داعش فى مدارسنا (1) الصدق والعدل والمساواة فى مقابل الفساد والعنف والتمييز / لمياء لطفي
لمياء لطفي ( مصر ) الجمعة 7/10/2016 م …
مروان وندى طفلان فى مدارس مصرية أجبرونا نحن الاباء على الاندهاش والبحث والتساؤل بعد تجربة ندى فى مدرسة الناصرية الاعدادية فى الزقازيق وطلب مديرة المدرسة والاخصائية الاجتماعية والنفسية منها ارتداء الحجاب بحجة أنه جزء من الزى المدرسى، كنت فى البداية اعتبرها حرب على الحقوق الشخصية لطفلة لم تتجاوز ال12 عاما ثم بدأت تساؤلاتها غير البريئة تكشف ابعاد أخرى للمشكله.
ندى: ماما هو فعلا الحجاب جزء من الزى المدرسى
ماما: لا يا ندى
ندى: يبقى مديرة المدرسة بتكدب وبتزيف الحقايق حتى لو كان قصدها كويس الغاية ما بتبررش الوسيله
ماما: نعم؟!!!!!!!!
ندى بعد طلب المديرة ارتداؤه فى المدرسة وخلعه خارجها: حجاب هو ينفع البس الحجاب علشان خايفه من المديرة بدون اقتناع أو مناقشه يعنى أنا كمان هكدب عليها
فكرت فى آلاف البنات اللى بيلبسوا الحجاب أمام أهلهم ويخلعوه فى الخارج، ملايين المرات التى كذب فيها الأبناء على آبائهم بحجة الخروج للدروس وهم فى الحقيقه فى أماكن أخرى للفسحه أو زيارة الاصدقاء، مئات الألاف الذين يخرجون بملابس طويله أمام أهلهم ثم تقصيرها فى الشارع ولم أحر جوابا !!!!
ماذا تعلم هذه المربية الفاضلة لابنتى ولعشرات البنات الأخريات من يعلمهن الكذب والخوف والنفاق من المسئول عن مظاهر التدين الشكلى؟ ارتدى الحجاب واكذبى, صل فى الجامع أمام الناس واسرق وأترك مكان عملك فى مواعيد العمل بأى حجه، اطلق لحيتك وتحرش بالفتيات، حرم الزنا وأقم مئات العلاقات غير الرسمية تحت أى مسمى، كن خطيبا فى المسجد ولكن يمكنك سرقة ارث والدتك واخوتك البنات وربما االذكور ان استطعت. كيف بدأ الأمر ان لم يكن بدأ هكذا؟ وكيف سكت أبى عندما تعرضت لما تعرضت له ندى الآن منذ عشرون عاما فى المدرسة الثانوية بنات ببلبيس؟ كيف لم ينتبه ولم انتبه أنا لكل هذا الرعب؟ وكيف انتبهت تلك الطفله؟ أختلاف أجيال مثلا؟ ولم تتوقف حيرتى حتى صفعتنى المزيد من الاسئلة هذه المرة من طفل أصغر من ندى مروان فى الصف الخامس الابتدائى 10 سنوات
العنف فى المدارس ومخالفة القانون
مروان تعرض للضرب أول أمس فى مدرسة السلام الابتدائية فى المنوفية حكاية تتعرض لها أجيال وستتعرض لها فى مصر الى أن يرث الله الارض ومن عليها أو الى أن يقض الله أمرا كان مفعولا ولكن مروان رفض الضرب ونبه مدرسته أن الضرب ممنوع فى المدارس وفقا للقانون، فتعرض لاهانه نفسية وجسدية أكبر، وكان يمكن أن يمر الأمر أيضا لولا اصرار مروان على أخذ حقه، وبدأت المساومات فى زيارة لأحد أصدقاء الوالد لمنزل مروان كوسيط من مدير المدرسة وعرضه أمام مروان قبول الامر مقابل عدم تكرار ضربه هو أو أخوه فكانت الأسئلة:
ولما ما اضربش أنا وأخويا وبقيت زمايلى يضربوا هبقى أنا مبسوط طبعا لأ؟
هو لما ماضربش أنا وأخويا مش دا تمييز ضد زمايلى؟
هو الضرب مش عنف ومش ممنوع فى المدارس وفيه قانون بكدا هو ليه ما بيطبقش؟
طفل فى الصف الخامس الابتدائى يتساءل عن قيمة القانون وتطبيقة وخضوع الجميع له يتساءل عن قيم المساواة والعدالة وعدم التمييز يتساءل عن تعريف العنف وآثاره النفسية والاجتماعية.
تعجبوا كما تشاؤن ولكن ضعوا أنفسكم فى أماكننا كآباء لهؤلاء الأطفال وابذلوا جهدا للاجابة التى لا تقلل من قيمة التعليم والمعلم وفى نفس الوقت تخبرهم كيف ضرب الفساد والعنف والخراب فى جذور منظومتنا التعليمية
كان من الممكن أن يسعدنى رفض ندى ومروان لواقع التعليم المصرى السىء كان يمكن أن يسعدنى تفسير الامر باعتباره جيل جديد قادر على الثورة والتغيير خاصة وأن أهم مطالب ثورة يناير هى العدالة والكرامة وهو ما يقف اليوم مروان وندى بعودهما الأخضر الصلب للدفاع عنه فى أبسط صوره وأكثرها عمقا ولكن من بين مدرسة كاملة رفضت ندى وحدها ارتداء الحجاب ومن بين فصل كامل رفض مروان وحده الضرب عليكم وعلينا أن نختار لأى فريق ننحاز لمنظومة تعليم تحرض جيل كامل على العنف والفساد والكذب والنفاق والتمييز أو عن قيم وشعارات رفعها أطفال فألبسونا الحيرة والقلق والفخر معا.
التعليقات مغلقة.