في ذكرى رحيل عبد الناصر / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأربعاء 28/9/2016 م …
ست واربعين سنة مضت على رحيل زعيم نذر نفسه لخدمة شعبه وأمته العربية والدول النامية وحركات التحرر الوطني في افريقيا والعالم .. نعم رحل القائد الزعيم عن هذه الأرض الفانية في الثامن والعشرين من أيلول / سبتمبر 1970 وبقيت أعماله الخالدة شاهداً حياً على ما قم به تذكرنا به في لظروف بالغة السوء يمر بها الوطن العربي والذي أوهمونا فيه بربيع أخضر ثم قلبوه إلى شتاء بارد قارص مدمر بلون الدم ، رحل الزعيم الذي تعرض أثناء حياته وبعد مماته لهجوم على شخصه وافكاره فلقد تكالبت عليه في حياته قوى الاستعمار والرجعية والظلام من حروب ومحاولات اغتيال وخلق وابتكار العراقيل أمام مشروعه النهضوي الوحدوي العربي .
رحل ناصر بعد أن سجل اسمه في تاريخ مصر والأمة العربية ودول عدم الانحياز فقد كان للفقيد الأثر الأكبر في تأسيس حركة عدم الإنحياز ، كما قام بتأميم قناة السويس وشيد السد العالي وفتح الجامعات لكل أبناء مصر والعرب وبعد أن كانت حكراً على أبناء الذوات ، رحل الزعيم بعد أن قضى على الاقطاع وأتاح لفقراء الفلاحين ملكية الأراضي ، كما ولا يخفى على أحد دور عبد الناصر الكبير في مناصرة حركات التحرر الوطني سواء ما كان منها في العالم العربي أو في دول العالم الثالث .
وبعد أن رحل الزعيم عن هذه الأرض تعرض للتشويه بشكل اقصى مما واجهه في حياته فبعد أن جرت محاولات لإغتياله حياً استمرت المحاولة تلو الأخرى لمسحه من ذاكرة الشعب العربي عموما والشعب المصري بشكل خاص ، ووجدت قوى الظلام في رحيله فرصة للهجوم على تاريخه وإنجازاته ووجد خليفته في رئاسة مصر في تدمير سمعة الزعيم والنيل من انجازاته فرصة لكي يكبر ويتباهى .. فسمح لقوى الظلام بالعمل والحركة بحرية وأعاد لكبار الرأسماليين ملكياتهم وفتح مصر لكل من هب ودب بسياسة اصطلح على تسميتها سياسة الانفتاح، هذه السياسة التي اتاحت لمستغلي الشعب بالحصول على ثروات طائلة على حساب الشعب وقوته فازداد الفقراء فقراً وخلق ما سمي حينذاك بالقطط السمان ، وليس هذا فحسب ، بل تعدى ذلك إلى توقيعه على اتفاقية كامب ديفيد التي كانت الزلزال الكبير الذي تعرضت له القضية الفلسطينية خصوصاً والقضايا الغربية بشكل عام وأصبح لدى المتأسلمين والمستسلمين بطلاً للحرب والسلام ،،، ومن محاسن الصدف أن قوى الظلام وتجار الدين التي استقرأ عبد الناصر خطورتها في وقت مبكر والتي فشلت باغتياله في حياته قد نجحت في إغتيال خليفته السادات الذي تحالف معها ضد عبد الناصر والذي أخرجها من الظلمات إلى النور
وبعد رحيل ناصر ، تطاولت علينا ” اسرائيل ” في كل شيء ، وراحت تركيا وايران تلعبان في الساحة العربية في ظل تضاءل أو تلاشي دور مصر الإقليمي فقامت تركيا وايران بتعزيز الطائفية ونهب مياهنا وثرواتنا في العراق ومصانعنا في سوريا وحاولت كسب ودنا على حسابنا وبكافة الطرق .. فمنا من تحالف مع ايران ومنا من تحالف مع تركيا فيما بقي البعض مراقبا وغير معني بما يدور على صعيد الوطن العربي وذلك في ظل غياب صوت عربي قوي كصوت عبد الناصر في الساحة ولعله من لأسوا بعد رحيل عبد الناصر ما تم توقيع لاتفاقيات مع الصهاينة بدءاً من كامب ديفيد وصولاً إلى ذروة الاستسلام الفلسطيني الذي تم من خلال التوقيع على اتفاقية ” أوسلو “…. ولربما لو كان عبد الناصر حياً لما آلت الأمور لما آلت إليه في هذا الزمن ولما كنا سنشهد ما حصل ويحصل في العراق وليبيا وسوريا ولما تراجعت القضية الفلسطينية وتحولت إلى قضية هامشية وموضع ارتزاق لتجار السياسة الفلسطينية ولما نخرت حركات الظلاميين وتجار الدين الجسم والعقل العربي .
وبعد أن فشلت قوى الظلام بتشويه صورة عبد الناصر ، فقد أثبتت الأيام صحة ما ذهب إليه في تعامله معهم وبتنا نرى الكثيرين في مصر والوطن العربي يرونه قوياً شامخاً وكأنه يبعث من جديد وأصبحنا نرى الكثيرين يتوجهون لزيارة ضريحه وبدأت صوره تظهر بقوة في شوارع وميادين مصر وأخذ مناصري من يسعون لخلافته في مصر يتقربون لنهج عبد الناصر ويروجون للطامح بالرئاسة من بعده بالقول بأنه ” ناصري ” … وكأن عبد الناصر قد اصبح بعد غياب – ظاهري – جواز المرور إلى قلوب المصريين …
وأقول في ذكراه بأنه وإن رحل ، فإنه ما زال يعيش فينا ، رحم الله الزعيم عبد الناصر وأعاد ذكراه ونحن في وضع أقرب لتحقيق أحلامنا وحلمه في الوحدة والحرية .
التعليقات مغلقة.