ثلاثة نصوص للينين تعتبر دراستها ضرورية / مرتضى العبيدي

مرتضى العبيدي – الثلاثاء 26/9/2023 م …




في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كان السؤال المطروح بين الثوريين الروس هو كيفية العمل على بناء منظمة ثورية تغطي كامل البلاد، حيث يمكن لأعضائها العمل بشكل موحد وفي وقت متزامن.
لينين أعطى إجابة صحيحة على السؤال، بشكل جعلت الحزب البلشفي قادرا على قيادة الطبقة العاملة للاستيلاء على السلطة في عام 1917، بل والأكثر من ذلك، أن هذه الجوانب التي تخترق الزمن تمثل اليوم دليلا لعمل الأحزاب الشيوعية الماركسية اللينينية.
في مايو 1901، كتب لينين مقالة قصيرة بعنوان “بمَ نبدأ؟”، أثار فيها ثلاثة جوانب أساسية وعد بأن يتم تطويرها بالكامل في عمل جديد نُشر بعد تسعة أشهر في كتاب بعنوان “ما العمل؟”. إن ما طُرح في النص الأول يشير إلى المشاكل المتعلقة بالطبيعة والمحتوى الرئيسي للتحريض السياسي والمهام التنظيمية وخطة لإنشاء منظمة كفاحية تستهدف روسيا بأكملها في نفس الوقت.
إن المهمة المباشرة لحزبنا، كما يقول لينين في نصّه “بم نبدأ؟”، هي “الدعوة إلى تشكيل منظمة ثورية قادرة على توحيد جميع القوى وقيادة الحركة ليس فقط الممكنة، بل الفعلية. وهذا يعني منظمة تكون دائمًا على استعداد لدعم أي احتجاج وأي انفجار، واغتنام الفرصة لمضاعفة القوى التي يجب استخدامها في المعركة الحاسمة.
[…] إن نقطة الانطلاق لنشاطنا، والخطوة العملية الأولى نحو إنشاء المنظمة المنشودة، والخيط الأساسي الذي يمكننا التشبث به لتطوير هذه المنظمة وتعميقها وتوسيعها باستمرار، يجب أن يكون “بعث صحيفة سياسية لكل روسيا”. نحن بحاجة، قبل كل شيء، إلى صحيفة. وبدونها، سيكون من المستحيل نشر الدعاية والتحريض بشكل منهجي يلتزم بالمبادئ ويشمل جميع الجوانب.
في كتابه “ما العمل؟”، عمق لينين هذه العناصر، بالإضافة إلى أنه أسس وطور مفهوم الحزب كقوة ثورية، وكقائد ومنظم لحركة الطبقة العاملة، وطور أسس نظرية حزب من طراز جديد، حزب الثورة البروليتارية. وبدقة، أعطى إجابة منطقية على أسئلة مهمة مثل العلاقة بين العنصر الواعي والعنصر العفوي في الحركة العمالية، والحزب كمرشد سياسي للبروليتاريا، ودور الاشتراكية الديمقراطية في الثورة، وأشكال التنظيم، طرق وأساليب إنشاء حزب ثوري حقيقي للطبقة العاملة.
كما سلّط الضوء على القيمة الهائلة لنظرية الاشتراكية العلمية في تشكيل حركة عمالية ثورية وفي مجمل نشاط حزب يفتخر بكونه الطليعة السياسية للطبقة العاملة.
يقول لينين: “فقط حزب تقوده نظرية الطليعة هو القادر على إنجاز مهمة المناضل الطليعي”، ثم تناول الصراع الطبقي الذي يجري ويتطور في مجال الأفكار، فيقول: “… إن المسألة تُطرح فقط على هذا النحو: الأيديولوجيا البرجوازية أو الأيديولوجيا الاشتراكية. ليس هناك حل وسط… ولهذا السبب، فإن كل ما يؤدي إلى إضعاف الإيديولوجية الاشتراكية، وكل ما يؤدي الى الابتعاد عنها هو تعزيز للإيديولوجية البرجوازية».
وقد حلّل هذه الأفكار أيضًا في العديد من المقالات المنشورة في صحيفة الإيسكرا[1]، ولكن في نص قصير يُعرف باسم “رسالة إلى رفيق حول مهامنا التنظيمية”[2]، طور لينين وبسّط خطة هيكلة الحزب، التي طرحها في “ما العمل؟”
كتب لينين: «أود أن أؤكد أن الصحيفة يمكنها، بل ويجب عليها، أن تكون القائدة الأيديولوجية للحزب، وأن تطور الحقائق النظرية والأطروحات التكتيكية والأفكار التنظيمية العامة والمهام العامة للحزب بأكمله في هذا الوقت أو ذاك “.
لكن القائد العملي المباشر للحركة لا يمكن أن يكون إلا مجموعة مركزية خاصة (دعنا نسميها، على سبيل المثال، اللجنة المركزية) التي تنسق بصفة مباشرة مع جميع اللجان، وتضمّ داخلها أفضل العناصر الثورية لجميع الديمقراطيين الاشتراكيين الروس وتسيّر جميع شؤون الحزب العامة…”.
وشدد لينين على أن لجنة الحزب يجب أن تتكون من نشطاء واعين تمامًا، يكرسون أنفسهم بالكامل للنشاط الثوري، ومن الضروري التأكد من أن أكبر عدد ممكن من العمال يصبحون ثوريين واعين تمامًا، ومكرسين بالكامل للقضية الثورية وجزءا من هذه اللجنة.
ويتناول بالتفصيل القضايا التنظيمية (وضع مبدأ المركزية الديمقراطية كحجر الزاوية)، ومهمات الهيئات التنظيمية، وكيفية تنظيم وتوجيه عمل المنظمات القائمة في المصانع كحلقات أساسية في العمل الثوري والدعاية والتحريض.
إن هذه الإشارة الموجزة إلى موضوعات ذات مضمون كبير ولها أهمية استراتيجية في تنظيم القوى الثورية، تؤكد حاجة أعضاء الحزب إلى دراسة هذه المواد لتعميق تكوينهم النظري وتطوير نشاطنا الثوري.
هوامش:
1 إيسكرا (الشرارة) ، كانت أول صحيفة ماركسية سرية في كل روسيا، أسسها لينين في عام 1900؛ لقد لعبت دورًا ذا قيمة وأهمية هائلة في إنشاء الحزب الماركسي الثوري للطبقة العاملة.
2 كتب لينين هذا المقال ردًا على تساؤلات أحد المناضلين الديمقراطيين الاشتراكيين من بطرسبرغ. لقد تمت كتابته قبل عام من نشره، ولكن في تلك الأثناء تم تداوله في نسخ مخطوطة يدويا بين العمال والناشطين الديمقراطيين الاشتراكيين.
صحيفة “الى الأمام”، العدد 2026، من 23 الى 29 سبتمبر 2022

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.