صائدو القاصرات.. ضحايا زلزال المغرب في مرمى عصابات الإتجار بالبشر / عبد المنعم فياض سعدون
عبد المنعم فياض سعدون ( فلسطين ) – السبت 23/9/2023 م …
قتلى وجرحي ومفقودين وحطام في كل مكان.. هذا هو المشهد الذي خلفه الزلزال المدمر في المغرب، الذي أودى بأكثر من 3 آلاف قتيل ومثلهم من المصابين وكذلك آلالاف المفقودين، في نكبة وكارثة كبيرة لم تحدث من قبل
ونتاجا لما خلفه الزلزال المدمر للمغرب، تشردت أسر وفقد كثيرون، ونتج عن ذلك ظاهرة تعرض الفتيات المغربيات لخطر الاعتداء الجنسي والزواج القسري بعد الزلزال.. فهل يدق ناقوس الخطر تجاه الفتيات؟
تعيش الفتيات المغربيات خاصة القاصرات واقعا مأساويا بعد الزلزال، خاصة اللواتي فقدن الأهل والمأوى، فيتعرض بعضهن إلى أن يكونوا فريسة لخطر الاعتداء الجنسي، أو الزواج القسري، فلا احساس بالأمان ولا مظلة تحميها من الضياع بعد أن ماتت كثير من المشاعر تحت أنقاض الزلزال المدمر
وحينما نرى أن المدارس تتحول إلى ملاجىء للقرى المتضررة من الزلزال في المغرب، إذن فنحن أمام أزمة كبيرة تطل برأسها على الجميع، فهنا تظهر عصابات الإتجار بالبشر ويصبح الناجون فريسة سهلة لهم، ليس في المغرب فقط بل قد يتكرر الأمر في ليبيا والمناطق المنكوبة من الكوارث الطبيعية
ذاكرة مواقع التواصل الاجتماعي شاهدة على كوارث، ففي ظل غياب خطط حماية المتضررين من الزلزال، تظل عصابات الإتجار بالبشر جالسة متربصة بكل ناج، وكما ذكرنا تحولت بعض صفحات فيس بوك إلى ساحة لتزويج الفتيات المتضررات من الزلزال بداعي حمايتهن وسترهن! ، ولكن من يضمن الحماية القانونية لتلك الفتيات؟
غالبا ما يقع فريسة لهؤلاء، الفتيات القاصرات والأيتام والأطفال الذين فقدوا أسرهم وذويهم في الزلزال، إضافة إلى النساء اللواتي فقدن منازلهن وسبل المعيشة في المناطق المنكوبة من الزلزال، ويبحثون عن مأوى يحميهم من الظروف القاسية
هنا أيضا يظهر مدعو التبني، ويقصدون الأطفال الذين فقدوا أسرهم وأصبحوا مشردين بلا عائل، وبداعي التبني يستغل هؤلاء أطفال المناطق المنكوبة ويبيعوهم لعائلات في بلاد أخرى تحت شعار “التبني”.. فلا يمكننا أن نغفل مخطط هذه العصابات التي تتاجر بالطفولة وأعراض الفتيات
الاستغلال الجنسي أيضا في قائمة الكوارث الإنسانية التي خلفها زلزال المغرب وكذا الأمر في فيضانات ليبيا، فبعد أن تفقد الزوجات أزواجهم تحت الأنقاض وبين طيات مياه الفيضانات، لا يجدن من يعولهن، وبالتالي يتزوجن قسرا وهذا بالتأكيد نوع أخر من التجارة بالنساء أو التجارة بالبشر التي جرمتها قوانين العالم، لكنه لا يزال يطل برأسه ويخرج لسانه للجميع في مناطق الزلازل والفيضانات في قرى المغرب وليبيا المنكوبة من الكوارث
للأسف، مسلسل صيد الضحايا لا يتوقف، ويقتنع كثيرون بهذا المسلسل السخيف بداعي توفير مأوى للنساء والأطفال والقاصرات، هؤلاء الذين فقدوا ذويهم تحت الأنقاض ووسط مياه السيول، وأيضا يأتي ضمن الأسباب الواهية لذلك توفير طعام ووسائل معيشة صحية لهم، كنوع من استغلال حاجتهم للمتاجرة بهم وكسب كثير من الأموال على حسابهم، وهذا بالتأكيد على غير الحقيقة
ولكن من يوقف تلك العصابات اللعينة؟ وكيف يمكن ردع الإتجار بالبشر من منكوبي الزلازل والسيول؟
مواقع التواصل الاجتماعي نددت بهذه الظاهرة بعد انتشار مقطع فيديو خلال الساعات الأخيرة، يظهر فيه شاب وهو يلتقط صورا مع فتيات قاصرات من ضحايا زلزال المغرب، ويسألهن هل يتقن الأعمال المنزلية، فمن هذا؟ ، ولماذا يصطاد تلك الفتيات القاصرات في ظل وجودهن في أصعب وأقسى درس في حياتهن، فقد فقدن الماضي والحاضر والمستقبل، فعلام يراهن هذا الشاب؟
ولماذا لا تتواجد وسط الكوارث منظمات حقوقية تحمي الفتيات القصر والنساء والأطفال من الانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل أشخاص مجهولة تتواجد بين الأنقاض ووسط الدمار دون أي صفة، كل ما يهمهم هو أن ينفذوا “البيزنس” الخاص بهم، واصطياد الضحايا والتكسب من ورائهم.. وهنا لا أستطيع القول إلا أن الإنسانية في خطر
بعض الفتيات في تلك المناطق مهددة أيضا بارتكاب ممارسات جنسية، فكما رأيت مقطع فيديو منتشر على الإنترنت، يظهر فيه أيضا توقيف طالب من قبل الشرطة، للاشتباه في نشر محتوى تحريض يهدد فيه الفتيات بارتكاب أفعال جنسية، وقد يقوم هذا الشاب بنشر مقاطع – نفذتها فتيات تحت التهديد-، على الإنترنت للتكسب من ورائه، ولكنه في الحقيقة يرسخ لسلوكيات سيئة وظاهرة استغلال الضحايا لتحقيق المال وإدارة بيزنس سيء السمعة
القانون الدولي عامة والمغربي خاصة، أكد على أن التجارة بالكوارث مجرم، وأن استغلال الناجين من النكبة، فيما تؤكد منظمات حقوقية أنها تدين كل أشكال العنف ضد استغلال القاصرات سواء كان ماديا او اجتماعيا أو جنسيا، فمن المهم أن نحمي جميعا هؤلاء الضحايا من قسوة البشر الذين انتزعوا من قلبهم الرحمة وقصدوا التجارة بالضعفاء
ولعل ما استوقفنا جميعا في أحداث زلزال المغرب، القرية المغربية التي تعرضت بالكامل لتكون فريسة لعصابات التجارة بالنساء والبشر، حيث مات كل رجال القرية تحت الأنقاض، وبقي الكثير من أطفالها ونسائها وفتياتها قابعات على الأنقاض في انتظار مستقبل مجهول، وأشخاص لا ترحم، تستغلهن بأي شكل بداعي تقديم يد العون والمساعدة
الكل يدرك أن الكارثة يجب أن تعامل بإنسانية، فمشهد افتراش الضحايا للأرض ما بين الصرخات والألم الجسدي والنفسي، والنساء المصدومات من خسارة رجالهن أو أطفال يبكون ومصدومين من هول الواقعة، يحفر في ذاكرتي ولا ينسى
صرخات النساء
ولكن، أكثر ما أحزنني وأنا أتابع أحداث زلزال المغرب، وخاصة بعد إعلان وزارة الداخلية المغربية، أن حصيلة ضحايا الزلزال في المغرب ارتفعت إلى 2122 قتيلًا و2059 مصابًا بينهم 1404 حالات حرجة، مقطع فيديو على الإنترنت، تتعالت فيه صرخات النساء في مقاطع فيديو انتشرت على الإنترنت، تطلب ممن يشاهد الفيديو المساعدة سواء لدفن من رحلوا بعد وفاة كل الرجال، أو لتقديم يد المساعدة لمن بقوا أحياء لا يعولهم أحد، بما في ذلك أطفال صغار، وأن يرحموا إنسانيهم
وقالت السيدة في الفيديو :”تقريبا نص أهالي القرية ماتوا نتيجة الزلزال العنيف نحو 30 شخصا على الأقل، ولم يتبق سوى النساء والأطفال الصغار المعرضون لخطر العصابات التي تتاجر بهم دون رأفة، فمن يحميهم!
أخيرا، أتمنى أن تتواجد منظمات حقوقية في مواقع الكوارث الطبيعية لحماية الضعفاء من جشع عصابات التجارة بالإنسانية
التعليقات مغلقة.