الطبل في سوريا.. والعرس في العراق.. ممر ناري لـ«داعش» للهروب نحو الرقة

 

الأربعاء 21/9/2016 م …

الأردن العربي – كتب خليل حرب

الكثير من الضجيج الديبلوماسي في نيويورك بالأمس تمحور حول الأزمة السورية. اجتماعات عقدت لـ «الأصدقاء» و «الأعداء» على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبيانات وتصريحات تطايرت، لكن شيئا ملموساً لم يخرج. الشرقاط، الواقعة على بعد الاف الكيلومترات، بدت مدينة اكثر اهمية مما يجري من مداولات في قاعات الامم المتحدة.

الولايات المتحدة ضربت موعدا مبدئيا لمعركة الموصل في تشرين الاول المقبل. الشرقاط التي تبعد نحو 120 كلم عن الموصل، بدأ التحرك العسكري لتحريرها كما اعلن رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي. لكن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، حسم موعدها في تشرين الأول المقبل، بما يتلاءم تماما، او يستبق بشكل مدروس، الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني، لعل الانتصار العراقي فيها، يصب تلقائيا في صندوق انتخاب الديموقراطية هيلاري كلينتون.

وفي هذه الأثناء، ظلت الهدنة السورية ميتة سريرياً، برغم تصريحات الإنقاذ التي توالى عليها الاميركيون والروس وغيرهم. وحتى اجتماع «المجموعة الدولية لدعم سوريا»، لم يفلح في اعادة احياء وقف اطلاق النار الذي ما زال ينتظر على ما يبدو حصيلة تجاذبات الابتزاز بين واشنطن وموسكو.

لكن الاكثر خطورة في ما يتبين من وقائع الميداني العراقي، المتداخل حتما مع الجغرافيا السورية، ان معركة الموصل وقد باتت وشيكة، قد يحولها الاميركيون محطة اضافية لاستنزاف سوريا، بعدما كشفت شهادات من المدينة المحتلة من «داعش»، ان عصابات التنظيم الارهابي، طوقت المدينة بخنادق نارية لعرقلة تقدم القوات العراقية نحوها، لكنها تركت ممرا وحيدا مفتوحا نحو صحراء غرب العراق وصولا الى الحدود السورية، لتكون الرقة ومناطق دير الزور مفتوحة امام مسلحي ابو بكر البغدادي، عندما تشارف معركة الموصل على نهايتها.

ومنذ الصيف الاسود في العام 2014 عندما اعلن ابو بكر البغدادي تأسيس «الخلافة» على الاراضي العراقية والسورية، لم يخف الاميركيون رغبتهم الحقيقية بإلحاق الهزيمة بـ «داعش» في العراق وإجبار مقاتليه على التقهقر نحو الداخل السوري. وقد سبق للعديد من الخبراء العسكريين ان تساءلوا عن جدوى خوض نزال حاسم مع «داعش» في الموصل، من دون تزامن في المعركة عليه على المناطق الحدودية السورية التي سيستخدمها بطبيعة الحال، لاعادة نشر قواته وتموضعه في مناطق اكثر امنا.

وبحسب وكالة «رويترز»، عمل «داعش» جاهداً في الشهر الحالي على حفر خندق باتساع مترين حول المدينة، ووضع خزانات نفط بالقرب منها لتكوين نهر من النيران يُعطّل تقدّم القوات ويحجب الرؤية عن طائرات الاستطلاع، كما أبقى مُقاتلو التنظيم منفذاً من الخندق على مشارف المدينة من جهة الغرب ليتمكّن المُقاتلون من التسلّل عبرها إلى الصحراء وإلى سوريا لتوحيد صفوفهم إذا ما قرّروا في نهاية الأمر تسليم الموصل.

سوريا ونيويورك

وبينما شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الحضور الاخير لكل من الرئيس باراك اوباما والأمين العام للمنظمة بان كي مون، قبل مغادرتهما منصبيهما، سجل في نيويورك اخفاق دولي جديد في التفاهم على مسار للتسوية السورية. اما بان كي مون فقد ابى الخروج من دون التأكيد على عجز المنظمة الدولية عن العمل بفاعلية ديبلوماسية كافية لانهاء الازمة السورية وهي في عامها السادس. ودخل بان في هجوم حاد على دمشق في تعكير لأجواء التحركات سعيا للحل، ما استدعى ردا قاسيا من الحكومة السورية (تفاصيل صفحة.5) .

الى ذلك، اتفق أعضاء «المجموعة الدولية لدعم سوريا»، على ضرورة مواصلة وقف إطلاق النار.

وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن المشاركين في الاجتماع أجمعوا على ضرورة الالتزام بالهدنة، وأن وزير الخارجية سيرغي لافروف أكد «على الأهمية الرئيسية لتنفيذ الأميركيين الالتزامات التي تعهدوا بها في ما يتعلق بفصل مجموعات المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين، و (ممارسة) المزيد من التأثير على المجموعات الراديكالية من قبل الأطراف الإقليمية التي تتمتع بالنفوذ وسطها».

وأكدت الخارجية الروسية، أن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا سيعلن عن موعد استئناف المفاوضات السورية ـ السورية الجمعة المقبل، وذلك في ختام المباحثات ضمن «المجموعة الدولية لدعم سوريا».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي إن الأعضاء «اتفقوا على الحاجة لمواصلة وقف اطلاق النار في مختلف انحاء سوريا، وبحثوا أهمية مواصلة ممارسة الضغط على جماعتي داعش وجبهة النصرة الإرهابيتين، مع الإقرار بصعوبة فصل النصرة عن المعارضة المعتدلة في بعض مناطق البلاد».

وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري أعلن أن وقف اطلاق النار في سوريا «لم ينته».

والتقت المجموعة، التي تضم 23 بلدا، برئاسة كيري ولافروف، ولفت المشاركون إلى أن المحادثات كانت قصيرة ومتوترة، فيما كان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف يعرب عن وجود أمل ضعيف جداً باستئناف الهدنة في سوريا، لافتاً إلى وجود معلومات عن بدء «جبهة النصرة» في تجديد ترسانتها من الذخيرة وإعادة تجميع صفوفها.

وقيما قال دي ميستورا إنه لا يزال هناك امل معتبراً أن «موسكو وواشنطن فقط يمكنهما إعلان موت الهدنة وكلاهما لم يفعل»، قال وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون إن «الجو السائد كان ان احدا لا يريد التخلي عن وقف اطلاق النار»، مضيفاً «بصراحة فإن عملية كيري ولافروف هي المساعي الوحيدة الآن وعلينا ان نعيدها الى مسارها».

اما وزير خارجية فرنسا جان ـ مارك ايرولت فقال «لقد كان اجتماعا دراماتيكيا، والجو العام كئيبا، هل يوجد امل؟ لا استطيع الاجابة عن ذلك بعد، لكن علينا ان نبذل كل ما بوسعنا».

من جهته، اعتبر الرّئيس باراك اوباما أنّه «لا يمكن تحقيق نصر عسكري حاسم» في سوريا، بل «علينا ان نبذل جهوداً ديبلوماسية حثيثة تهدف الى وقف العنف وتوصيل المساعدات للمحتاجين»، داعياً إلى «توحيد الجهود للقضاء على تنظيم داعش فكريّاً وميدانيّاً».

وكان بان كي مون قال «الكثير من المجموعات قتلت مدنيين ابرياء، ولكن أيا منها لم يقتل بقدر الحكومة السورية التي تواصل استخدام البراميل المتفجرة ضد مناطق سكنية وتعذيب الاسرى بشكل ممنهج»، وهو تصريح استدعى ردا من الخارجية السورية التي قالت إن الشعب السوري «لا يحتاج إلى عظات بان كي مون صاحب فضيحة سحب التقرير الذي أدان السعودية مقابل حفنة من الدولارات».

وفي حين اعتبر امير قطر تميم بن حمد آل ثاني أن «النظام السوري بات يستورد المنظمات والميليشيات التي تشكل خطراً على الأمن الإقليمي، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان الحكم في سوريا يتحمل مسؤولية «فشل وقف إطلاق النار».

الى ذلك، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى حل سياسي فوري لتسوية الأزمة في سوريا، مدافعا عن التوغل العسكري التركي في الشمال السوري. ولفت إلى أن العناصر الارهابية من قبيل «داعش» و «جبهة النصرة» و «وحدات حماية الشعب» الكردية وحزب «العمال الكردستاني» تواصل تنفيذ عملياتها الارهابية على الصعيد الاقليمي والعالمي.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.