نارام سرجون : سؤال يطرحه الشيطان .. ثورجي سوري يدعو الى تدمير المدن السورية لتكتمل الثورة ..
السبت 1/10/2016 م …
الأردن العربي …
الغاية تبرر الوسيلة هو مبدأ انتهجه المعارضون السوريون بشكل مبتذل استغربه حتى حكماء (بروتوكولات حكماء صهيون) وهم سادة شعار (الغاية تبرر الوسيلة) .. وكثيرا ماردد الثوار عبارة (اننا مستعدون للتحالف مع الشيطان اذا كان هذا التحالف يوصلنا الى اسقاط النظام في سورية) .. وهذه العبارة النظرية دأبت الأدبيات الثورية على ترويجها كمنطلق ونهج ثوري أخلاقي ومبدأ عملي تبرر فيه للناس كل الجرائم الوطنية والأخلاقية وكل الخيانات العظمى التي لجأت اليها الشخصيات المعارضة كي تبقى تحت مظلة شعار (كل شيء يجوز .. تحت سقف معادلة التحالف حتى مع الشيطان) .. فتحول الناتو – الذي كان شيطانا يشتم النبي ويهين الاسلام ويمزق القرآن – الى حليف تحت نفس اليافطة .. وتحول الاسرائيليون من شيطان يسرق الأرض المقدسة وأقدس اقداس المسلمين الى حليف تحت نفس اليافطة .. وتحول ملوك الفساد وأمراء التبذير الخليجيون وملوك الجنس والسيفيلس الى حلفاء المقاتلين الاسلاميين الذين يرفعون شعار القرآن وسنة الرسول وكأن الرسول قال لهم (انني كنت مستعدا للتحالف مع الشيطان كي تنتصر الدعوة المحمدية) ..
ولذلك فان هذه العبارة الشهيرة التي أعلنها الثوار كمبدأ عمل كانت توطئة لظهور قبول عام للخيانات الكبرى والجرائم الكبرى لأن غض النظر عن الجرائم هو تحالف مع الشيطان ولكنه ضروري لارهاب النظام ومواليه بالجريمة .. وهذا مافسر سهولة القبول بنظريات الذبح وتبريرها على انها رد فعل فقط .. وكذلك يفسر القبول بنظرية جهاد النكاح لأنها تحالف مع الشيطان أيضا طالما أن هذا النوع من الجهاد يستجلب مزيدا من المقاتلين ويستجيب لهرموناتهم المتدفقة في المعارك .. ثم ظهر جهاد يشبه جهاد الزنا هو التنازل عن الأرض مقابل كرسي الحكم .. فتنازل الشقفة عن لواء اسكندرون لتركيا كما يتنازل الرجل عن عرضه من أجل حفنة من المال .. وتنازل هو واللبواني عن الجولان لاسرائيل أيضا تحت سقف الأثمان المدفوعة للشيطان الذي نتحالف معه..
وتحول كل من في العالم الى شياطين تتمنى التحالف مع المعارضة السورية لسخائها في عروضها وتنازلاتها الأخلاقية الكبرى .. التي أذهلت العالم .. وأذهلت الشيطان نفسه الذي كان حتى فترة قريبة يبحث عمن يسلم عليه فوجد من يغسل له رجليه وذيله ويقبل له قرنيه ..
تطور مفهوم التحالف مع الشيطان الى نظريات شيطانية في التدمير الممنهج للبلاد من أجل تحطيم اقتصاد البلاد لأنه وسيلة من وسائل اخضاع النظام عندما يواجه شعبا أتعبته الازمات والفقر والحاجة .. فكل ثورة تباهي بأنها حافظت على الموافق العامة وأملاك ومصالح العباد الا فلاسفة الثورة السورية الذين وجدوا أن تقصير عمر النظام قد يكون بتدمير وسائل الحياة لاثارة تململ الناس وتذمرهم وقبولهم بأي عرض دولي فيجب اعتماده .. ولذلك نشأت فلسفة استهداف محطات الطاقة وآبار النفط وصوامع الحبوب ومحطات ضخ المياه .. كل شيء يعطل الحياة تم استهدافه ..
بعد خمس سنوات ونصف من التدمير وتعمد تخريب المدن تعرضت محاولات الثوار للاستيلاء على بعض المدن الى التقريع وتعالت أصوات من قلب معسكر الثورجيين أن يتم تغيير تلك الاستراتيجية لأن المكسب الوحيد فيه هو تدمير بيوت الناس طالما أن النظام سيحارب لاستعادتها ويفعل ذلك دوما .. وصار هناك من يطلب أن يتم تحييد المدن عن القتال وأن يتجنب المسلحون خوض معاركهم في اي مدينة وعدم استدراج الجيش لخوض معاركه فيها لأن الناس الذين دفعوا الثمن صاروا يكرهون الثوار ويحتقرونهم ويدعون عليهم ويبصقون في وجوههم ويطلبون منهم أن يحاربوا كالرجال في الجبال والغابات لافي المطابخ والحمامات .. حتى البيئات الحاضنة صارت متذمرة جدا من اصرار المسلحين على البقاء في مدن تتحطم بفعل القتال .. ولكن هذه الدعوات والاحتجاجان لاقت ردودا قاسية .. وخاصة من منظري الثورة السورية الذين يستقرون في المدن الاوربية الجميلة الآمنة وفي كندا وأميريكا .. ويذهب أبناؤهم الى مراكز الترفيه والمطاعم ويمارسون كل حياتهم دون منغصات ..
وبالأمس كتب أحد الثورجيين المقيمين والمرفهين في برلين مقالا غاضبا يهاجم فيه كل من يلوم الثوار على تمترسهم بالمدن بين المدنيين بحيث ان هذه المعارك تدمر المدن .. واستهجن هذا الثورجي الخشية على العمران والمدن لأن كل الثورات في العالم تقوم على أنقاض المدن وليس على مدن سياحية .. فهذا هو ديدن الثورات .. وضرب مثلا أن الألمان ورغم يقينهم من هزيمتهم فانهم عندما دخل الخلفاء برلين فانهم قاتلوا في كل شارع حتى أحالوا برلين الى أنقاض ولم يسلموها الا حطاما .. بل ان الفرنسيين الذين حاولوا الحفاظ على باريس ولم يقاتلوا الألمان حوكموا كخونة .. أي اعتبر هذا الخائن أن الجيش السوري جيش أجنبي غاز مثله مثل الجيش الأمريكي في برلين يجب مقاومته وتدمير المدن قبل أن يدخلها .. ولذلك فان الثوار السوريين لديهم مهمة مقدسة وهي أن يتابعوا التمترس بالمدن واقتحام المدن وخوض كل حروبهم في المدن لأن تحرير كل أرياف سورية دون مدنها ليس له معنى ويبقى بلا رصيد في العالم .. لأن من يحكم المدن هو من يقرر مصير البلاد .. وأمام هذه الوصفة الرومانسية فان مدنا كثيرة لم تمس قبلا سيكون مصيرها الدمار لأن فلسفة الثوار هي أنهم لايقيمون ثورة سياحية بل ثورة مختصة بابادة المدن ..
وأمام هذا العقل الذي يدعو الى نهج تدمير المدن السورية لتكمل الثورة دورتها الكاملة يمكن أن نتعلم شيئا جديدا عن الثورات الجديدة وأن نضيف الى نظرية التحالف مع الشيطان فصلا جديدا .. فبعد الخيانة ومصافحة أعداء الامة والرسول والوطن وبعد جهاد النكاح والتحالف مع الاسرائيليين والناتو .. هناك دعوة لتحطيم كل المدن السورية لتدخل عصر الثورة من أوسع أبوابه عبر تشريد المزيد من السكان وتحويلهم الى مهاجرين ولاجئين وفاقدين لأساسيات حياتهم .. وبعدها يسكنون الحرية وتسكنهم الحرية ..
بعد أن كتب هذا الثورجي مقاله المبدع ونظريته عن ضرورة أن تذوق المدن السورية أعتى عواصف التدمير لتكتمل ثورتها لكم ان تتخيلوا أنه ذهب الى فراشه الوثير والدافئ في منزله في برلين .. حيث الشوارع نظيفة وهادئة ليلا .. وربما قبل أولاده وهم نائمون باطمئنان ثم ذهب وغازل زوجته قبل النوم على أضواء الشموع الهادئة .. وبعدها أطفأ النور واستغرق في سبات عميق ورأى أحلاما جميلة ولم يسمع قصفا ولارصاصا ولامرور الريح من نافذة مخلوعة أو من جدار مثقوب بقذيفة .. هو ينام مرتاح الضمير لأنه لن ينام مع أولاده في الخيام ولن تتسول زوجته لتجد مسكنا لأولادها ويراودها التجار الأتراك عن نفسها ولن تعرض ابنتها على عجائز سعوديين وخليجيين مهووسين بالجنس مع العذارى .. وهو بالطبع لن يفكر في أن يأتي باسرته من برلين الى أي مدينة سورية محررة مدمرة .. لكنه يحرض الناس على القتال حتى آخر رمق .. وآخر جدار .. وآخر نافذة .. وآخر رصيف .. وآخر ولد .. وآخر حلم ..
السؤال الذي يطرحه الشيطان علينا باحتجاج وغضب هو: ولكن هل تعتقدون أن الشيطان مستعد للتحالف مع هؤلاء الذين لايثق بهم حتى الشيطان .. وان اختلفوا مع الشيطان بحثوا عن شيطان آخر للتحالف معه ؟؟ ..
وردّا على مقولة اننا مستعدون للتحالف مع الشيطان التي يرفعها الخونة السوريون فان الشيطان سيقول:
ربما سيغفر لي الله تمردي عليه ورفضي الركوع لآدم وهو يرى هذا النموذج الرخيص من سلالة آدم .. ولكني مع هذا فانني أفضل التوبة وأن أعود عن رفضي الركوع لآدم كما أمرني الله .. على أن أتحالف مع هذا النوع من البشر ..
ياربي .. من منا هو الشيطان .. أنا أم هذا النوع من الانسان؟؟
التعليقات مغلقة.