المؤلفة قلوبهم… .. تجار الكلمة / حسين بني هاني

حسين بني هاني  – الجمعة 6/10/2023 م …
هم قوم في صدر الاسلام، معروفون بضعف ايمانهم بالدين ، والخشية من استمالة بعضهم لعداوته، كان النبي عليه الصلاة والسلام يعطيهم ليثبّت إيمانهم ، وعندما قويت شوكة الاسلام أوقف عمر بن الخطاب ذلك السهم من العطاء ،وقال ان الإسلام لم يعد بحاجة لمثل هؤلاء. لكن بعض من امتلك منهم ناصية الكلمة ،كأفراد ظلّوا عبر التاريخ العربي يغزلون من الحروف نسيج الكلمات ،ويسخرونها لنيل الرضى هنا وهناك وحسب مقتضى الحال ، أنصف التاريخ بعضهم وظلم آخرين ، يجدهم الناس بين ظهرانيهم في كل عصر وكل زمان ،وهم عبر التاريخ مثل العطارين ، يقصدهم الناس حين يلم بهم الوجع، وهم يعرفون ذلك ، وينتظرون صاحب الحاجة لكي يدفع الثمن. تراهم في كل مولد يرقصون ، وفي كل مجلس يتصدرون ،وضجّت بهم الحكاوي ،وملأت قصصهم دواوين الحكم الأموي والعباسي وغيرهم الكثير ، وكانوا ولا زالوا مثل الشعراء ، في كل وادٍ يهيمون ، ويقولون ما لا يضمرون في نفوسهم ، يبحثون عن المال اليسير و المقام الأثير ، مستخدمين تزلفاًما أنعم الله عليهم من فصيح القول للولاة وعمّالهم، يتنقلون من والٍ الى آخر حسب الجزيل من العطاء ،فيما الإخلاص للوالي أو الوفاء للوطن آخر همهم.




مثل هؤلاء لهم نظير في عالم السياسة ، هم في الغالب نخب فكرية ،يعرفون ان مواهبهم اللغوية سلعة يحتاجها الساسة ، ولها ثمن يجب ان يدفع خارج اطار القانون ، يبسطون أياديهم وأقلامهم، كي يغرسوا حروفهم بقصد هندسة العقول تمهيدًا لتطويعها.

مثل هؤلاء أيضا لاتطالهم وللأسف أية قوانين ،ولا حتى قوانين الآداب العامة. يؤمنون بالتقية السياسية ، كي توفر لهم مكانًا وثيرًا يكسوه الحرير، يتقنون فن اللعب على الحروف ، ويلوون ألسنتهم وأقلامهم بعربية فصحى ، لاتعكس سريرتهم ، يحسبهم الناس جميعًا وقلوبهم شتى ، بل يحسبهم البعض من الملة الوطنية ، وبينهم أكثر الناس كفرًا بها، وأشد وطأة عليها من بعض المارقين على القانون ، وهم أقل ما يقال فيهم انهم مثل المركبات الهجينة (هايبرد) التي تعمل بنظامين لحرق المسافات على الطرق كي توصلهم الى بر الأمان.

مرةً أخرى اقول ان مثل هؤلاء (المؤلفة قلوبهم) سيبقى وجودهم أخي القارئ ، حاضرًا في كل زمان ومكان ، وهذا ما جعل واحدًا من أهل التقوى، يقول واعظًا ابنه ….. يابني عليك ان تتأكد ان الرجل منهم كلما تحدث كثيرا عن الفضيلة ، فاعلم أنها تنقصه.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.