لماذا الكثير من الادباء والمثقفين العرب انحرفوا عن القضايا الوطنية كالطاهر بن جلون وسعيد عقل ويوسف زيدان وادونيس وبدوي الجبل؟

د.اوس نزار درويش ( سورية) – الخميس 26/10/2023 م …




فاجا الكاتب المغربي المعروف الطاهر بن جلون الجميع عندما كتب مقالا قبل حوالي العشرة ايام في صحيفة لوبوان الفرنسية اعلن من خلاله ادانته للمقاومة الفلسطينية لاقدامها على عملية طوفان الاقصى البطولية ووصل الامر ببن جلون ان اعتبر ان ماقامت به المقاومة اعتداء على الانسانية ووحشية ولم يتورع بن جلون عن المزايدة على وزير الحرب الصهيوني يواف غالانت الذي سبق ووصف اهل غزة بانهم حيوانات بشرية معتبرا بن جلون ان الحيوانات نفسها لن تتصرف مثلما تصرفت المقاومة واعتبرهم بانهم اشخاص بدون اخلاق وبدون انسانية .

موقف بن جلون هذا اغضبني وازعجني مثلما اغضب الكثيرين واعادني بالذاكرة الى كتاب ومفكرين اخرين لهم ابداعهم الادبي والفكري الذي لايستطيع احد ان يقلل منه لكنهم لم يكونوا كذلك على المستوى الوطني وانا ساذكر بعضهم في هذا المقال وذكري لهم هو لتعريف بعض المغشوشين بهم الذين لايعرفون حقيقتهم وعلى امل ان يتراجع ممن لازلوا على قيد الحياة منهم عن مواقفهم السابقة ويصطفوا خلف القضايا الوطنية وبالمقابل ساذكر نماذج لصحفيين واكاديميين عرب مقيمين في الغرب قدموا نماذج مشرفة جدا في الدفاع عن القضايا الوطنية .

في الواقع ان موقف الطاهر بن جلون الذي تحدثنا عنه سابقا سبقه به كثيرون في مواقف كثيرة وسابدا ب ابن بلدي الشاعر والكاتب الكبير والمبدع علي احمد سعيد اسبر المعروف باسم ادونيس وانا سبق وذكرت حالته في مقال سابق في صحيفة راي اليوم ووقتها تعرضت لهجوم كبير من مريدي ادونيس وبعضهم طلابي في الجامعة لذلك اردت ان اوضح لهم حقيقة ادونيس بالدليل القاطع لان الاعجاب باي شخص يجب ان يبتعد عن التعصب ويجب ان لايعلوا عن الموقف الوطني فاي كاتب او مفكر يرتكب موقفا يسي للقضايا الوطنية الثابتة يجب ان نشير اليها وهنا ساذكر هذه النقاط بالدليل القاطع.

فادونيس قام عام 1993 بالمشاركة في مؤتمر غرناطة باسبانيا بحضور شيمعون بيريز الرئيس السابق للكيان الصهيوني وكثير من الصهاينة الاخرين والقى كلمة في المؤتمر تستشرف افاق السلام الثقافي باي ثمن وعن هذا المؤتمر قال ادونيس بالحرف ان اسرائيل اليوم تنتمي الى المنطقة يعني الى منطقة قامت ثقافتها اساسا على التماذج بين عناصر متعددة ومختلفة .اي انه يقول بطريقة غير مباشرة بان العدو الصهيوني هو جزء من المنطقة.

وادونيس نفسه ذكر في كتابه موسيقى الحوت الازرق .حيث فصل من خلاله بين الشعب الصهيوني والسلطة الحاكمة وفيه يقول بان المماهاة بين الشعب والنظام الذي يسوده موقف ليس ضد الحقيقة والواقع وحدهما وانما هو كذلك ضد التاريخ وضد الانسان وضدنا نحن العرب .اي ان ادونيس يدعو الى التعامل مع الصهاينة كشعب وبفصل العلاقة عن حكامهم .وبسبب حضور ادونيس مؤتمر غرناطة مع الصهاينة قام اتحاد الكتاب العرب بطرده عام 1995 وحتى القضايا التي نعيشها حاليا من عدوان همجي بربري على غزة وعلى فلسطين او حتى العدوان الصهيوني المتكرر على بلده سورية هل سبق ان سمع احد اي ادانة من قبل ادونيس للكيان الصهيوني .

ومافعله اتحاد كتاب العرب بفصل ادونيس سبقه اتحاد الكتاب المصريين الذي قام بفصل الكاتب علي سالم لزيارته تل ابيب عام 1994 .

وايضا هناك الكاتب المصري يوسف زيدان الذي صرح مرة لصحيفة الوطن المصرية قائلا بانه لايمانع من تخصيص جزء صغير من باحة المسجد الاقصى لبناء هيكل سليمان كما انه ابدى استعداده لزيارة تل ابيب لالقاء محاضرة فيها .

فلايوجد شي اسمه التطبيع الثقافي مع العدو الصهيوني فالصهاينة كلهم اعداء لنا حكاما ومحكومين طالما يحتلون ارضنا والتطبيع الثقافي هي خدعة وكذبة كبرى يريدون ان يضلونا بها.

ومثال اخرالشاعر اللبناني سعيد عقل عندما فرح وابتهج بدخول الصهاينة بيروت عام 1982 وقال كلمته الشهيرة بانه يتمنى لو يستطيع ان يحمل بندقية ليقاتل مع الصهاينة ضد الفصائل الفلسطينية في موقف خياني كبير منه .

وفي ظل الحديث عن المواقف الانبطاحية الخيانية من بعض الكتاب والادباء للعدو الصهيوني سارجع قليلا للوراء لاحد الشعراء الكبار وهو بدوي الجبل في تعامله مع المحتل الفرنسي وانا ساثبت هذا الامر وطبعا بدوي الجبل هو ابن احد المشايخ والعلماء الكبار في سورية ولكن والده لاعلاقة له بكل افعاله فيجب الفصل بين بدوي الجبل وبين والده في كل شي.

ففي 24 .10 .1920 نشرت جريدة الف باء الدمشقية قصيدة للبدوي الجبل واسمها تحية للجنرال وفيها يوجه التحية للجنرال الفرنسي غورو قائد القوات الفرنسية التي احتلت سورية وجاء في مطلعها

اسد اطل على الشام فهللت      وكذا تكون مطالع الاسياد

ولبدوي الجبل قصيدته عواقب الجهل التي نشرتها مجلة العرفان اللبنانية في اب 1921 وفيها يهاجم الشيخ البطل صالح العلي الذي كان يقود الثورة في الساحل ضد المحتل الفرنسي ويمتدح الضابط الفرنسي نيجر الذي كان يقود الحملة الفرنسية ضد الساحل السوري وطبعا المحتل الفرنسي كافا بدوي الجبل بان عينه عضوا في المجلس التمثيلي لدولة العلويين التي انشاتها فرنسا.

وبعد هزيمة حزيران 1967 قام بدوي الجبل بالشماتة في الهزيمة وعبر عن شماتته بقادة كل من سورية ومصر في قصيدته الشهيرة من وحي الهزيمة.

وايضا لابد لنا من الحديث عن النماذج الوطنية والمشرفة جدا المقيمة في الغرب والتي وقفت مع قضاياها الوطنية واولهم القضية المركزية الا وهي القضية الفلسطينية وانا هنا ساذكر مثالين وحالتين

الحالة الاولى هو البروفسور الفلسطيني ادوارد سعيد رحمه الله هذا الاكاديمي الكبير والمثقف العبقري والذي لم تمنعه اقامته في امريكا وتدريسه في جامعاتها من نسيان بلده وشعبه الفلسطيني وكان من اكثر الاصوات الفعالة في الدفاع عن القضية الفلسطينية والتصدي للصهاينة وكلنا نذكر مناظرته الشهيرة مع المفكر الصهيوني بيرنارد لويس وكيف غلبه وانتصر عليه في هذه المناظرة.

اما الحالة الثانية من المفكرين العرب المناضلين المتمسكين بمبادئهم وقضاياهم الوطنية هي حالة الصحفي الكبير الاستاذ عبد الباري عطوان فالاستاذ عطوان ابن غزة رمز العزة وابن مدينة دير البلح عاش كل حياته مناضلا ومدافعا عن قضية بلده القضية الفلسطينية ويعتبر من اكثر الكتاب الذين دعموا المقاومة رغم كل المضايقات التي تعرض لها والتهديدات بحبسه وسجنه بتهم زائفة لااساس كالذي فعلته صحيفة جويش كرونيكال الصهيونية حيث نشرت هذه الصحيفة العام الماضي مقالا هددت فيه الاستاذ عطوان بالمحاكمة في بريطانيا بتهمة معاداة السامية ولكن الاستاذ عطوان لم يبال بكل هذا الكلام وهو حاليا من اكثر الكتاب والصحفيين المدافعين عن المقاومة الفلسطينية بقلمه وبلسانه الذي دائما مايصدح بالحق وبالمناسبة الصهاينة يزعجهم ويغضبهم كثيرا قلم وصوت الاستاذ عطوان لذلك سعوا كثيرا لاسكاته .

هكذا يجب ان يتسم المفكر او الاديب او الصحفي العربي الالتزام بالقضايا الوطنية المصيرية وعدم محاباة العدو باي شكل والا يصبح كلامه قول بدون فعل ولاقيمة له فانا احزن كثيرا عندما ارى معظم مفكري الصهاينة متمسكين بقضيتهم ويعملون عليها رغم ان قضيتهم باطلة.مجرمة .لااساس لها بينما كثير من مفكرينا العرب يعملون ضد قضيتهم المركزية مع ان قضيتهم هي القضية المحقة .

وفي النهاية ساختم كلامي بعبارة اوجهها لكل المفكرين والكتاب العرب الذين يدعون للتطبيع الثقافي مع الكيان الصهيوني والسلام معه ويتجاهلون مايفعله الكيان الصهيوني من مجازر وقتل واقول لهم

بان كل قطرة حبر ظالمة مفعولها اكبر من مفعول الرصاصة التي توجه الى الصدور.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.