من يدعم الكيان الصهيوني يدعم كذلك نظام أوكرانيا؟ / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – الثلاثاء 10/10/2023 م …




أظْهَرَ مسْؤُولو الإتحاد الأوروبي (وهم أشخاص غير مُنتخَبِين، لا يُمثّلون الشُّعُوب، بل تُعينهم الحكومات التي يُمثّلونها) تفانيًا مُنقطع النّظير للدفاع عن المواقف الأمريكية وتطبيقها بحذافيرها، ولو شكّل ذلك تخريبًا لاقتصاد أوروبا ولمصالح شركاتها، وهو ما حصل عند حَظْر استخدام الغاز الروسي الرخيص وعالي الجودة، واستبداله بالغاز الصخري الأمريكي الرديء ومرتفع الثمن، ورفض الإتحاد الأوروبي زيادة حجم الميزانيات الإجتماعية، لدعم العُمال والفُقراء الأوروبيين، وخصص عشرات المليارات لتسليح نظام أوكرانيا، واقترح المُفَوّض الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، منح نظام أوكرانيا خمسة مليارات يورو إضافية من “خارج الميزانية”، وهي أداة تم إنشاؤها في آذار/مارس 2021 لتمويل العمليات العسكرية للاتحاد الأوروبي وحلفائه، وخاصة أوكرانيا، وفاقت قيمة الدّعم الأوروبي “من خارج الميزانية” 12 مليار يورو ( وهو مبلغ يُضاف إلى ما سدّدته الحكومات الأوروبية مُباشرة وإلى ما سوف يأتي ذكره في الفقرة الموالية))، ويُمول الإتحاد الأوروبي عملية تحويل الطائرات المدنية بدون طيار (مركبات موجهة عن بعد تستخدم في الأنشطة الرياضية أو الترفيهية أو السينمائية) إلى طائرات عسكرية بدون طيار مُعَدّة للقَتْل ومُجَهّزة بمتفجّرات فَتّاكة يتم إرسال حوالي ثلاثين ألف شهريا منها إلى الأراضي الروسية لضرب الأهداف العسكرية والمدنية…

أما مصدر مبلغ 12 مليار فهي من “خارج الميزانية” أي إن هذا المبلغ يُضاف إلى ما سدّده الإتحاد الأوروبي من ميزانية “مرفق السلام الأوروبي” وتجاوزت قيمته ثلاثين مليار يورو ونحو أربعين مليار يورو أخرى خصصتها بعض الدول الأوروبية لتسليح أوكرانيا، غير إن الولايات المتحدة تعتبر إن هذه المبالغ غير كافية…

خصّصت الولايات المتحدة نحو 113 مليار دولارا، ل”دعم أوكرانيا”، وتمارس ضغوطاً على الإتحاد الأوروبي وعلى الدّول الأوروبية لزيادة مساهمتها في محاربة روسيا

تُمْلي الولايات المتحدة (الإمبريالية الأعظم والتي تتمتع بموقع مُهَيْمن) السياسة الخارجية والعسكرية للاتحاد الأوروبي، ووجب التّذكير بانتماء 23 دولة من أصل 27 دولة في الاتحاد الأوروبي إلى حلف شمال الأطلسي الذي تقوده وتُديره الولايات المتحدة، بينما تحمّل أوروبا نفقات متزايدة لتمويل الحروب التي قَرّرت خوضها أو إطلاقها الولايات المتحدة، وفقًا لمصالحها كدولة ولمصالح شركاتها العابرة للقارات.

ما ينطبق على أوكرانيا ينطبق على الكيان الصهيوني، حيث تُعادل قيمة الدّعم الألماني لوحْدِهِ، منذ سنة 1953، ما أنفقه الكيان الصهيوني لإعداد وتنفيذ كافة حروبه العدوانية ضد الشعوب والبلدان العربية، إذْ عبّر الإتحاد الأوروبي كَكِيان، وعبرت حكومات الدّول الأوروبية كذلك، عن الدّعم المُطلق (غير المَشْروط) للكيان الصهيوني، يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، ولم تَشُذّ الصُّحف الأوروبية (باستثناءات قليلة جدًّا) عن هذا الموقف الدّاعم للإحتلال وللمُستوطنين (معظمهم من أصل أوروبي، واعتبرت العديد من الأحزاب والصّحف الأوروبية إن عمليات المُقاومة هي من قبيل “الإرهاب”

لقد أدانت حكومة الولايات المتحدة ورئيس المجلس الأوروبي، رئيس حكومة بلجيكا السابق “تشارلز ميشيل”، ورئيسة الإتحاد الأوروبي ( أورسولا فون دير لاين) ومُفوّض السياسة الخارجية (جوزيب بوريل) وكلاهما لا تختلف مواقفه في شيء عن مواقف اليمين المتطرف، وأدانت كذلك كل الحكومات الأوروبية المقاومةَ الفلسطينيةَ، ودعمت الكيان الصهيوني، واعتبر جميعهم إن المستوطنين الصهاينة “مدنيون أبرياء” أما النساء والأطفال الفلسطينيون فاعتبروهم ضمن “الإرهابيين”…

تَمَيّز ساسةُ وصحافيُّو ألمانيا (مَهْد ومَوْطن النّازية) بمغالاتهم في دعم الصهيونية كعقيدة يمينية متطرفة واستعمارية، والكيان الصهيوني كتجسيد للإستعمار الإستيطاني ومدرسة لتطبيق الإقصاء وإحلال المُستوطنين محل الشعب الفلسطيني، وطالب بعضهم بتعليق التمويل الأوروبي لسلطة الحكم الذاتي الإداري (المنبثقة عن “مفاهمات أوسلو) وتساءلت صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” بقدر كبير من الخُبْث: “ألا تَدعم المُساعدات المالية الأوروبية الإرهاب”؟

عمومًا، كثفت المؤسسات والحكومات ووسائل الإعلام الأوروبية إداناتها “للمجازر التي ترتكبها الحركة الإسلامية”، وفق صحيفة “لوموند الفرنسية” (بتاريخ 10/10/2023) وأعلن جوزيب بوريل، مسؤول الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي، يوم الأحد 08 تشرين الأول/اكتوبر 2023 “إن الاتحاد الأوروبي يتضامن مع إسرائيل، التي لها الحق في الدفاع عن نفسها، وفقا للقانون الدولي، في مواجهة هذه الهجمات الإرهابية العنيفة والعشوائية”، ولم نعثر على تصريح يُندّد بالقصف الصهيوني ولا بالإغتيالات والإعتقالات والحصار

بعد الإعلان عن تعليق “المساعدات” من قِبَل أوليفر فارهيلي، المفوض المسؤول عن سياسة الجوار في الاتحاد الأوروبي، يوم الإثنين 09 تشرين الأول/اكتوبر 2023، دون استشارة ممثلي الدّول الأعضاء، بذريعة استفادة حماس من المساعدات التي تقل عن 300 مليون دولارا سنويا (وهي شكل من أشكال إزاحة مسؤولية الإحتلال عن إدارة الشؤون اليومية للشعب الواقع تحت الإحتلال، وهي تمويل لعملاء الكيان الصهيوني من سلطة أوسلو)، تراجعت السلطة التنفيذية للإتحاد الأوروبي بسبب عدم موافقة العديد من الدول الأعضاء على هذا القرار لأنه “قرار أحادي”، لكن اتفقت جميع الدّول الأوروبية على “دعم إسرائيل في مواجهة حجم الإرهاب والوحشية ضد إسرائيل وشعبها وعلى عدم السماح بأي تمويل من الاتحاد الأوروبي لمنظمة إرهابية بشكل غير مباشر لمنظمة إرهابية تُنفّذ هجمات ضد إسرائيل”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.