المطبخ السياسي الاردني والتغير في قواعد اللعبة في سورية / أ.د احمد القطامين

 

أ.د احمد القطامين ( الأردن ) الثلاثاء 11/10/2016 م …

بالرغم من النجاح النسبي الذي ميز التعاطي الاردني مع الازمة السورية لغاية تاريخه، الا ان التطورات السريعة تشي بان قواعد اللعبة قد تغيرت جذريا. فمعركة حلب دخلت في مجال خواتيمها والمؤشرات تشير الى ان الجيش السوري وحلفاؤه مدعومين بقوة نارية جوية روسية هائلة سوف يحسمون معركة حلب الكبرى في وقت ليس ببعيد.

هذا يقودنا الى الاستنتاج بأن المهارات التي ميزت المطبخ  السياسي والاستراتيجي الاردني في الماضي لم تعد كافية للتعامل مع التحولات الضخمة فيما يتعلق بالازمة السورية وفي المنطقة برمتها.

لقد تغيرت المعادلات التي حكمت تطورات الازمة السورية، فالسعودية مثلا لم تعد لاعبا حاسما كما كانت في هذه المعادلة ، خاصة بعد حدوث اربعة تطورات مهمة للغاية ادت الى خلط الاوراق بصورة جذرية:

الحدث الاول يتمثل في المصاعب المالية الناتجة عن تدني اسعار النفط الى مستويات منخفضة جدا اضافة الى فاتورة الحرب على اليمن والرف الباذخ على المسلحين في سوريامما احدث خللا واضحا في الوضح المالي السعودي استدعى انتهاجج سياسات مالية تقشفية للمرة الاولى في تاريخ البلاد.

اما الحدث الثاني فقد تمثل في الاخفاق الواضح في حسم الوضع في اليمن كما كان متوقعا، مما شكل حالة اشبه بحالة ان تعلق  في عنق الزجاجة، مما اتاح للقوى اليمنية المناهضة للسعودية الى استخدام طاقاتها القصوى بالرد كالسيطرة على مناطق حدودية بهدف احراج السعودية امام شعبها والعالم اضافة الى استعصاء المدن الكبرى الشمالية على السقوط بايدي قوات الرئيس هادي المعين والمدعوم من السعودية، اضافة الى القصف الذي تتعرض له المعسكرات والقواعد السعودية من الاراضي اليمنية باستخدام الصواريخ البالستية ذات القدرات التدميرية العالية.

الحدث الثالث يتلخص في تدهور العلاقات الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة بعد صدور قانون معاقبة داعمي الارهاب وهو قانون اعد لابتزاز السعودية بشكل اساسي واستنزاف مواردها النفطية على المديين القصير والمتوسط ويعد ضربة قاصمة للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين.

اما الحدث الرابع فقد تمثل في تغيير واضح في الموقف التركي الاستراتيجي بعد الانقلاب الفاشل والذي فرض على الرئيس اوردوغان ان يعيد النظر في مواقف تركيا من العديد من القضايا ومنها بالطبع الازمة في سوريا. ادى ذلك الى الحد من المرونة الكبيرة التي كانت تتمع بها السعوديةوالتي مكنتها على مدى سني الازمة من ايصال كل انواع الدعم المالي والبشري والتسليحي للمنظمات التي تقاتل الجيش السوري خاصة في حلب وريف دمشق.

كل هذه الاحداث ادت الى اضعاف الموقف السعودي الداعم للمسلحين في سوريا وبالتالي احداث تغيييرات عميقة في طبيعة المهارات السياسية والاستراتيجية التي يجب ان تتوفر لدى اعضاء فريق المطبخ السياسي الاردني ليتمكنوا من مواصلة السير على الحبال المشدوة فوق بحر من النيران المشتعلة في كل مكان في المنطقة.

* استاذ جامعي متخصص بالاستراتيجية

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.