اليمن … انصار الله يعلنون «رسمياً» دخول الحرب ضد إسرائيل: قراءة في احتمالات الرد والتأثير على صعيدي الأزمة اليمنية والصراع الإقليمي

الأردن العربي –  الأربعاء 01/11/2023 م …




أعلن الحوثيون، أمس الثلاثاء، إطلاق مجموعة من الصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيرة على أهداف مختلفة في إسرائيل، معتبرين هذه العملية هي الثالثة، مؤكدين استمرار هذه العمليات حتى يتوقف “العدوان الإسرائيلي”.
ولأول مرة تتبنى الجماعة، التي تسيطر على صنعاء وجزء كبير من شمال وغرب اليمن منذ عام 2014، إطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول؛ معلنة رسميا بذلك دخولها الحرب ضد إسرائيل، لا سيما وقد أكدت استمرار عملياتها حتى توقف العدوان.
وقال المتحدث العسكري باسم جماعة “أنصار الله” الحوثية اليمنية، العميد يحيى سريع، إنه تم “إطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ البالستية والمجنحة، وعدد كبير من الطائرات المسيرة على أهداف مختلفة للعدو الإسرائيلي في الأراضي المحتلة”.

العملية الثالثة

وذكر، في بيان بثته قناة المسيرة الناطقة باسم الجماعة، أن هذه العملية “هي العملية الثالثة نصرة لإخواننا المظلومين في فلسطين”، مؤكدًا استمرارهم “في تنفيذ المزيد من الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات والمسيرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي”.
وعن خلفية هذه العمليات، قال إنها تأتي “من واقع الشعور بالمسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية والوطنية واستجابة لمطالب شعبنا اليمني العزيز ومطالب الشعوب الحرة ونجدة لأهلنا في غزة”، و”انتصارًا للمظلومية التاريخية للشعب الفلسطيني”.
ونوه بالحق الكامل للشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، ونيل حقوقه المشروعة كاملة، وأرجع توسيع دائرة الصراع إلى “استمرار الكيان الصهيوني في ارتكاب الجرائم والمجازر في حق أهالي غزة وكل فلسطين المحتلة”.
على صعيد الموقف الإسرائيلي فقد جاء البيان الحوثي بعد ساعات من إعلان المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي، دانيال فارغاي، أمس، أنه تم “تفعيل صافرات الإنذار بعد تسلل طائرة معادية نحو إيلات”.
وذكر المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، في منصة إكس، أن “سلاح الجو أحبط تهديدًا جويًا في منطقة البحر الأحمر، لأول مرة منذ بداية الحرب نُفذ اعتراض عملياتي من خلال منظومة “حيتس” الدفاعية للمدى الطويل، كما وتم استنفار طائرات جيش الدفاع في ساعات الصباح عقب رصد تهديد جوي في منطقة البحر الأحمر، حيث اعترضت أهدافًا معادية حلقت في المنطقة. تم اعتراض جميع التهديدات خارج الأراضي الإسرائيلية ولم يتم رصد أي خرق للسيادة الإسرائيلية”.
وكانت وكالة “رويترز” نقلت عن “راديو إسرائيل” قوله إنه “تم إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأحمر، قرب إيلات”، فيما نقلت إحدى وكالات الأنباء عن القناة 13 الإخبارية أن “الطائرة أطلقها الحوثيون من اليمن عبر البحر الأحمر على ما يبدو”.
وفي تاريخ 19 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلنت وزارة الدفاع الامريكية أن سفينتها الحربية “يو إس إس كارني” في البحر الأحمر اعترضت صواريخ وطائرات مسيرة أُطلقت من اليمن، و”يحتمل أنها كانت موجهة إلى أهداف في إسرائيل”.
على صعيد رد الفعل الشعبي في اليمن، فالموقف لا يختلف عنه في معظم البلدان العربية والإسلامية، وهو التأييد لدى الكثير من الناس استجابة لعواطف الألم والحزن والقهر والعجز، جراء ما يشاهدونه يوميًا على شاشات التلفزيون من جرائم ومجازر إسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين بما فيهم الأطفال والنساء، في ظل موقف رسمي عربي وإسلامي متخاذل وتواطؤ غربي مخز، علاوة أن 8 سنوات حرب عاشها اليمنيون قد جعلتهم لا يخافون استئناف الحرب تحت تأثير مشاركة الحوثيين في الحرب على إسرائيل، كما يعتقد أحدهم. على صعيد مواقف قادة الرأي في منصات التواصل الاجتماعي هناك، فثمة اختلاف يفرزه الاختلاف السياسي بين طرفي الصراع، لكن في ذات الوقت برز مؤيدون من خارج نسق الانقسامات التقليدية، وتحديدًا ممن يتخذون موقفًا وسطًا من الصراع إن جاز الوصف. وقالت الصحافية، منى صفوان، في تدوينة على منصة إكس إن “بيان الحوثي داس (على) التهديدات الأمريكية بحذائه، وخاصة التي تلمح بعرقلة التسوية السياسية، وأعلن رسميًا تبنيه للعمليات ضد إسرائيل وتوعد بالمزيد، هذا يعني إعلان دخول الحرب، أما التسوية فشأن يمني، وهذا وقت الوحدة اليمنية وتنسيق الأطراف، ووقف الصراع الداخلي، وتوجيه كل الأسلحة في اتجاه عدو واحد”.
وكان رئيس مجلس الحكم في مناطق سيطرة الجماعة، مهدي المشاط، قد تحدث، الأحد، متهمًا أمريكا بعودة الحرب في اليمن “لمنع الشعب اليمني من القيام بمسؤولياته تجاه شعب فلسطين”. إلى ذلك، كتب مختار الرحبي، وهو مستشار وزير الإعلام اليمني، ورئيس مجلس إدارة فضائية المهرية، أن “الكيان الصهيوني يدرس الرد على الصواريخ التي أُطلقت من اليمن، وبهذا سيكون على كل أبناء اليمن أن يخوضوا هذه الحرب ضد الكيان الصهيوني الإرهابي، وستكون أطهر حرب، وسيكون بنك الأهداف كبيرًا للصهاينة والصهاينة العرب، وحينها سيكون 30 مليون يمني في الجبهات يقاتل ويدافع عن مقدسات الأمة”.
ومن الرافضين لذلك كتبت ماجدة الحداد، وهي يمنية مقيمة في الولايات المتحدة أن “الحوثي قتل وشرد نصف الشعب اليمني، والآن يريد أن يخلص على من تبقى منهم في حرب عبثية مع إسرائيل. لم يتعلم للآن من الكارثة التي قامت بها حماس ودفع ثمنها فقط أهل غزة!”.

ماذا بعد؟

هنا يبرز السؤال الأهم: ماذا بعد؟ يرى مراقبون أن دخول الحوثيين الحرب على إسرائيل مهما كان هدفه، إلا أن آثاره السياسية داخليًا ستكون سلبية على صعيد تعقيد مسار المفاوضات مع السعودية، وبالتالي تأخير حلحلة الأزمة اليمنية لسنوات. فمع تصاعد المخاوف من جماعة الحوثيين فإن شروط عودة المفاوضات سترتفع بما يُفضي لاستئناف الحرب للقضاء على قوة الجماعة، وهو ما قد جرّبه التحالف العربي بدعم كبير من واشنطن، ووصلوا إلى نتيجة أكدتها الرياض أكثر من مرة، ومفادها أن حل الصراع في اليمن لن يكون إلا سياسيًا، وهو موقف لقي توافقًا إقليميًا ودولياً، لا سيما في ظل بروز موقف تصالحي سعودي لردم فجوات الخلاف في المنطقة، بدءًا من إنهاء الخلاف مع طهران، وحرص الرياض، في ذات الوقت، على عدم استئناف الحوثيين لضرباتهم على أراضيها.
ماذا لو ردت واشنطن بهجمات انتقامية؟ بالتأكيد أن الحوثيين سيستأنفون هجماتهم لدولتي التحالف، وسيستهدفون القواعد الأمريكية في البلدين، لا سيما وأن الخطاب الإعلامي للجماعة لا يفرق بين أمريكا والتحالف السعودي- الإماراتي. وبينما يرى البعض أن ذلك لن يمنع قوات واشنطن من تنفيذ ضربات ضدهم، إلا أن المخاوف من اتساع دائرة الصراع في المنطقة، وفق آخرين، سيجعلها تُعيد النظر في خطوة تصعيدية كهذه.
وهذا ما يفهمه المراقبون مما سموه التجاهل الإسرائيلي الرسمي في الحديث (المقلق) عن الصواريخ والمسيّرات الحوثية وتقليلهم من شأنها، إلا أن استمرار هجمات الحوثيين، وبخاصة في حال تجاوزت الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ونجم عنها قتلى ودمار كبير، قد يدفع إلى ظهور ردود فعل مختلفة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.