مخاطر سد النهضة أسوأ من فيضان نبي الله نوح… ومصيرنا يتأرجح بين الموت عطشا أو غرقا

الأردن العربي – الجمعة 22/9/2023 م …




بوادر فتنة تلوح في الأفق إثر إعلان إحدى أبرز الوجوه النسائية في أحزاب المعارضة الترشح للانتحابات الرئاسية، إذ أن القوى المدنية، خاصة تلك التي تدين بالولاء لميدان التحرير وثورات الربيع، كانت تخطط للاحتشاد خلف المعارض الشاب أحمد الطنطاوي، الذي يواصل تحركاته بين الجماهير، قاصدا تحقيق المستحيل وفق عقلاء الشارع السياسي.
وبدأ الماراثون الرئاسي خلال الساعات الماضية يشهد حراكا ليس بوسع الكثيرين إنكاره، ومن أحدث المنضمين للسباق جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، التي قالت، “نحن لا نحارب فقط بقذائف السلطة وأبواقها، لكننا نختنق من قنابل الدخان والنيران الصديقة، الذين يحتكرون الصواب والحقيقة والحق في ممارسة الإرهاب وحتى ابتزاز كل المختلفين، لكنها تظل مجرد قنابل دخان تزعج حلوقنا وتدمع أعيننا لا أكثر، ويظل المستفيد الوحيد من الغموض والضبابية هو كاره الديمقراطية، والذين معه من مروجي خرافات أننا لا نستحق الديمقراطية، ولسنا مؤهلين لها، ولا جديرين بها. وهي خرافات تافهة لأنها تنزع القدرة على التفكير والتعقل الذي يرى الديمقراطية عملية كاملة، لا يولد الإنسان خبيرا بها، بل هي حياة كاملة نتعلمها كما نتعلم الكتابة وقيادة السيارات ودورة الري في الحقول، وإدارة تروس الماكينات في الصناعة”. وبدوره قال الحقوقي البارز جمال عيد: دون مواربه أو لف ودوران، ومع احترامي للثلاثة، فريد زهران، جميلة إسماعيل، أكمل قرطام، أنا كمواطن مصري أدعوهم لعدم الترشح، سواء تمت انتخابات حقيقية، أو تمت تمثيلية انتخابية. ففي حالة عادت الدولة لصوابها ولجادة الحق وسيادة القانون، وأعادت للشعب حقه في انتخاب من يدير شؤونه، المرشحون المحتملون الثلاثة لا فرصة لأي منهم، وسيكون أي صوت لأي منهم، خصما من فرص وأصوات أحمد طنطاوي. ومن توابع القضية التي باتت تؤرق الكثيرين واصل الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة تحذيره من مستجدات التهديدات التي قد يلحقها السد الإثيوبي، مؤكدا أن سد النهضة يُصنّف في أعلى درجات الخطورة، وفي حالة انهياره سوف يشكل طوفانا لم تره البشرية منذ سيدنا نوح عليه السلام، وهذا الطوفان يهدد حياة ما يتراوح بين 20-30 مليون نسمة خاصة في السودان. وكانت دراسة نشرتها “المشهد” نقلا عن مجلة “سبرينجر” العلمية العالمية وعرضتها المشهد توصلت إلى أن طوفانا سيمحو العاصمة السودانية الخرطوم، ويجعل ارتفاع المياه فيها نحو 15 مترا بعد أربعة أيام من حدوثه، وتجعل جسم السد العالي في خطر وكذلك جميع الهياكل العابرة على طول نهر النيل من أسوان إلى الإسكندرية.
هكذا ضعنا

أصرت دينا توفيق عبر “درب” على دفعنا لاستدعاء سنوات الماضي الجميل: فكروا كدة في الأب اللي فاتح بيت وكان بيقبض زمان أقصى مرتب 100 جنيه لحد منتصف السبعينيات، وكنا سعداء وبيوتنا عمرانة ليه؟ عشان كان فيه شغل بجد وطاقة حلوة ورضا عام وعدم جشع، لكن لما الناس عرفوا الأستك والأرنب وركبوا عيون صفية والتمساحة يا حمو، وسابوا عمارات زمان الطيبة وسكنوا في الكمبوندات، وسابوا المعمورة والعجمي وبقوا يصيفوا في الساحل الشرير، تحولت طاقات المال اللي المفروض طاقات خير إلى لعنة مش رزق. والحكام استغلوا ده بعد ما سفروا الناس ولا يزالون يزحلقونهم على الخليج والسعودية تحديدا، لحد 1977، وكانوا عاوزين يخلصوا منهم ويخففوا من ضغط الكثافة السكانية، والنتيجة كانت دقن وجلابية وتطرف أعمى وتكفير ـ تخلصت منهم السعودية والخليج لما قرروا يتقدمون ويبقوا حتة صغيرة من مصر زمان. ملوا البلد أجهزة رفاهية خايبة وشققا متقفلة في أبراج عشوائية، واتخلقت كارثة مدينة نصر وعشوائيات تانية، واتخلق حرامية جدد ونشالين أرزاق، وحلّ الدمار في الاقتصاد، والبلد بقت بلاعة كبيرة وبكابورت ـ أغنياء جدد وأخلاق بايظة ـ بكل أسف وحسرة وغضب. وبقينا فعلا بنقبض ألوف الجنيهات، بس راحت بهجة القبض، أو ماهية أول الشهر اللي كانت كلها نعمة وبركة. الحكومات والحكام عاوزين ولادنا يهاجروا، ومحطوش قدام عيونهم إزاي الصين اللي بالمليارات من البشر صنعت مجدها اللي بقيتوا كلكم عبيد له. للأسف أنتم أهدرتم قوة شعب جبارة تحت وطأة جشعكم وإجرامكم.

قلبها يحترق

انتهى عماد الدين حسين رئيس تحرير”الشروق” عند هذه الحقيقة المفزعة: قلب الخرطوم يحترق.. وأطراف الحرب العبثية في السودان لا يبالون بالمنحدر الذي تتجه إليه البلاد بسرعة رهيبة، منذ اندلاع الصراع العسكري المسلح بين القوات المسلحة السودانية، وقوات ميليشيا الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان الماضي. يوم الأحد الماضي شنت قوات الدعم السريع العديد من الهجمات القاتلة على مقر القيادة العامة للجيش، وقصر الرئاسة والعديد من المباني الكبرى وسط الخرطوم. وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي نقلت صورا وفيديوهات لآثار القتال في هذا اليوم، أخطرها احتراق البرج الضخم الذي يضم مقر ومكاتب شركة النيل وهي كبرى شركات الطاقة في البلاد. هذا المبنى ذو الواجهات الزجاجية والتصميم الهرمي، يعتبر أحد أبرز معالم الخرطوم. المبنى الذي يقع في وسط العاصمة تعرض لقصف مكثف والنتيجة احتراقه بالكامل، وغطى اللون الأسود طبقاته، وظلت النيران تنبعث منه لساعات. الأمر لم يقتصر على هذا المبنى الرمزي، لكن القصف العبثي طال العديد من مباني العاصمة، وطبقا لوكالات الأنباء فإن ألسنة اللهب تصاعدت من عدة أبراج في الخرطوم ما أدى إلى حرائق كبيرة وسط العاصمة. عندما قرأت هذه التقارير في الأيام الماضية سألت نفسي: ألا يشعر قادة هذه الحرب العبثية بحجم الجريمة التي يرتكبونها بحق هذا البلد الكبير وبحق شعبه؟ حينما يقرأ قادة الحرب عن المآسي والكوارث التي تسببوا فيها ألا يشعرون بالقلق وتأنيب الضمير وربما المحاسبة في المستقبل؟ ما الذي يجول في أذهان قادة ميليشيا الدعم السريع حينما يقصفون ويدمرون ويحرقون أبراج المدينة مثل برج النيل؟ هل سألوا أنفسهم كم ضحية سقطت مع حرق المبنى؟ وكم شخصا أصيب أو تشرد؟ وكم هي تكلفة هذا المبنى حينما يتم إعادة بنائه؟

عودوا للشوارع

ألا يفكر هؤلاء المتصارعون على السلطة في السودان في آلاف الضحايا والمصابين الذين سقطوا وآلاف الجثث التي لم تجد من يدفنها بصورة كريمة، فنهشتها القطط والكلاب في المشارح المفتوحة بلا كهرباء؟ واصل عماد الدين حسين أسئلته: ألم يفكروا في ملايين النازحين الذين تركوا بيوتهم وتدفقوا على دول الجوار وعانوا من ويلات اللجوء النفسية قبل المادية؟ ما الذي يجول في ذهن قادة الحرب خصوصا ميليشيا الدعم السريع، وهم يرون أبناء بلدهم مكدسين على الحدود وهائمين على وجوههم في الطرقات والشوارع داخل السودان وخارجه؟ قبل أيام نقلت وكالات الأنباء عن بعثة الأمم المتحدة العثور على 13 مقبرة جماعية في منطقة الجنينة في إقليم دارفور، مرجحة تورط قوات الدعم السريع فيها، وتقدير الأمم المتحدة أن المقابر تخص أفرادا من قبيلة المساليت، والسبب أنها تستوطن مدينة الجنينة ذات العمق الاستراتيجي في دارفور، التي تحتوي على معادن نفيسة مثل الذهب واليورانيوم، وهي جسر استراتيجي يصل السودان بعدد من دول الجوار مثل تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى. تقدير الأمم المتحدة أن «الدعم السريع» استهدفت المدينة نهاية يونيو/حزيران الماضي بهجمات أدت إلى مقتل 5 آلاف شخص وإصابة أكثر من 8 آلاف آخرين. بطبيعة الحال فإن قوات الدعم السريع تنفي ذلك وتقول، إن هذه المقابر ربما تخص المعارك التي وقعت في سنوات سابقة، لكن مراقبين كثيرين يقولون إنهم ضحايا للقتال الحديث والمحتدم في معظم أقاليم دارفور، خصوصا مدينة الجنينة، علما بأن العديد من المراقبين والهيئات الدولية حذورا من حرب إبادة تمت هناك حتى قبل أن تعلن الأمم المتحدة قبل أيام عن وجود 13 مقبرة جماعية. هل يدرك قادة الحرب خصوصا الدعم السريع أنهم يرتكبون جريمة خيانة عظمى بحق بلدهم ومستقبله، خطر تقسيم السودان صار يقترب بسرعة شديدة، بل إن مؤشراته بدأت تتجسد على الأرض، ما يحدث في السودان حرب عبثية بكل ما تعنيه الكلمة أين هي قوى الحرية والتغيير التي كانت قادرة على حشد الملايين، وأسقطت عمر البشير، لماذا لا يخرج الشعب السوداني ويقول لهؤلاء المجرمين: كفى؟

بلا رحمة

هم كما تصفهم أميرة خواسك في “الوطن” ملائكة الله على الأرض، هم الخير والبركة لمن رُزق بهم، وأدرك أن هذا طريقه إلى الجنة الذي اختصه الله به، إنهم ذوو الاحتياجات الخاصة، أو أصحاب الهمم، الذين حظوا في مصر في السنوات الأخيرة باهتمام غير مسبوق على أعلى مستوى في الدولة. وتمت ترجمة هذا الاهتمام إلى قوانين وقرارات، لعل أهمها ما نص عليه الدستور المصري في المادة 81: (تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام، صحيا، واجتماعيا، وثقافيا، وترفيهيا، رياضيا وتعليميا، وضمان توفير فرص العمل لهم، كما تلتزم بضمان تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين إعمالا لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص) قوانين أخرى عديدة مكمِّلة لمواد الدستور، لعل أبرزها القانون 10 لعام 2018، مع ما واكب كل هذا من اهتمام بالجمعيات والمؤسسات المهتمة بهؤلاء.. أحباب الله. لكن مع الأسف، ورغم كل ذلك، فبعض من الموظفين ممن يقومون على مصالح هذه الفئة التي اختارها الله، ولم تصادف ما يكفي من العطف والرعاية، لا يملكون من الرحمة والإنسانية ما يكفي لاستيعاب حكمة الله، وبدلا من أن يهرولوا لمساعدة هؤلاء ونجدتهم تقسو قلوبهم ويعرقلون ويسوفون. أقول هذا بعد ما سمعته من سيدة أثق في حكمتها وعدالة حكمها، حول تجربتها المريرة بين الجهات المختلفة حتى يحصل شقيقها المصاب بمتلازمة داون وكيف أمضت الشهور والأسابيع مع لجنة العجز في مستشفيات الإسكندرية.

المنغولي لا يشفى

تقول السيدة التي اهتمت بمعاناتها أميرة خواسك، أن شقيقها مصاب بمتلازمة داون أو ما يسمى العته المنغولي، بعد وفاة والد المريض صدر تقرير بحالته وحصل على معاش بناء على هذا التقرير، وحين توفيت والدته، التي كانت تعمل في القطاع الخاص، أصبح على هذه السيدة عمل إجراءات جديدة كأن الحالة لم يتم الكشف عليها من قبل، وبالتالي مطلوب تقرير جديد من مستشفى النقراشي في الإسكندرية. وحين أبدت السيدة دهشتها حول هذا الطلب، كان الرد أنه ربما يكون شقيقها قد شُفي على الرغم من كونه مرضا مزمنا لا شفاء منه، وبين التأمينات الاجتماعية ولجنة العجز التابعة لوزارة الصحة ظلت السيدة شهورا بين هؤلاء وهؤلاء تدور في حلقة مفرغة، كما لو أننا ما زلنا في عصر الدواوين. لم تكن السيدة في تلك الرحلة القاسية وحدها، بل مصطحبة شقيقها، أما الأمر الغريب أن موقع هذه اللجان في أدوار علوية لا توجد فيها مصاعد، وبالتالي لا أعرف كيف يتمكن أصحاب المشكلات الحركية من التردد على هذه اللجان، وإذا كانت مشكلات ذوي الاحتياجات الخاصة لا تحل في أيام ولا أسابيع، وربما في شهور طويلة كيف يصعدون الأدوار العليا وكيف يعيشون بلا دخل حتى يحصلوا على مستحقاتهم بين التأجيل والتعطيل، دون مراعاة لظروفهم الخاصة؟ وكيف يحدث هذا بعد كل ما شهدته الدولة المصرية من تحديث ورقمنة؟ التفاصيل كثيرة في هذا الموضوع ومؤسفة، وليست هي الحالة الوحيدة، وأعتقد أن الدكتور خالد عبد الغفار بما عرف عنه من إنسانية ومن دماثة خلق يدرك جيدا ما يمكن أن يفسده هؤلاء الموظفون الذين يعيشون في عزلة، ويملكون من الإفساد أكثر مما يصلحون به شؤون العباد.

أطباء قصر العيني

المستشفيات الكبرى في إنكلترا تتنافس على شباب الأطباء المصريين خريجي طب قصر العيني، وكان أول المصريين كما أطلعنا صبري غنيم في “المصري اليوم” السير مجدي يعقوب، الذي غادر مصر عام 1964 وبدأ حياته المهنية في أحدث المستشفيات البريطانية، حيث ترأس برنامج زراعة القلب في مستشفى «هارفيلد» في لندن عام 1980..الشيء الذي يسعد المصريين الألقاب التي منحتها إنكلترا لعلمائنا الشبان، وأذكر العالِم الشاب الدكتور شريف حقي، بعد تخرجه في مستشفى قصر العيني سافر إلى إنكلترا، حيث أخذ مكانه بين عمالقة جراحة المناظير، وبالذات في جراحة السمنة المفرطة، التي يعاني منها عدد كبير من المصريين، وتركز عليها مبادرة السيد الرئيس بفحص طلاب المدارس الثانوية للقضاء على ظاهرة السمنة المفرطة، التي تفشت بين طلاب المدارس، ولذلك تحرص الكليات العسكرية على التدقيق في اختيار المتقدمين لها من حاملي الثانوية العامة من خلال عدة تدريبات قاسية جدا في اللياقة البدنية. الطبيب المصري يتفوق على الطبيب الأوروبي في جميع المراحل العلمية التي تجريها الأوساط الطبية في أوروبا، لذلك نلاحظ أن الأوائل من المصريين في كليات الطب الأوروبية.. وهذه مفخرة للطب المصري. لا شك في أن كليات الطب عندنا، برامجها العلمية «عشرة على عشرة»، ولذلك يفضل عدد كبير من أبناء الدول العربية الالتحاق بكليات الطب المصرية حتى يضمنوا مستوى عاليا في التعليم. وأذكر الاهتمام الأمريكي بخريجي كلية طب جامعة «نيو جيزة»، فقد تم التعاقد مع الأوائل على استكمال تعليمهم العالي على نفقة الجانب الأمريكي.. وبالفعل، سافر الأوائل إلى أمريكا، مع أنه يجب الاحتفاظ بالأوائل للتدريس بعد تخرجهم. فعلا، إنكلترا تحتضن العلماء صغار السن، ومن خلال الفحص والتدقيق عن علمائنا المصريين، وقعت تحت يدي قصة الشاب الدكتور وليد النحال ابن العالم الدكتور أشرف النحال. الأب الأستاذ في جراحة العظام في طب القاهرة، والابن أيضا أستاذ في الكلية نفسها قبل إقامته في إنكلترا. العالم الدكتور وليد النحال يجري عمليات جراحة العظام في إنكلترا، وقد فتح جسرا بين إنكلترا ومصر وأصبح متخصصا في إجراء العمليات المستعصية، وهذا الشاب هو الوحيد ما بين إنكلترا ومصر المتخصص في عمليات الحوض وعمليات تغيير مفصل الركبة.

ليتها تنافسية

بإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن مواعيد الانتخابات الرئاسية، فقد دقت ساعة العمل وأصبح لزاما على الجميع وفق ما يرى ياسر شورى في “الوفد”، الاستعداد لهذه الانتخابات أو بمعنى أدق إظهار استعداده، وما قام به خلال الفترة الماضية – أقصد هنا المرشحين الراغبين في خوض هذا الاستحقاق الانتخابي المهم. كنا قد عرفنا بعض الأسماء التي أعلنت عن ترشحها لهذه الانتخابات، وعلى رأسها الدكتور عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد، بالإضافة إلى آخرين، وحتى كتابة هذه السطور لم يعلن الرئيس السيسي عن موقفه من الترشح، وإن كانت كل المؤشرات والتخمينات تؤكد خوضه لهذه الانتخابات، التي نريدها انتخابات تنافسية مفتوحة، قائمة على برامج انتخابية، يقوم من خلالها الناخبون باختيار المرشح الأمثل لهذا المنصب الرفيع. وقد أعلن الدكتور عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد عن برنامج انتخابي واقعي يستند إلى إصلاح التعليم وإصلاح الاقتصاد، وهنا يجب أن نشيد بهذا الإعلان المبكر للدكتور عبدالسند يمامة، وتأكيده على أن برنامجه الانتخابي يقوم على كتابته مجموعة من الخبراء والمتخصصين، ورغم الإعلان عن أن البرنامج يستند إلى الاقتصاد والتعليم، فإن الجانب السياسي لم يغب لحظة عن البرنامج الانتخابي لمرشح الوفد، والجانب السياسي هنا في البرنامج يستند إلى التاريخ الطويل والتراث الكبير لحزب الوفد في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية بشكل عام، ولعل حديثه عن تغيير الدستور هو حديث نابع من قناعة كاملة ليست لدى رئيس الوفد بمفرده، وإنما لدى غالبية المصريين، خاصة أن مرشح الوفد وضع يده على بيت القصيد في الدستور الحالي، وهو المواد الخاصة بالمحليات والمواد الخاصة بكوتة المرأة وغيرها، وهي للإنصاف مواد لم تعد لها القيمة نفسها، خاصة في ما يتعلق بالكوتة، لأن وضع كوتة تميز فئة في الدستور هو وضع مؤقت في النهاية. وكان يجب أن يكون محددا بمدة زمنية يتم خلالها تمكين المرأة وهذه الفئات.. ثم نعود إلى أصل الأشياء وإلى دستور بلا تمييز لأي فئة. فرصة الدكتور عبدالسند يمامة في المنافسة في هذه الانتخابات كبيرة، فمرشح الوفد شخصية مرموقة، وهو أستاذ جامعى وصاحب مؤلفات كثيرة، وهو مرشح يمثل أكبر حزب سياسي في مصر منذ 100 عام..

التقشف مطلوب

إذا ما أردنا التحدث بالصراحة والشفافية الواجبة، وهو ما يجب علينا القيام به في كل الأحوال والأوقات، بوصفه وفقا لرأي محمد بركات في “الأخبار” من المهام الرئيسية والواجبات الأساسية التي يجب على الكاتب وصاحب الرأي الالتزام بها، تجاه القراء وعموم المواطنين، احتراما لنفسه ولهم وحرصا على القيام بما يجب عليه القيام به. وفي هذا الإطار أحسب أن الحاجة تصبح أكثر إلحاحا للوفاء بهذا الالتزام، وذلك الواجب في ظروف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، التي تواجه المجتمع والناس، فضلا عن ضرورة الالتزام بذلك في كل الظروف بالطبع. وانطلاقا من ذلك أقول بوضوح وشفافية، إنه نظرا لما نشهده ونعايشه جميعا من ظروف اقتصادية خاصة، تواجه الدولة المصرية حاليا ومنذ فترة، نتيجة وانعكاسا للأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت ولا تزال تؤثر في المنطقة والعالم بصفة عامة، فإن هناك ضرورة لا بد من الإلمام بها والعمل على الالتزام بها في مواجهة التحديات التي تفرضها الأزمة وانعكاساتها. هذه الضرورة تقتضي التفهم العام لدى جميع المواطنين، بأهمية اللجوء إلى نوع من التقشف العام للدولة في الاستهلاك، لا يصل إلى حد التضييق.. ولكنه بالقطع والضرورة يبتعد عن حدود الإسراف في الإنفاق، الذي كنا معتادين عليه من قبل بصفة عامة، ويأخذ في جوهره بمبدأ الترشيد في الاستهلاك في كل المجالات. تلك قضية مهمة تستدعي من الحكومة إعلان خطواتها حتى يستطيع المواطنون تفهمها والقبول بها، بوصفها علاجا مؤقتا لا بد من تناوله، في مواجهة الظروف الخاصة والتحديات التي تواجه الدولة والمجتمع، في ظل الظروف الاستثنائية الحالية التي قد تطول أو تمتد اعتمادا على متغيرات دولية وإقليمية ومحلية. وفي ذلك لا بد أن نعي تماما وندرك باليقين أن الحكومة ليست هي المسؤولة ولا المكلفة وحدها بذلك، حيث أن التقشف العام مسؤولية عامة لنا جميعا على كل المستويات الاجتماعية، وبين كل الفئات في المجتمع على شموله وعمومه.
زيارة غيرت المفاهيم

زار صديق سوري الدكتور جمال عبد الجواد في “الأهرام”، ما جعله يغير الكثير من المفاهيم وفق ما أطلعنا: نجح الصديق السوري أخيرا في الإفلات من دوامة الانهيار الدائرة هناك. ملاحظات الصديق السوري وتعليقاته لفتت نظرى لأشياء كثيرة حولنا، اعتدناها فأخذناها كمسلمات لا تستحق التقدير أو العرفان، وكأنها أشياء غير قابلة للزوال، ستبقى موجودة على أي حال. مخيف أن تسمع كيف يعيش الناس في بلد تمزقه الصراعات ويعاني حصارا غربيا، واحتلالات شرقية متعددة. الوضع يختلف تماما عما نقرأه في نشرات الأخبار، فكل طلقة رصاص تقتل ضحية، وكل حاجز على الطريق فيه مخاطرة بالوقوع في الأسر، أو إتاوة يفرضها هذا أو ذاك من القوى العديدة المسيطرة على الأرض. لا أحد آمن هناك، ولا أحد يستطيع أن يخطط للغد. لا مستقبل لأحد في الداخل، فالمستقبل الوحيد هو في المهجر وبلد اللجوء. سوريا هي النموذج الأكثر قسوة لما حدث في عدة بلاد عربية دمرتها الاضطرابات الداخلية والصراعات الأهلية، خلال العقد الماضي. كلي يقين من أنه لو أن أحدا ممن أسهموا في صنع هذه المأساة كانت لديه كرة بللورية يرى فيها صورة المستقبل لما سار خطوة واحدة في طريق التدمير الذاتي، الذي سارت فيه هذه البلدان. أتحدث عن التدمير الذاتي، رغم إدراكي التخريب الذي مارسته قوى خارجية. فالسقوط يبدأ داخليا أولا، ولا يمكن للخارج ممارسة آثاره التدميرية إلا بقدر ما يسمح به الداخل، فكيف انجرفت الأمور إلى هذا المنحدر في سوريا وغيرها من البلاد العربية المنكوبة؟ بدأت الكارثة في مجموعة البلاد المنكوبة بالفوضى عندما توقفت الدولة عن الإصلاح، وانحرفت المعارضة عن المطالبة بالإصلاح لممارسة الثورة. الإصلاح هو جهد متصل لحل التناقضات والصراعات في المجتمع، ولجعل المجتمع أقل صراعا وأكثر تعاونا؛ أقل طردا واستبعادا وأكثر احتواء؛ أقل شكا وسوء ظن وأكثر ثقة. الإصلاح هو عملية متواصلة لإزالة الأسباب التي تجعل الناس أقل سعادة وأقل تفاؤلا وأقل رضا وأقل فخرا ببلادهم. الإصلاح ليس مرادفا لزيادة الثروة والنمو، على أهميته؛ فزيادة الثروة لا تؤدي بالضرورة إلى الثقة والتفاؤل والاستقرار.

لغرض ما

تتردد مع بداية اندلاع الأزمة الاقتصادية أحاديث حول المساعدات الخارجية لنا، سواء كانت من أشقاء أو غير أشقاء، من دول إقليمية أو دول عالمية.. وغلب على هذه الأحاديث التي يهتم بها عبد القادر شهيب في “فيتو”، حقيقة مهمة جدا وأساسية، وهي أن الدول التي تقدم مساعدات لغيرها ما زالت تفعل ذلك لأنها تجده يحقق مصالحها أساسا.. أي أنها تساعد نفسها قبل أن تساعد غيرها.. مثلا عندما قررت الولايات المتحدة الامريكية تقديم مساعدات لمصر، اقتصادية وعسكرية، أواخر السبعينيات، فإنها فعلت ذلك لدعم اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل التي تمت تحت رعايتها، ووجد الأمريكيون أن استمرارها يحقق مصالحهم في منطقتنا.. وهناك كلام للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون يقول فيه، إن كل دولار تقدمه أمريكا لمصر تسترد منه 85 سنت، في شكل أجور ورواتب للخبراء الأمريكيين، وتكلفة نقل السلع والأسلحة على ناقلات أمريكية، وأيضا تكلفة دراسات الجدوى التي تجربها مكاتب أمريكية لمشروعات تمول بالمعونة الأمريكية.. أي أن أمريكا كانت تحقق مصالحها في المنطقةَ بنحو 15% من المعونة المعلن أنها تقدمها لنا. ومثلا أيضا المعونات التي قدمها بعض الأشقاء العرب لنا بعد التخلص من حكم الإخوان، وهو أمر شكرناهم عليه، وكان هؤلاء الأشقاء يحمون بها أنفسهم.. فإن سقوط مصر في قبضة الإخوان كان يفتح الباب لسقوطهم هم أيضا في قبضة الإخوان.. ولذلك كانت حماية مصر من هذا الخطر هو حماية لأنفسهم أيضا من هذا الخطر. خلاصة الأمر من يقدم لنا شيئا ليس لسواد عيوننا، وإنما لتحقيق مصالحه أولا وأساسا.. ففي العلاقات بين الدول، شقيقة أو غير شقيقة، صديقة أو غير صديقة، المصالح هي التي تحكمها وتتحكم فيها وتصوغها.. فلن تتصرف دولة أو تتخذ مواقف ضد مصالحها، والشطارة السياسية هنا تكمن في صياغة مصالح مشتركة واسعة ممتدة مع الآخرين، ليس فقط من أجل الحصول على حفنة مساعدات، وإنما لبناء شبكة مترامية من النفوذ في محيطنا الإقليمي والنطاق العالمي.

محاولة للفهم

كان فاروق جويدة في “الأهرام” دائما يسأل نفسه كيف نختبر المشاعر، وهل للإحساس عمر مثل كل الأشياء: كنت أرى أن الزمن هو المقياس الذي يضع نهاية للمشاعر، واكتشفت أن الزمن شيء غامض، وأنه متقلب مثل كل الأشياء، وإن الوقت أحيانا يختصر الزمن، وأحيانا يضيف إليه، والوقت لا يمكن أن يتمرد على الزمن، لأنه من توابعه، وأمام ما حدث من متغيرات في الزمن لم يعد يهتم كثيرا بالمشاعر.. هناك قصص أخرى تشغله الموت والحروب والفوضى والجوع والفقر، أما المشاعر فيبدو أنها خرجت من حسابات الزمن، فلا وقت للحب وسط زحام أشياء كثيرة استهلكت الزمن ومنها أعمار الناس.. ولا أدري هل هناك علاقة بين البعد والمشاعر، وهل البعد يقتلها، أم أن المشاعر قادرة على أن تتحدى البعد والزمن، واكتشفت أن الإعصار الأكبر هو الفراق، إنه الزلزال الذي يجتاح كل المشاعر، ويضع نهاية لكل شيء.. فلا تحاسب الزمن إذا تخلت عنك المشاعر ولا تعاتب البعد لأنه فرق بينكما، وإذا كان من الضروري أن تعرف الحقيقة فهو الفراق، إنه الإعصار الذي يدمر كل المشاعر ويدمي كل القلوب.. لا تلم الزمن لأنه مشغول عنك بأشياء كثيرة، ولا تعاتب البعد، لأنه لا يملك شيئا، واسأل عن الفراق، لأنه وراء كل النهايات الحزينة.. في دنيا المشاعر تتعارض هذه الثلاثية بين الزمن والبعد والفراق. الزمن يبدو أحيانا رحيما ويجمع الشمل ويحيي المشاعر، والبعد قد يحرك الأشواق ويعيد النبض، وحين تطل صورة الفراق فلا أمل في العودة، لأن الفراق لا يعرف غير القسوة.. لا تنتظر الزمن ولا تحسب البعد لأن الفراق إذا أطل في الأفق انسحبت كل المشاعر.

الحقيقة لا تدفن

قبل ثلاثة أيام قررت منظمة «اليونيسكو» العالمية إدراج مدينة أريحا القديمة الفلسطينية على قائمة التراث العالمي، باعتبارها واحدة من أقدم المدن المحصنة في العالم، وباعتبارها تمثل تاريخا حضاريا ممتدا على مدى عشرة آلاف عام. لتنضم أريحا إلى المواقع الفلسطينية الأخرى في قائمة «اليونيسكو» وعلى رأسها البلدة القديمة في القدس العربية، وكنيسة المهد، والبلدة القديمة في مدينة الخليل. وكلها مواقع تؤكد وفق ما قاله جلال عارف في “الأخبار” الوجود الفلسطيني في الأرض المقدسة، وتثبت أكذوبة الرواية الصهيونية التي تم اختراعها لتكون ستارا لاغتصاب الأرض الفلسطينية. وبالطبع.. رحب كل المؤمنين بالحق الفلسطيني بقرار «اليونيسكو» الجديد، بينما ثار المسؤولون في حكومة تل أبيب وكرروا اتهاماتهم لمنظمة اليونيسكو بالانحياز وتسييس المنظمة التي سبق لإسرائيل أن انسحبت منها قبل أربع سنوات. لكن الرد الحقيقي من جانب دولة الاحتلال والتمييز العنصري جاء فجر الأربعاء مع اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدينة أريحا، ودخول «مخيم عقبة جبر»، هناك والاشتباك مع الأهالي الذي أدى لاستشهاد شاب فلسطيني وإصابة آخرين.. ليصبح عدد الشهداء الفلسطينيين في هذا اليوم ستة شهداء، سقط أربعة منهم في جنين، وآخر في خان يونس. كل اقتحام إسرائيلي لمدينة فلسطين هو عدوان يسجل في قائمة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال العنصري. وكل شبر من الأرض المحتلة يعني وعدا بتحريره. لكن اقتحام أريحا في هذا الوقت، وبعد قرار «اليونيسكو»، لا يعني إلا أن الفاشية الصهيونية ماضية في طريقها، وأنها تقول للعالم كله إنها لا تكترث بقرارات دولية أو قانون دولي ما دامت تضمن الحماية مع «الفيتو»، الأمريكي والصمت الغربي، والضغوط التي لا تتوقف من أجل التطبيع المجاني قبل أن تعترف إسرائيل بالحقوق الفلسطينية كاملة وتقوم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية. ورغم كل ذلك تبقى الحقيقة: فلسطين هي أرض الفلسطينيين، وكل محاولات تزييف التاريخ أو تغيير الواقع لن تنجح في النهاية. ولن يبقى للكيان الصهيوني مكان إلا في قوائم الجرائم ضد الإنسانية كآخر احتلال عنصري على الأرض.

من يدري

هذا الأسبوع هو أسبوع الكلام بامتياز في نيويورك، حيث يقع مقر منظمة الأمم المتحدة باعتبارها المنظمة الدولية الأم في العالم، كما أخبرنا سليمان جودة في “الوفد”: في النصف الثاني من سبتمبر/أيلول في كل سنة تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تضم في عضويتها 193 دولة هي كل دول العالم، أما مجلس الأمن في المنظمة نفسها فيظل جهازها الأعلى، ويظل يدها النافذة في أنحاء الأرض، من خلال أعضائه الخمسة الدائمين. تاريخيا كانت الأمم المتحدة التي نشأت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية قد ورثت منظمة عصبة الأمم، التي كانت بدورها قد قامت في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وليس معروفا ما إذا كانت مرحلة ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية سوف تكون في حاجة إلى منظمة دولية ثالثة أم لا، ولكن هذا مرهون بنهاية الحرب وعندها سنرى ماذا سيكون. ولا تزال منظمة الأمم المتحدة مدعوة إلى أن تكون على غير ظن جون بولتون، مندوب الولايات المتحدة الأمريكية، أيام إدارة الرئيس جورج بوش الابن، كان بوش قد قرر إرسال بولتون مندوبا لبلاده إلى مقر المنظمة في نيويورك، وكان لا بد أن يوافق الكونغرس الأمريكي على ذلك، فلما أحس ساكن البيت الأبيض بأن الكونغرس سيرفض، استغل فترة الإجازة التي يحصل عليها أعضاء الكونغرس في الصيف وأرسله خلالها وتلك كانت معركة داخلية بين بوش الابن والكونغرس، ولكن بولتون عندما ذهب إلى مقر المنظمة الدولية راح يتطلع إلى مبناها الذي يتكون من 38 طابقا ثم قال: لو أزيلت من هذا المبنى عشرة طوابق فلن يشعر العالم بأن شيئا قد اختلف وقد فسر كثيرون عبارته على أنها رأى إدارة بوش الابن في مدى جدوى الأمم المتحدة، وفسرها آخرون على أنها مجرد رأي شخصي من جانب بولتون، ومن يومها تجد عبارة بولتون حاضرة كلما عجزت المنظمة عن حل مشكلة من المشكلات الكبيرة التي تعصف بالعالم. الواقع أنه لا سلام يعرفه العالم في الكثير من بلاده ولا أمن، كما أن المنظمة تقف متفرجة لا حول لها ولا قوة ومَنْ يدري، ربما ينفخ الله في المنظمة هذه السنة، فينقلب أسبوع الكلام السنوي إلى أسبوع للفعل ويهدأ العالم، وتنطفئ النار المشتعلة في أكثر من ركن من أركان الأرض، ولا تكون نظرة بولتون وهو يتطلع إلى المبنى في محلها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.