الائمة و الوعاظ في رحاب المجالي و داود

 

 

السفير د.موفق العجلوني ( الأردن ) الجمعة 13/2/2015 م …

 

لا اعرف ان كنت مصيباُ او قريبا من الصواب , فكثير من اصحاب الدولة جزاهم الله على قدر اعمالهم في خدمة الوطن والمواطن , لا يحالفهم الصواب في اختيار نفر من الوزراء الذين احيانا يحتكرون مناصبهم و يتمسمرون في كراسيهم لسنوات عدة ناسين او متناسين مقولة الدكتور كامل العجلوني عندما كان وزيرا للصحة : لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ” . و يعتبرون ان فترة استئزارهم في مواقعهم فقط للظهور على شاشات التلفزة ووسائل الصحافة و الاعلام و اطلاق تصريحات ملها طلاب المدارس الابتدائية ويلهثون لخدمة مصالحهم الشخصية و محسوبيهم و تخصيص بعض المواقع في وزاراتهم في الداخل و الخارج للحسيب و النسيب و ذوي القربي و ابناء السبيل . اما اذا ما عصفت في المملكة عاصفة سياسية او معظلة وطنية فانهم يختفون عن الانظار , هذا في حالة تواجدهم على ارض الوطن , اما في الاوقات الطبيعية فهم في سفر دائم فالوطن بالنسبة لهم حقيبة سفر و مخصصات مالية و مياومات لا بل بقرة حلوب و مزرعة خاصة.

بالرغم مما ذكرت فقد لمست كغيري من الاردنيين ان الاختيار الصائب دائماً لكل اصحاب الدولة عند تشكيل الحكومات هو وزراء الاوقاف والشؤون و المقدسات الاسلامية . والصفة الدائمة لاختيارهم , ان وزراء الاوقاف علاوة على انهم كفاءة علمية و دينية و ايمانية و خلق كريم , الا انهم يتسمون بالاناقة و البشاشة و طيب المعشر و الاقبال على الناس , وانهم اذا تحدثوا صدقوا , و اذا وعدوا اوفوا بوعودهم , واذا اؤتمنوا ادوا الامانة .

فبينما كنت اشيد بكفاءة بعض الائمة – في المساجد التي ارتادها وخاصة يوم الجمعة – بحضور دولة الدكتور عبد السلام المجالي ومعالي الدكتور هايل عبد الحفيظ داود وزير الاوقاف والشؤون و المقدسات الاسلامية , و خاصة في الظروف الحالية التي يمر بها الاردن و المنطقة , عبر معالي وزير الاوقاف عن سعادته بسماع حديثي , و لمست منه ان هناك تقصير من وسائل الاعلام و اصحاب الاقلام من كتاب و صحفيين من حيث اننا نبرز دائما السئيات و نتجاهل الحسنات للائمة و الوعاظ . و عقب دولة الدكتور عبد السلام المجالي اطال الله في عمرة , انه عندما يكون لدينا تسع حسنات و سيئة واحدة ننسى الحسنات التسع و نركز على السيئة الواحدة و نقلب الدينا ظلاماُ .

و بالتالي وجدت من باب الامانة و من خلال ما سمعته من عدد لا بأس به من اصحاب السماحة و الفضيلة وأئمة المساجد والخطباء و الوعاظ , ان “الخير في و في امتي الى يوم القيمة ” , و ان هناك ائمة وواعضون قمة في الكفاءة والانفتاح والاعتدال و الوسطية و في حفظ القران الكريم و معانيه و السنة النبوية الشريفة و لا يخشون في قول كلمة الحق لومة لائم و يضعون الامور في نصابها و يحسبون حسابهم امام الله وحدة , لا ينتمون لحزب غير حزب الوطن ولا ينافقون لمسؤول او قيادة , اصحاب ضمير حي و ايمان قويم و مخافة من الله .

فالى اهلنا و اخواننا و اخواتنا و ابنائنا و بناتنا في هذا البلد الطيب و الذين هبوا هبة رجل واحد في امتحان الوطن , ان الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبه ابن كل عائلة اردنية , و بالتالي علينا ان نقتدي بالائمة العدول و هم كثر في بلدنا الحبيب ,فوزارة الاوقاف و دائرة قاضي القضاه يسهرون على تأهيل الائمة و الوعاظ و الخطباء بعيدا عن التعصب و الظلامية و الحدية في الدين و الافكار المتطرفة , والتي يحاول بعض الغرباء عن ديننا و عاداتنا و تقاليدنا و اردنيتنا المساس بافكار ابنائنا والمساس بامن هذا الوطن مهد الانبياء و الصحابة و الشهداء و المرسلين , والذين لم يزدادوا في هذا الظرف بالذات الا منعة و قوة وايمان بوحدتهم و قيادتهم الهاشمية وانتمائهم و ايماناُ بوطنيتهم .

و قد لمست حقيقة ان العديد من الائمة يسعون إلى تعميق روح التعاون و عرى التكافل و المحبة بين الاردنيين بحيث تنتشر الأخلاق الكريمة و تتزايد في ظل الإخاء والتسامح و التساوي .تيمناُ بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا و َقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ).

و بالتالي يجب على إمام المسجد و الخطيب الارتقاء بالعلوم الإسلامية ، القرآن الكريم وعلومه و السنة النبوية الشريفة واللغة وغير ذلك من العلوم بحيث يحول المسجد ومرافقه إلى مركز علمي يستقطب فيه أكبر شريحة من الشباب على اختلاف أعمارهم و مراكزهم الاجتماعية والعلمية . ففي ظل الظروف التي تعيشها المنطقة و خاصة حول الاردن نرى أن إمام المسجد وخاصة في يوم الجمعة يمثل ركن الأمان الذي يلجأ إليه المواطنين وخاصة الشباب لسماع موعظة او رسالة تشعرة بالامن و الاطمئنان و الامان . و هكذا يتبين لنا الدور الإعلامي لإمام المسجد و الواعظ و الخطيب في المجتمع ، و هو دور له أهميته البنائية و العلاجية و الوقائية للمجتمع المتحصن بكتاب الله عز وجل و سنة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم . و من هنا يتبين لنا أهمية دور المسجد و امام المسجد و خطيب الجمعة في بناء المجتمع ، ونشر العلم و الفضيلة و تعاليم الاسلام السمحة و الافكار النيرة البعيدة عن التطرف والغلو في الدين – إذا ما تم استغلال هذا المنصب الاستغلال الحسن في خدمة الدين و الوطن و المواطن , عملاُ بقوله تعالى : “وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير.) صدق الله العظيم -صورة البقره اية 126 ” .

و من هنا فان الامام والواعظ وخطيب المسجد أشد فاعلية، وأكثر وقعاً في نفوس المواطنين، من أي وسيلة أخرى يمكن أن تؤثر في المجتمع، فهو يبعث في نفوس المصلين مخافة الله تعالى، و المحبة و التعاون و الالفة ، وقبول العدل ومساعدة الناس، و إصلاح ذات البين، وإيقاظ العواطف النبيلة و المشاعر و الاحاسيس الطيبة في نفوس الناس، وبناء الضمائر الحية، وتربية الروح على الآداب الفاضلة والأخلاق الحميدة، وتهدئة النفوس و تجنب الفتن .ويدعوهم إلى الاستقامة السلوكية، وتصحيح المواقف ، ودفع الشرور والمفاسد، وصفاء الأرواح، وطهارة القلوب، والاستقرار النفسي، والاطمئنان القلبي و حب الوطن .. لذلك ظل العلماء و لازالوا يوصون باختيار الائمة و الوعاظ الأكفاء للمساجد و دور العبادة .

إن وظيفة الإمام و الواعظ وظيفة شريفة و مسؤولية عظيمة في حق حاملها، فلنحسن اختيار الأكفاء من الأئمة و الخطباء و الدعاة و الوعاظ لتبليغ شريعة الله عز و جل أحسن تبليغ , بحيث يكونوا هؤلاء الائمة و الوعاظ و المرشدين القدوة الحسنة لشبابنا بعيدين عن اية افكار غريبة عن ديننا الحنيف و عن عادانتا و تقاليدنا الحميدة وان نكون يد واحدة في مجابه اية افكار غريبة او تطرف يحاول البعض اقحام شبابنا على اتباعها . فالاردن قوي بابنائه و بناته بقيادته و رجال امنه ,فكلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته .

و في الختام الشكر موصول لكل من دولة الدكتور عبد السلام المجالي و معالي وزير الاوقاف الدكتور هايل عبد الحفيظ داود , و اللذان منحاني الفكرة للكتابة حول هذا الموضوع , علماُ ان هنالك العديد من الكفاءات العلمية و الدينية و التي هي اكفأء مني بكثير للكتابة في هذا الموضوع و خاصة انه من لا يشكر الناس , لا يشكر الله , و لدينا قامات دينية من الائمة و الوعاظ جزاهم الله عنا كل خير .

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.