لماذا يتم  تصفية التنويريين في العالم العربي؟ / المبادرة الوطنية الأردنية

 

الأربعاء 5/10/2016 م …

الأردن العربي …

مسلسل الاغتيالات، ومحاولات الاغتيال المتكررة، التي تطال رموز التنوير في عالمنا العربي، تتطلب منا الوقوف أمامها بنظرة نقدية واعية، وضمن سياقاتها، لمعرفة من يقف خلفها، ولمصلحة من يتم إنفاذها؟.

معطى 1: يأتي مسلسل الاغتيالات لرموز التنوير العربي، من قبل أدواة المركز الرأسمالي العالمي، القوى الظلامية التابعة، في سياق محاولة إدامة الهيمنة لضمان استمرار النهب لثروات أمتنا العربية، كما وتخدم سياسة الاغتيالات استمرار ضمان الهيمنة، وإجهاض صيرورة تحرر الأمة. 

معطى 2: الاغتيالات، بشكلٍ عام، أداة عابرة للزمان والمكان، وعابره للمجتمعات والدول والقارات، القديم منها والحديث، شملت على مر الزمن، مناضلين ورؤساء دول وحكومات وزعماء أحزاب وعلماء.

لفهم وظيفة الاغتيال، وتحت أي حجة كانت – الحرية ، الديمقراطية حقوق الإنسان، المس بالذات الإلهية، التطاول على الأديان –  في المكان والزمان المحدد، يجب فهم طبيعة المرحلة ومهماتها وأشكال التناقضات القائمة بداخلها.

معطى 3: من هم المستهدفون، في وقتنا الحاضر، بهذه الاغتيالات؟

هم شخصيات تحمل في جوانحها وقلوبها ومشاعرها وفي سلوكها، مشاريع إنسانية جميلة، مشاريع تنويرية توعوية تثقيفية، تخدم الصالح العام في كافة المجالات: الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والروحية. 

وهم ذاتهم الذين يحملون هموم المجتمع الحقيقية الواقعية المعاشة، هموم الكادحين والمنتجين، هموم المفقرين والمعدمين والمعطلين عن العمل، هموم الضعفاء والمهمشين والحدّيين.

وهم الحالمون ببناء الغد الجميل، وسيادة القيم الإنسانية النبيلة.

وهم الذين يعملون على بناء الدولة الوطنية المنتجة، بجهد وعرق كافة الكادحين والمنتجين.

وهم النبلاء الشجعان الذين يحملون في صدورهم قلباً مفعم بالطموح نحو المشاريع الإنسانية الدافئة.

وهم الذين يسعون إلى التغيير، ويحلمون بالغد الأفضل والأرقى والأنبل. 

وهم الأكثر استعداداً للتضحية بالذات، في سبيل تعافِ وإسعاد المجتمع.

وهم الذين يحملون على عاتقهم مشروع التحرر الوطني العربي، مشروع كسر التبعية وتحرير الإرادة السياسية، مشروع تحرير الثروات الطبيعية اللامحدود والمقدرات الوطنية الهائلة، مشروع التنمية الوطنية المتمحورة حول الذات الوطنية، ومشروع وحدة الأمة العربية.

معطى 4: من هو الطرف، أو من هي الجهة، التي تستهدف مثل هذا الصنف من البشر؟.

أنهم كافة الأطراف المتضررة من مشروع تحرر الأمة، أنهم قوى الاستغلال والعبودية ، أنهم قوى النهب الاستعماري، بكافة أشكاله القديمة والحديثة، أنهم القوى الظلامية التي تمقت الشمس والنور والحرية، والذين هم بدورهم ضحايا تزييف الوعي وغسل الدماغ، أنهم النخب التابعة المعروضة في سوق النخاسة، التي تبيع ذاتها في سبيل الدولار والمظاهر الزائفة.

أنهم قوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف المعارضة.

من يعتقد أنه بهذه الاغتيالات سوف يرهب هذا الصنف التاريخي من البشر، فهو واهم.

من يعتقد أنه بهذه الاغتيالات سيخنق ويتحكم في تفاعلات التناقضات القائمة، في الواقع وفي الحقيقة، داخل المجتمع، فهو واهم ومتعالٍ على التاريخ.

من يعتقد أنه بهذه الاغتيالات سوف يوقف عجلة التقدم إلى الأمام، فهو واهم ولم ولن يفهم الصيرورة التاريخية للتطور.

معطى 5: في الجانب الآخر من هذا المخطط، أي إلى جانب الاغتيالات الجسدية، هناك ما هو أخطر بكثير، أنه مخطط اغتيال المشروع الإنساني، مشروع الانفتاح على الحياة، مشروع الفكر الحر المنتج، مشروع الفن والجماليات على الأرض، مشروع المحبة والتضامن بين البشر، أنه مخطط اغتيال مشروع متلازمة ” التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي” التحرر من قوى الاضطهاد والاستغلال والهيمنة، التحرر من ألإمراض الاجتماعية السائدة: الجهل والفقر والجوع والمرض والبطالة، اغتيال التحرر من الخرافات الما ورائية ومن العادات والتقاليد والمعتقدات البالية، والمعطلة للتطور والتقدم.

معطى 6: الاغتيال الفردي يطال أشخاص، على همجيته وبشاعته، بينما اغتيال المشروع الوطني يطال المجتمع بكافة شرائحه الوطنية الكادحة والمنتجة، وبكافة قيمه الإنسانية النبيلة، يطال الجميع بلا استثناء، ومن يعتقد بأنه مستثنى فهو واهم، فحروب القضاء على مقومات الحياة الإنسانية في مناطق تسلط قوى التبعية الظلامية المسلحة وغير المسلحة، وحروب الإبادة المتبادلة بينهم ذاتهم، دليلاً ساطعاً.

إلى كافة القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة الحقيقية في بناء الغد الأجمل والأنبل والأرقى، أن الاغتيالات في أي محطة أو مرحلة، هي في الواقع تداعيات أزمة تطحن النظام من داخله، وهي أزمة مستعصية عليهم على الحل – على قوى الهيمنة في المركز، وقوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف المعارضة – ومؤشر حقيقي على قرب بزوغ فجرٍ جديد ومرحلة جديدة.

معطى 7: البديل الوحيد المتاح أمام قوى التحرر، والقوى التي تؤمن بإنسانية الإنسان، للوقوف في وجه هذه الهجمة الهمجية الشرسة والشاملة كافة مناحي الحياة: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والروحية، يتمثل في إعادة بناء مشروع التحرر الوطني العربي، وإنفاذ مهمات متلازمة ” التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي” عبر بناء الحامل الاجتماعي لهذا المشروع، ومن خلال توحيد الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، ومن خلال ربط المصالح المباشرة لهذه الشرائح بالمشروع الوطني العام.

مشروع متلازمة “التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي” هو مشروع نضالي تراكمي يومي، وفي كافة مجالات النشاط البشري، انه نضال العمال من أجل حقوقهم، وهو نضال الطلاب في جامعاتهم ومدارسهم، أنه نضال الفلاحين في حقولهم، والمزارعين في مزارعهم، أنه نضال مربي المواشي من أجل استمرار حظائرهم، مصدر عيشهم، أنه نضال المنتجين في مصانعهم ومواقعهم، أنه نضال المرأة لتحقيق إنسانيتها وحقوقها، أنه نضال صغار الموظفين والكسبة من أجل تحسين شروط حياتهم، أنه نضال المثقفين والنخب المنتمية، والكفاءات الملتزمة بقضايا أمتهم ومجتمعاتهم، في كافة أماكن تواجدهم، أنه نضال المجتمع بكليته من أجل بناء الدولة الوطنية المنتجة والمجتمع المنتج المنتمي.

مشروع متلازمة “التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي” هو حصيلة هذه النضالات مجتمعة.

“لا تغمسوا خبزكم بدم أبنائكم”

 

” كلكم للوطن والوطن لكم”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.