ذكرى ثورة 1917 الإشتراكية / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – الأربعاء 01/11/2023 م …
يقابل يوم 25 تشرين الأول/اكتوبر 2023 (بالتقويم الميلادي و 7 تشرين الثاني/نوفمبر بالتقويم الغريغوري السّائد آنذاك في روسيا) الذكرى السادسة بعد المائة للثورة الإشتراكية (البَلْشَفِيّة) في روسيا التي أصبحت تُسَمّى “اتحاد الجمهوريات الإشتراكية السوفييتية” بعد اتحادها مع عدد من البلدان المجاورة والتي كانت تستعمرها الإمبراطورية الرّوسية، وتعد هذه الثورة إحدى أعظم الثورات العالمية في تاريخ الإنسانية وأكبر ثورة على الإطْلاق في القرن العشرين، بفضل التّغْييرات التي أحدثتها، انطلاقًا من فِكر “كارل ماركس” الذي اكتشف قانون القيمة وقام بتشريح نظام الإقتصاد الرّأسمالي مع رفيقه “فريدريك إنغلس”، واعتمادًا على تطويرات “فلاديمير إلِّيتْشْ أُوليانُوف” (المعروف بلينين) وإضافاته بخصوص مرحلة الإمبريالية وحق الشعوب المُضْطَهَدَة في تقرير مصيرها…
قبل مائة وستة أعوام انتصرت ثورة أكتوبر الاشتراكية، وكانت قراراتها الأولى تتعلق بتحقيق وعود قطعتها الثورة ومنها عقد اتفاقيات سلام ووضع حد لمشاركة روسيا في الحرب العالمية الأولى، لأنها حرب تتنافس من خلالها القوى الإمبريالية، ومنها أيضًا توقيع مرسوم توزيع الأرض على الفلاحين الذين يعملون في هذه الأراضي (الأرض لِمَنْ يزْرَعُها)، وكان “تعميم الكهرباء” أول مَشْروع عملت السلطات الجديدة على تنفيذه، وحال انتتصارها في روسيا القَيْصَرِيّة حاصرتها جُيُوش ثمانية عشر دولة رأسمالية لفترة أربع سنوات، وشنّت عليها حربًا عدوانية امبريالية…
أُنْجِزَتِ الثورة على مرحلتين، الأولى في السابع من شباط/فبراير 1917 واستفادت منها البرجوازية الليبرالية التي حَكَمت البلاد حتى تاريخ المرحلة الثانية من الثورة والتي اتفق المُؤَرِّخون على تسميتها “ثورة اكتوبر” الإشتراكية، وتُسَمّى أحيانًا “الثورة البَلْشَفِية” لأن “البلاشفة” كانوا يقودونها، والبلاشفة، جمع بلشفي تعني “المُنْتَمين إلى الأغلبية” (ضد مناشِفَة، ومفردها مَنْشَفِي وتعني المُنْتَمؤين للأقلية) داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي، وبينما يؤكد المناشفة على العمل الإصلاحي يؤيد البلاشفة الحل الثوري، وكان فلاديمير لينين يقود التّيّار البلشفي (الأغلبي)، ولم تُعَمِّر الدولة السوفييتية أكثر من سبعة عقود (منها عُقُود من فترات الحرب والحصار، وإعادة الإعمار)، ولكنها، رغم انتكاساتها، ورغم تَعرّضها منذ بداياتها إلى الهجوم العسكري والحصار من دول أوروبا الغربية، تركت أَثَرًا عظيمًا على مُسْتوى داخلي بفضل التغييرات الإجتماعية لصالح العُمّال والفُقراء وبفضل تحقيق تطور صناعي وعلمي في فترة وجيزة، وتركت أثرًا عظيمًا أيضًا على مُسْتوى شعوب العالم، لأنها كانت تدعو إلى الإشتراكية، أي المساواة بين البشر مهما كان جنسهم أو مهنتهم أو أصلهم الجغرافي والإجتماعي، وكانت تدعو إلى تحرير الشعوب من رِبْقَة الإستعمار والهيمنة الإمبريالية، وكانت ثورة اكتوبر الإشتراكية مُلْهِمَةً للعديد من قادة حركات التحرر والشعوب المُضْطَهَدَة والمُسْتَعْمَرَة التي كانت تناضل من أجل التّحرّر والإستقلال وبناء مُجْتَمَعٍ خال من المَيْز ومن الإستغلال والإضطهاد، مع مراعاة الجانب الإجتماعي للثورة وبناء مجتمع ما بعد التّحَرُّر، وهو ما أهملته الثورة الجزائرية وما رفضت طرحه منظمة التحرير الفلسطينية قبل اتفاقيات “أوسلو”… انتشر الفِكْر الإشتراكي بِسُرْعةٍ في العالم وسبقت الأحزاب الشيوعية العربية في تأسيسها عددا من أحزاب الدول الرأسمالية المُسْتَعْمِرَة لشعوب افريقيا وآسيا وكانت أحزاب المشرق العربي في سوريا والعراق ومصر ولبنان والسودان وفلسطين ذات قاعدة شعبية هامّة واتخذت مواقف جريئة في عصرها وقادت إضرابات وحركات اجتماعية هامّة حتى العقد السادس من القرن العشرين، لكن مُعظمها بدأ يضعف بعد تأسيس الكيان الصهيوني بسبب التبعيّة والإنقياد الأَعْمَى وراء مواقف قيادة الإتحاد السوفييتي بشأن التّخَلِّي عن حقوق الشعب الفلسطيني في وطنه، وفي غياب الأممية الثالثة التي أَمَرت قيادة الإتحاد السوفييتي بحلها سنة 1943 (وهي ليست مِلْكًا لهذه القيادة) اعترف الإتحاد السوفييتي بسرعة بالكيان الصهيوني الذي أَسَّسَتْهُ حركة استيطان (أوروبية المَنْشَأ) بدعم من الإستعمار البريطاني والفرنسي (ثم الأمريكي) واعترفت به الأحزاب الشيوعية العربية التي كانت (أو أصبحت آنذاك) فُرُوعًا للحزب الشيوعي السوفييتي (في غياب أُمَمِيّة شيوعية) وبلغ الحد بالحزب “الشيوعي” الفلسطيني إلى تغيير إسمه إلى “الحزب الشيوعي الإسرائيلي” (مما خلق انشقاقات داخله)… هذه إحدى المآخذ على الإتحاد السوفييتي في مجال السياسة الخارجية، لكن الإتحاد السوفييتي أصبح في ظرف وجيز نِدًّا للإمبريالية العالمية التي سبقت تأسيسه بقرنَيْنِ كامِلَيْن، وأصبحت الفكر الإشتراكي يمثل خطَرًا على الرأسمالية في عقر دارها، حيث رفعت النقابات وحركات الشباب والأحزاب السياسية مطالب العدالة والتوزيع العادل للثروات ومجانية التعليم والصحة والخدمات الأساسية، ودَعم الإتحاد السوفييتي حركات التحرر التي قادها فيدل كاسترو في كوبا وكوامي نكروما في غانا وبَاتْرِيس لوممْبَا في الكونغو، وكذلك في الجزائر واليمن ودعم بعض الأنظمة التقدمية (رغم الشوائب) في العراق ومصر وإيران (فترة محمد مصدّق)، وألهمت الثورة البلشفية قادة الحزب الشيوعي الصيني الذي دَحَر الإستعمار الياباني وأذنابه سنة 1949 (باستثناء جزيرة تايوان)، ودعم الإتحاد السوفييتي قادة بلدان ما أُطْلِق عليه “العالم الثالث” الذين تجرّأُوا على تأميم الثروات كالنفط في إيران (حكومة مصَدَّق) وقناة السويس (عبد الناصر) وضَرْبِ مصالح الشركات متعددة الجنسية…
هناك مجالات أَبْدَعت فيها الثورة البلشفية والإتحاد السوفييتي لكن المُؤَرِّخِين يُهْمِلُونها ومنها الدور الحاسم للإتحاد السوفييتي في هزيمة النّازية والتضحيات والخسائر الجسيمة التي كانت ثمنًا لهذا الإنتصار (واستفادت منه الإنسانية قاطبة) ومجال المساواة بين الجنسين (مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات) وبين القوميات، وكانت الثورة وراء دعم تيار تقدمي إنساني في مجالات الأدب والفن والسينما، ومجال البحث العلمي واستفادة العمال والشعوب من التطورات في المجال الطبي (مثال الولادة غير المُؤْلِمَة التي اكتشفها وطوّرها العُلَماء السوفييت)
أدّى ضعف الإتحاد السوفييتي منذ عقد سبعينيات القرن العشرين ثم انهياره إلى تَغَوّل “الليبرالية” وزاد نصيب رأس المال من الثروة على حساب العامِلِين والمُنْتِجِين وزادت نسبة أرباح المُضارَبَة والنّشاط الطُّفَيْلِي غير المُنْتِج، مع التقليص المستمر لمكاسب الشّغّالِين، واحتكرت الإمبريالية الأمريكية (الإمبريالية الأقوى) القوة العسكرية والإعلامية على الصعيد العالمي وفرضت الفكر الواحد، وحَظَرت أي هامش للتعدد والتنوع سواء في القطاع الإقتصادي أو الثقافي أو العقائدي (الإيديولوجي)، وأعلنت الإنتصار النهائي للرأسمالية ولإيديولوجيتها ما شَكّل في نظر بعض مُنَظِّري الفكر الرأسمالي الليبرالي المُعَوْلَم “نهاية التّاريخ”، لكن أحد أثْرى أثْرياء العالم (وارن بافيت) -الذي جمع ثروته من المُضاربة وليس من النشاط المُنْتِج- اعترف بوجود الصراع بال الحرب الطبقية التي اعترف أيضَا بأن طبقته (الطبقة الرأسمالية) هي بصدد رِبْح هذه الحرب لحد الآن، ولم يَدَّعِ أنه انتصار نِهائي لِطَبَقَتِهِ…
يمكن تلخيص مفهوم (أو تعريف) الإشتراكية باختزال شديد بأنها نظام شامل يهدف العدالة والمساواة، على النقيض من النظام الرأسمالي، المَبْنِي على أساس تجميع الثروة بين أيدي أفراد أو اُسَر أو مجموعات (شركات) قليلة، بواسطة استغلال جهد “الآخرين”، ولكل من النظامَيْنِ النّقِيضَيْن أُسُسٌ مادّية وقِيَم فلسفية وأخلاقية وإيديولوجية الخ، وأصبحت الثورة البلشفية الرّوسية من أعظم أحداث القرن العشرين، واضطرت القوى البرجوازية الحاكمة في الدول الرأسمالية إلى تقديم تنازلات للعمال وللشعوب المُسْتَعْمَرَة والمُضْطَهَدة، بهدف محاصرة الفكر (العقيدة) الشيوعي وعدم توسيع رقعة النِّضالات، ومنع تَجذّر النضالات، لكي لا تتحول إلى ثورات… يمكن تلخيص أسباب نجاح الثورة الرّوسية (باختزال شديد أيْضًا) بكسب الاشتراكيّة المعركة على الجبهة الإيديولوجية بين صفوف العمال والفلاحين الذين جَنَّدَهُم نظام القيصر خلال الحرب العالمية الأولى ليموتوا جوعًا، أو على الجبهة دفاعًا عن مصالح عدوِّهم الطبقي، وأعاد لهم الحزب البلشفي الحُلْم بمستقبل أَفْضَلَ ووعدهم بالسلام والأرض والطّعام، ويكمن ابتكار الحزب البلشفي في القدرة على نقل الفكر الماركسي -الذي نشأ في البلدان ذات الإقتصاد الرّأسمالي الأكثر تَطَوُّرًا- من أوروبا الغربية (ألمانيا وبريطانيا) إلى روسيا التي يغلب على اقتصادها الطابع الفلاحي، كما تكمن إضافات الحزب البلشفي وزعماؤه (وفي مقدمتهم لينين) في إضافة البُعْد الإمبريالي لخصائص الرأسمالية بإقرار “حق الشعوب في تقرير مصيرها”، وإدماج الشعوب التي كانت تهيمن عليها الإمبراطورية الروسية ضمن قوى الثورة، والأهمية التي أوْلَتْها الأممية الثالثة للشعوب الواقعة تحت الهيمنة الإمبريالية بشكل عام، كحليف للطبقة العاملة، في نضالها من أجل الإستقلال وإضعاف هيمنة الإمبريالية، ومنها “شعوب الشرق” التي كانت محل اهتمام خاص للأممية الثالثة (مؤتمر شعوب الشرق في مدينة “باكو” 1920)… أحدثت ثورة اكتوبر ثورة في ميادين عديدة بفضل “سيرغاي إيزنشتاين” في مجال السينما، ومكسيم غوركي في مجال الأدب، و”أنطون مكَارِنْكُو” في مجال البيداغوجيا وعلوم التربية”، و”دِمِتْرِي شُوسْتَاكُوفِيتْش” في مجال الموسيقى الكلاسيكية وسنفونيته السابعة التي مَجّدت صمود مدينة “ستالينغراد” تحت حصار الجيش النازي لقرابة سنتين، وأدّتها فرقة موسيقية بإدارته وإشرافِهِ، تحت الحصار، والعديد من العظماء في مجالات الفنون والموسيقى والشعر، وكذلك الصناعة والتسليح والبحث العلمي وغزو الفضاء…
حاصرت الدول الإمبريالية الثورة الروسية منذ بداياتها، وبدأت الحرب والحصار العسكري والإقتصادي والتجاري منذ 2018 وتواصل حتى 1922، ومع ذلك تطورت روسيا المتخلفة في مجالات الصناعة والتقنية والزراعة والطب والرياضة، وحققت الإشتراكية أكبر تطور في تاريخ البشرية حيث أصبح المواطن يتمتع بالتعليم والصحة والسكن كحق من حقوق البشر، وأصبحت ممارسة الرياضة والتدريب على مختلف الفنون أمورًا مُتاحة للجميع منذ سن مبكرة، وأصبح مُتاحًا للنساء العمل وممارسة الرياضة والفنون بالتساوي مع الرجل، وانتشرت دور الحضانة في كافة مناطق البلاد، كما تمكن الإتحاد السوفييتي خلال عقدين أو أقل من امتلاك تقنيات تطوير السلاح الدفاعي وتطوير تقنيات غزو الفضاء وإنشاء مختبرات التحاليل والإكتشافات الطبية وغير ذلك من أسباب التطور العلمي والتقني، والأهم من كل ذلك القضاء على البطالة وتوزيع ثمرة التطور والتقدم العلمي بشكل عادل، أو قريب من العدالة المُطْلَقَة، وتُشير جميع البييانات إلى تضييق الفوارق الطبقية حتى عقد الستينيات من القرن العشرين، بفضل إعادة توزيع الثروة بشكل أكثر عَدْلاً…
انهار الإتحاد السوفييتي رغم ما تحقق، بسبب تأسيس نظام الحكم لطبقة جديدة من الأثرياء الذين استفادوا من جهد الفئات الكادحة، وبسبب الإبتعاد عن أهداف الثورة، إلى أن استولت فئات البرجوازية الجديدة على ممتلكات الشعب واستأثرت بها ليتفَتَّتَ الإتحاد السوفييتي ولتُصْبِح روسيا رأسمالية من جديد، وانهارت بذلك المكتسبات الاجتماعية، وخصخصت الدولة المصارف والشركات ومؤسسات التعليم والصحّة، وعرفت الأجيال الجديدة البطالة والفقر، فعادت الرأسمالية إلى الهجوم على صعيد عالمي وافتَكّت كافة المَكاسِب التي حققها العمال وفئات الشعب خلال ثلاثة عقود، بين نهاية الحرب العالمية الثانية ومنتصف سبعينيات القرن العشرين، فارتفعت نسبة البطالة والفقر وأصبحت الشركات الكُبْرى مُعفاة من الضرائب، ليستفيد الأثرياء من ضرائب الفقراء والأُجَراء الذين يعمل بعضهم عشر ساعات يوميا مقابل أقل من دولارين، في آسيا أو افريقيا أو أمريكا الجنوبية، تمامًا مثلما كان يحصل خلال القرن التاسع عشر، وارتفعت إيرادات بيع الأسلحة إلى مستوى غير مسبوق، وارتفع معها عدد الحُروب العدوانية الإمبريالية (مُباشرة أو بالوكالة) وعودة الإستعمار المُباشر إلى جانب الإستعمار غير المُباشر (عبر الدّيون وعبر الشركات العابرة للقارات) وتعمقت الهوة الطبقية داخل كل بلد بشكل غير مسبوق أيضًا…
أدّى انهيار الإتحاد السوفييتي (البديل المُتاح للنظام الرّأسمالي) إلى إلغاء حلم الرفاه الجماعي، والزعم بأن الفرد هو محور التغيير وليس الطبقة أو الشعب أو الإئتلاف الطبقي، وأدى إلى العودة القوية للإيديولوجيا الرأسمالية التي تبيع الوهم وتَزْعم ان الإنسان يصل إلى قمة السّعادة بفضل زيادة الاستهلاك، كما تزعم إن الإرتقاء في السُّلّم الطبقي مُتاح للجميع و”إن أبناء الفقراء أو متوسطي الدخل يصبحون أثرياء بفضل زيادة ساعات العمل، مع الوفاء لرب العمل والخضوع وإلغاء مفهوم الإحتجاج من القاموس”… تبيع الرأسمالية الوهم، عبر صناديق الإقتراع وعبر وسائل الإعلام والمُسَلْسلات وأشرطة السينما، رغم ارتفاع عدد الفقراء في البلدان الرأسمالية الأكثر تطورًا ورغم حرمان الملايين من العلاج ومن السّكن ومن العمل…
إن أسباب أو عوامل الثورة الإشتراكية مُتَوفِّرَة، لكن الثورة ليست عملاً عَفْوِيًّا أو هَبَّةً أو فَوْرَةَ غضب، بل هي عمل مُخَطّط، ذو برنامج وأهداف مُحَدَّدَة، ويحتاج مشاركة وحماية والتفافًا من جمهور المُسْتَفِيدِين من الثورة، وغير ذلك من الأسباب الغائبة (أو غير المُتَوَفِّرَة حاليًّا)، إضافة إلى قادة ذوي بصيرة ثاقبة ومن الطراز القادر على رسم استراتيجية عالمية وفق البيانات المتوفرة والمستقبلية، وقيادة قادرة على تغير التكتيكات بسرعة واستنباط الحلول وإقناع من حولها بصحّة وبنجاعة هذه المواقف وهذه التكتيكات والإستراتيجيات…
التعليقات مغلقة.