متابعات، نشرة أسبوعية – العدد والأربعون / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 7/10/2023 م …
يتضمّن العدد الأربعون فقرة عن العلاقات العسكرية بين ألمانيا والكيان الصهيوني بعنوان “في جبهة الأعداء” وفقرة عن العلاقات المتطورة والحميمة بين النظام المغربي والكيان الصهيوني، وفقرة عن عينة من مكانة اليمن في تاريخ البشرية، وفي شهرتها كموطن القهوة العربية، وفقرة عن بعض النّشاط النقابي بنيجيريا، أكبر منتج إفريقي للنفط وأكبر اقتصاد إفريقي وأكثر البلدان الإفريقية كثافةً سُكّانية، وفقرة للتعريف بميريام بريغمان، مرشحة اليسار لانتخابات الأرجنتين ( 22/10/2023) وبمواقفها المناهضة للإمبريالية، وفقرة عن خلفية الإستثمارات الرأسمالية في مجال الطاقة المَوْصُوفة ب”النّظيفة”، وفقرة عن الأزمة العقارية في الصّين، وفقرة عن المناورات الأمريكية لعزل الصين وحرمانها من أشباه المواصلات والرقائق التي كانت تصنعها شركة تايوانية بالصّين، وأمرت الولايات المتحدة بنقلها إلى بلدان آسيوية أخرى “مضمونة”، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وحتى فيتنام التي أصبح نظامها مواليا للإمبريالية الأمريكية التي دَمّرت البلاد، وفقرة عن سوق الطاقة بين أوبك وروسيا، في ظل الحرب في أوكرانيا والمناورات الأمريكية على كافة الجبهات، وفقرة عن بعض جوانب إضراب عُمّال السيارات بالولايات المتحدة، وفقرة عن قمع الحريات، ومنها حرية التعبير والوصول إلى مصادر البيانات، وحرية الصحافة، في فرنسا التي صدر على أرضها إعلان حقوق الإنسان والمواطن، إبان الثورة الفرنسية سنة 1789
في جبهة الأعداء
فرضت ألمانيا على الدّول الأوروبية، سنة 1953، سنة تأسيس جمهورية ألمانيا الإتحادية (ألمانيا الغربية) إسقاط ديون ألمانيا المُستحقّة منذ الحرب العالمية الأولى ثم الثانية، وحولت ألمانيا الغربية (والإتحادية لاحقا، منذ العقد الأخير من القرن العشرين) هذه المبالغ إلى الكيان الصهيوني، فضلا عن الأسلحة المتطورة التي تُسلّمها ألمانيا إلى العدو الصهيوني بسعر تفضيلي لا يتجاوز ثُلُثَيْ سعر البيع المُعْلَن، وبذلك بلغ إجمالي التحويلات الألمانية، منذ 1953، مبلغًا يُعادل ما أنفقه الكيان الصهيوني على كل الحُرُوب العدوانية ضدّ الشعوب العربية مجتمعة، وباعت ألمانيا الكيان الصهيوني سبع غواصات متطورة قادرة على حمل صواريخ ذات رؤوس نووية، وأنشأت حكومة ألمانيا، سنة 2022، (بدعم من الحزب الديمقراطي الإجتماعي وحزب الخُضْر) صندوقًا عسكريا بقيمة مائة مليار دولارا، لتمويل الصفقات المشبوهة ( مع أوكرانيا أو الكيان الصهيوني مثلاً) ويتم تمويل صفقة شراء منظومة صاروخية وقّعتها ألمانيا مؤخرًا مع الكيان الصهيوني بقيمة 3,5 مليارات دولارا من هذا الصّندوق، وهي صواريخ مُصَمّمَة لاعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي للأرض، وسوف تتسلم ألمانيا الصواريخ بدءًا من الربع الأخير من العام 2025، وبذلك تتكامل الصناعات الحربية لألمانيا ودولة الصهاينة فألمانيا تبيع غواصات دولفين (صُنعت في مدينة “كيل” الألمانية) يُزَوِّدُها الصهاينة ( بدعم وإشراف أمريكي وفرنسي) بصواريخ كروز القادرة على حمل رؤوس نووية، خلافًا لما أعلنته المستشارة الألمانية السابقة “أنغيلا ميركل” بأنّ هذه الغواصات غير قادرة على إطلاق صواريخ حاملة رؤوسًا نوويةً.
المغرب، التبعية والتطبيع
لماذا يتشدّد صندوق النقد الدّولي مع تونس قبل إقراضها، ويتساهل مع مصر والمغرب؟ ابحثْ عن التّطبيع العَلَنِي
طلبت حكومة المغرب أموالا من “صندوق الصمود والاستدامة” التابع لصندوق النقد الدولي، قبل فترة طويلة من زلزال الثامن من أيلول/سبتمبر 2023 الذي أصاب منطقة جبال الأطلس الكبير وأودى بحياة حوالي ثلاثة آلاف شخص، وأعلن صندوق النقد الدولي (رويترز 28/09/2023) موافَقَةَ مجلسه التنفيذي يوم الخميس 28 أيلول/سبتمبر 2023،على “مَنْحِ” المغرب قرضا مدته 18 شهرا بقيمة 1,32 مليار دولار عبر صندوق الصمود والاستدامة التابع للصندوق، وذلك “للمساعدة في تعزيز قدرة المغرب على مواجهة الكوارث المرتبطة بالمناخ”، وهل من باب الصّدفة أن يكون هذا الإعلان قبل أسابيع من استضافة المغرب الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي في مراكش بين يومي التاسع والخامس عشر من تشرين الأول/اكتوبر 2023؟ مع الإشارة إنها المرة الأولى التي يعقد فيها الاجتماع السنوي في القارة الأفريقية، منذ خمسة عقود، وسوف تُلْقِي رئيسة الصندوق خطاب “رفع السّتار” في أبيدجان، عاصمة ساحل العاج، يوم الخامس من تشرين الأو/اكتوبر 2023، لتمهيد الطريق للاجتماعات، وأشارت مديرة صندوق النقد الدّولي إن مجلس إدارة الصندوق سيراجع اتفاقا على مستوى الخبراء مع المغرب في وقت لاحق من شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، “لمساعدة المغرب على معالجة نقاط الضعف على الصعيد المناخي، وتعزيز مرونته في مواجهة تغير المناخ، واغتنام الفرص من وقف انبعاثات الكربون، ومساعدة السلطات المغربية على تعزيز الاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية ودفع التمويل من أجل التنمية المستدامة…”
أعلن المغرب والكيان الصهيوني يوم العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2020 التطبيع الرسمي، من خلال “استئناف العلاقات الدبلوماسية”، بعد إعلان توقفها منذ عقْدَيْن، ووقع النظام المغربي 12 اتفاقا في مجالات عديدة، مع الكيان الصهيوني، من بينها اتفاقيات أمنية، فيما تُعارض العديد من الهيئات والأحزاب المغربية هذا التطبيع، ونظّمت العديد من الاحتجاجات والفعاليات، وتزامن خبر الموافقة على القرض مع خبر آخر يُغْرِق المغرب في وَحَل التّطبيع، حيث بحث وزير الفلاحة والتنمية القروية المغربية مع نظيره الصهيوني “عددا من الملفات في مجال الأمن الغذائي وأزمة المياه، وفق ممثل الكيان الصهيوني بالمغرب الذي شارك من 27 إلى 29 أيلول/سبتمبر 2023 في المؤتمر الدولي بمراكش بشأن الحد من المخاطر الصحية في إفريقيا: المياه والبيئة والأمن الغذائي، وصرح بذلك يوم الخميس 28 أيلول/سبتمبر 2023، وتجدر الإشارة إن وزير الزراعة الصهيوني يقوم بزيارة غير محددة المدة إلى المغرب، وزار العديد من المناطق واجتمع بالعديد من المسؤولين المحليين والحكوميين في أغادير وسوس ومراكش “لدراسة مشاكل الأزمة المناخية وارتفاع درجات الحرارة والجفاف، بهدف تأمين الغذاء” وفق المصادر الصهيونية…
تضرر قطاع الزراعة في المغرب، الذي يُشغل حوالي 40% من قوة العمل، جراء الجفاف المتواصل منذ سنوات، ويرتبط نمو القطاع الزراعي بهطول الأمطار، مما طرح العديد من الإشكاليات على مستوى توفير المياه للفلاحة وللمواطنين.
اليمن موطن القهوة:
يتم الاحتفال باليوم العالمي للقهوة يوم الأول من تشرين الأول/أكتوبر من كل سنة، للترويج لما يُدْعى “التجارة العادلة للبُن” بينما يُعاني المزارعون الصغار للبُنّ من أزمة خانقة، منذ سنوات عديدة، في جميع أنحاء العالم، بسبب احتكار الشركات الكبرى لإنتاجهم، بما فيها الشركات التي تَدّعِي دعم صغار المزارعين من خلال “التجارة العادلة”، وهي خدعة تتلخص في شراء نسبة مائوية صغيرة بسعر من شأنه إنصاف الفلاح، وشراء بقية الإنتاج بأسعار منخفضة جدًّا، لبيعها فيما بعد للمُستهلك بأسعار مرتفعة جدًّا…
يُعتبَر اليمن (والقرن الإفريقي) موطن القهوة، ويتم خلال الإحتفال باليوم العالمي للقهوة عَرْضُ مجموعة متنوعة من حبوب البن العربي المحمص للبيع، ويُعتبر اليمن كذلك موطن القهوة العربية (أرابيكا ) وقهوة الموكا المشهورة عالميا، ورغم الحرب يسعى فلاحو اليمن لزيادة إنتاج القهوة العربية وتصديرها إلى الخارج، رغم المنافسة الحادة من منتجي القهوة في البرازيل والحبشة وغيرها. تُمثل القهوة العربية (أرابيكا) حوالي 60% من السوق العالمية، وتنمو نبتتها في درجة حرارة تتراوح بين 18 و22 درجة مئوية، لكي تنمو حبّة البُن وتنضج الثمرة بشكل ملائم، ولذلك فإن التغيرات المناخية تُهدّد زراعة القهوة حول خط الاستواء، حيث لا يزال البحث جاريا عن حلول، لكي لا يتحول شرب القهوة إلى ترف يمتاز به الأثرياء، ومن المفارقات أن يتم إنتاج القهوة في أمريكا الجنوبية وفي إفريقيا وفي آسيا، وأن تقوم مؤسسة بحث ألمانية (معهد بوتسدام لأبحاث تغير المناخ – PiK ) بالدراسات التي تتوقّع أن تتقلص المساحات الملائمة لزراعة القهوة بمقدار النصف، بحلول سنة 2050، بسبب التقلبات المناخية، خصوصًا في أكبر البلدان المنتجة للقهوة مثل فيتنام والبرازيل، أكبر منتجين للقهوة في العالم، لأن نبتة القهوة تحتاج إلى ظروف ظل محددة للغاية وتربة غنية بالمغذيات، وهي العوامل المُحدّدة لإنتاجيتها وجودة إنتاجها.
تُنتج نبتة القهوة حبوب البُن، بعد ثلاث سنوات من زراعتها، ويمكن استغلالها لمدة ثلاثة عقود في المتوسط، ولا تنمو القهوة سوى في مناطق محددة للغاية من العالم، فيما يسمى ب”حزام القهوة” حول خط الاستواء، ولتأمين المناطق الزراعية هناك، اعتمد المزارعون على الزراعة المختلطة، أي الزراعة المترافقة لأشجار القهوة مع غيرها من النباتات، بهدف توفير الحماية الضرورية لنبتة القهوة من الرياح والشمس، قبل أن تبتكر الشركات الإحتكارية أنواعًا هجينة، مُعدّلة وراثيا، تدّعي إنها مقاومة للتغيرات المناخية، لكن هل تنتج البُن بالفعل أم شيئًا يُشبه البُنّ في مظهره، ولا يُعادل مذاق البُن؟
نيجيريا
يعد اقتصاد نيجيريا (الناتج المحلي الإجمالي) هو الأكبر في أفريقيا ونيجيريا هي أكبر منتج للنفط في أفريقيا ومنتج رئيسي للغاز، كما أنها الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في أفريقيا.
قررت الحكومة الاتحادية، في كانون الثاني/يناير 2023، إجراء “إصلاحات اقتصادية” تتضمن إجراءات تقشفية، من بينها إلغاء دعم الوقود الممنوح للأُجَراء لتعويض الزيادة في أسعار الوقود، فاعترضت الإتحادات النقابية على هذا القرار، ورفضت التّقَشُّف الذي يَضُرُّ برواتب وظروف عمل العُمّال، حيث أدى رفع دعم البنزين إلى ارتفاع أسعار المنتجات النفطية وخدمات الكهرباء وتكاليف النقل والخدمات الأخرى، مما يؤدي إلى انخفاض دخل العاملين، ولذلك أعلنت الإتحادات النقابية النيجيرية (مؤتمر العمال النيجيري + مؤتمر النقابات العمالية – Nigeria Labour Congress + Trade Union Congress ) إضرابا وطنيا لأجل غير مسمى، اعتبارا من 3 تشرين الأول/أكتوبر 2023، احتجاجا على هذه الإجراءات، لكن الحكومة أعلنت، يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر 2023، قبل أربع وعشرين ساعة من البداية المُقَرّرة للإضراب العام، أن المفاوضات أسفرت عن اتفاق مع النقابات، وبالفعل، أعلن اتحادا النقابات العمالية في نيجيريا تعليق الإضراب لمدة 30 يوما لإفساح المجال أمام الحوار الاجتماعي، ودراسة تفاصيل الإجراءات التي وافقت عليها الحكومة الإتحادية، ومن بينها: زيادة أجور الموظفين بنحو 35 ألف نيرة (46 دولارًا تقريبًا)، وإنشاء لجنة للحد الأدنى للأجور في غضون شهر، وإلغاء ضريبة القيمة المضافة على الديزل لمدة ستة أشهر، كما التزمت الحكومة بتحسين وسائل النقل العام من خلال تخصيص 100 مليار نيرا (132 مليون دولار) للحافلات ذات السعة العالية التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي تكون تكلفة تشغيلها أقل من تلك التي تستخدم البنزين أو الديزل، ووافقت الحكومة أيضًا على تسديد 25 ألف نيرة (20 دولارًا) لـ 15 مليون أسرة ومتقاعد، ومنح مزايا ضريبية لقطاعات اقتصادية معينة.
كما أعلن بيان الإتحادَيْن النقابِيَّيْن ترحيبهما “بهذه التدابير المتعلقة بالحد الأدنى للأجور للتعويض عن إلغاء الدعم، وستواصل النقابات المطالبة بإصلاحات في السياسة الاقتصادية لصالح العمال والتي تعمل على تحسين مستوى معيشة الموظفين وأسرهم، كما يُعارض النّقابيون الإجراءات التقشفية التي تُضَحِّي بأجور العمال دون مراعاة واقع الأسعار وتكاليف المعيشة، وتطالب بأجور لائقة لتلبية الإحتياجات الأساسية للأجراء وللعاملين وللمواطنين”
الأرجنتين
ستجرى الانتخابات العامة في الأرجنتين في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لانتخاب الرئيس، ونائب رئيس البلاد، ورئيس حكومة مدينة بوينس آيرس المتمتعة بالحكم الذاتي، و21 حاكم للمقاطعات، و130 نائبًا برلمانيا و 24 عضوًا بمجلس الشيوخ وانتخاب المشرعين الإقليميين ورؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية
تخوض ميريام بريغمان حملة الدّور الثاني، بصفتها المُرَشَّحة اليسارية لرئاسة الأرجنتين، ورفضت تلبية طلب السفير الأمريكي في بوينس آيرس، الذي أرد مقابلتها، “لأسباب سياسية”، وفق ما ورد في ردّها على طلب الدبلوماسي الأميركي مارك ستانلي، الذي دعاها إلى الحوار لتنمية العلاقات الثنائية بين البلدين، وأوضحت بريغمان، مرشحة قائمة الوحدة – جبهة اليسار وحزب العمال (FIT-U)، الأسباب التي دفعتها إلى رفض الدعوة: “نحن مناهضون للإمبريالية: نحن نعارض التدخل السياسي والاقتصادي الذي تمارسه بلادكم وتنفذه في منطقتنا، حيث قامت دولتكم بالعديد من التدخلات العسكرية لإقالة حكومات لم تكن تروق لها”، وأضافت ميريام بريغمان “لا أرى ضرورة لأن يناقش المرشح الرئاسي مقترحاته مع الممثلين الدبلوماسيين للدول الأخرى، فهو منصب سيادي أساسي، وهو تقليد غير موجود في الولايات المتحدة، فلماذا يجب علينا مقابلة الدبلوماسيين الأجانب، لا سيما عندما نُمثِّلُ تيارًا سياسيا يُعارض التدخل الاقتصادي والسياسي لبلدكم في شؤوننا ونزعة الهيمنة على الشعوب وعلى المنظمات الدّولية”، وأشارت مرشحة اليسار الأرجنتيني إلى قمع الحكومة الأمريكية للنضالات واغتيال المناضلين ضد القمع والعنصرية مثل مالكولم مارتن لوثر كينغ جونيور، كما أدانت ميريام بريغمان الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا منذ أكثر من ستة عقود، واحتلال الأراضي الكوبية، وتحديدا في غوانتانامو التي حولتها إلى مركز اعتقال رهيب وغير قانوني لأكثر من 20 عاما، كما نددت بدعم الولايات المتحدة لبريطانيا، خلال حرب 1982، ودعمها احتلال جزر فوكلاند، وهي أراضي أرجنتينية تحتلها بريطانيا.
أرباح الإستثمار في الطاقة “النّظيفة”:
كثر الحديث عن “تقليل تأثير التغير المناخي”، منذ حوالي عقْدَيْن، لكن لم يحصل تغيير يُذْكر، باستثناء بروز قطاع رأسمالي يتربّح من الإستثمارات في مشاريع تدّعي “تعزيز الاستدامة البيئية، وتقليل تأثير التغير المناخي عبر خفض الإنبعاثات، والإستثمار في قطاعات الطاقة المتجدّدة…”، وتستهدف الأمم المتحدة زيادة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات بين سنتَيْ 2015 و 2030، وتتفق المنظمات “غير الحكومية” وصندوق النقد الدّولي ومنتدى دافوس ومجموعة الدّول السبع الأكثر ثراءً، على “زيادة استثمارات القطاع الخاص، في خفض الإنبعاثات، خصوصاً في البلدان النامية” (حيث نَقَلت الدّول والشركات الرأسمالية مصانعها المُلَوِّثَة )، وقدّرت وكالة الطاقة الدّولية هذه الإستثمارات بنحو 400 مليار دولارا، سنويا حتى سنة 2030، وبنحو تريليونَيْ دولار سنوياً بين سنتَيْ 2030 و 2050، فهل تتمكن البلدان المُفَقَّرَة (المُسمّاة “نامية”) من الإستثمار في هذا القطاع وامتلاك التقنيات الضرورية لمكافحة الإنبعاثات، وهي المُثْقَلَة بالدّيون؟
يهتم المستثمرون (من القطاع الخاص أساسًا)، منذ صعود طبقة البرجوازية، إبّان الثورة الصناعية بالمكاسب المالية التي تحققها الإستثمارات، دون الإهتمام بالتداعيات الأخرى، ومن بينها تأثير الصناعة على البيئة، ولذلك فإن الإستثمار في مجال البيئة، هو استثمار يهدف تحقيق مكاسب وأرباح مرتفعة، لا غير، وبلغت قيمة الإستثمارات في تكنولوجيا “الطاقة النظيفة” نحو 1,7 تريليون دولار سنة 2022، يأمل المُستثمرون جني أرباح طائلة من ورائها، ويمكن تفسير ارتفاع الإستثمار في الطاقات المتجدّدة بزيادة الإبتكارات التي خَفّضت من تكاليفها، لتزيد أرباحها، وفق دراسة نشرتها وكالة “بلومبرغ” التي أظهرت “ارتفاع إجمالي الاستثمارات العالمية في سياق التحول للطاقة منخفضة الكربون سنة 2022 بنسبة 31%، لتصل إلى 1,1 تريليون دولار”، واعتبرت الدّراسة “إن الاستثمارات في المناخ تجر الإستثمار في قطاعات أخرى مربحة” ما يُبَيِّن إن الربح هو المُحفّز الوحيد لرأس المال، وما الخطاب عن سلامة المُحيط سوى غلاف لخطاب ديماغوجي يدّعي الحرص على مستقبل الإنسانية…
يُوجّهُ صندوق النقد الدّولي (الناطق باسم الرأسمالية النيوليبرالية ) الرأسماليين للإستثمار في المناخ وفي “المجالات الصديقة للبيئة ومنها إنتاج الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة بديلة، وفي إنتاج واستخدام السيارات الكهربائية، وكذلك في إنتاج نباتات وأصناف مقاومة للتغيرات المناخية ومقاومة الظروف غير الموائمة، وتنقية المياه المُستعمَلَة لإعادة استخدامها مرة أخرى، وغيرها من الاستثمارات المُماثلة التي تَدُرُّ مردودًا إيجابيا، ومُرْبِحًا للغاية…”
في أوروبا، أشرفَ معهد “بوستدام” الألماني على دراسة أظهرت أن على دول الإتحاد الأوروبي إنفاق 2,1 تريليون يورو على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى بحلول عام 2040، لكي تتمكّن من التخلي عن الوقود الأحفوري وتأسيس قطاع طاقة مستدام ذاتيا، أي استثمار 140 مليار يورو سنويا حتى سنة 2030، ثم 100 مليار يورو سنويا حتى سنة 2040، وتُشير الدّراسة أن الدول الأوروبية أنفقت 792 مليار يورو إضافية سنة 2022 لحماية المُستهلكين (خاصة الشركات الكبرى في قطاعات الصناعة والخَدَمات والمزارع الكبرى، ولم تحصل الأسر سوى على دعم صغير وانتقائي) وللخَدَ من تداعيات أزمة الطاقة، إقر القرار الأمريكي بفرض الحظْر على الغاز والنّفط الرُّوسِيَّيْن، بحسب وكالة “رويترز” بتاريخ 05 تشرين الأول/اكتوبر 2023
أزمة العقارات في الصين
تخضع شركة التطوير العقاري الرئيسية التابعة لمجموعة “هينغدا” الصينية، لتحقيق حكومي وبالتالي لم يعد بإمكانها إصدار السندات، وتم تعليق تداول أسهم شركة العقارات الصينية ( Evergrande )، يوم الخميس 28 أيلول/سبتمبر 2023، بسبب أزمة العقارات المستمرة في الصين منذ 15 شهرًا، وبسبب تراجع قيمة أسهم الشركة بنسبة 19% خلال شهر أيلول/سبتمبر 2023، وارتفاع ديونها إلى أكثر من 320 مليار دولارا، ما أدّى إلى اعتقال عدد من مديري الشركات التابعة لها، منتصف أيلول/سبتمبر 2023، قبل وضع مديرها العام تحت الإقامة الجبرية، لكن استأنفت بورصة هونغ كونغ تداول أسهم الشركة يوم الإثنين 02 تشرين الأول/اكتوبر 2023، وارتفعت قيمة أسهمها بنسبة 10%، غير إن أزمة قطاع العقارالت الصينية لا تزال متواصلة،حيث أعلنت إحدى الشركات التابعة ل”إيفرغرندي” ( Evergrande ) يوم الإثنين 02 تشرين الأول/اكتوبر 2023، تَعرُّضها لصعوبات جعلتها عاجزة عن تسديد قسط من أقساط قرض انتفعت به سابقًا، ما زاد من الضّغوط على الشركة الأم ( الشركة القابضة ) التي سوف تجتمع مع دائنيها المقرر أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2023 في هونغ كونغ، بعد إلغاء اجتماع كان مُقرّرًا في بداية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، لبدث إعادة هيكلة ديونها، وتكمن أهمية هذه المجموعة العقارية في تشغيلها عشرات الآلاف من العمال الذين يعملون في مئات المشاريع العقارية غير المكتملة، وما حال هذه المجموعة العقارية سوى نموذج لأزمة القطاع العقاري الصيني المثقل بالديون، بسبب انتشار “الشراء على الخارجة” أي عرض الشركات على المواطنين شراء العقارات قبل بنائها، ما يسمح لها بتمويل مشاريع أخرى، لكن ديون الشركة وصلت إلى مستويات مرتفعة لدرجة أن الحكومة قررت سنة 2020 وضع حد لها، ما أدّى إلى صعوبة الحصول على القروض العقارية وإلى انخفاض أسعار بيع المساكن الجديدة، فتضررت الشركات الإحتكارية وكذلك العديد من شركات المناولة (المتعاقدة من الباطن) والشركات الصغرى المُهَدّدة بالإفلاس…
يُشبه هذا الوضع ما حدث بالولايات المتحدة سنة 2008، غير أن دور الدّولة يختلف في الصين عن الولايات المتحدة، لكن لا يحق للصين أن تدّعي إن اقتصادها اشتراكي وإن الحزب الأوحد الذي يحكم البلاد هو حزب “شيوعي”
صناعة الرّقائق:
عاشت بلدة “كيكويو” اليابانية الصغيرة (44 ألف نسمة) التي تُحيط بها حقول الذّرّة، واقتصادها تحولا جذريا منذ أن بدأت شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية “تي إس إم سي” في بناء أول مصنع لها في اليابان في بداية سنة 2023، في إطار إقصاء الصّين من صناعة الرّقائق والتقنيات الحديثة، وخنق اقتصادها، وسرعان ما ضاق المواطنون ذرعا بالإختناقات المرورية، والارتفاع الكبير في أسعار العقارات، ودخول نمط جديد من الإستهلاك، والضغط على مخزونات المياه لأن مصانع الرقائق تستخدم كميات كبيرة من المياه، وفق عمدة مدينة “كيكويو” الذي قال: فَجْأَةً، أصبحت مدينة كيكويو ومحافظة كوماموتو المحيطة بها (في جزيرة كيوشو غرب اليابان)، مركزًا دوليًّا لتصنيع الرقائق، بينما يسعى العالم للحصول على إمدادات متنوعة من أشباه الموصلات للتخفيف من المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، بعد فترة طويلة من ركود اقتصاد اليابان ورواتب الموظّفين…
تَضُمُّ محافظة “كوماموتو” اليابانية العشرات من مصانع الرقائق اليابانية، وتأمل أن تُصبح مركزًا عالميًّا لأشباه الموصلات”، وتوجد في مدينة كيكويو مصانع شركة “سوني” لتصنيع أجهزة استشعار الصور، ومصانع معدات الرقائق لشركة طوكيو إلكترون، لكن وصول شركة تي إس إم سي التايوانية أَحْدَثَ ثورة تُؤَشِّرُ إلى مرحلة أخرى من دورة الازدهار والكساد في صناعة أشباه الموصلات في اليابان، التي صعدت شركاتها إلى الهيمنة في الثمانينيات قبل أن تُقرِّر الولايات المتحدة تحجيم أجنحة اقتصاد اليابان، ودعم اقتصاد كوريا الجنوبية ( وللولايات المتحدة قواعد عسكرية ضخمة في البلدَيْن) وتايوان، وتزامن ذلك مع تحول اقتصاد الصين إلى الرأسمالية الليبرالية وتعاونها مع بلدان جنوب شرقي آسيا وتكثيف استغلال موارد آسيا وإفريقيا وزيادة حجم صادراتها من السلع الرخيصة والرديئة التي لا تُنافس شركات الدّول الرأسمالية المتقدمة…
قدّمت الحكومة اليابانية إعانات بقيمة 3,2 مليار دولارا، أو ما يُعادل نصف تكاليف البناء لـمصانع الرقائق لشركة “تي إس إم سي” التايوانية، وهي أكبر شركة لتصنيع الرقائق ولها عقود تحرص على ضمان تنفيذها بعدما أمرتها الولايات المتحدة بعدم تصنيع الرقائق في الصين، وتأمل أن تساعدها مصانعها في اليابان على استقرار إنتاج الرقائق وتصديرها إلى مختلف مناطق العالم، ويمكن أن تُساهم مصانع “تي إس إم سي” في تعزيز اقتصاد محافظة “كوماموتو” بقيمة 29 مليار دولار على مدى العقد المقبل عبر توفير حوالي 1700 وظيفة في مجال التقنيات المتقدّمة برواتب تزيد بنسبة 30% عن رواتب الشركات المحلية الصغيرة، وتطوير البنية التحتية وجذب شركات أخرى إلى المنطقة، لتصنيع قطع الغيار ولإنجاز خدمات الصّيانة…
لم تخرج اليابان من دائرة الهيمنة الأمريكية، منذ الهزيمة التاريخية لجيش اليابان وخصوصًا منذ إلقاء الولايات المتحدة القنْبُلَتَيْن النّوَوِيّتَيْن على مدينة هيروشيما يوم السادس من آب/أغسطس 1945) وعلى مدينة “ناغاساكي” يوم التاسع من آب/أغسطس 1945 وإنشاء القواعد العسكرية الضخمة في اليابان…
طاقة:
أشارت برقية لوكالة رويترز 29/09/2023، استنادًا إلى أربعة مصادر من تحالف أوبك+ إلى احتمال عدم حدوث تغييرات في حجم إنتاج النفط، خلال اجتماع لجنة المراقبة الوزارية (وزراء من منظمة البلدان المصدرة للنفط – أوبك – وحلفاء من خارجها بقيادة روسيا، فيما يعرف باسم أوبك + )، وبالفعل اتفق المشاركون في اجتماع يوم الإربعاء 04 تشرين الأول/اكتوبر 2023 على الإبقاء على نفس الحصص ما يجعل نقص الإمدادات ونمو الطلب يُؤَدّيان إلى ارتفاع أسعار النفط، رغم محاولات الإغراق الأمريكية، وأدّت التخفيضات إلى اقتراب سعر برميل نفط خليط برنت الخام من مائة دولار، وهو أعلى مستوى منذ 2022 (عند بدء حرب أوكرانيا)، ما يزيد من المُضاربة بالمحروقات ومن احتمالات زيادة التضخم وضعف النمو الاقتصادي.
أدّى الإتفاق التاريخي بين السعودية التي تتحكّم بقرار أوبك، بصفتها أكبر مُصَدِّر، وروسيا بصفتها منتجًا كبيرًا من خارج أوبك، خلال الربع الأخير من سنة 2022، إلى إقرار تخفيضات طوعية، بهدف المحافظة على حدّ أدنى من سعر البرميل عند التصدير، وأعلن البلدان في الخامس من أيلول/سبتمبر 2023 تمديد تخفيضات تصل إلى 1,3 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام 2023، مع إمكانية مراجعة شَهْرِية لقرارات الخفض “لتحقيق استقرار السّوق”، وفق وزير النّفط السّعودي، وقد يُؤَدِّي ارتفاع الأسعار إلى تزايد احتمال تقليص التخفيضات الطوعية السعودية أو تمديد القيود حتى نهاية 2024.
في أوروبا، أعلنت هولندا (التي كانت أحد أكبر منتجي الغاز) يوم الأول من تشرين الأول/اكتوبر 2023 وقف إنتاج الغاز في حقل غرونينغن الضخم الواقع في شمال البلاد، وهو أكبر حقل للغاز في أوروبا، بعد أن تعرضت المنطقة المحيطة به طوال سنوات لزلازل تزداد شدتها، مع الإبقاء على إحدى عشر وِحْدَة مفتوحة لمدة سنة أخرى في حال كان الشتاء قارسا على أن تغلقها بشكل نهائي بعد ذلك، على خلفية “التوترات الجيو سياسية المستمرة” (أي الحرب في أوكرانيا واضطرار دول الإتحاد الأوروبي إلى استيراد الغاز الصخري الأمريكي رديء الجودة ومرتفع الثّمن)، وبقي هذا الموقع الهولندي مفتوحًا، رغم توقّف أعمال استخراج الغاز من الحقل، تحسبا لأي طارئ، ما دامت إمدادات روسيا محظورة…
من جانبه، أعلن الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط – أوبك، خلال مؤتمر لقطاع الطاقة في “أبوظبي”، إن أوبك متفائلة بخصوص الطلب وترى أن نقص الاستثمار يشكل تهديدا لأمن الطاقة (رويترز 02/10/2023)، وأكد الأمين العام أهمية مواصلة الاستثمار في قطاع النفط والغاز ويرى أن الدعوات لوقف الاستثمار في النفط ستأتي بنتائج عكسية، و”نتوقع أن يكون الطلب على النفط قويا بشكل كبير هذا العام كما كان في العام الماضي”، مشيرا إلى أن توقعات المنظمة تشير إلى نمو الطلب على أساس سنوي بأكثر من 2,3 مليون برميل يوميا…
إضراب عمال السيارات بالولايات المتحدة
تحاول شركة “فورد” الضغط على الإتحاد النقابي (اتحاد عمال السيارات) بإعلانها يوم الإثنين 02 تشرين الأول/اكتوبر 2023، طرد ما يقرب من ألف عامل و”التسريح المؤقت” لمئات العمال الإضافيين، وأعلنت شركة فورد: “إن نظام الإنتاج لدينا مترابط بشكل كبير، مما يعني أن لتكتيك الإتحاد النقابي (UAW ) تأثيرات مضاعفة في المصانع التي لا تتأثر بشكل مباشر بتوقف العمل، ولكنها تُوفّر المحرّكات أو قطع الغيار، كما قامت الشركتان الأخريان، ستيلانتيس وجنرال موتورز، بخفض عدد الموظفين في عدة مواقع لنفس الأسباب، وتُبَرّرُ عمليات التسريح الجزئي للعمال بانخفاض النشاط الصناعي، وتحاول شركات صناعة السيارات تهديد العُمّال والضّغط عليهم، وتحميلهم نتائج تعنّتها ورفضها الإستجابة للمطالب المَشْرُوعة التي قدمها اتحاد عُمال السيارات..ز
للتّذكير، دعت نقابة UAW في بداية الإضراب، منتصف أيلول/سبتمبر 2023، إلى إضراب ما يقرب من 13000 من أعضائها البالغ عددهم 146000 في ثلاث مصانع تابعة للشركات الثلاث، في ثلاث ولايات مختلفة، ثم توسّع الإضراب ليشمل حوالي 5600 بعد أسبوع بسبب عدم إحراز تقدم في المفاوضات، ثم 7000 آخرين في الأسبوع التالي، ليرتفع العدد إلى أكثر من 25 ألف عامل مضرب، فيما لا يزال معظم العمال النقابيين البالغ عددهم 146 ألف عامل في الشركات المصنعة الثلاث الكبرى في مواقع العمل، حتى يوم الثاني من تشرين الأول/اكتوبر 2023.
فرنسا
في بلد الإعلان عن حقوق الإنسان والمواطن سنة 1789، تم وضع الصحفية المستقلة، أريان لافريلو، في الحجز لدى الشرطة لمدة 40 ساعة يوم 19 أيلول/سبتمبر 2023. وتم تفتيش منزلها وأمتعتها ووثائقها الشخصية، وصادرت الشرطة البيانات والوثائق المهنية، في إطار التحقيق في انتهاك “ضرورة سرّيّة العمليات العسكرية” وهي التهمة التي وَجّهها قاضي التحقيق لموقع “ديسكلوز” مُشَغِّل الصحافية “أريان لافريلو”، وكشف هذا الموقع الاستقصائي، في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، وثائق تستحضر دعم سلطات فرنسا للنظام المصري الذي ينتهك الحريات ويعتقل الصحافيين والمُعارضين…
تم استنكار اعتقال الصحفية والتنديد بمصادقة القاضي على احتجاز جزء كبير من بياناتها المهنية (مذكرات مكتوبة بخط اليد، ورسائل البريد الإلكتروني، ووثائق العمل، وما إلى ذلك)، والتي تمثل “اعتداء غير مسبوق على حماية المصادر”، من قبل العديد من الزملاء ومن الصحف الفرنسية، ويوضح هذا المثال عينة من محاولات القضاء على ما تبقَّى من الحريات الأساسية، من قِبَلِ السلطة السياسية في فرنسا، والتي يتم تقديمها على أنها “ديمقراطية”، وتتنزّل هذه ال‘تداءات على الحريات ضمن مسار طويل من القمع الإستعماري والعنصري وكذلك من الاغتيالات التي ارتكبها ضباط الشرطة الفرنسية والميليشيات اليمينية المتطرفة دون عقاب منذ حرب الجزائر، في الخارج وفي الدّاخل ( منها اغتيال العديد من الفلسطينيين ومن مناصري القضية الفلسطينية ) وتتزايد قرارات حظر التظاهر أو التجمع، إلى جانب تجريم العمل النقابي أو الاجتماعي، وتحويل الإعلام الفرنسي إلى بوق للسلطة السياسية التي لا تمثل أغلبية المواطنين، بل مصالح الشركات الرأسمالية الكبيرة والاحتكارية، فيما يُواجه الصحفيون الفرنسيون صعوبات لا حصر لها جراء استحواذ أصحاب المليارات مثل فنسنت بولوريه (المدافع الشرس عن دعاية اليمين المتطرف) على وسائل الإعلام بأنواعها، وجراء عدم الإستقرار والهشاشة التي عَمّت مهنتهم… غير أن وضع الصحفيين لم يسمح لهم بمقاومة هذه الهجمة القمعية بشكل جماعي، لأنهم فقدوا استقلاليتهم وفقدوا مصداقيتهم لدى أغلبية المواطنين الذين لم يعودوا يؤمنون بحرية الصحافة (أي حرية التوثيق والتحقيق والإدانة) التي تشكل شرطا ضروريا لاستقلال الصحافة، وللحياة الديمقراطية.
فرنسا دولة استعمارية تضطهد شعوب أفريقيا وأماكن أخرى، وتمارس القمع الدّاخلي الذي يشتدّ خلال أوقات الأزمات، وهذا ما كان يحدث منذ عدة عقود.
التعليقات مغلقة.