حَسَدوك يا “سعيدالعمرو” / تقوى العلي
تقوى العلي ( الأردن ) الثلاثاء 27/9/2016 م …
تحقق حلمهُ ونال مرادهُ…جاءتهُ موافقة التأشيرة “إلى القدس “..كان يصرخ متباهينا بأعلى
صوته سألتقي بمعشوقتي …بمحبوبتي ..القدس القدس نعم المسجد الأقصى ،قلبي مفطرًا بها وعليها معشوقتي الأبديّة سنلتقي .
لا تخافِ أُميّ سأرسل لك سلامًا لها وقبلةً لن تُرضِ أحدًا ،،،زغردي سعيد ذاهب للصلاة فيها .
حلمي أن أُصلّي بالمسجد الأقصى ،الشكر لله رب العالمين ،قبل وصولي للقدس روحي تصرخ من قاعها .
يمّا والاحتلال؟ والله بخاف عليك …إذا صارلك اشي يما .
سئمنا من كلمة احتلال ، كفانا !،منذ ولادتنا ونحن نخشى من الاحتلال ،بل ومحرومون من أوطاننا ،، بسبب فكرة الاحتلال … ابنك سعيد عريس وعروستي تنتظرني
زغردي ..يما
سعيد شابٌّ في الثامنة والعشرين من عمره ، درس في جامعة مؤتة إدارة أعمال في محافظة الكرك لم يتزوج بعد ،وموظف في وزارة المياه ،بارٌّ جدًا بوالدته “كان يقبّل قدامها صباحًا ومساءً” ،وملتزم دينيًا،خلوق،مُحبّ لعمل الخير “صاحب نخوة وشهامة “،وصاحب شخصيّة مرحة .
لم يرَ “القدس” إلا من خلال الحدود التي تفصل الاردن عن معشوقتنا ،وعرفها من خلال كتب التاريخ والتلفاز،ربما رسم “سعيد”في مخيلته القدس بشوارعها وجدرانها والمسجد الأقصى وكل ما فيها من تفاصيل دقيقة من خلال فُسحة سماوية بعيدة كل البُعد عن فكرة الاحتلال.
كان يوم الثلاثاء الموافق 13\9 يومًا لا يوصف لسعيد ، سأُحقق حلمي “الصلاة في القدس”
وصلته الموافقة للسفر إلى فلسطين ،كان في غاية السعادة ،حزم حقائبه ،وودّع عائلته ،يوم الاربعاء الموافق 14\9انتقل من الكرك إلى عمّان ،حيث تواجد الوفد السياحي الذي سيقوم بزيارة المسجد الأقصى والقدس .
في يوم الخميس الموافق 15\9 صلّى في القدس ،والتقى بأصدقائه ،وكحّلَ عينيه برؤيتها ولم ولن يشبع ،واستنشق اكسجين فلسطين ،الذي أزال جميع السموم من جسده، “حقق حلمه الأول “
الجمعة الموافق 16\9 اتّجه سعيد لصلاة الظهر بالمسجد الأقصى ، وكالعادة الحاجز الذي يمنع من هم دون سن الخمسين الدخول للمسجد الأقصى ،المكان مليء بالمجندين والمجندات الاسرائيلين كالغبار في كل مكان !، “سعيد”بمفرده يُمتّع عيناه بتفاصيل القدس وكان واضحًا أنّه سائحًا ،يبدو أنّه كان ملفتًّا للنظر أوقفته المجنّدة الصهيونية والجنود ،وتحدّثت إليه بالعبرية ولم يفهم ما تقول هي والجنود ،ربما حاول إخراج جواز سفره أو ورقة ثبوت أو ما شابه ذلك قبل حدوث ذلك ، أمسّك حقيبته ،رمته المجنّدة بالنار فورًا …”سقط سعيد أرضًا”.كلماته الأخيرة “الله أكبر …الله أكبر “، الله أكبر على كل ظالم .
حُقق حلمهُ الثاني الذي رزقه إياه الله الشهادة عند باب العامود في القدس. “حسدوك سعيد”
بعد معرفة التفاصيل عن الشهيد “سعيد العمرو” زعمت المجندة بأنه حاول طعنها فقامت بالدفاع عن نفسها ،وهذه التبريرات التي دائمًا مسيطرة على موقف الاحتلال الخاشم .
يعلم الشهيد “سعيد العمرو” حالة الهستيريا التي يعيشها الاحتلال في كل لحظة من لحظات حياتهم من خلال الأحداث الأخيرة على شاشات التلفازلكن،على أرض الواقع لم يسعفه بعد استشهاده مشاهدة لغة الجسد وحالة الذعر التي يعيشها الجنود والمجندات برغم تحصنيهم بالأسلحة وخوفهم المتلاحق المتلازم في كل مكان .
وكالعادة يبرر الاحتلال جرائمه والدفاع عنه،ليتعدى ذلك لترقية المجنديين والمجندات في حالة اغتيال وقتل أي أنسان يتعرّض لأمنها حسب قانونها .
“الحجر والسّكين” سيبقى يساوي كل ماعندكم من أسلحة وذخائر .
“سعيد” أنتَ اليوم أسعد إنسان عند ربٍّ رحيمٍ عظيمٍ يا “سعيد”
لست بأول عريس قبّل عروسته واستشهد من أجلها..
“يا سعيد ،والله بحسدوك “
التعليقات مغلقة.