تركيا ، من سوريا إلى العراق وبالعكس / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأربعاء 5/10/2016 م …

لم يعد خافياً على أحد طبيعة الدور التركي الأردوغاني وأطماعه في وطننا العربي ، فلم تكتف تركيا بما حصلت عليه من أراض سورية بموجب معاهدة لوزان الموقعة بينها وبين فرنسا وبريطانيا وغيرهما سنة 1923 والتي تم بموجبها إعادة ترسيم الحدود مع سوريا حين ضمت تركيا بموجبتلك المعاهدة مناطق سورية واسعة شملت مرسين وطرسوس وقيليقية وأضنة وعنتاب وكلس ومرعش وأورفة وديار بكر وماردين وغيرها، وقامت بعد ذلك بنهب لواء الاسكندورنة السوري وضمه إليها سنة 1939 بلعبة خبيثة شاركت فيها بكل قوة فرنسا التي عملت على تزوير الإرادة السورية بإستفتاء مطعون بشرعيته وبنتائجه… وعلى الررغم من تلك المعاهدة إلا أن تركيا استمرت بالمطالبة بولاية – منطقة – الموصل وكركوك ، على اعتبار أنها ولاية تركية فلم تسكت الأصوات التركية في عشرينيات القرن الماضي إلا بعد أن تم تنظيم استفتاء تحت إشراف عصبة الأمم في مناطق الموصل صَدَرَ بموجبه ووفقاً لنتائجه قراراً بالإجماع من مجلس عصبة الأمم في 16 كانون الأول 1925 فيما يتعلق بترسيم الحدود العراقية ـ التركية وبقيت بموجبه الموصل مدينة عراقية باعتراف المجتمع الدولي وعصبة الأمم الممثلة له حيث تم بناءً على ذلك التوقيع على معاهدة بين بريطانيا والمملكة العراقية من جهة وتركيا من جهة أخرى في 5 حزيران 1926 ثُبتت بموجبها الحدود العراقية التركية على اعتبار أنها حدوداً نهائية غير قابلة للخرق ، وقامت تركيا في 15 آذار 1927 بالاعتراف الرسمي بالدولة العراقية التي تضم الموصل .

وبالرغم مما ذُكر أعلاه ، إلا أن الأطماع التركية في أراضي الوطن العربي في كل من سوريا والعراق مازال مستمراً ، حيث رأت تركيا في احتلال العراق وتدميره وانهاكه من جهة وفي الحرب في سوريا من جهة أخرى فرصةً لها لتجديد أطماعها وأحلامها باقتناص مناطق جديدة من الأرض العربية في كلتا الدولتين ، فسرقت مياه الفرات وعملت بكل قوة لتدمير الدولة السورية وتقسيمها ونهبت مصانع حلب ومقدراتها وغذت حركة انفصال الأكراد قبل أن تبدأ بمحاربتهم في الآونة الأخيرة كما تبنت مشروع إقامة المنطقة العازلة في الشمال السوري كتمهيد لضم تلك المناطق للامبراطورية التركية الاردوغانية الجديدة ومن أجل ذلك فتحت الطرق لسيول المقاتلين من كل جنس وصوب وسلحتهم وساعدتهم في الدخول إلى سوريا لتدميرها من أجل تحقيق هدفها في قضم الأراضي السورية ، ولم تكتف تركيا بما تقوم به على الجانب السوري حيث بينت الأحداث أن التهديد التركي لأراضي العراق ما زال مستمراً  وتوج ذلك في وقت سابق بتصريح من السيد عبد الله غول عندما كان وزيراً للخارجية عندما أعلن صراحة وجهاراً تهديده بإلغاء اتفاقية 1926 التي اعترفت بالموصل كجزء لا يتجزأ من العراق وقال بأن تركيا الكمالية لم تتخلَّ عن ولاية الموصل سابقاً فكيف بها أن تتخلى الآن عن ذلك .

لم تتوقف تركيا عن دعمها وتسليحها للمعارضة السورية بل تجاوز الأمر ذلك إلى أن وصل إلى حد دخول قواتها مناطق الشمال السوري بحجة محاربة الأكراد الذين دعمتهم في وقت سابق من أجل تثبيت مكان لها على الأرض السورية ،  وفي الوقت الذي يقوم به اردوغان بمغازلة البارازاني زعيم كرد العراق يقوم بارسال قواته إلى الشمال العراقي لمحاربة حزب العمال الكردي حيث تتواجد القوات التركية في مناطق واسعة من شمال العراق بحجة محاربة الإرهاب الكردي والداعشي ، وعلى الرغم من مطالبة العراق بخروج تلك القوات إلا أن العنجهية والصلف والأطماع التركية تحول دون ذلك ، مما دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى التأكيد بأن وجود القوات التركية على الأراضي العراقية هي إعتداء على سيادة العراق وابدى العبادي خشيته من أن تتحول المغامرة التركية في شمال العراق إلى حرب إقليمية رافضاً في الوقت نفسه وجود القوات الأجنبية على الأراضي العراقية وعدم تدخل تركيا في الشأن العراقي ، ولما لم تستجب تركيا للنداءات المستمرة لإخراج قواتها من شمال العراق قام مجلس النواب  العراقي بالتصويت ورفض قرار البرلمان التركي المتعلق بتمديد بقاء قوات تركية في العراق لمدة عام ، كما أكد المجلس على قراره برفض توغل القوات التركية في الأراضي العراقية ودعا إلى اعتبار القوات التركية في داخل العراق “قوات محتلة” ومعادية واتخاذ ما يلزم لإخراجها إذا لم تستجب للمطالب العراقية .

وفي المقابل أدانت تركيا قرار البرلمان العراقي وكأن لا سيادة للعراق على أراضيها وأن لا اعتبار أبداً لممثلي الشعب العراقي في قولهم بأن القوات التركية التي تم الطلب بخروجها من العراق هي قوات احتلال،  فتركيا وأطماعهافي العراق بعد سوريا قد باتت مكشوفة للقاصي والداني ، حيث طالب أردوغان من الحكومة العراقية التنسيق مع تركيا قبل قيامها بمحاربة داعش وتحرير مدينة الموصل وكأن الموصل منطقة ليست بالمدينة العراقية مما يفسر قوله في وقت سابق بأن الموصل لأهل الموصل – ولم يقل بأنها للعراق أو جزءاً من العراق – وقوله بأن تلعفر لأهل تلعفر – تلعفر مدينة قرب الموصل يقطنها التركمان – ولا يحق لأحد أن يأتي ويدخل هذه المناطق.

اللعبة التركية في كل من العراق وسوريا باتت لعبة مكشوفة قذرة تستهدف توسع تركيا على حساب الدولتين العربيتين ولا يشبهها في ذلك إلا أطماع الكيان الصهيوني في فلسطين كل فلسطين وفيما يمكن لهذا الكيان الوصول إليه من مناطق الوطن العربي … فهل نعي الدرس ونفهم ما يدور حولنا ؟؟؟ …. لعل وعسى !!!!!

 

 

  

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.