الصحفية الأمريكية والناشطة الحقوقية “جانيت لي ستيفنز ” كانت قد دخلت مكتب ياسر عرفات في أحد الملاجئ بتاريخ 8 – 8 – 1982 م لتحذره من ترك المخيمات دون حماية.
الأردن العربي – السبت 2/9/2023 م …
جانيت لي ستيفنز..
الصحفية الأمريكية والناشطة الحقوقية “جانيت لي ستيفنز ” كانت قد دخلت مكتب ياسر عرفات في أحد الملاجئ بتاريخ 8 – 8 – 1982 م ,أي قبل رحيله مع قواته بثلاثة أسابيع وأخذت ترجوه بحرارة أن لا يرحل ويترك المخيمات وحدها وقالت: ” قاتل الإسرائيليين .. دافع عن المخيمات افعل مثل خطة ستالينجراد .. الرأي العالمي كله سيكون معك”. وأضافت: ” لا تصدق ريغان وإدارته يا أبو عمار. . الأطفال والنساء في صبرا وشاتيلا مرعوبون مما سيأتي خاصة وأنك ستأخذ من سيدافعون عنهن .. أزواجهن وإخوانهن ثم أخذت تبكي وأنهارت من شدة الغضب واكتفى عرفات بأن ربت على كتفها محاولا تهدئتها.
جانيت لي ستيفنز والتي يطلق عليها لدى الغرب “شهيدة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان” كانت تعمل كمراسلة لصحيفة يابانية وعدة مجلات وناشطة حقوقية لدى منظمة “أمينيستي” وجاءت لبنان عام 1981 لكنها حين دخلت مخيم صبرا_وشاتيلا تغير مسار حياتها كله حيث ارتبطت بعلاقة إنسانية فريدة مع سكان المخيم ومخيمات أخرى كمخيم برج البراجنة (بعد سنوات من وفاتها سأل مسن فلسطيني من برج البراجنة أحد الصحفيين الغربيين عن “مس جانيت” لماذا توقفت عن زيارتنا، لم يكن يعلم عن مقتلها. وحين حوصر المخيم رفضت الخروج منه وأصرت ان تعاني معاناتهم حيث صبت جهودها من اجل خدمة مستشفيي غزة وعكا في مخيم صبرا وشاتيلا، كما استدعت العديد من المؤسسات والوكالات العالمية الحقوقية والخيرية من أجل مساعدة المخيم.
وعندما أرتكبت المجزرة زارت مسرح الجريمة وقدمت أخطر شهادة عنها للمجتمع الدولي ومن بين ما قالت فيها:
“لقد رأيت نساء قتلى في بيوتهن .. رأيت عشرات الشباب وقد تم قتلهم بعد صفهم على الحيطان .. رأيت أطفالا مذبحوين وقد جزت أعناقهم .. وأجساد أطفال وقد رسم عليها علامة الصليب بالسكاكين رأيت إمرأة حامل وقد بقرت بطنها وأخرج جنينها كان وجهها مسود وعيونها مفتوحة برعب .. رأيت عددا كبيرا لا يحصى من الأطفال الرضع وقد ذبحوا أو مزقت أجسادهم ورموا في أكوام النفايات”!.
كان الناس يشاهدونها تجلس بين فترة وأخرى وهي تنظر حولها وكأنها غير مصدقة ما ترى ثم تبكي بحرقة من هول ما رأت وظلت طيلة ما تبقى من حياتها وهي تحقق في المجزرة وتقدم المساعدات للناجين منها، كما وشهدت أمام عدد من اللجان التي حققت في المجزرة من بينها لجنة كاهانا الإسرائيلية وكشفت عن دور أريل شارون وعدد من ضباطه ناهيك عن أسماء من حزب الكتائب وجيش سعد حداد الموالي للجيش الإسرائيلي.
كما أستطاعت أن تتوصل لقائمة من الأسماء الذين تورطوا فعليا في المجزرة من لبنانيين وإسرائيليين والتي تعتبر أصدق قائمة كشفت حتى الآن عن مرتكبي مجزرة صبرا_وشاتيلا وثبتت صحتها بعد أن أعترف هؤلاء بجرمهم بعد سنوات من المجزرة .. (الحكومة اللبنانية لم تعاقب أحد بسبب المجزرة بل اصدرت عفوا عاما عنهم)، أيضا حاولت معرفة العدد الحقيقي لضحايا صبرا وشاتيلا إلا أن الحكومة اللبنانية رفضت إعطائها أي رقم صحيح! ..
قبل عدة أيام من مقتلها قالت لصديق لها يدعى فرانكلن لامب أنها تعمل على قدم وساق من اجل إيجاد دليل قطعي يؤكد للعالم دور أريل شارون في المجزرة ..
بتاريخ 18 – 4 – 1983 كانت على موعد مع اللجنة الأمريكية للتنمية في السفارة الأمريكية من أجل إقتطاع جزء من مساعداتهم للبنان لصالح الناجين من صبرا وشاتيلا ومخيم برج البراجنة لكنها قتلت في التفجير الذي ضرب السفارة في ذلك التاريخ وتوفيت على الفور ليسدل الستار على أخلص سيدة غربية خدمت اللاجئين الفلسطينيين منذ أن تعرفت عليهم وحتى ساعة مقتلها.
رحم الله جانيت لي ستيفنز ..
التعليقات مغلقة.