لينين كان ديمقراطيًا وضد الدوغمائية 1! / طلال الربيعي

طلال الربيعي ( العراق ) – الأربعاء 20/9/2023 م …




 

Do not debase our revolutionary science to the level of mere book dogma, do not vulgarise it
“لا تحطوا من شأن علمنا الثوري إلى مستوى مجرد عقيدة نصيّة، ولا تبتذلوه”.
V. I. Lenin, “New Tasks and New Forces” (1977, vol. 8, 218)
لينين، “مهام جديدة وقوى جديدة”
————
بقلم Joe Pateman (استاذ مساعد في العلوم السياسية بجامعة نوتنغهام، المملكة المتحدة)
ترجمة: طلال الربيعي
———.
الخلاصة
من الانتقادات الطويلة الأمد للينين أن مساهماته المعرفية في نظرية الاشتراكية العلمية أدت إلى تراجع الماركسية نحو الدوغمائية والاستبداد في القرن العشرين. ووفقاً لهذه الرواية، ادعى لينين أنه يمتلك الحقيقة الموضوعية، وبالتالي رفض التسامح مع وجهات النظر البديلة. تُخضع هذه المقالة هذه الادعاءات لتحليل نصي، وتؤكد أنها خاطئة. يدافع لينين عن اعتبار العلم fallibilist.
( Fallibilism is the epistemological thesis that no belief (theory, view, thesis, and so on) can ever be rationally supported´-or-justified in a conclusive way. Always, there remains a possible doubt as to the truth of the belief
قابلية الخطأ هي أطروحة معرفية مفادها أنه لا يمكن أبدًا دعم أي اعتقاد (نظرية، أو وجهة نظر، أو أطروحة، وما إلى ذلك) عقلانيًا أو تبريره بطريقة قاطعة. دائمًا، يبقى هناك شك محتمل حول حقيقة الاعتقاد.
Internet Encyclopedia of Philosophy
https://iep.utm.edu/fallibil/)
يتجلى هذ في النص الذي يُفترض أنه يُظهر تعصب لبنيني في كتابه -المادية والنقد التجريبي-. تعارض اشتراكية لينين العلمية المفاهيم الصارمة للاشتراكية، وتشجع على خلق جو من النقاش الديمقراطي. في حين أن كتابات لينين لها عيوبها، إلا أنها ليست الوثائق التأسيسية للدوغمائية الماركسية التي غالبا ما يتم تصويرها على أنها كذلك. إن لينين ليس ذلك المبتذل ضيق الأفق للماركسية كما يُنظر إليه عادة.

مقدمة
جادل ماركس وإنجلز في أشهر أعمالهما بأن العمال لا يمكنهم تحرير أنفسهم من نير رأس المال إلا إذا كانت نظريتهم الثورية علمية. وعلى النقيض من الاشتراكيين الطوباويين، الذين ركزوا على وضع مخططات خيالية لمجتمع المستقبل، أكد مؤسسو الماركسية على أهمية إجراء تحليل علمي للمجتمع وقوانين تطوره. ومن وجهة نظرهم، فإن العلم، وليس التكهنات الميتافيزيقية، هو الذي يمهد الطريق الأكثر فعالية لحرية الإنسان.

ومع ذلك، يُعتقد اليوم على نطاق واسع أن نظرية الاشتراكية العلمية فشلت في تحرير المجتمع، وأنها بدلاً من ذلك أدت إلى انحدار الماركسية إلى الدوغمائية والدكتاتورية. وفقًا لهذه الرواية، فإن الاعتقاد بأن الماركسية علم أعطى أتباعه القناعة بأنهم اكتشفوا الحقيقة الموضوعية، وأنهم قادرون على “ضمان اليقين المنهجي و العقائدي”
Thomas 1976, 2
Marx and science. Political Studies, 24, 1–23
-ماركس والعلم –
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Marx%20and%20science&journal=Political%20Studies&doi=10.1111%2Fj.1467-9248.1976.tb00090.x&volume=24&pages=1-23&publication_year=1976&author=Thomas%2CP

وبعد حصولهم على الحلول الصحيحة للمشاكل السياسية الكبرى، رفض الماركسيون التسامح مع وجهات النظر البديلة. ولم يتمكنوا من تحسين حقائقهم العلمية من خلال إخضاعها للإرادة الشعبية أو صناديق الاقتراع، وبالتالي تجاهلوا المؤسسات الديمقراطية: «لقد نصّب العلماء الماركسيون أنفسهم كمحكمين على «الحقيقة الموضوعية» – ليس فقط فيما يتعلق بكيفية تصرفنا فعليًا». ولكن أيضًا حول الكيفية التي يجب أن نتصرف بها» Femia 1993, 126
Marxism and democracy. Oxford: Clarendon Press
-الماركسية والديموقراطية-
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Marxism%20and%20democracy&doi=10.1093%2F0198279213.001.0001&publication_year=1993&author=Femia%2CJ

على الرغم من أن الرأي القائل بأن الماركسية تحولت إلى تعصبية ودوغمائية غير مثير للجدل نسبيًا، إلا أن العلماء يختلفون حول من هو المسؤول عن هذا التحول. أحد خطوط التفكير يلقي اللوم على ماركس نفسه. قدم فيلسوف العلم البارز بوبر (1962، 269) واحدًا من أقدم العروض وأكثرها تفصيلاً لوجهة النظر هذه في كتابه المؤثر، “المجتمع المفتوح وأعداؤه”. ووفقا له، فإن سمة فكر ماركس التي تشجع الدوغمائية هي إيمانه بعلم دقيق وقائم على التجربة للتنظيم البشري والتطور، على غرار فيزياء نيوتن.
The open society and its enemies. London: Routledge and Kegan Paul
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=The%20open%20society%20and%20its%20enemies&publication_year=1962&author=Popper%2CK
بنفس الطريقة التي يبحث بها الفيزيائي عن القوانين الطبيعية السببية، ادعى ماركس أنه يكشف عن “القوانين” الاقتصادية العنيدة التي تحكم التاريخ والمجتمع “بضرورة حديدية”، لا تتأثر بالنوايا أو الدوافع الفردية: “هنا يكمن مصدر اليقين المطلق”. (أخلاقيًا وسياسيًا)‘ الذي يحفز الشيوعيين‘ (Femia 1993, 124–125).

ومع ذلك، بعد اكتشاف كتابات ماركس “الإنسانية” المبكرة، بدأ المفسرون المتعاطفون يتساءلون بشكل متزايد عن مسؤوليته عن الدوغمائية. تشير قراءة جديدة إلى أن ماركس قدم بالفعل الأسس الفكرية لماركسية أكثر انفتاحًا وتطورًا وديمقراطية.

ترجع رواية ثانية جذور الدوغمائية الماركسية إلى رفض إنجلز للاشتراكية الطوباوية ونشره لمصطلح “الاشتراكية العلمية”. في كتابه -ضد دوهرينغ وديالكتيك الطبيعة-، من المفترض أن إنجلز جعل من المادية التاريخية فكرا معصومًا من الخطأ من خلال القول بأن قوانين التاريخ مستمدة من قوانين الطبيعة (Ball 1984)
Marxian science and positivist politics. In T. Ball & J. Farr (Eds.), After Marx (pp. 235–261). Cambridge: Cambridge University Press
-العلم الماركسي والسياسة الوضعية-
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Marxian%20science%20and%20positivist%20politics&pages=235-261&publication_year=1984&author=Ball%2CT
يحاول المدافعون عن هذا الرأي إبعاد ماركس عن هذه النصوص بالقول إنه إما يدافع عن نسخة أكثر تطورًا من الاشتراكية العلمية، أو أنه يرفض المفهوم تمامًا (Thomas 1976, 2).

يتحدى خط فكري ثالث ربط إنجلز بالدوغمائية من خلال القول بأنه يدافع في الواقع عن Fallibilism ومناهض لدوغمائية العلم (Sheehan 1993, 46–6).
Marxism and the philosophy of science. New York: Humanity Books
-الماركسية وفلسفة العلم-
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Marxism%20and%20the%20philosophy%20of%20science&publication_year=1993&author=Sheehan%2CH
ويشير ذلك أيضًا إلى أن مناقشته للطوباويين في كتابه «ضد دوهرينغ» هي في المقام الأول «مدح» لأفكارهم، وليس رفضًا مباشرًا. في حين ينتقد مؤيدو هذا التفسير محاولة إنجلز “التي لا يمكن الدفاع عنها” لخلق “علم فائق” كوني، بالإضافة إلى نظريته العِلموية scientism أحيانا( تدعي العلموية أن العلم وحده يمكنه تقديم الحقيقة حول العالم والواقع. ط.ا)، فإنهم يجادلون بشكل مقنع بأن نظريته في الاشتراكية العلمية تؤيد جوًا من المناقشة المفتوحة ( O’Neill, J.(1996)، 49-50، 54).
Engels without dogmatism. In C. Arthur (Ed.), Engels: A centenary appreciation (pp. 47–67). Houndmills: Macmillan Press
-انجلز بدون دوغمائية-
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Engels%20without%20dogmatism&doi=10.1007%2F978-1-349-24871-1_3&pages=47-67&publication_year=1996&author=O%E2%80%99Neill%2CJ

حاليًا، إحدى الروايات الأكثر شعبية والأقل إثارة للجدل هي أن مساهمات لينين المعرفية الفريدة في عقيدة الاشتراكية العلمية هي المسؤولة عن الدوغمائية الماركسية
(Ryan 2012, 18
Lenin’s terror: The ideological origins of early soviet state violence. London: Routledge
إرهاب لينين: الأصول الأيديولوجية لعنف الدولة السوفيتية المبكرة
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Lenin%E2%80%99s%20terror%3A%20The%20ideological%20origins%20of%20early%20soviet%20state%20violence&publication_year=2012&author=Ryan%2CJ
Read 2005, 73
Lenin: A revolutionary life. Abingdon: Routledge
لينين: حياة ثورية
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Lenin%3A%20A%20revolutionary%20life&publication_year=2005&author=Read%2CC
Harding 1996, 241
Harding, N. (1996). Leninism. London: Macmillan
اللينينية
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Leninism&doi=10.1007%2F978-1-349-24775-2&publication_year=1996&author=Harding%2CN
Boselager 1975, 32–33
The soviet critique of neo-positivism. Boston: D. Reidel Publishing Company
النقد السوفييتي للوضعية الجديدة
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=The%20soviet%20critique%20of%20neo-positivism&doi=10.1007%2F978-94-010-1751-0&publication_year=1975&author=Boselager%2CW
Liebman 1975, 443
Leninism under Lenin. London: Merlin Press
اللينينية في عهد لينين
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Leninism%20under%20Lenin&publication_year=1975&author=Liebman%2CM
Ballestrem 1969, 307
Lenin and Bogdanov. Studies in Soviet Thought, 9(4), 283–310
لينين وبوجدانوف
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Lenin%20and%20Bogdanov&journal=Studies%20in%20Soviet%20Thought&doi=10.1007%2FBF01044079&volume=9&issue=4&pages=283-310&publication_year=1969&author=Ballestrem%2CK
Jordan 1967, 357–361
The evolution of dialectical materialism. New York: St. Martin’s Press
Wolfe 1965, 357–358
تطور المادية الديالكتيكية
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=The%20evolution%20of%20dialectical%20materialism&publication_year=1967&author=Jordan%2CZ
Meyer 1957, 298
Meyer, A. (1957). Leninism. New York: Praeger.
اللينينية
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Leninism&doi=10.4159%2Fharvard.9780674186637&publication_year=1957&author=Meyer%2CA
Bochenski 1963, 1, 28, 48
Soviet Russian dialectical materialism. Dordrecht: D. Reidel Publishing Company
المادية الديالكتيكية الروسية السوفييتية
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=Soviet%20Russian%20dialectical%20materialism&doi=10.1007%2F978-94-010-3629-0&publication_year=1963&author=Bochenski%2CJ
Plamenatz 1954, 249
German Marxism and Russian communism. London: Longman’s Green.
الماركسية الألمانية والشيوعية الروسية
https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=German%20Marxism%20and%20Russian%20communism&publication_year=1954&author=Plamenatz%2CJ)
وكما يشير أنصار هذه الرواية بحق، بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية، كان تفسير لينين للاشتراكية العلمية، وليس تفسير ماركس وإنجلز، هو الذي أصبح المصدر الأعلى للسلطة في العالم الشيوعي والأممية الثالثة. لذلك، كان لينين، وليس المؤسسين، هو الذي كان له التأثير الأكبر على نمو “اليقين المنهجي” و”الأرثوذكسية العقائدية” في الماركسية.
يتبع

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.