التسليح في الضفة ….يكشف عجز دولة الاحتلال الإسرائيلي / عبد المنعم فياض سعدون

عبد المنعم فياض سعدون ( فلسطين ) – الأحد 8/10/2023 م …




أصبحت قضية تسليح الضفة الغربية مصدر قلق كبير لدولة الاحتلال. فهو يعلم
جيدًا أن المقاومة المسلحة هي الوسيلة الأكثر فعالية لإلحاق الضرر به. وبناءً
على أفعال الاحتلال الصهيوني الإجرامية والاستفزازية، مثل "اقتحام باحات
المسجد الأقصى المبارك" وتكثيف القمع للأسرى وتوسيع المستوطنات، فإن
تسليح الضفة الغربية يشكل قضية هامة لقادة حركات المقاومة لمواجهة العدوان
الصهيوني على شعبنا الفلسطيني المقاوم. ولذا، لن يستسلم أبناء الشعب
الفلسطيني لمحاولات الاحتلال الصهيوني لكسر إرادتهم واحتلال أراضيهم. بل
سيعملون بجد لحمل السلاح ومواجهة الصهاينة، ونتيجة لهذا التصعيد العسكري
الصهيوني، ستكون هناك عواقب وخيمة ، وستشتعل المواجهات بين الشباب
الفلسطيني وقوات الاحتلال
لم تعد الأعمال الاستفزازية التي قام بها أجهزة الكيان الصهيوني قادرة على تقييد
حرية أبناء الشعب الفلسطيني. فهم يتحدون بكل قوة محاولات الاحتلال لكسر
إرادتهم. يجب أن نشير إلى أن أبناء الشعب الفلسطيني المقاوم وحركات المقاومة
يلقون بتحدٍ كامل على حياة الأفراد، وينبغي أن يدرك الكيان الصهيوني أنه لا يمكن
له التهاون بحياة الفلسطينيين. لا يوجد مكان لسياسة التصعيد التي ينتهجها ،
فالتصعيد الإسرائيلي لن يشكل سببًا يبرر الاحتلال الإسرائيلي أو يضمن الأمن
والاستقرار بالنسبة له في المواقع المقدسة الإسلامية
يجري تدفق السلاح إلى المقاومين في مراحل متلاحقة، مما يؤدي إلى تحويل
الصراع من مجرد مواجهات بالحجارة إلى معارك تتسم بزيادة استخدام الأسلحة
لقد تطورت هذه الأسلحة إلى أن لم يعد الأمر متعلقًا بأسلحة محلية الصنع أو ذات
جودة منخفضة، بل أصبحت متطورة
خلال العام الماضي، أفادت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بوقوع حوالي 300
حادثة إطلاق نار على إسرائيليين في الضفة الغربية يتم في هذه العمليات التي
تتكرر بشكل مستمر، قتل عناصر مسلحة فلسطينية، وبعدها يسعى أهلها أو
أصدقاؤها للانتقام في الليلة التالية
وعند العودة إلى تقارير وأبحاث صادرة عن المؤسسات الأمنية الإسرائيلية
والفلسطينية، بالإضافة إلى التصريحات الرسمية من الجانبين، يتضح أن هناك
عدة وسائل وطرق يتم من خلالها تهريب السلاح إلى الفلسطينيين

تتهم السلطة الفلسطينية الاحتلال بتزويد الضفة الغربية بالأسلحة لتحقيق أهدافها
السياسية والأمنية، ومن ضمنها الضغط على السلطة للامتثال للتزامات اتفاقات
التنسيق الأمني
وفقًا لتصريحات الشرطة الفلسطينية، يشير معظم الأسلحة المتاحة في المناطق
الفلسطينية إلى الأسلحة المستخدمة من قبل الجيش الإسرائيلي
من جهته، يدعي الاحتلال أن معظم الأسلحة التي تم ضبطها في الضفة الغربية هي
أمريكية المصدر، وقد تم نهبها وتهريبها من قواعد عسكرية تابعة للقوات
الأميركية في العراق. وترجح المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن عدد قطع السلاح
غير المرخصة في المجتمع العربي الفلسطيني داخل الخط الأخضر، والتي يعتقد
بعضها أنها تصل إلى الضفة الغربية، يتجاوز نصف مليون قطعة سلاح. وتتنوع
هذه الأسلحة بين البنادق المختلفة، المسدسات، القنابل، وتتوفر أيضًا مواد
لتصنيع المتفجرات والرصاص والأمشاط
تقارير صادرة عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تكشف من فترة لأخرى عن حجم
الأسلحة والأدوات القتالية التي تم سرقتها من مستودعات جيش الاحتلال
والصناعات العسكرية. وتذكر هذه التقارير أن آلاف قطع السلاح يتم سرقتها من
هذه المستودعات سنويًا وتباع في السوق السوداء،

وفقًا لتحقيقات أجهزة الأمن الفلسطينية، تم الكشف عن قائمة بأسعار قطع السلاح
التي تباع في السوق، حيث يحقق التجار الإسرائيليون بالتعاون مع الجهات
الفلسطينية أرباحًا طائلة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يصل سعر بندقية
إلى أكثر من 30 ألف دولار، بينما يبلغ سعر الرصاصة الواحدة حوالي 3 دولارات
تقارير جيش الاحتلال الإسرائيلي تشير إلى وجود خطوط لتهريب الأسلحة تمتد
من مصادر مختلفة مثل إيران، العراق، سوريا، مصر ولبنان
ومن جهة أخرى، تقوم العديد من الجماعات المسلحة بتصنيع الأسلحة المحلية
داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء بشكل يدوي أو باستخدام التكنولوجيا
المتاحة. وتشمل هذه الأسلحة البنادق الهجومية، والمسدسات، والقنابل اليدوية،
والعبوات الناسفة. إضافة إلى ذلك، كثيرًا ما يتم استخدام الممرات السرية
والأنفاق الأرضية لتهريب الأسلحة والمعدات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد قامت إسرائيل بتدمير العديد من هذه الممرات والأنفاق، ولكن لا يزال بعضها
قائمًا. وتعمل إسرائيل بجدية على محاربة تهريب الأسلحة، سواء عن طريق
زيادة التحصينات والتدابير الأمنية على الحدود والمعابر، أو من خلال معاونة

الدول والمنظمات الدولية في تعزيز جهود مكافحة تجارة الأسلحة غير المشروعة.
يجب أن يتم التعامل مع قضية تهريب الأسلحة بشكل شامل وعابر للحدود،
هذه المعلومات تشير إلى أن هناك جهود من جانب قوات الاحتلال لمكافحة تصنيع
الأسلحة المحلية في الضفة الغربية. وقد قامت قوات الاحتلال بدهم العديد من
الورش ومصادرة آلاف قطع السلاح التي تم تصنيعها محليا. وفي ضوء التشديد
الأمني على دخول السلاح من الخارج، رصد تقرير لجيش الاحتلال أنه تم ضبط
أكثر من 500 قطعة سلاح وإغلاق 14 ورشة تصنيع
ويمكن أن يكون هذا الارتفاع في الأسعار نتيجة للتشديد الأمني والتدابير التي
اتخذتها قوات الاحتلال لعرقلة تصنيع الأسلحة المحلية وتهريب السلاح من
الخارج. وهذا يعزز النظرية بأن قوات الاحتلال تعمل بجدية لمنع تدفق السلاح إلى
الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية
أجهزة الأمن الإسرائيلية وقدرتها على التحكم في انتشار السلاح في الضفة
الغربية. ومع ذلك، فإن معرفة جهاز الأمن الإسرائيلي بمصادر السلاح المحتملة
واتخاذ إجراءات للتصدي لها يمكن أن تكون ذات أهمية كبيرة في مكافحة تهريب
السلاح وتصنيعه. ولكن من المهم أيضًا مراعاة الظروف المعقدة التي تواجهها
قوات الاحتلال أثناء محاولتها التصدي لتهريب السلاح والتصنيع المحلي، والتي
قد تعرضها للمخاطر والهجمات من قبل المقاومة الفلسطينية. وهذا يمكن أن يحد
من نجاحاتهم وجعلها محدودة في بعض الأحيان.
من المهم الإشارة إلى أن التطورات السياسية والأمنية في الضفة الغربية هي
قضية معقدة الجوانب، وتشمل العديد من العوامل والأطراف المختلفة. وتتطور
الأوضاع في المنطقة بشكل مستمر وقد يؤدي التمادي الإسرائيلي إلى تصعيد
الأوضاع، وزيادة احتمالات التفجير وزيادة نشاط المقاومة الفلسطينية
التسوية السلمية والحوار المستدام بين الأطراف هي الأساس لإيجاد حل للصراع
بين الجانبين. يجب أن يتم تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل لبناء أساس سلمي
ومستدام للسلام والاستقرار في المنطقة
واليوم نجد أن الإسرائيليين يعترفون بشكل كامل بمواجهة انتفاضة ذات صفات
مختلفة ونتائج مذهلة، حيث إنّ الدوائر الأمنية الإسرائيلية لم تكن مستعدة لقبول
تشكيل الانتفاضة إلا بعد فترة طويلة من اندلاعها، وبعد العمليات الاستشهادية
للفلسطينيين، والتي وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة وبعد أن انتشرت
الانفجارات في مناطق وأماكن مختلفة، فقد ساهم توسع الاستيطان على نحو غير
مسبوق، وانتهاكات الاحتلال في القدس في زيادة التفاف الشباب الفلسطيني
والالتحاق بالكتائب المقاومة، وأبرزها كتيبة "عرين الأسود"، كما عزّز هذا
المسار إحصائيات سابقة تعكس أرقاماً حقيقية لتنامي الفعل المقاوم، إذ سجلت

إحصائية رصدت فيها عمليات المقاومة خلال العامين المنصرمين، ففي عام
2020 نفذت 29 عملية إطلاق نار، وفي عام 2021 نفذت 191 عملية، وهذه
الأرقام تشكل هاجساً أمنياً للعدو المجرم.
ان تصاعد العمليات والمشاركة المتزايدة في الكتائب المقاومة يشير إلى استمرار
رغبة الشباب الفلسطيني في المقاومة والدفاع عن حقوقهم المشروعة. تواجه
الدوائر الأمنية الإسرائيلية تحديات جديدة للتعامل مع هذه الانتفاضة، والتي تأتي
في ظل توسع الاستيطان وانتهاكات الاحتلال في القدس والأراضي المحتلة. يتطلب
الوضع حلاً سياسيًا شاملاً وعادلًا يحقق السلام والعدالة لكل الأطراف المعنية. إن
استمرار القمع والعنف لن يحقق الاستقرار، بل سيؤدي إلى تفاقم الصراع وزيادة
التوترات. لذا، يجب أن يكون هناك التزام حقيقي بالحوار والتفاوض وبحث الحلول
السلمية لهذه القضية المعقدة، حتى يتم تحقيق التعايش السلمي والمستدام في
المنطقة
ما يجري في الضفة الغربية من فوضى السلاح والتيه السياسي من ناحية، وتقدم
المشروع الانفصالي الذي تقوده حماس في قطاع غزة من ناحية ثانية،
والاستقطابات الجارية على ضفتي هذا الانقسام الخطير في معركة السيطرة على
الشرعية، على حساب القضية الوطنية والمصالح العليا والكرامة الوطنية لشعبنا،
لا يخدم سوى حكومة الاحتلال ومشروعها العنصري التصفوي، الذي يتمدد يوميًّا
على قدم وساق ، هذا في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تقديم الجائزة
الكبرى لحكومة نتانياهو من خلال محاولات تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية،
على حساب القضية الوطنية وحقوق شعبنا، واستخدام «الشرعية الفلسطينية»
لمجرد التغطية على هذه الصفقة دون مقابل وطني يذكر
هذه المؤشرات تشكل وصفة للانهيار والتفكك وربما الانزلاق نحو الاقتتال الداخلي،
اذا لم تواجه بإرادة وطنية جامعة من القوى الحية وكل الخيرين من أبناء شعبنا،
وهم الأغلبية الساحقة والمتضررة مما يجري، كي تضع حدًا للفوضى والتفريط
والانقسام المدمر، وتعيد استنهاض عناصر القوة الذاتية الكفيلة بالتصدي  لهذه
المخاطر، وفق رؤية ومسار يعيدان زمام المبادرة للشعب وحقه الطبيعي
والدستوري في انتخاب قيادته وممثليه، والدفاع عن مصيره الوطني في هذه البلاد

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.