ذكرى نداء “جمول” في 16 أيلول 1982… هل تتذكرون جورج حاوي ومحسن إبرهيم؟

 

إبراهيم حيدر ( لبنان ) الأحد 18/9/2016 م …

* الصورة : ( من اليمين ) الرفاق جورد حاوي ، محسن ابراهيم وكمال جنبلاط

في ذلك البيت الصغير ولكن التاريخي في المصيطبة، بيت الشهيد كمال جنبلاط في بيروت، اجنمع الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي والأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي محسن ابرهيم في 16 أيلول عام 1982، وأعلنا في حضور عدد من القياديين نداء “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” ضد الاحتلال الإسرائيلي، والذي كان احتل العاصمة بيروت، على رغم مقاومة اللبنانيين لدباباته.
كان البيان التأسيسي اللبناني لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي، فراحت بيروت تقاوم، وأجبرته على الانسحاب، بعد أقل من أسبوعين، من دون مفاوضات أو شروط، لتعم المقاومة مختلف المناطق من الضاحية الى الجبل والجنوب.
وجاء في البيان: “يا رجال ونساء لبنان من كل الطوائف والمناطق والاتجاهات، أيها اللبنانيون الحريصون على لبنان بلداً عربياً سيداً مستقلاً، الى السـلاح استمراراً للصمود دفاعاً عن بيروت والجبل، وعن الجنوب والبقاع والشمال، الى السلاح تنظيماً للمقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال وتحريراً لأرض لبنان من رجسه على امتداد هذه الارض من أقصى الوطن الى أقصاه”.
شكل نداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في 16 ايلول 1982 منعطفاً تاريخياً على مستوى لبنان، على رغم الانقسام اللبناني في تلك المرحلة، فهو وإن اعتبره البعض مغامرة بفعل اليأس الذي ساد فئات واسعة، إلا انه فتح الطريق لممارسة مقاومة لبنانية صافية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، انطلاقاً من المسؤولية الوطنية، وإيماناً بأن هذه المقاومة ستشكل بوابة التحرير من الاحتلال وطريقاً لتحقيق الوحدة الوطنية. وهنا يسجل للشهيد جورج حاوي ولمحسن إبرهيم أنهما فتحا الطريق مع آخرين التحقوا بركب المقاومة لممارسة وجه آخر من العمل السياسي يتخطى الانقسامات ويزرع الأمل في إعادة توحيد الوطن، من مدخل القضية الوطنية، الى إعادة بناء الدولة وتحقيق الديموقراطية في النظام.
يذكر كل من واكب تلك المرحلة أن المقاومة انطلقت في كل أحياء بيروت، فكانت العمليات الأولى، من الصنائع الى بسترس فالمزرعة والرملة البيضاء وعائشة بكار والحمراء، وهي التي عجّلت في انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من العاصمة. لكن آثار النداء، فتحت على الأعوام اللاحقة، ونجحت هذه المقاومة، قبل أن تتحول أمورها وتدخل في التجاذبات الإقليمية، بعنوان: “الوطن باق والاحتلال الى زوال”، في تكبيد الاحتلال خسائر كبيرة، وأجبرته على الإنسحاب من مناطق واسعة، بدءاً من الجبل في مرحلة أولى، ثم صيدا والنبطية الى أن بقي الاحتلال في الشريط الحدودي، قبل أن ينسحب نهائياً في عام 2000.
بدأ دور جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية بالانحسار بدءاً من عام 1989، وبروز المقاومة الإسلامية كطرف وحيد في مواجهة الإحتلال. ونذكر أنه قبل ذلك العام، كيف بدأت سلطة الوصاية السورية بكسر لبنانية المقاومة وتحويلها الى أداة إقليمية، ثم إدخالها في حساباتها الخاصة، وفي اعتباراتها في الصراع العربي – الاسرائيلي، فطوّقت الأطراف المؤسسة للمقاومة، الى أن تراجع دورها وغرق بعضها في رمال الحروب الأهلية الطائفية والمذهبية التي سحبت المقاومة الى دائرتها وأنهت دورها الإستقلالي المضيء.
انتقلت راية المقاومة الى قوى طائفية صافية. تولى حزب الله قيادتها بإمكانات كبيرة ودعم إقليمي، فيما انخرط بعض القوى الإستقلالية في جبهة المقاومة في هذا المسار والتحق بقوى طائفية دفع فيها الكثير من رصيده ودوره. وعلى رغم التحرير الذي أنجز في 25 أيار عام 2000 من طريق المقاومة، الا انه عجز عن استثمار التحرير وزوال الاحتلال طريقاً لتوحيد البلد وبناء الدولة وإشاعة الديموقراطية وتنظيم الاختلافات بين اللبنانيين.
قدمت جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ألوف الشهداء على طريق التحرير، لكن دورها وموقعها اندثرا لاحقاً. ففي الذكرى الرابعة والثلاثين لنداء المقاومة والبدايات، تبدو المفارقة شاسعة، أما ما نشهده من نهاية مأسوية، فهو حين صارت المقاومة في ساحات أخرى وشاركت في حروب عربية بعض نتائجها كارثي. ضاعت بوصلة المقاومة، على رغم كل التضحيات، لكننا سنبقى نتذكر الإنطلاقة الأولى لـ”جمول” ونتذكر معها الشهيد جورج حاوي والتاريخي محسن إبرهيم.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.