شهر من الحرب والحصار.. غزة تعيش أحزانا يومية وتكابد الصعاب
الأردن العربي – الثلاثاء 07/11/2023 م …
جثمان لطفل صغير يتم انتشالها من تحت ركام منزل تعرض للقصف، وامرأة تبكي أمام صف من الجثث الملفوفة في أكفان بيضاء، ومصاب جديد يصل إلى مستشفى مكتظ بالجرحى والنازحين، وسكان يقفون في طوابير لساعات طويلة للحصول على بضعة لترات من المياه التي يشاركونها مع عشرات آخرين. إنها لقطات تلخص الوضع في غزة.
وبعد مرور شهر على الهجوم العسكري الإسرائيلي المدمر على القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، يواجه الفلسطينيون العالقون داخل القطاع المحاصر معاناة يومية كبيرة ومتكررة تؤجج مشاعر الغضب واليأس لدى البعض منهم.
وقال أبو جهاد، وهو مواطن متوسط العمر من خان يونس بجنوب القطاع ذي الكثافة السكانية العالية، “والله ننتظر الموت. سيكون أفضل من هذه الحياة. ننتظر الموت في كل لحظة. إنه موت معلق”.
وكان يقف في شارع قريب من منزل سوّي بالأرض في غارة جوية هزت الحي في منتصف الليل.
وعبر أبو جهاد عن غضبه من إسرائيل والعالم الذي اتهمه بالصمت والعجز “نريد حلا فهذه ليست حياة. إما أن تقتلونا جميعا أو تتركونا نعيش”.
الهدف العسكري الإسرائيلي المعلن هو القضاء على حماس التي اقتحم مقاتلوها سياج غزة الحدودي واجتاحوا بلدات إسرائيلية قريبة منه في السابع من أكتوبر تشرين الأول، مما أدى لمقتل أكثر من 1400 شخص وخطف 240 آخرين والعودة بهم إلى القطاع.
وتقول السلطات الصحية في القطاع الساحلي إن الهجوم الجوي والبحري والبري الإسرائيلي اللاحق على حماس أدى منذ ذلك الحين إلى استشهاد ما يزيد على 10 آلاف فلسطيني.
وطلبت إسرائيل من سكان الجزء الشمالي من القطاع، حيث تطوق قواتها مدينة غزة، الانتقال إلى الجنوب حفاظا على سلامتهم لكنها تقصف الجنوب أيضا وإن كان بشكل أقل كثافة من الشمال.
صف من جثامين الشهداء
قال مسؤولو صحة اليوم الثلاثاء إن غارتين منفصلتين على منازل في خان يونس ورفح أسفرتا عن استشهاد 23 شخصا الليلة الماضية.
وفي موقع الهجوم في خان يونس، رفع رجل جثة لطفل صغير يرتدي ما يشبه ملابس النوم من تحت أنقاض منزل مدمر.
ونجت فتاة صغيرة لكن لوحا خرسانيا سقط على ساقيها. وحاولت مجموعة من الرجال انتشالها بأيديهم بينما وقف حشد من الناس في حالة قلق خارج المبنى وظلوا يشجعون رجال الإنقاذ.
وخرج أحمد عايش، أحد السكان الذين أصيبوا في الضربة، من موقع الانفجار ووجهه ملطخ بالدماء التي تناثرت أيضا على قميصه وذراعه. وبدا عليه الغضب وهو يتحدث مع الصحافيين.
فقال بصوت عال وهو يشير بإصبعه إلى الخراب “هذه هي شجاعة ما تسمى بإسرائيل، إنهم يظهرون قوتهم ضد المدنيين، هناك رضع وأطفال في الداخل، وكبار السن”.
وتقول قوات الاحتلال الإسرائيلي إنها تستهدف المسلحين فقط وتتهم حماس باستخدامهم دروعا بشرية وإخفاء الأسلحة ومواقع العمليات في المناطق السكنية. وتنفي حماس هذه الاتهامات.
وفي مستشفى ناصر بخان يونس، كان هناك صف من الجثامين الملفوفة بالأكفان البيضاء مسجاة على الأرض خارج البوابة. وتبين من طول الجثامين أن بعضها لبالغين والبعض الآخر لأطفال.
وأجهشت امرأة ترتدي فستانا أحمر وحجابا باللون البيج بالبكاء واحنت ظهرها إلى الأمام بينما حاول رجل تهدئتها.
وبعد فترة من الوقت، أدت مجموعة من الرجال، بينهم طاقم طبي يرتدي ملابس الجراحة ومآزر بلاستيكية، صلاة الجنازة على الشهداء.
وفي رفح، الواقعة أيضا في الجنوب، كان هناك مشهد آخر مألوف جدا وهو اصطفاف رجال وصبية على أرض رملية مليئة بالقمامة عند خرطوم واحد يعد المصدر الوحيد المتاح لآلاف السكان الآن للحصول على المياه.
وكان هناك طابور طويل من عبوات المياه الصفراء والخضراء والزرقاء والسوداء بينما ينتظر الناس لساعات من أجل الحصول على حصة ضئيلة من المياه.
وقال الشاب بكر الكاشف الذي كان يرتدي سترة صفراء “كل شخص يأتي بوعاء سعته 20 لترا ويتقاسمه مع بقية أفراد أسرته. كل شخص يحصل على أربعة أو خمسة لترات. هذا هو نفس الوضع كل يوم”.
التعليقات مغلقة.