيش العربي السوري في الميدان، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة.
كاتب سياسي سوري
التعليقات مغلقة.