انتصرت غزة العزة وهذه هي المعطيات والمؤشرات!! / سماك العبوشي




سماك العبوشي (العراق) – الأربعاء 8/11/2023 م …

لقوى الاستكبار العالمي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية …

للمتخاذلين، والمُرجفين، والمُعَوِقين، والمطبعين من أبناء جلدتنا ….

أقول لكل هؤلاء، وبفم ملآن :

أن دولة الاحتلال خاسرة لا محالة، وأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وشقيقاتها من فصائل المقاومة التي رفضت الخنوع والانخراط في الحل العبثي الوهمي، أقول بأنها منتصرة مهما كان شكل نهاية الحرب الجارية بغزة، هي منتصرة بعون الله ومشيئته رغم مواجهتها لأعتى جيوش الأرض وحشية وقساوة، وبرغم حصارها الذي امتد لعقد ونيف، ولتدركوا سبب قناعتي الراسخة تلك، تابعوني – تكرما وليس أمرا- لآخر سطر من مقالي هذا!!

قد يراني بعض من ذكرت آنفا بأنني متفائل زيادة عن اللزوم، أو أن هناك خللا ما قد أصاب وعيّ ومداركي وإحساسي، فلم أعد أرى أو أشاهد ما حلّ بأرض غزة من دمار وخراب وسفك دماء، لكنني أعود فأؤكد لكم وبما لا يقبل الشك، أن وعيّ وإحساسي ومداركي في أعلى درجات اليقظة والتنبه، منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى في فجر السابع من شهر أكتوبر 2023، وما أعقبها من هجمة بربرية وحشية لقوات الاحتلال على غزة العزة والشمم، وما قامت به من قصف كل متر مربع من أرضها المباركة، بحجج وذرائع شتى، تراوحت بين حجة القضاء على قيادة حركة حماس تارة، وتارة أخرى سعيا منها لتحرير ما أسموه بـ ( الرهائن ) وهم في حقيقتهم (أسرى حرب) على اعتبار أن دولتهم في حالة صراع وحرب ممتد لعقود سبعة مع شعب فلسطين عموما، ومع قيادات المقاومة الفلسطينية الباسلة خاصة!!

أعود فأقول مجددا بأن غزة العزة والكرامة والشرف برغم ما أصابها من تدمير وما أريق من دماء شهداء بلغ تعدادهم10468  شهيدا و27 ألف جريح (حتى لحظة كتابتي هذه المقالة)، أقول بأنها انتصرت وفق المقاييس التالية:

أولا … لقد أحدثت معركة طوفان الأقصى هزة كبيرة لصورة إسرائيل العسكرية في ظل عدم امتلاك حماس جيشا نظاميا، بل عناصر أو كتائب صغيرة بتسليح لا يرقى إلى ما بأيدي إسرائيل، مما تسبب بشرخ كبير لن يُرمَّمَ أبدا في روح هذا الكيان، كما ودقت في نعشه مسمارا عظيما لن يستطيع نزعه، وذكرى أليمة لا يمكن لها نسيانها.!!

لقد كان لنجاح عملية (طوفان الأقصى) ودقة خطة التنفيذ وحُسن أداء المقاتلين إلى إظهار فشل العدو الإسرائيلي بالتصدي لهذه العملية البطولية منذ ساعاتها الأولى، مما دفع الكيان الصهيوني وكرد اعتبار لفشله ذاك وعجزه أن صبّ جآم غضبه ووحشيته على رؤوس المدنيين في غزة العزة والكبرياء والشمم، مدعيا كذبا وتدليسا أنه يستهدف قيادة حماس ورجالها!!

ثانيا … أنها قد أعادت إلى الأمة كلها ( باستثناء أنظمتها الرسمية بطبيعة الحال ) روحا كانت قد فقدتها، فكأنها نفخة إسرافيل في الناس الميتة أن قوموا، وأعادت لها يقينها وأملها الذي كاد أن يطمس وإلى الأبد!!

ثالثا … كشفت معركة طوفان الأقصى عن عورة الأنظمة العربية في تخاذلها وتقاعسها عن نصرة قضاياها المصيرية، أنظمة ركضت خلف التطبيع مع دولة الاحتلال، وأنظمة فضلت السكوت والانصياع لتهديدات قوى الاستكبار العالمي!!

ومن الجدير ذكره أن حكام النظام الإماراتي سارعوا دونما خجل ولا وجل لتوجيه رسائل دعم وتضامن عبر قنوات دبلوماسية متعددة إلى (إخوانهم!!) من قادة الكيان الصهيوني وأبدوا كامل استعدادهم للمشاركة في أخطر مخطط تأمري لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء المصرية ودول أخرى، ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل أرسلت طائراتها الحربية بطياريها لمساندة ومشاركة الطيران الإسرائيلي بقصف أبناء غزة.!!

رابعا … أماطت اللثام وبشكل نهائي عن وهم كبير سميّ باتفاقية أوسلو عام 1993 وما نشأ عنها وتأسس من سلطة فلسطينية قيل أنها ( وطنية !!)، راحت تمارس بخزي وذل عمل الحارس الأمين لحدود وأمن دولة الاحتلال وذلك من خلال توقيعها ( التنسيق الأمني ) مع دولة الاحتلال، وما ترتب عن ذلك الاتفاق من مطاردة واعتقال أبناء فلسطين الناشطين والمقاومين الرافضين للخنوع والاستسلام!!، فيما أتاح ذلك التنسيق المشؤوم لدولة الاحتلال بالقيام بقضم كساحات شاسعة من أراضي مدن وقرى الضفة الغربية وإقامة المستوطنات والمغتصبات عليها غير مبالية بسلطة رام الله ولا احتجاجاتها المزعومة التي تعتبر ذرا للرماد في العيون!!

خامسا … إنكشاف المخططات الحقيقية لدولة الاحتلال بما جرى على لسان النتن ياهو بخطابه في الخامس والعشرين من الشهر المنصرم حين ذكر عن سفر أشعياء وقتال (عماليق)، وبما يؤكد بأن دولة الاحتلال تستثمر ما ورد من نبوءات وردت في كتبهم المحرفة لتحقيقها على أرض الواقع، بما يعنيه ويؤكد وهم دعوات التطبيع العربي معها، السابق منها واللاحق!!    

سادسا … لقد صدمت معركة طوفان الأقصى دولة الاحتلال الاسرائيلي، والعالم أجمع بحقيقة تطور أسلحة المقاومة التي استخدمها أبناء غزة رغم حصارهم الخانق وقلة مواردهم المتاحة، حيث طورت قيادة المقاومة إمكانياتها بكل ما أتيح لها من علم وإبداع ومواد أولية في ظروف قاسية وقياسية، فالصواريخ التي بلغ مداها أربعين كيلومترا في حرب 2008-2009 على سبيل المثال لا الحصر، قد تطورت مدياتها إلى حوالي مائة كيلومتر في حرب 2012، ليصل مداها في حرب 2014 إلى أكثر من مائة وعشرين كيلومترا، فأصبحت بذلك تغطي كامل فلسطين تقريبا ووضعت ستة ملايين إسرائيلي داخل الملاجئ.

لقد كشفت كتائب القسّام عن صواريخ “رجوم” قصيرة المدى التي استُخدم أكثر من 5000 منها في المرحلة الأولى من “طوفان الأقصى” لتأمين الغطاء الناري للمسلحين الذين اقتحموا مناطق ما يُعرف بغلاف غزة.

كما ظهرت صواريخكورنيت الروسية التي استخدمت في تدمير مدرعة “النمر المدولبة” الإسرائيلية، وصاروخ ” R160″ محلي الصنع، والذي يصل مداه إلى 160 كيلومترًا، فضلا عن مسيراتالزواري، وطائرات عمودية، وصاروخ “عياش 250″، قذيفة الياسين” شديدة التدمير وهي وغيرها من الأسلحة تم تصنيعها محليا بقطاع غزة، وجميعها أسلحة اُستخدمت في مهام قتالية، وأدت إلى تدمير آليات عسكرية ومقتل جنود إسرائيليين!!.

سابعا … اهتزاز معنويات جيش الاحتلال برغم تفوقه في العدة والعدد، وإسناد ودعم الغرب له، ورغم توفر التحصينات الحديثة، إلا أنه تردد طويلا قبل أن يقدم على قرار اجتياح غزة بريا الى يوم الثلاثاء 31 / 10 / 2023 بعد أن استمر بالقصف الجوي الوحشي على مدينة غزة واستهداف أبراج سكنها ومستشفياتهم ومدارسهم دونما استثناء، مما يشير ويدل بما لا يقبل الشك على وحشيته أولا، وأنه جيش جبان رعديد لا يقوى على مواجهة عدوه بشكل مباشر ووجها لوجه ثانيا، فهو لا يقاتل الا من خلف جُدُر أو في قلاع محصنة، وهذا مصداق لما جاء بكتاب الله تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ” (التوبة، الآية 109).

ثامنا … لطالما سيطر الإعلام الرسمي في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لسنوات طوال على عقول مواطنيه، من خلال اعتمادهم الرواية الصهيونية للصراع مع الفلسطينيين، وتكريسها كحقيقة مطلقة لا تقبل التشكيك بها، ولقد اعتقد فيها الكثيرون أن الحق مع الغاصب وأن صاحب الأرض المعتدَى عليه هو المعتدِي، بفعل سياسة إعلامية مضللة، تتعمد حجب الحقيقة، وتتمادى في تزوير الوقائع على الميدان خدمة لأجندة استعمارية خبيثة، بعيدا عن المهنية وقيم الصدق والحقيقة، التي يتبجحون بها بمناسبة أو بدونها، فجاءت معركة طوفان الأقصى لتحدث تغييرا عميقا في الوعي الجمعي الأمريكي والأوروبي، وهذا ما نراه من حجم المظاهرات المنددة بالعدوان الصهيوني في عدد من العواصم الغربية، حيث تستمر الوقفات الاحتجاجية بأعداد تتضاعف يوما بعد يوم، لتندد وتستنكر استمرار القصف والتقتيل، هذا كما ويتمظهر هذا التغير كذلك في طبيعة الشعارات المرفوعة أثناء هذه الاحتجاجات، فكلها خطابات قوية غير مشفرة تصدح بها الحناجر، ورسائل واضحة مكتوبة على يافطات تفضح من تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء.

وخير ما أختم به مقالي هذا ما جاء بكتاب الله تعالى:

عن غزة العزة وأبطالها المرابطين الصامدين، فأذكرهم بما جاء بحق من يسير بهديه تعالى ما ورد في سورة ال عمران، الآية 200 : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.

أما عن المنبطحين من أبناء جلدتنا، والمتخاذلين عن نُصرة غزة العزة، فأقول لهم ما جاء بكتاب الله تعالى من سورة التوبة، الآية 101: “وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ “.

أما عن دولة الاحتلال، وقوى الاستكبار العالمي، فأذكرهم بقول الله تعالى في سورة مريم، الآية 84: “فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.