لماذا لا توجد أسلحة تغير قواعد حرب روسيا وأوكرانيا؟
الأردن العربي – الخميس 14/9/2023 م …
مدارات عربية – الخميس 14/9/2023 م …
سلط تقرير جديد الضوء على الأسلحة التي تمنحها الولايات المتحدة والغرب لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، مشيراً إلى ضرورة التركيز على واقعية أنظمة الأسلحة التي تُعطى، وما يمكن أن تحققه من مكاسب على أرض المعركة.
فكرة وجود اختصار للنصر تثير التوقعات بإنهاء سريع للمذبحة
تقول مجلة “فورين بوليسي” في تقريرها إن ألمانيا أصبحت ثاني أكبر مساهم في المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، وعلى الرغم من استخدام صواريخ “كروز” التي زودتها الغرب لكييف، لضرب المنشآت البحرية الروسية في سيفاستوبول في جهودها بشكل متزايد لتقييد عمليات البحرية الروسية في البحر الأسود، إلا أن التأطير المستمر لفكرة إرسال الأسلحة هذه وغيرها كمغير محتمل للعبة في الحرب يربك النقاش ويضر بأوكرانيا.
وتشير المجلة إلى أن فكرة وجود اختصار للنصر تثير التوقعات بإنهاء سريع للمذبحة، التي من غير المرجح أن تحقق أوكرانيا انتصاراً فيها.. فبعد أكثر من 18 شهراً من حرب الطحن والاستنزاف، يجب أن يكون من الواضح أنه لا توجد أسلحة معجزة ولا بدائل لخفض القوات الروسية ببطء ومنهجية في أوكرانيا.
حان الوقت لدفن قصة الأسلحة التي تغير قواعد اللعبة، وتبني فهم أكثر واقعية لما يمكن وما لا يمكن أن تحققه أنظمة الأسلحة الفردية، مع التأكد من حصول أوكرانيا على ما تحتاجه لمواصلة القتال، بحسب التقرير.
أسباب خطيرة
وتعرض المجلة عدداً من الأسباب التي تجعل فكرة الأسلحة التي تغير قواعد اللعبة “معيبة وخطيرة”، منها:
أولاً، إنها تخاطر بتقويض الدعم العسكري طويل الأجل من قبل الحكومات الغربية، حيث لم تتحقق توقعاتها لتأثير أسلحة محددة، إذ أن حقيقة أن الجنود الأوكرانيين اكتسبوا بسرعة الكفاءة في التعامل مع ليوبارد 2 إس وغيرها من المعدات الغربية الجديدة، دفعت بعض المعلقين وصانعي السياسات إلى الاعتقاد بأن هذا سيترجم تلقائياً إلى نجاح في ساحة المعركة.
وثانياً، خيبة الأمل التي يمكن أن تخلق الخلاف بسرعة وتملأ الأجواء بالاتهامات، بحجة أن الأسلحة لم يتم توريدها بالسرعة الكافية أو بأعداد كافية.. وإذا تم التعبير عن هذا النقد من قبل الأوكرانيين، فإن بعض صانعي السياسة الغربيين يشعرون بأن كييف “جاحدة للجميل”.
الصواريخ بعيدة المدى مثل “توروس” معرضة بشكل خاص لتغيير قواعد اللعبة، وتعتبر الذخائر الموجهة بدقة مثل صواريخ كروز، واحدة من المكونات الرئيسية لمختلف الحملات العسكرية غير المتوازنة من قبل الولايات المتحدة والقوات الغربية الأخرى، بما في ذلك حرب الخليج 1990-91 والغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
ويتم تضخيم التركيز على الصواريخ بعيدة المدى في النقاش الغربي، من خلال الوضع الأسطوري تقريباً لعقيدة المعركة الجوية للجيش الأمريكي، والتي تم تطويرها لأول مرة في عام 1970 كوسيلة لهزيمة العدوان السوفيتي في أوروبا.. دعت هذه العقيدة، من بين أمور أخرى، إلى استخدام ضربات دقيقة بعيدة المدى لتدمير القوات السوفيتية، وقبض القيادة والسيطرة، ومستودعات الإمداد في عمق مؤخرة القوات المتقدمة.
المعركة العميقة
ويعرف تدمير أو تعطيل قيادة العدو وسيطرته ولوجستياته بعيداً عن خط المواجهة أيضا باسم “معركة عميقة”، وغالباً ما ينظر إليها على أنها الوصفة السرية للنجاح العسكري الغربي السريع في العقود الأخيرة، وليس من المستغرب إذاً أن العديد من المعلقين وخاصة الذين خدموا في الجيوش الغربية في 1980 و1990، قد بذلوا جهداً لتسليط الضوء على حملة المعركة العميقة في أوكرانيا.
وبالتالي، فإن الذخائر الموجهة بدقة مثل صواريخ كروز “توروس”، وكذلك أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش التي يبدو أن واشنطن على وشك تسليمها، ينظر إليها على أنها أصول حيوية لأوكرانيا، بحسب التقرير.
ولا يعني أي من هذا أن أوكرانيا لا ينبغي أن تحصل على هذه الصواريخ، ولكن هناك حاجة إلى جرعة صحية من الواقعية فيما يتعلق بما يمكن تحقيقه.
تأثير محدود
وهناك سببان رئيسيان وراء احتمال أن يكون لصواريخ “توروس” و”أتاكمز” تأثير محدود أكثر على ساحة المعركة:
أولاً، تم بالفعل تزويد القوات الأوكرانية بأنظمة مماثلة.. وبالتالي، فإن صواريخ كروز الإضافية ستجدد ترسانة أوكرانيا، لكنها لن توفر قدرة إضافية كبيرة ستحتاج القوات الروسية إلى التكيف معها.
ثانياً، قد يكون هناك سوء فهم أساسي من قبل بعض المراقبين فيما يتعلق بما يمكن أن تحققه حملة المعركة العميقة.. وباختصار، فإن إجراء حملة المعركة العميقة لتفكيك النظام العسكري الروسي بشكل منهجي في الجزء الخلفي من خط المواجهة، بما في ذلك حظر خطوط الإمداد، أصعب بكثير مما يعتقده البعض.
وتقول المجلة إن حقيقة أن صواريخ “توروس” “كروز” أو “أتاكمز” لا تغير قواعد اللعبة في ساحة المعركة، لا يعني أنه لا ينبغي إرسالها، بل على العكس من ذلك.
ويعد الدعم الغربي للحفاظ على قدرة أوكرانيا على الضربة الدقيقة مكوناً مهماً في إستراتيجية الاستنزاف الشاملة للقوات المسلحة الأوكرانية.. وتتمثل إحدى الطرق لزيادة الفعالية المحتملة للصواريخ في رفع القيود المفروضة على استخدامها على سبيل المثال، من خلال السماح لأوكرانيا باستهداف جسر كيرتش.
ومع ذلك، بقدر ما تحتاج أوكرانيا إلى صواريخ ألمانية وأمريكية، فمن الضروري إجراء نقاش أكثر دقة حول ما يمكن وما لا يمكن أن تحققه أنظمة الأسلحة الفردية في هذه الحرب، والحقيقة المرة هي أنه لا توجد طرق مختصرة للنصر باستخدام أسلحة محددة أو عقيدة “المعركة الغربية العميقة”.
التعليقات مغلقة.