الاكواس.. بين استعادة الشرعية وتوكيد التبعية / ميلاد عمر المزوغي
ميلاد عمر المزوغي ( ليبيا ) – الأحد 3/9/2023 م …
تشهد القارة الافريقية استفاقة لأجل التحرر من ربقة الاستعمار الأوروبي(ثمان دول شهدت مؤخرا انقلابات عسكرية) الذي وان خرج ظاهريا منذ 7 عقود الا انه وللأسف لا يزال, فالأوروبيون يسيطرون على القرار السياسي من خلال المحافظة على اتباعهم في السلطة والتحكم في اقتصاديات الدول من حيث استغلال مقدرات الدول الطبيعية المتمثلة في النفط والغاز وبعض المعادن الثمينة ,وقد ذكر احد قادة الانقلاب باننا لم نستفد من المساعدات البسيطة طوال العقود السابقة بل اتكلنا على غيرنا في كل شيء, فلماذا لا نتولى امورنا بأنفسنا ونقيم علاقات ندية مع الدول الاخرى ونتحمل مسؤولياتنا ام شعوبنا؟.
المؤسف له حقا ان المستعمر الفرنسي وفق كلام ماكرون بانه لا يزال على اتصال مع الرئيس النيجري المخلوع ولا يعترف بالانقلابين, الذين طلبوا من السفير الفرنسي مغادرة البلاد لأنه شخص غير مرغوب فيه, كما طالب المجلس العسكري الحاكم في النيجر برحيل القوات الفرنسية, وقد رفض المستعمر الفرنسي ذلك ما يدل على انه يريد البقاء فيها والاستمرار في استغلال خيراتها ومصادرة حرية شعبها الذي خرج في تظاهرات مناصرا للتغيير.
الدول التي تدور في فلك فرنسا والتي تشكل تكتلا اقتصاديا بغرب القارة والتي تسمي نفسها الاكواس تحاول جاهدة التدخل في الشأن النيجري واجهاض عملية التغيير واعادة بازوم الى السلطة وان ادى الامر الى التدخل العسكري بدعوى عودة الشرعية الى البلد, وفي الحقيقة انهم ذراع فرنسا في القارة, كما انهم يخشون التغيير الذي قد يطالهم بسبب الفساد المستشري في بلدانهم وقمع شعوبهم ,وان وصولهم الى السلطة جاء بانتخابات مزيفة باستعمال المال الفاسد وشراء الذمم والابقاء على المستعمر لينالوا بعضا من خيراته التي يمن بها عليهم المستعمر.
هناك العديد من الاصوات في القارة تحذر من مغبة تدخل الدول الموالية لفرنسا بالتدخل العسكري في الشأن الداخلي للنيجر ,ولكن هل يعي رؤساء الدول المعنية خطورة ما قد يجره تدخلهم السافر من دمار للبلد وتشريد لشعبه؟ لقد اعلنت كل من بوركينا فاسو ومالي بانها ستناصر نظام الحكم الجديد في النيجر في حال طلب ذلك ما يعني ان العنف سينتشر في هذه الدول وقد ينتشر الى الدول المجاورة وهذا ما ترغب فيه فرنسا بالعودة الى مستعمراتها السابقة بطلب من اتباعها ان لم نقل عملاءها, إن تدخلت الاكواس عسكريا, فنعتبر ذلك توكيدا للتبعية الفرنسية خصوصا واوروبا عموما .
افريقيا, عقود من الاستعمار وعقود اخرى من التبعية السياسية واقتصادية, لكها لا تزال تعاني الفقر والتخلف ما جعل ابناءها يشدون الرحال الى الشمال الى القارة الاوروبية التي نهبت خيراتهم, علهم يتحصلون على فرص عمل رغم صعوبة الوصول اليها حيث يتبرص بهم الاوروبيون في عرض البحر فيعيدون من افلح في الوصول الى الشاطئ الاخر بالقوة بينما يكون الالاف من المهاجرين قد دفعوا الثمن (لآجل العيش الكريم) في عرض البحر.
ما تخشاه فرنسا والغرب عموما, هو تحول افريقيا نحو الشرق, روسيا التي امدت لهم يد العون في التخلص من الاستعمار وكذلك الصين, وبالتالي تفقد فرنسا والغرب الكثير من المصادر الطبيعية التي يبتاعونها بثمن بخس.
التعليقات مغلقة.